المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المَلَاحي: بفتح الميم واللام مع تخفيفها أي عدم تشديدها فحاء مكسورة - معجم أسر بريدة - جـ ٢١

[محمد بن ناصر العبودي]

فهرس الكتاب

- ‌المفتاح:

- ‌المُفراص:

- ‌المْفَرِّج:

- ‌المْفَرِّح:

- ‌المفيز:

- ‌المِقْبل:

- ‌الشيخ القاضي سليمان بن علي المقبل

- ‌أشهر علماء المقبل:

- ‌الشيخ سليمان بن علي المقبل وطلبة العلم:

- ‌توليه القضاء:

- ‌أين تلك الأوقاف

- ‌الأوقاف على مساجد مدينة بريدة:

- ‌أوقاف متفرقة على الجامع الكبير بمدينة بريدة:

- ‌مواصلة الحديث عن الشيخ سلميان المقبل:

- ‌إخلاص الشيخ وورعه:

- ‌كثرة كتابات الشيخ سليمان المقبل:

- ‌الشيخ سليمان بن علي المقبل بأقلام العلماء:

- ‌الشيخ سليمان بن مقبل (1220 - 1305 ه

- ‌سليمان بن علي بن مقبل من خب المنسي في بريدة:

- ‌والد الشيخ سليمان بن علي المقبل

- ‌الشيخ محمد بن مقبل آل مقبل

- ‌محمد بن مقبل من خب المنسي في بريدة:

- ‌أنموذج من خط الشيخ محمد بن مقبل:

- ‌المقبل:

- ‌أفعال علي بن مقبل الخيرية:

- ‌قصص علي المقبل وورعه:

- ‌طالب علم يقول لزوجته أنت أفقه مني:

- ‌إطعام طلبة العلم:

- ‌الشيخ علي بن مقبل بن علي بن عبد الله آل عبيد:

- ‌النائب عبد العزيز بن عليّ المقبل

- ‌نماذج من كتابة (النائب) عبد العزيز بن عليّ المقبل:

- ‌سليمان بن عليّ المقبل (أبو حنيفة)

- ‌النائب عبد الله بن عليّ المقبل:

- ‌المِقْحم:

- ‌المقرن:

- ‌المقرن:

- ‌المقرن:

- ‌المقصورة:

- ‌المْقَيْذِل:

- ‌المقيرشه:

- ‌المقيطيب:

- ‌حق العلم:

- ‌المْكَيْرِش:

- ‌المَلَاحي:

- ‌الشيخ عيسى الملاحي يرد على منتقديه:

- ‌ الشيخ عيسى الملاحي

- ‌المَلَّاك:

- ‌وصية مزنة الملاك:

- ‌المناور:

- ‌محمد بن مناور:

- ‌المْناور:

- ‌المْنَجِّم:

- ‌وثائق لأسرة المنجم:

- ‌المِنْدِيل:

- ‌نسب عائلة المنديل من أسرة التواجرة:

- ‌المِنْسلِح:

- ‌الشيخ محمد بن صالح المنصور (المنسلح): ولد عام 1350 ه

- ‌وثائق للمنسلح:

- ‌المنصور:

- ‌الملك عبد العزيز مع شعبه في الصحراء:

- ‌ المنصور

- ‌ المنصور

- ‌ المنصور

- ‌المنصور:

- ‌المنصور:

- ‌المنصور:

- ‌المنصور:

- ‌المَنْفُوحي:

- ‌المَنْقُوري:

- ‌المنيصير:

- ‌المنيع:

- ‌المْنَيِّع:

- ‌المنيعي:

- ‌وصية عثمان بن عبد الله المنيعي:

- ‌المنيف:

- ‌المَوَّاش:

- ‌سلطان بن محمد المواش (1300 - 1372 هـ) تقريبًا:

- ‌الإحسان وأثره في النفوس:

- ‌محمد بن سلطان المواش (1340 هـ - 1418 ه

- ‌الموالي:

- ‌الموسى:

- ‌الموسى:

- ‌المْهاوش:

- ‌المْهَرِّف:

- ‌المْهَنَّا:

