المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

{كَذلِكَ يُوحِي} استعمل الفعل المضارع في حقيقته بالنسبة لما ينزل - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٢٥

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌اختصاص علم الساعة بالله تعالى وانتهاء أسطورة الشرك فيها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تبدل أحوال الإنسان وتغير أطواره

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ضرورة التأمل في الآيات والأنفس:

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الشورى

- ‌تسميّتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌إنزال الوحي وعظمة الله ورقابته أحوال المشركين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مقاصد الوحي الإلهي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وحدة الأديان في أصولها

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأمر بالدعوة والاستقامة على المتفق عليهودحض حجة المجادلين فيه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حتمية الجزاء للمؤمنين والظالمينوقبول التوبة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من مظاهر حكمة الله في خلقه وآياته على قدرته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (27):

- ‌نزول الآية (36):

- ‌‌‌المناسبة:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات المؤمنين الكمّل أهل الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (37):

- ‌نزول الآية (38):

- ‌نزول الآيات (41 - 43):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الكفار أمام النار

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الاستجابة لنداء الله مالك السموات والأرض

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أنواع الوحي

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الزخرف

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌مشتملاتها:

- ‌القرآن كلام الله بلغة العرب وعقاب المستهزئين بالأنبياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌الغاية والهدف من الآيات:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من مصنوعات الله تعالى وصفاته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عبادة المشركين الملائكة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌بسبب النزول:

- ‌نزول الآية (19):

- ‌نزول الآية (22):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الرّد على تقليد الآباء، واختيار الأنبياءوبيان حال الدنيا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حال المعرض عن ذكر الله وتثبيت النّبي صلى الله عليه وسلم على دعوته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (36):

- ‌سبب نزول الآية (41):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصة موسى عليه السلام وفرعون

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العبرة من قصة عيسى عليه السلام

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ألوان نعيم المتقين أهل الجنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عذاب أهل النار وأسبابه

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (79):

- ‌نزول الآية (80):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تنزيه الله سبحانه عن الولد والشريك

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الدخان

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السّورة:

- ‌فضلها:

- ‌إنزال القرآن في ليلة القدر المباركة وصفات منزله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تهديد المشركين بالعذاب

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النّزول:

- ‌نزول الآية (10):

- ‌نزول الآيتين (15 - 16):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ضرورة الاعتبار بقوم فرعون وإنجاء بني إسرائيل

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إنكار المشركين البعث وإثباته لهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أهوال يوم القيامة التي يتعرض لها الكفار والعصاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (43) وما بعدها:

- ‌نزول الآية (49):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يلقاه المتقون من ألوان النعيم في الجنان

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌سورة الجاثية

- ‌تسميتها:

- ‌مناسبتها لما قبلها:

- ‌ما اشتملت عليه السورة:

- ‌سبب نزولها:

- ‌مصدر القرآن وإثبات الخالق ووحدانيته

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌وعيد المكذبين بآيات الله وجزاؤهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌من نعم الله تعالى على عباده:

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (14):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نعم الدين وإنزال الشرائع

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الفارق بين المحسنين والمسيئين في المحيا والممات

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (21):

- ‌نزول الآية (23):

- ‌نزول بقية الآية (23):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الدهرية وإنكار البعث وأهوال القيامة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء المؤمنين المطيعين وجزاء الكافرين العصاة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: {كَذلِكَ يُوحِي} استعمل الفعل المضارع في حقيقته بالنسبة لما ينزل

{كَذلِكَ يُوحِي} استعمل الفعل المضارع في حقيقته بالنسبة لما ينزل من القرآن، وفي مجازه بالنسبة لما أنزل من الكتب السابقة وما أنزل من القرآن. وهذا تشبيه للمشبه، والمشبه به هذه السورة.

‌المفردات اللغوية:

{حم عسق} تقرأ هكذا بأسمائها: حا، ميم، عين، سين، قاف بإدغام السين في القاف، وقد انفردت هذه السورة بآيتين من الحروف، لعلهما اسمان للسورة. وهذه الحروف المقطعة كما تقدم للتنبيه على إعجاز القرآن، ولفت النظر إلى ما تشتمل عليه السورة من عظائم الأمور {كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} أي مثل ذلك الإيحاء إلى الأنبياء السابقين من الكتب الإلهية {يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ} أي مثل ذلك الإيحاء إلى الأنبياء السابقين من الكتب الإلهية يوحي الله إليك أيها الرسول، كما أوحي إلى من قبلك الأنبياء. وإنما ذكر الإيحاء بلفظ المضارع:

{يُوحِي} لحكاية الحال الماضية للدلالة على استمرار الوحي، وكون إيحاء مثله عادة الله.

{الْعَزِيزُ} أي القوي الغالب في ملكه {الْحَكِيمُ} في صنعه، وهما صفتان.

