الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عندئذ عرفوا أنه لن يقبل الاستمرار في القضاء فعين أمير بريدة بالتشاور مع أهلها الشيخ محمد بن عبد الله بن سليم.
وقد جاور الشيخ ابن مقبل في مكة ذلك العام وعاد بعد ذلك إلى بريدة عندما عرف أن الشيخ ابن سليم قد عين قاضيًا فيها.
ومما يذكر أن ولادة الشيخ سليمان بن علي المقبل كانت 1220 هـ حسبما نقل لنا من مصادر شفهية.
الشيخ سليمان بن علي المقبل وطلبة العلم:
لا نعرف على وجه التحديد من مشايخه الأول في القصيم إلا الشيخ قرناس بن عبد الرحمن من أهل الرس وأكبر علماء القصيم في وقت حرج كانت فيه الدولة السعودية قد سقطت، وعمت الفوضى كثيرًا من بلدان نجد، أما القصيم فإنه كان لم يصب في أول الأمر، إلا أنه تماسك بسبب طبيعة أهله في الائتلاف والبعد عن الاختلاف.
وأتصور قياسًا على غيره من المشايخ أن يكون الشيخ سليمان بن مقبل قد قرأ على علماء القصيم على قلتهم في وقته طلبه مثل الشيخ عبد الله بن صقيه، والشيخ عبد الله بن محمد الصائغ.
وقرأ كثيرًا على شيخه قرناس بن عبد الرحمن في الرس وفي بريدة عندما كان الشيخ قرناس يزورها زيارة عمل، لأنه كان بمثابة القاضي في القصيم كله، فكان يعتاد زيارة بريدة يجلس لطلابها، ويقضي بين المتخاصمين فيها، ولكنه لا يقيم فيها إقامة دائمة.
وكان الشيخ سليمان بن مقبل ملازمه ملازمة تامة، ويقرأ عليه في فنون العلم المتنوعة، ثم رحل الشيخ سليمان بن مقبل إلى الشام بلاد الحنابلة التي لا
يزال فيها طائفة من علماء الحنابلة النشطين، منهم شيخه حسن بن عمر الشطي، ويقال إنه لبث في طلب العلم في الشام عشر سنين، وقيل: بقي فيها سبع سنوات، وحصل كتبًا كثيرة مخطوطة، كلها بطبيعة الحال لأن طباعة الكتب لم تكن قد انتشرت آنذاك.
وعندما رأى نفسه أنه قد حصل على العلم الذي يطمح إليه وحصل أيضًا على كتب كثيرة حمل كتبه على بعيرين وتوجه إلى البصر الذي كان يقيم فيه، وكان فيه والده علي المقبل فلاحًا ملاكًا أي ليس أجيرًا، ولا عاملًا في نخل غيره.
وقبل وصوله جاء البشير إلى والده يبشره بأن ابنه سليمان قد توجه إليه، وأن معه حمل بعيرين لا يدرون ما هو الحمل، فظن أن ذلك شيء مادي مالي ينفعه من الناحية المالية.
ووصل الابن الشيخ سليمان إلى البصر وكان في استقباله والده الذي كان على لهفة من معرفة هذين الحملين اللذين أحضرهما ابنه، لذا أسرع يجسهما ويلمس ما فيهما، ولكن ابنه الشيخ سليمان يعاجله بقوله بفرح ونشوة: يا ابه هذولي كتب يسرهن الله، جبتهن من الشام ولا هنب موجودات بنجد، فتغير مزاج الأب وقال لابنه: أنا ظنيت أنك تجيب لي ريالات وإلا أنت جايب لي قرطاس! !
فقال الابن معتذرًا: يا أبتي أنت تعرف أني رايح للشام أطلب العلم ما رحت أدور الريالات.
ولما لم يقتنع الأب قال الابن: يا أبتي الله يعظم أجرك، كم عالم كان ما عنده إلا الكتب وبعدين يسر الله له وجته الدراهم بسبب العلم! عاد سليمان بن مقبل بعد أن مكث في الشام تلك المدة الطويلة إلى الاتصال بشيخه (قرناس) واطلعه على المهم من الكتب التي أحضرها وقرأ عليه أيضًا فوجده الشيخ قرناس قد صار شيخًا عديم النظير في المنطقة في وقته، وقد
أجازه إجازة وصلت إلينا وسبقني الشيخ صالح بن سليمان العمري رحمه الله إلى نشرها في كتابه (علماء آل سليم وتلامذتهم) فجزاه الله خيرًا.
وهذا لا يمنع إثبات صورتها هنا فهي مهمة في أسلوبها وفي إخراجها وهي شهادة من عالم جليل ليس كالعلماء الذين لا يعرفون إلا علوم الدين، بل هي من عالم وصفه إبراهيم باشا بقوله: أنت خطيب ذيب، وذلك عندما سأله إبراهيم باشا عن عمله، فقال: أنا خطيب المسجد في هذه البلدة - يعني الرس.
ونقل الناس عن إبراهيم باشا من أقواله الكثيرة قوله: ما شفت بنجد عاقل يتحرز للأمور إلا اثنين (الجربوع وقرناس).
وذلك أن الجربوع وهو اليربوع في الفصحى ذلك الحيوان البري الصغير الطويل الرجلين القصير اليدين فهو يحفر جحره ويعمقه ويجعل له بابًا إضافيا مستورا بقليل من التراب حتى إذا فاجأه عدو بالدخول من الباب الرئيس من الجحر كالحية التي تتطلب أكله فر من الباب الآخر غير الواضح.
ولم يبين الشيخ قرناس تاريخ كتابة الإجازة تلك ولكنه ذكر تاريخ قراءة ابن مقبل عليه في الفقه، وإنها من عدة مجالس آخرها في شهر جماد الأول سنة 1257 هـ.
وهذه صورتها: