الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان بن علي بن مقبل من خب المنسي في بريدة:
هو العالم الجليل الورع الزاهد في الدنيا المحقق الشيخ سليمان بن علي بن مقبل من أهالي خب المنسي التابع لبريدة إلى أن قال:
ولد هذا العالم الجليل في خب المنسي اسم مفعول سنة 1221 هـ، ورباه والده أحسن تربية (1)، ونشأ نشأة حسنة وقرأ القرآن وحفظه تجويدًا ثم حفظه عن ظهر قلب على مقرئ وشرع في طلب العلم بهمة ونشاط ومثابرة فقرأ على علماء القصيم، ففي عنيزة قرأ على العلامة عبد الله بن عبد الرحمن بابطين ولازمه، وفي الرس قرأ على الشيخ قرناس بن عبد الرحمن القرناس لازمهما ملازمة تامة في جميع جلساتهما كما قرأ في بريدة على قاضيها عبد الله بن صقيه وكان أحد زملائه على قرناس ثم سمت همته للتزود من العلم فحج وجاور في مكة ولازم علماء المسجد الحرام مدة حتى برع في كثير من فنون العلم، وأخذ الإجازة منهم ثم راسله أهالي بريدة مرشحينه لمنصب قضائها فوصل إليها وتعين في القضاء وسدد فيه.
وكان مثالًا في الورع والزهد والنزاهة واستمر زهاء تسع وثلاثين سنة تخللها فترات يستنيب عنه تلميذه محمد بن عبد الله بن سليم ثم طلب الإعفاء من منصبه فعين محمد بن عبد الله سليم خلفًا له ثم عزل محمد ونفي إلى النبهانية وأعيد ابن مقبل (2)، ثم عزل وأعيد محمد بن سليم ثم عزل محمد بن سليم وأعيد ابن مقبل واستمر قاضيًا عادلًا، وله مكانة مرموقة عندهم ومحبة في قلوبهم ولا تزال أحكامه في بريدة مثار إعجابهم بل لم يتول بريدة قبله ولا بعده أحسن منه.
هكذا حدثني أهل الخبرة من بريدة، وكان لا يعرف الهوى ولا يقوم الخصمان إلا وهما مقتنعان لما يعرفان من ورعه وعدالته ونزاهته، وكان ذلك بعد إمارة عبد العزيز
(1) والده فلاح وليس طالب علم، ولعله يريد بأحسن تربية تربية حسنة.
(2)
هذا تخريف فابن مقبل مات في عام 1305 هـ وابن سليم نفي إلى النبهانية عام 1318 هـ، ولعله يريد ما كان قبل ذلك إيان آخر حكم آل أبي عليان ومن بعدهم آل مهنا.
بن محمد آل أبو عليان، ولا يزال ذكره على لسان كل فرد منهم.
ولم تسكن بريدة على قاض سكونها عليه، فهو أمثل قضائها وأطولهم مدة، ومتى ذكروه أخذوا يترحمون عليه، وكان واسع الاطلاع في فنون عديدة وآية في الورع والزهد وعزة النفس جلس للتدريس زمنًا فألتف إلى حلقته طلبة كثيرون، وانتهى الإفتاء والتدريس في بريدة إليه، وكان حسن التعليم إلا أن تدريسه على الطريقة القديمة سم بركة.
وتخرج على يديه طلبة لا حصر لعددهم، ومن أبرزهم محمد بن عبد الله بن سليم، ومحمد بن عمر بن سليم وعبد الله بن مفدى، ومن عنيزة الجد صالح بن عثمان القاضي وعلي بن ناصر أبو وادي، ومن الرس صالح القرناس، ومن المذنب عبد الله بن دخيّل في آخرين.
ولما أرهقته الشيخوخة طلب الإعفاء من منصبه فأعفي منه بعد حوالي أربعين سنة أمضاها في العلم تعلما وتعليمًا، ونفعًا للخلق وخدمة للشرع المطهر وكان قد استناب الشيخ محمد بن سليم (1)، وعزم على المجاورة في مكة، فلما لبوا طلبه وأعفوه عزل نائبه ابن سليم، وقال هم يختارون من يرتضونه لهم قاضيًا، فاختاروا محمدًا (2)، وجاور سليمان بن مقبل رحمه الله في مكة ولازم الحرم زمنًا طويلًا ثم توالت عليه الأمراض فعاد من الحجاز إلى خب البصر، وكان له فيه أملاك فبقي فيه حتى وافاه أجله المحتوم وذلك سنة 1305 هـ فحزن الناس لموته ورثي بمراثٍ عديدة وبكاه الخاص والعام لما كان يتمتع به من أخلاق عالية وصفات جليلة خلدت ذكراه، وكانت مجالسه مجالس علم ممتعة للجليس مستقيم للديانة مرحًا للجليس متواضعًا رحمه الله وهو عم محمد بن مقبل قاضي البكيرية (3).
(1) كان استناب على القضاء هذه المرة مدة غيابه في الحج الشيخ محمد بن عمر بن سليم، بخلاف المرات السابقة فكان نائبه فيها الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
(2)
أي محمد بن عبد الله بن سليم.
(3)
روضة الناظرين، ج 1 ن ص 124 - 125.