{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ} ملكا وخلقا وعبيدا {وَهُوَ الْعَلِيُّ} المتعالي فوق خلقه {الْعَظِيمُ} المتفرد بالكبرياء والعظمة {يَتَفَطَّرْنَ} يتشققن والفطور: الشقوق، وقرئ «ينفطرن» وقرئ «يتفطّرنّ» . {مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي تكاد السموات يتشققن من هيبة وعظمة الله وجلاله، الذي هو فوقهن بالألوهية والقدرة، أو يبتدئ الانفطار من جهتهن الفوقانية بسبب وجود العرش والكرسي وصفوف الملائكة {وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي والملائكة يلازمون ويداومون خضوعا لعظمة الله على عبادته وتنزيهه عما لا يليق به، وتحميده وشكره على نعمه {وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ} أي للمؤمنين فهي عموم يراد به الخصوص، بدليل آية أخرى:

{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} [المؤمن 7/ 40] وحكايته عنهم {فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ} [المؤمن 7/ 40]{أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ} لأوليائه المؤمنين {الرَّحِيمُ} بهم.

{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ} شركاء وأندادا وهم الأصنام {حَفِيظٌ} رقيب على أحوالهم وأعمالهم، محص لها، فيجازيهم عليها {وَما أَنْتَ} يا محمد {بِوَكِيلٍ} بموكل بهم تحصل المطلوب منهم وهو هدايتهم، فما عليك إلا البلاغ فقط.

‌التفسير والبيان:

{حم، عسق} هذه الحروف الهجائية السبعة المفصولة بمقطعين أو آيتين مما اختصت به هذه السورة، والمعروف ألا يفصل بين هذه الحروف، مثل

ص: 24

{كهيعص} أول مريم و {المر} أول الرعد، بدئ بها للدلالة على تكوين القرآن من أجزاء أمثال هذه الحروف التي تتركب منها لغة العرب بقصد الإعجاز والتنبيه إلى خطورة ما فيها من أمور.

{كَذلِكَ يُوحِي إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} أي مثل ذلك الإحياء الذي أوحي إلى سائر الأنبياء من كتب الله المنزلة، يوحي إليك أيها الرسول في هذه السورة، من الدعوة إلى التوحيد وإثبات النبوة، والإيمان بالبعث أو اليوم الآخر والثواب والعقاب، والعمل بفضائل الأخلاق، والبعد عن رذائلها، وإسعاد الفرد والمجتمع، كما قال تعالى:{إِنَّ هذا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولى صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى} [الأعلى 18/ 87 - 19] وهو إشارة إلى ما تضمنته السورة من إقرار مبدأ التوحيد، والنبوة، والمعاد، فليس الهدف من إنزال جميع الكتب الإلهية إلا الإيمان بهذه الأمور الثلاثة.

والذي يوحي إليك هو الله، العزيز في ملكه، الغالب بقهره، الحكيم في صنعه، يضع الأمور في موضعها الصحيح.

والمقصود بالآية تقرير المماثلة في دعوات الأنبياء إلى التوحيد، والعدل، والنبوة، والمعاد، والتحذير من الاغترار بالدنيا، والترغيب في التوجه إلى الآخرة.

ومن أوصاف الموحي أيضا ما قاله تعالى:

{لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ، وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ} أي له جميع ما في السموات والأرض ملكا وخلقا وعبيدا، فهي مملوكة له، مخلوقة منه، متصرف فيها كما يشاء إيجادا وإعداما، وهو المتعالي فوق خلقه، صاحب الكبرياء والعظمة، ليس كمثله شيء، فليس المراد العلو في الجهة والمكان، ولا عظمة الجثة وكبر الجسم، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلفا من الأجزاء والأبعاض، وذلك ينافي قوله:{اللهُ أَحَدٌ} [الإخلاص 1/ 112].

ص: 25

والمقصود بالآية الدلالة على كمال قدرة الله، ونفوذ تصرفه في جميع مخلوقاته.

{تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ} أي تقارب السموات يتشققن من عظمة وجلال وهيبة من هو فوقها بالألوهية والقهر والقدرة، وهذا هو الظاهر، والأدق أن يقال: من الجهة الفوقانية التي هن فيها.

ويحتمل أن المراد: يتفطرن لكثرة ما عليهن من الملائكة، كما في حديث أحمد والترمذي:«أطّت السماء، وحقّ لها أن تئط، ما فيها موضع قدم إلا وفيه ملك راكع أو ساجد» . وقيل: إن المراد: كدن يتفطرن من قول المشركين: اتخذ الله ولدا، كما في قوله تعالى:{وَقالُوا: اِتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً، لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا}

(1)

، {تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ، وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ، وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً} [مريم 88/ 19 - 91].

{وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ} أي والملائكة يداومون على تنزيه الله عما لا يليق به ولا يجوز عليه، قارنين التسبيح بالتحميد وشكر النعم التي لا تحصى، كقوله تعالى:{يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ، لا يَفْتُرُونَ} [الأنبياء 20/ 21].

{وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ، أَلا إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} أي ويطلبون المغفرة لعباد الله المؤمنين، ثم أورد الله تعالى ما يكون طمعا في إيمان الكافر وتوبة الفاسق، فذكر أنه سبحانه كثير المغفرة والرحمة، وفيه إيماء إلى قبول استغفار الملائكة، لضم الرحمة إلى المغفرة، وإشارة إلى أن المغفرة المطلقة والرحمة المطلقة لله تعالى. قال بعض العلماء: هيّب وعظّم جل وعز في الابتداء، وألطف وبشّر في الانتهاء

(2)

.

(1)

إدّا: أي منكرا فظيعا.

(2)

تفسير القرطبي: 5/ 16.

ص: 26