- ‌قتلى المليدا من المهنا:

- ‌مهنا والعلم:

- ‌إمارة مهنا الصالح:

- ‌استقرار القصيم في وقته:

- ‌استقلال القصيم:

- ‌عود إلى الحديث عن مهنا:

- ‌مهنا الصالح موفد لأهل القصيم إلى الإمام فيصل بن تركي:

- ‌ثروة مهنا الصالح:

- ‌نماذج من بيان ثروة مهنا الصالح:

- ‌مقتل مهنا الصالح:

- ‌غزوات حسن المهنا:

- ‌تدين حسن المهنا:

- ‌حسن المهنا والكرم:

- ‌دَيْن حسن المهنا:

- ‌قصر بريدة:

- ‌ما بعد وقعة المليدا:

- ‌عودة إلى الحديث عما بعد المليدا:

- ‌وصية حسن المهنا:

- ‌صالح بن حسن المهنا

- ‌الحاكم الثالث:

- ‌القبض على صالح بن حسن المهنا:

- ‌الحاكم الرابع:

- ‌وقعت الواقعة:

- ‌دور محمد بن شريدة:

- ‌نهاية حكم آل مهنا:

- ‌عبد الله بن مهنا الصالح

- ‌وثائق للمهنا:

- ‌المهنا:

- ‌المهَوِّس:

- ‌أشخاص بارزون من (المهوِّس):

- ‌وصف تجارة المواشي بالملعونة:

- ‌وثائق للمهوس

- ‌المْهَوِّس:

- ‌المهَيْد:

- ‌المْهَيلب:

- ‌عبد العزيز بن عبد الله بن حماد بن عبد الله بن علي بن عبد الله بن حماد:

- ‌ذرية عبد الله بن علي بن عبد الله بن حماد:

- ‌المهيلب:

- ‌المْهَيْني:

- ‌المَيْع:

- ‌الميموني:

الفصل: ‌ ‌المَلَاحي: بفتح الميم واللام مع تخفيفها أي عدم تشديدها فحاء مكسورة

‌المَلَاحي:

بفتح الميم واللام مع تخفيفها أي عدم تشديدها فحاء مكسورة فياء نسبة من أهل المريدسية جاءوا إليها من جهة حائل وهم من أهل قفار.

منهم الشيخ عيسى بن محمد بن عبد الله الملاحي توفي عام 1353 هـ.

وعيسى بن محمد (الملاحي) هو الذي قدم إلى المريدسية من قفار في حائل.

وكان من كبار الذين خالفوا المشايخ من الإخوان في الموقف من بعض الأعراب الذين انتقدوا أشياء على الملك عبد العزيز آل سعود فيما زعموه تساهلا في الدين، إلى أن اتضح لهم أمر الأعراب.

وكان عيسى الملاحي ومعه طائفة من طلبة العلم من أهل القصيم قد رأوا أن مشايخهم آل سليم قد تساهلوا مع الحكام، وأن المشايخ من آل عبد اللطيف أي آل الشيخ في الرياض مثلهم، فهم من هذه الناحية عكس جماعة الشيخ إبراهيم بن جاسر من طلبة العلم الذين يرون أن المشايخ قد شددوا في الدين، وحرموا السفر إلى بلاد المسلمين.

غير أن الملاحي اشتهر بإنشائه نظمًا ينكر به على أستاذه الشيخ صالح السالم كونه يتولى القضاء لآل رشيد وهم ظلمة، بل إنهم خارجون عن تعاليم الدين، عند أولئك المشددين رغم كون الشيخ صالح من كبار العلماء المناصرين لآل سليم وآل الشيخ.

وقد وقفت على القصيدة المذكورة وعلى بعض الردود عليها، ونقلتها من خط الشيخ عبد المحسن بن عبيد الذي ذكر أنه نقلها من خط عبد الرحمن بن عبد العزيز بن عويد، وذلك بين أوراق لي قديمة كنت قد جمعتها في أول أيام طلب العلم.

