الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في الدنيا من الأصنام. {وَظَنُّوا} أيقنوا. {ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} مهرب من العذاب، وما نافية علقت الفعل. {ظَنُّوا} عن العمل، وجملة النفي سدّت مسد المفعولين.
المناسبة:
بعد تهديد الكفار بأن جزاء كل أحد يصل إليه يوم القيامة في قوله تعالى:
{مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ، وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها} أوضح الله تعالى بأن علم هذا اليوم مختص به سبحانه، فلا يعلمه إلا هو، كما لا يعلم الإنسان بأمور أخرى. ثم ذكر انتهاء أسطورة الشرك في ذلك اليوم، إذ يتيقن الناس أن الله واحد لا شريك له، وتتبدد كل الآمال بأن الأصنام والأنداد تنفعهم.
التفسير والبيان:
{إِلَيْهِ يُرَدُّ عِلْمُ السّاعَةِ} أي إن علم يوم القيامة مرده إلى الله، لا إلى غيره، وهذا جواب سؤال، فكأن سائلا قال: ومتى يكون ذلك اليوم؟ ونحو الآية: {يَسْئَلُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أَيّانَ مُرْساها، فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها، إِلى رَبِّكَ مُنْتَهاها} [النازعات 42/ 79 - 44] وقوله سبحانه: {قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي، لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاّ هُوَ} [الأعراف 187/ 7] وقوله عز وجل: {إِنَّ اللهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السّاعَةِ} [لقمان 24/ 31].
ولذا
أجاب النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام في حديث البخاري ومسلم عن عمر بقوله حينما سأله عن الساعة: «ما المسؤول عنها بأعلم من السائل» .
ثم ذكر تعالى أنه مختص أيضا بغيب المستقبل، فقال:
{وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها، وَما تَحْمِلُ مِنْ أُنْثى وَلا تَضَعُ إِلاّ بِعِلْمِهِ} أي ويعلم سبحانه كل ثمرة تخرج من وعائها، ووقت ظهورها تماما، ويعلم كل
ما تحمله الحامل وما تضعه، وزمن الحمل والوضع بدقة، فإليه يردّ علم الساعة، كما يرد إليه علم هذه الأمور.
ونظير مقدمة الآية: {وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلاّ يَعْلَمُها} [الأنعام 59/ 6] ونظير القسم الثاني: {اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى، وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ، وَما تَزْدادُ، وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ. عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ} [الرعد 8/ 13 - 9] وقوله سبحانه: {وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ، وَلا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلاّ فِي كِتابٍ، إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيرٌ} [فاطر 11/ 35].
ثم يبين الله تعالى انتهاء أسطورة الشرك، فيقول للرد على المشركين الذين دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى التوحيد والتبرؤ من عبادة الأصنام والأوثان في بدء السورة.
{وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ أَيْنَ شُرَكائِي؟ قالُوا: آذَنّاكَ، ما مِنّا مِنْ شَهِيدٍ} أي واذكر أيها الرسول يوم ينادي الله سبحانه المشركين في يوم القيامة متسائلا على سبيل التهكم والتوبيخ: أين شركائي الذين كنتم تزعمون من الأصنام وغيرها، فادعوهم الآن فليشفعوا لكم، أو يدفعوا عنكم العذاب؟ فيجيبون: لقد أعلمناك أو أسمعناك أن ليس أحد منا يشهد اليوم أن معك شريكا. ونفي الشهادة يراد به التبرؤ من الشركاء، كما قال تعالى عنهم:{وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} [الأنعام 23/ 6].
{وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَدْعُونَ مِنْ قَبْلُ، وَظَنُّوا ما لَهُمْ مِنْ مَحِيصٍ} أي ذهبت عنهم آلهتهم التي كانوا يعبدونها في الدنيا، من الأصنام وغيرها، فلم تنفعهم، وتيقنوا وعلموا ألا مهرب لهم ولا ملجأ من عذاب الله كقوله تعالى:
{وَرَأَى الْمُجْرِمُونَ النّارَ، فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها، وَلَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً} [الكهف 53/ 18].
وهذا وعيد وتهديد للمشركين.