الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مِنْ دُونِ اللهِ} أي غيره {أَوْلِياءَ} نصراء وأعوان يدفع عذابه عنهم {فَما لَهُ مِنْ سَبِيلٍ} طريق إلى الهدى والنجاة والجنة في الآخرة.
المناسبة:
بعد بيان أن الذين يظلمون الناس ويفسدون في الأرض لهم عذاب أليم على بغيهم وعدوانهم، ذكر الله تعالى أحوال الكفار عند رؤية عذاب النار، فهم يتمنون الرجوع إلى الدنيا، ويقفون أمام النار ذليلين خائفين، وتتبين خسارتهم الفادحة بخلودهم في العذاب، دون أن يجدوا أنصارا يخلصونهم من العذاب. وقد بدئت الآيات وختمت ببيان أن الإضلال من الله تعالى، وأن الهداية ليست في مقدور أحد سوى الله تعالى.
التفسير والبيان:
{وَمَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ وَلِيٍّ مِنْ بَعْدِهِ} أي من يخذله الله بإضلاله إياه، لعلمه بسوء استعداده للخير والإيمان، واقترافه المعاصي والآثام، فما له من أحد يتولى هدايته ونصره، والأخذ بيده إلى طريق الهدى والرشاد والفوز، كما قال تعالى:{وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِداً} [الكهف 17/ 18] وهذا تحقير لأمر الكفرة، وبيان أنه لا يقع شيء في الكون من الهدى والضلال وغيرهما إلا بإرادة الله ومشيئته، حتى لا يوصف بالعجز، وكشف لأحوال الذين أعرضوا عن دعوة النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإيمان بالله تعالى، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
ثم أخبر الله تعالى عن أحوال الظالمين في الآخرة، وهم المشركون بالله، فقال:
1 -
{وَتَرَى الظّالِمِينَ لَمّا رَأَوُا الْعَذابَ يَقُولُونَ: هَلْ إِلى مَرَدٍّ مِنْ سَبِيلٍ} ؟ أي وتبصر المشركين الكافرين بالله المكذبين بالبعث، حين نظروا إلى النار،
وعاينوا العذاب، يتمنون الرجوع إلى الدنيا من أي طريق، قائلين: هل من سبيل إلى الرجعة؟ ونظير الآية قوله: {وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النّارِ، فَقالُوا: يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا، وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ. بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ، وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ، وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ} [الأنعام 27/ 6 - 28].
2 -
{وَتَراهُمْ يُعْرَضُونَ عَلَيْها خاشِعِينَ مِنَ الذُّلِّ، يَنْظُرُونَ مِنْ طَرْفٍ خَفِيٍّ} أي وتبصرهم أيضا يعرضون على النار، وهم خائفون أذلاء، يسارقون النظر إليها من شدة الخوف. وهذا شأن الرهبة من العقاب.
3 -
{وَقالَ الَّذِينَ آمَنُوا: إِنَّ الْخاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ} أي ويقول المؤمنون يوم القيامة إذا رأوهم على تلك الصفة: إن الخاسرين الخسار الأكبر، هم الذين خسروا أنفسهم وأهليهم، بدخول النار والخلود فيها، وعلى هذا التأويل يكون {يَوْمَ الْقِيامَةِ} متعلقا ب {قالَ} ويصح أن يتعلق ب {خَسِرُوا} ويكون قول المؤمنين واقعا في الدنيا، والظاهر: الأول.
أما خسرانهم لأنفسهم، فلكونهم صاروا معذبين في النار، دون أمل في النّجارة، وأما خسرانهم لأهليهم، فإن كانوا معهم في النار، فلا ينتفعون بهم، ولأنهم كانوا هم السّبب في تعذيبهم، وإن كانوا في الجنة فقد فرّق بينهم وبيتهم.
4 -
{أَلا إِنَّ الظّالِمِينَ فِي عَذابٍ مُقِيمٍ} أي ألا إن الكافرين في عذاب دائم لا ينتهي، ولا يخرجون منه، ولا محيد لهم عنه، وهذا تتمة كلام المؤمنين أو تصديق من الله لهم فهو من كلامه.
5 -
{وَما كانَ لَهُمْ مِنْ أَوْلِياءَ يَنْصُرُونَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ} أي وليس لهم أعوان وأنصار من غير الله، ينقذونهم مما هم فيه من العذاب.