ص: 170

وقد رأيت أن أذكرها هنا لا حبا في بيان حال نظمها أو رغبة في سماع الردود عليها لمجرد الرغبة في ذلك، ولكن لكونها حدثت نتيجة حركة عقلية في وقتها إن هي من النظم القليل الذي وقفت عليه بلسان هؤلاء الذين رأوا أن مشايخهم قد تساهلوا في القيام بالواجب، ومن ثم كانت الردود عليها، وتحريك الأذهان والأفهام عند طلبة العلم والعامة في تخطئتهم أو تبرئتهم.

ولأن كتابتها وكتابة الردود عليها تدخل في باب كتابة التاريخ العلمي، أو على الأدق الجدل العلمي في القصيم في فترة من الفترات، وهي فترة تستحق الكتابة لأنها أتت بعد أن انتصرت حركة التمسك الكامل حرفا وفقها بالعقيدة السلفية وهي التي كان عليها آل الشيخ وآل سليم على الحركة الأخرى التي لا تخالفها في الأصول الرئيسية للعقيدة وإنما في بعض الفروع، ولكن السياسة دخلتها فألبستها رداء الأهمية البالغة، وهي حركة الشيخ إبراهيم الجاسر وأتباعه الذين من أهمهم الشيخ عبد الله بن عمرو، فكانوا إلى ذلك يناصرون آل رشيد ضد ابن سعود، علي حين كان المشايخ آل سليم بطبيعة تفكيرهم يناصرون آل سعود.

إضافة إلى ما عهدنا من الأهمية بالنسبة إلى معرفة الأسلوب الأدبي الذي يعبر به عن التفكير العلمي عند طلبة العلم في ذلك الوقت.

وهذه أبيات عيسى بن محمد الملاحي، قال:

ألا قل لأهل العلم من ساكني الجبل

اجيبوا سؤال سائل لكم سأل (1)

فما حكم أهل بلدة قد أسلموا

ثم سلموا الأمر بما دقّ وجلَّ

للمخالفين دين الرسل جميعهم

وملتزمي أقبح الطرق والملِلْ

أعني بهم عصبة الأتراك وحزبهم

من آل رشيد لا أطيل لهم أجل

فالله بقطع منهم عنا دابرهم

وكل حبل منهم بالخير اتصل

(1) الجبل: منطقة حائل وما حولها.

ص: 171

ومن أعانهم من قس فاتن

ممن غوى فضل ثم لهم أضل

ومقاتل لنصر رايات

لهم ومن بكتبهم قد تولى وسجل

وممدهم بالمال اللسان، ثم

بالنتفنيد للأمر بالعقد والحل

ومداهن لهم والحالة هذه

ايسوغ ذا من الحنيفية انتحل؟

ألا يا هؤلاء مني فاشهدوا

أني برئ ممن لذا الإفك فعل

في الحكم إذ صرتم ثلاث طوائف

فصل وان لم تدرك الذي علم فسل

ألا منصف منكم مجيب سوالنا

قد اختصرنا ولو اطلنا لاحتمل

لاسيما منكم الشيخ صالح

إذا هو بالدعوى قد اعتل وانتهل

لكنه أخلد إلى الأرض واهنا

لاهٍ بلذة العيش مع طول الأمل

مستجلبًا للقرب منهم بعدما

قد كان ينهي وينأى عن هذا العمل

ما أشنع الدعوى لكل من ادعى

إذ لم يتحقق لها التقوى والعمل

إن قد تجيبوا بالسداد وتنصحوا

والا فانتم إذا أضل واجهل

فأجابه الشيخ سليمان بن سحمان رحمه الله بجواب طويل أوله:

ألا قل لأهل العلم من ساكني الجبل

وصفوة أهل الخير من ذلك المحلَ

نظرنا إلى قول الملاحي وقولكم

فلم نر قول ( .... ) إلَّا من الزلل

وهو مذكور في ديوانه المطبوع ومنه:

وأنشد شعرًا واهيا متهافتا

عيوبًا كساها حلة الجهل والخطل

وضمنه تيهًا وعجبًا، وليته

نحا الصدق واستوفى القريض بما احتمل

وليس بنظم مستقيم ولم يكن

على أبحر الشعر الطويل ولا الرمل

ولا وزنه بالمستقيم ولفظه

ركيك ولا معناه حقًّا فيُحتمل

ص: 172

وكما قلنا إن (الملاحي) هو من تلاميذ المشايخ آل سليم ومن زملائهم وهو ضد المتساهلين في بعض المسائل موضع الخلاف كالسفر إلى بلاد الكفار، وهجر من فعل ذلك مثل الشيخ ابن عمرو وبقية جماعة الشيخ ابن جاسر، فهو أي الملاحي، يمثل أقصى اليمين بتعبير الصحفيين الآن.

