الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أن لا فائدة من الاعتذار فاضطرا إلى قبول ضيافته فتعشيا عنده ثم عادا إلى حيث يسكنان، فتلك لعمري قصة من قصص التواضع والزهد والله الموفق (1).
وقال الأستاذ ناصر بن سليمان العمري:
التقي علي المقبل برجل من سكان رواق القرية الواقعة جنوبي بريدة سأله عن حالة المادية فقال الرجل: إنه غني لديه إيل ولديه غنم وثمرة النخل مخزونة لديه وهو غير مطلوب فيها ولديه دراهم، فسأله علي المقبل هل هو يؤدي زكاة ماله قال: التمر تأخذ زكاته مالية بريدة، أما الدراهم والإبل والغنم فهو لم يؤد زكاتها، وكان فقيرًا ولم يعتد دفع الزكاة، فقال له علي المقبل: إنك إن مت لا تؤدي الزكاة مت كافرًا نسأل الله العافية، فعليك بتدارك حالك قبل الموت حاسب نفسك حساب الشريك البخيل وادفع الزكاة للفقراء من أقاربك أو غيرهم.
فقال: يا أبا عبد العزيز اسال الله أن يعيني على أداء الزكاة، فقال له علي المقبل أحص زكاتك وأخبرني عن مقدارها وسوف أقرضك مبلغ الزكاة، فأنت حوّل عليَّ من ترى أنه يحتاج الزكاة فشكره وحول عليه الزكاة لعدد من الفقراء، وبعد ذلك في الأعوام التالية تعود على إخراج الزكاة وسدد ما اقترضه من علي المقبل، وعلي المقبل أراد أن يعينه على أداء الزكاة بإقراضه خوفًا من شح النفس (2).
وقال العمري أيضًا:
طالب علم يقول لزوجته أنت أفقه مني:
علي المقبل من أهل بريدة ومن تجارها في آخر القرن الثالث عشر الهجري والثلث الأول من القرن الرابع عشر الهجري، كان رأس ماله خمسة آلاف ريال يعمل فيها بعلم بالتجارة ويربح ويوسع على الناس، ولا يكتفي
(1)(فصول في الأدب والسياسة)، ص 72 - 73.
(2)
ملامح عربية، ص 69.
بإخراج زكاته فله منهج فريد في تجارته فهو يتصدق عما يزيد على الخمسة آلاف ريال رأس ماله مهما كانت أرباحه.
وفي حياته كان الناس يتعرضون لأصناف الطلبات من الحكام مرة باسم الجهاد ومرة طلبات أخرى من الطعام وغيره.
وفي مرة من المرات التي تعرض فيها للضغوط جاء إليه حارسان من رجال قصر الإمارة في بريدة وطلبا منه ثلاث صفائح من التمر من نوع خاص ممتاز، ولم يكن النوع المطلوب موجود لديه فأخذ تمرًا جيدًا لكنه ليس الصنف المطلوب، ووضعه في الصفائح، وبعث بها لقصر الإمارة، وكان ذلك في عهد عبد العزيز بن رشيد وكان موجودا في بريدة وكشف الموظف المختص في القصر على التمر فوجده مخالفًا للوصف المطلوب، فأعادها إلى بيت ابن مقبل مصحوبة بالتهديد إذا لم يستجب لطلب الحاكم وشق الأمر عليه فقامت زوجته وأحضرت قليلًا من التمر المطلوب ووضعته تحت فتحات الصفائح وقالت لزوجها: لقد أحضرت لك التمر المطلوب، ففرح ورحل الصفائح إلى القصر وسافر الأمير عبد العزيز بن رشيد ومعه بالطبع تمر ابن مقبل وأكله في الطريق دون أن يسأل عن صنفه فواضع الصنف موظف في قصر الإمارة في بريدة.
وبعد مدة سأل علي المقبل زوجته من أين جاءت بالتمر المطلوب، وهل دفعت ثمنه؟ فقالت له عندي قليل من الصنف المطلوب أخذت شيئًا من الموجود في الصفائح تحت فتحاتها ووضعت الشيء القليل الذي وجدته في البيت مكانه فقال لها: لقد غشيت الأمير الله يهديك: فقالت وكم دفع الأمير ثمنًا للتمر؟
الأمير يطلب التمر بدون ثمن ولا يعتبر عملنا معه غشًا، فضحك علي المقبل من تصرف زوجته وقال: أنت أفقه مني (1).
(1) ملامح عربية، ص 96 - 97.