الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{فَدَعا رَبَّهُ أَنَّ هؤُلاءِ..} . بفتح {أَنَّ} : في موضع نصب ب {فَدَعا} ومن قرأ بالكسر فعلى تقدير: (قال) أي (فقال: إن هؤلاء).
{وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً} {رَهْواً} : حال، أي ساكنا، حتى يدخلوا فيه من غير نفرة عنه.
{كَذلِكَ وَأَوْرَثْناها} الكاف: إما في موضع رفع، خبر مبتدأ محذوف، تقديره: الأمر كذلك، وإما في موضع نصب على الوصف لمصدر محذوف، تقديره: يفعل فعلا كذلك بمن يريد إهلاكه. {وَأَوْرَثْناها} : عطف على الفعل المقدر، أو على (تركوا).
{مِنَ الْعَذابِ الْمُهِينِ، مِنْ فِرْعَوْنَ} : {مِنْ} : إما بدل من {الْعَذابِ الْمُهِينِ} وتقديره: من عذاب فرعون، فحذف المضاف، أو حال من {الْعَذابِ الْمُهِينِ} أي كائنا من فرعون، فلا يكون فيه حذف مضاف.
{مِنَ الْمُسْرِفِينَ} خبر ثان أو حال من ضمير {عالِياً} .
البلاغة:
{فَتَنّا} استعارة تبعية، حيث شبه الابتلاء والاختبار بالفتنة.
{فَأَسْرِ بِعِبادِي} إيجاز بحذف كلام، أي وقلنا له: فأسر.
{فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ} استعارة تمثيلية، أي لم تحزن على هلاكهم السماء والأرض، وهذا أسلوب عربي يقال للتحقير والتهكم بحالهم.
{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنّاتٍ وَعُيُونٍ، وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ} رثاء وتفجع وإظهار الأسى والحسرة للعبرة والعظة للأحياء.
المفردات اللغوية:
{فَتَنّا} بلونا واختبرنا وامتحنا. {قَبْلَهُمْ قَوْمَ فِرْعَوْنَ} امتحناهم بإرسال موسى عليه السلام إليهم، أو بالإمهال وتوسيع الرزق عليهم، وقرئ بالتشديد للتأكيد أو لكثرة القوم.
{وَجاءَهُمْ رَسُولٌ كَرِيمٌ} على الله تعالى، أو على المؤمنين، أو في نفسه فهو جامع لخصال الخير والأفعال الحميدة، وهو موسى عليه السلام. {أَنْ أَدُّوا إِلَيَّ عِبادَ اللهِ} بأن أدوا إلي حق الله من الإيمان وقبول الدعوة، اي أظهروا إيمانكم لي يا عباد الله، أو أطلقوا معي بني إسرائيل وأرسلوهم.
{رَسُولٌ أَمِينٌ} مؤتمن على ما أرسلت به، غير متهم، لدلالة المعجزات على صدقه، أو لائتمان الله على وحيه ورسالته، وهو علة الأمر.
{وَأَنْ لا تَعْلُوا عَلَى اللهِ} لا تتكبروا على الله بترك طاعته، والاستهانة بوحيه ورسوله.
{إِنِّي آتِيكُمْ بِسُلْطانٍ مُبِينٍ} أي ببرهان بيّن واضح على رسالتي، وهو علة النهي. {وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ} أي التجأت إليه وتوكلت عليه أن ترجموني بالحجارة، أو تؤذوني ضربا أو شتما، أو تقتلوني. {وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي} تصدقوني. {فَاعْتَزِلُونِ} فكونوا بمعزل مني، واتركوا أذاي، ولا تتعرضوا لي بسوء، فإن ذلك ليس جزاء من دعاكم إلى الفلاح.
{أَنَّ هؤُلاءِ} بأن هؤلاء. {مُجْرِمُونَ} مشركون، وهو تعريض بسبب الدعاء عليهم.
{فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلاً} أي فقال: أسر ببني إسرائيل، أي سر بهم ليلا، وقرئ بوصل الهمزة من (سرى). {إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ} يتبعكم فرعون وجنوده. {وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً} ساكنا منفرجا مفتوحا كما هو على هيئته بعد تجاوزه، ولا تضربه بعصاك، ولا تغير منه شيئا، حتى يدخل فيه القبط شعب فرعون. {إِنَّهُمْ جُنْدٌ مُغْرَقُونَ} أي لأنهم غارقون.
{جَنّاتٍ} بساتين. {وَعُيُونٍ} ينابيع جارية. {مَقامٍ كَرِيمٍ} مجالس ومنازل حسنة.
{وَنَعْمَةٍ} من النعم، أي تنعم وحسن ومتعة ونضرة، والنّعمة: ما ينعم به على الإنسان، من الإنعام. {فاكِهِينَ} متنعمين أصحاب فاكهة، وقرئ «فكهين» أي أشرين بطرين مستهزئين.
{كَذلِكَ} أي الأمر كذلك، أو مثل ذلك الإخراج أخرجناهم منها. {وَأَوْرَثْناها} أي ورثنا أموالهم. {قَوْماً آخَرِينَ} بني إسرائيل.
{فَما بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّماءُ وَالْأَرْضُ} مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم والاعتداد بوجودهم، تقول العرب إذا مات رجل خطير في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض، وبكته الريح، وأظلمت له الشمس، وفي
حديث رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما من مؤمن مات في غربة غابت فيها بواكيه إلا بكت عليه السماء والأرض» وقال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز رحمه الله:
الشمس طالعة ليست بكاسفة
…
تبكي عليك، نجوم الليل والقمرا
أي يا نجوم الليل والقمر.
وقالت الخارجية:
أيا شجر الخابور مالك مورقا
…
كأنك لم تجزع على ابن طريف
قال الزمخشري: وذلك على سبيل التمثيل والتخييل، مبالغة في وجوب الجزع والبكاء عليه.
والمراد لا أسف على فرعون وقومه، بخلاف المؤمنين يبكي عليهم بموتهم مصلاهم من الأرض، ومصعد عملهم من السماء. {مُنْظَرِينَ} ممهلين ومؤخرين التوبة إلى وقت آخر.
{مِنَ الْعَذابِ} من استعباد فرعون وقتله أبناءهم واستخدامه نساءهم. {مِنْ