فرد الشيخ صالح السالم عليه وعلى من اتخذ من قول الملاحي وشعره سلمًا للرد على المشايخ الذين ذكر أنهم متشددون، وعلى من مدح الشيخ عبد الله بن عمرو الرجل الثاني في جماعة الشيخ إبراهيم بن جاسر.

ونظم الشيخ صالح السالم قصيدة طويلة احببنا إيرادها لما ذكرته في أكثر من موضع في هذا الكتاب، وهو أنني أعتني بالحياة العقلية في القصيم - إن صح التعبير - أي بالخلاف العلمي ولا يترتب على ذلك ذم أو تشهير بأحد المشايخ أو طلبة العلم فلست القائل لذلك ولا أقول إنني أحبذه أو أخالفه، وإنما أعرضه لأوضح أن منطقتنا منطقة خصبة من حيث البحث والرأي في المسائل الدينية.

إلَّا أنه يلاحظ أن الشيخ صالح السالم تداخل في نظمه وكلامه على عيسى الملاحي وهو قليل قصير في القصيدة بالكلام الطويل الذي ذم فيه ناظمًا آخر معارضا للملاحي، ويفهم منه أنه من أتباع الشيخ ابن جاسر لأنه أنكر تحريم السفر إلى بلاد المشركين، كما أنكر هجر من يفعل ذلك أي عدم الكلام معه أو التعامل معه، وذكر الشيخ عبد الله بن عمرو بالمدح، فينبغي التنبه لذلك.

فكان رد الشيخ صالح السالم آل بينان:

بسم الله الرحمن الرحيم

قال الشيخ صالح بن سالم:

أحمدك يا من نصبت على الحق دليلًا واستهديك حتى لا أكون تائهًا ذليلًا وأسألك التوفيق والحكم بالحكم والصدق في كل أمر من وفقته فقد اهتدى سبيلًا

ص: 173

وسبحانك يا من قلت: ومن أضل ممن اتبع هواه، ومن أصدق منك قيلا.

أما بعد فإن محمد بن إبراهيم (

) أنشأ جوابات معناهما واحد لتشابه قلوبهما بسوء الطوية على أبيات الملاحي الناقصة، فعارضاه معارضة لبسا فيه وزادا عليه ركاكة في الألفاظ ووقاحة في المعنى وكذبا في الدعوى فذهبا إلى جانب التفريط كما ذهب ذاك إلى جانب الإفراط، وهذا والله أعلم ناشئ عن سوء قصد واتباع هوى منهم لا لبيان الحق وإتباعه، وأن تكون كلمة الله العليا ويكون الدين كله لله فلهذا نبرأ إلى الله من بعض ما عرض به الملاحي ونعوذ بالله من بعض ما قاله (

) ومحمد.

فأما الملاحي فقد أجيب بالجواب السديد لأن شبهه راجت على ضعفاء البصائر وصدقوه فيما ادعاه من التخرص والافتراء وحسبك في الرد عليه قول حسان زمانه وسحبان أوطانه سليمان بن سحمان حيث يقول في أول رده عليه.

وأنشد شعرًا واهيًا متهافتًا

عيوبًا كساها حلة الجهل والخطل

وما أحسن أن يقال لحجي:

وزدت على قول المُبَرسم ضعفه

وملت عن الأنصاف بل جئت بالزلل

وأظن جهل ( .... ) وركاكة كلامه وبعده عن الصدق وإفادة الحق وخروجه عن محل النزاع وظهور قصده فيه لا يخفى على العوام فلا يحتاج إلى الانتقاد، فإن رأى منشيه أن ترك عرضه على النقاد وأهل البصيرة لتزييف الباطل وتحقيق الحق استر له فالمؤمن يستر وينصح وإلَّا فلا تجني براقش إلَّا على نفسها وقد سمعت أنه بعث به ليطبع ولم يحقق فإن طبع تعين رده لأن نسبة نظم الرجلين إلى أهل نجد وأنهما من رجالها في الحلم والصدق والأمناء على حمله والنصحاء يكسبها احتقارا، واستهانة بأهل العلم منهم عند أرباب المطابع فضلًا عن حملة العلم الأذكياء.

ص: 174

و (

) عمي عن هذا وإن أعجب بنفسه ولم ير ما تفوه به وفعله خطأ وضلالة فليطلب جوابه ممن يحتقر ويعرض بهم من الإخوان، كما هو دأب الملاحي ليرى مجادلتهم له في الميدان وتظهر الحال لمن له عيينان ناظرتان من هو السابق يوم الرهان، فالخبر ليس كالعيان.

فدونك جوابات أهل الأنصاف من الأحباب والأصحاب فهي المقبولة عندنا وعند مريد الصواب، إن الله لا يهدي من هو مسرف مرتاب، لهذا الرجل الثالث الذي نحن بصدد الرد عليه وننظمهما معه لأنه عليم اللسان المتسلق الفصيح الذي فري بنات فصاحته وشقشقته ما هوته نفسه مع البغي والعناد فزبر كلامًا قاله بألطف العبارة، وحاكه بمغزل فكره ورصنه بافصح البلاغة فسرق من كلام الشيخ سليمان فصاغه له برونق الغبي المحاذق ليستدل به علينا وهو لنا عليه، ويزعم أنه اللبيب الحاذق ويظهر فيما تكلم به بان هذه دخول بيننا وبين الملاحي لا دخل له فيها ولا مجال وإنه تساوت بنا الأهواء فيمن ينتحل خير الملل، فيغضبنا الرد عليه.

وإنه لعبد الله الكاذب فلسنا بحمد الله على دخول الجاهلية نتناصر ونتغاضب عليها حماية فيها ولها فلم تتساوي بنا الأهواء على من ينتحل خير الملل فنحن بحمد الله على صراط مستقيم ميزنا به ما سلكتم من التزوير والمذهب الوخيم وما أبديتم من الشبه والتلبيس وقد خاب من افترى وقال الردى يوم يبعث من في القبور ويحصل ما في الصدور {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ} .

وهذا نص الجواب ولا حول ولا قوة إلَّا بالله:

إلى الله أشكو حادثات بها حصل

علينا افتراق قد دهانا به الخلل

وذلك بين المنتمين بدينهم

إلى العلم دهرًا في ذري عرصة الجبل

ص: 175

وبانت خروق جهرة عز رفيها

وضحت بها حمقاء عن واضح السبل

وأحدث ترويجًا وشكًا وحيرة

على أهل ضعف في البصيرة والعمل

ومصداقه قد جاء في غير آية

وما قاله المولى فلا شك قد نزل

فكل اختلاف كان أو يات بعده

تراه فبعد العلم ذا حكم من عدل

فسل ربك التثبيت أي موحد

لينجيك من أهواء من زاغ أو عطل

وإياك والإفراط فيما تقوله

ودع عنك تفريطًا فيلقيك في السفل

فلما رأيت المذهبين بدا لنا

وكل يرى أن الصواب بما انتحل

أجبت بما يشفي ويكشف غمه

يبيم جهارا للرؤس وللخول

عسى من أراد الحق يهدي ويهتدي

لينطمس الميل القبيح ويضمحل

وبالله حولي واعتصامي وقوتي

به مستعينا مستعيذا من الخطل

* * * *

فأما الملاحي فاستطال بقوله

وأقذع في ذم المقيمين في الجبل

وعلل في هذا بأنَّ ملوكها

بها سلموا للترك ما دق أو جلل

ورام به التكفير بغيًا وفرية

بلا مرية فانهار في زبية الوحل

أراد بذا أن يرتقي ذروة العلا

فعاد حسيرًا قاصر البساع وانخزل

تصدى له قس الزمان وحبره

سليمان من ينشى القريض بلا خجل

ويرمي أخا الإلحاد في ثغر نحره

ولا سيما إن فوَّق السهم وانتضل

وقرر حكم الدار تقرير منصف

وفصل ما ابداه من مطلق الجمل

وأوضح حكم الترك في ذا وكفرهم

وحكم التولي والموالاة للدول

وكم من ردود واضحات فكن بها

ضنينًا وحاول فهم ما قال واشتغل

وكم عارض رمح الضلالة يعتدي .... نكاه بمسلول من العلم فانجدل

فلا زال فينا واطا هامة العدي

ومقعده اعلي نرى الشم والقلل

واخوان صدق وافقوه واوضحوا

بنثر ونظم بهت ما قاله الأقل

ص: 176

وليس بما قالوه فيها تجازف

تأمل هداك الله إن كنت ذا جهل

* * * *

فقام أناس قد أبانوا رؤسهم

بهم حقد من سالف الدهر قد وغل

يرون صوابا من سفاهة رأيهم

مصاحبة الأغيار حقًّا بلا هزل

وسكني ديار الشرك والقصد نحوها

فليس به نقص يكون ولا خلل

ولكن هذا لاجتلاب مصالح

وليس له في الدين أمر ولا دخل

وابدوا كلامًا ضمنوه تناقضًا

وجورًا وإلحادًا لدى كل من عقل

وصالوا على من لا يوافق فعلهم

ويرمونهم شزر العيون من الدغل

* * * *

فصار الملاحي منجنيقًا لبغيهم

وبهتانهم يا ويح من ضل أو اضل

فأعرضت عن رد لهجنة قولهم

فليسوا بأهل للجواب ولا محل

ولا واحد للعلم فيه اثارة

وليس بذي عقد من الأمر أو حلل

* * * *

ومن عجب أن كفر الترك جهرة

واثنى عليهم في سنين من الأول

وفاه بمدح لابن سحمان ذي التقى

وحب ابن عمرو ذي الدغائل

والحيل واجناس هذا لا اقوِّم بعده

كثير فما هذا التناقض في النحل

واعجب من هذا واعظم فرية

إذا ما رأى من لم يصاحبه في العمل

تمثل في قول ابن سحمان منشدًا

يصيح به جهرًا مجيبًا على عجل

وإن لدينا كالذين لديهمُ

إلى آخر الأبيات فاعجب لما حصل

يجعجع في هذا الصنيع لعلة

يروج تزويرًا قبيحًا ومفتعل

فيا فرقة عاثت بهذا واجلبت

فما الله عما تعملون بذي غفل

ففي كل يوم نظهرون سفاسفا

من النثر والنظم المطرز بالحيل

ص: 177

وأبديتموا للناس هذا التلبسوا

عليهم به والحق قد بان وانفصل

إلى ربنا نمضي جميعًا وتنجلي

سرائر من قال القبيح ومن فعل

فيفصل بين العالمين بعدله

جهارًا فياويح الظلوم إذا فصل

ويا صاحب النظم الأخير، ابن لنا

لنعرف شخصًا من سوادك يا رجل

تهورت بالإفك الصريح فجوزيت

يمينك بالفلج الطويل وبالشلل

وجازت بك النفس الجموح فما ونت

على أن صرعت الآن في حفرة الوحل

تشبهنا بالمارقين وإننا

نكفر من لم يفعل الشرك أو يقل

وتلزمنا تكفير أمة أحمدٍ

ولم تخش ايقاع العقوبة في العجل

ولم تأت في هذا بحجة صادق

تفوز بها يوم الحساب من الزلل

سوى أنهم عند اللقا يهجرونني

أرى الوجه منهم عند ذلك ينفتل

فقد عاملوك اليوم فيما فعلته

ولست بميزان على الدين والملل

بأي كتاب أم بآية سنةٍ

ترى الهجر تكفيرًا؟ أجبنا بلا مهل

فهل يقتضي الهجران تكفير واحدٍ

وهل قاله أهل الدراية بالنحل

وهل يقتضي هجر الرسول لعصبة

من الصخب تكفيرًا وهل قيل يحتمل؟

وهجر ذوي الأهواء حق وسنة

فهل يقتضي تكفيرهم يا أخا الجهل؟

وهل هجر الزوج يومًا لزوجه

يكفرها في ذاك إن موجب حصل

وكل غوي بالفسوق مجاهرٌ

فيهجر تأديبًا ليرتدع السفل

ولكن هذا عند كل محقِّقٍ

محل اجتهاد أن رأى الميل يعتدل

وجملته: فالهجر ليس مكفرًا

على أي حال إن صوابًا وإن خطل

ونبرًا من تكفير من كان مسلمًا

كما قاله أهل الغواية والزلل

ونمشي بمضمون النصيحة بينهم

بتعليم مستهد ونصح لمن غفل

نعود لمرضاهم ومن مات منهم

نصلي عليه فاتبع الحق واستدل

وإن صدر التقصير في حق ربنا

وحقهموا فالله أكرم من سُئل

ومن يأت شركًا، أو يصوِّب اهله

فذا ردة إن لم يراجع فقد قتل

ومن قد يواليهم ويركن نحوهم

فذاك فسوق في هدي أفضل الرسل

ص: 178

فهل لك في هذا جواب تقوله

من الحق أم زور الأراذل قد بطل

نصبت من التلبيس والإفك سلمًا

لترقي به جهلا إلى كوكب الزحل

فخريت من أوج الحقيقة ساقطًا

على أم رأس منك في أسفل السفل

وكنت كعنز السوء قامت بظلفها

إلى مدية تبدي بها الحتف والشلل

وما قلت في أثناء نظمك مادحًا

بذاك ملوك الدار فاسمع بلا ملل

فلا شك أن الملك خير ورحمة

ولطف واحسان على ساكني المحل

به يدفع الله الشرور من العدا

وينقمع الخصم الظلوم إذا اشتعل

وينتصف المظلوم من كل ظالم

ولولاه ما أعطى حقوقًا ولا امتثل

وكم واجب في الدين قام بأمره

وكم منكر قد زال من ذاك واضمحل

وكم من صلاح يعجز النظم عده

وان رمت تعدادا فسائرة المثل

وان أمروا يومًا بطاعة ربهم

فطاعتهم حتم على كل من عقل

وإن أخذوا الأمول فالصبر واجب

على كل حال جار في الحكم أو عدل

وان صدرت منهم ذنوب كبيرة

فنكرهها إذ لا نشارك في العمل

وندعو لهم أن يجمع الله شملهم

على الدين ازمانًا جميعًا بلا دخل

فهذي تفاصيل الأئمة كلهم

وراجع لشمس الحق فالحق ما أفل

وانصف ودع عنك التكبر والهوى

وجانب حماقات العناد مع العيل

ولكن قصدت المدح والزور والمرا

كفعل ذوي الشعر المجدين في الغزل

تمنيت أن تلقى بما قلت طائلًا

تنال به فخرًا وهيهات لم تنل

فلا نلت عند القوم عزًا ورفعة

ولا نلت دنيا ولا درهم حصل

تردد في أبيات نظمك مدحهم

لتذبحهم يا سيد القول والعمل

وهلا قلبت المدح نصحًا بحكمة

تنال به الزلفى إذا ضلت الحيل

وما قلت من تجويز ما كان من

مكاتبة الأتراك فالأمر محتمل

فان كان دفعًا للشرور وهدنة

وسلمًا فذا لا يمتري فيه من عقل

وإن كان لاستصحاب صدق مودة

فهذا ركون من أتاه قد اختبل

وإن كان لاستجلاب دنيا دنية

فذلك ميل عن طريقة من عدل

ص: 179

وجرهموا قصدًا لهم من بلادهم

على بيضة الإسلام من أكبر العضل

فهل تقبل التفريق فيما ذكرته

أم الفرق يا أعمى البصيرة مضمحل؟

وتحكم في تجويز هذا وإنه

سياسة ملك مابذلك من خلل

ولا يستقيم الأمر إلَّا بهذه

عياذا بك اللهم من زيغ من عطل

وتزعم أنا و (الملاحي) ورهطه

تساوت بنا الأهواء في بعض ما حصل

وهذي دخول بيننا غاب علمنا

على حزبكم في صرفها ضاقت الحيل

أصدقا قصدت الحق أم أنت كاذب

أم النذل أعمى القلب أم زاغت المقل

فلسنا غضابا من ردود صحيحة

أتانا بها الإنصاف والحق قد قبل

ويغضبنا التلبيس فيما تقوله

وبهتك للاخوان زورًا مع الجدل

ومن يأت في علم صحيح بحجة

فأهلًا بها يا صاح، أهلًا وَجَيَّهَلْ

فهذا اعتقادي، واعتقاد أحبتي

ولو كنت أكثرت الأكاذيب والجدل

فخذها نبالًا من حنيف موحد

تمزق من سوء العقيدة ما بطل

وكن ناظرًا فيها بعين صحيحة

ودع عنك عينًا قد أضر بها الحول

وإن رمت فاستنشق أريج عبيرها

ولا تقصد الأوضار والنتن كالجعل

وإن شئت فاقراها نهارًا وبُحْ بها

واسمر بها ليلًا ولو كان في مهل

وإن شئت فاقبلها وكن عاملًا بها

وان شئت فارددها كفعل ذوي العذل

وصنف كراريسًا بنقض جوابها

وسود طروسًا من شقاشقك الرُّذل

وإن لا يكن فاجعل بشدقيك كثكثا

ومت كمدا يبقى إلى منتهى الأجل

وبعد اللتي ثم اللتيَّا فهذه

بضاعة عبد قد تخلى من العلل

فما عرضت في وصف سعدى وزينب

ولا وصفت بيض الثغور مع الرثل

ولا قصدت مدحًا وذمًا أصالة

ولا شببت في العشق يومًا مع الغزل

ولكنها تحمي حمى خير معشر

ذوي العلم والتحقيق في الحزن والسهل

* * * *

فيا راكبًا من فوق قوداء ضامر

صبور على الشدات في الخصب والمحل

ص: 180

تجوب مطاويح السباسب عندما

يظل بها الخريت حيران ذو وجل

* * * *

فبلغهموا مني سلامًا مضاعفًا

بعدِّ وميض البرق أوعَدّ ما هطل

واستغفر الله العظيم لزلتي

وعمدي، وما يجري به السهو والخلل

وصَلِّ إلهي كلما فاه ناطق

وما ناح قمري على الغصن أو هدل

وما انفلق الإصباح، أو ذرّ شارق

وما ناءَ نجمٌ في الطلوع وما أقل

على المصطفى أتقى البرية كلهم

كذا الآل والأصحاب والسادة الأول

تمت بحمد الله ومعونته وصلى الله على محمد وعلى آل محمد وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

نقلتها أنا مؤلف الكتاب من خط الشيخ عبد الرحمن بن عويد.

فأنت ترى أن الشيخ (صالح بن سالم) أنشأ قصيدته في الأصل في الرد على الشيخ عيسى الملاحي، وأوضح أنه من الذين اتهموا المشايخ آل سليم ومن معهم من طلبة العلم بالتسامح واللين في الأمور الدينية، ولكنه صرف معظمها إلى الرد على الجهة المقابلة وهم أتباع الشيخ ابن جاسر ومن معهم من طلبة العلم الذين يتهمون المشايخ آل سليم ومن معهم من طلبة العلم بالتشدد، فصح أن القوم ثلاث فرق في التفريق والتشديد، والوسط وفيه المشايخ آل سليم والتساهل.

وقد رأيت رسالة من الملك عبد العزيز آل سعود كان وجهها إلى أهل القصيم وهي تشير إلى ما ذكرته من الاتجاهات الثلاثة هذه، وإن لم تذكر أشخاصا بأعيانهم، وقد أرخت في 8 جمادي الثانية سنة 1335 هـ.

وهذه صورتها:

ص: 181