المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌النداء الثاني العشرون: في وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى الأمر من المؤمنين، ورد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسله - نداءات الرحمن لأهل الإيمان

[أبو بكر الجزائري]

فهرس الكتاب

- ‌النداء الأول: في الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌النداء الثاني: في الاستعانة بالصبر والصلاة

- ‌النداء الرابع: في القصاص والدية والعفو

- ‌النداء الخامس: في فريضة الصيام وآثاره على نفس الصائم

- ‌النداء السادس: في وجوب قبول شرائع الإسلام كلها، وحرمة اتباع الشيطان

- ‌النداء السابع: في الإنفاق في سبيل الله قبل الفوات بالموت

- ‌النداء الثامن: في بيان مبطلات ثواب الصدقة كالمن والأذى والرياء

- ‌النداء التاسع: في وجوب إخراج الصدقة من طيب المال، وحرمة إخراجها من خبيثة

- ‌النداء العاشر: في الأمر بالتقوى وترك ما بقى من الربا

- ‌النداء الحادي عشر: في مشروعية كتابة الديون والإشهاد عليها

- ‌النداء الثاني عشر: التحذير من طاعة بعض أهل الكتاب حتى لا يفسدوا على المؤمن دينه

- ‌النداء الثالث عشر: في الأمر بتقوى الله والموت على الإسلام

- ‌النداء الرابع عشر: في حرمة اتخاذ البطانة من غير المؤمنين، وبيان أثرها السيئ

- ‌النداء الخامس عشر: في النهى عن أكل الربا والأمر بتقوى الله عز وجل

- ‌النداء السادس عشر: في حرمة طاعة الكفار وما يترتب عليها من هلاك وخسران

- ‌النداء السابع عشر: في حرمة التشبه بالكافرين والمنافقين في عقائدهم وسلوكهم

- ‌النداء الثامن عشر: في الأمر بالصبر والمصابرة والرباط، والتقوى رجاء الفلاح

- ‌النداء التاسع عشر: في تحريم إرث النساء ومنعهن حتى يسلمن ما أخذن من المهور

- ‌النداء العشرون: في حرمة أكل أموال المؤمنين بالباطل وحرمة قتل النفس بغير حق

- ‌النداء الحادي والعشرون: في حرمة الصلاة حال السكر وحرمة الصلاة والمكث في المسجد حال الجنابة ومشروعية التيمم للعذر

- ‌النداء الثاني العشرون: في وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى الأمر من المؤمنين، ورد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسله

- ‌النداء الثالث والعشرون: في وجوب أخذ الحذر من العدو والتصرف بحكمة حال الحرب واشتداد القتال

- ‌النداء الرابع والعشرون: في وجوب التثبت والتبين في الأمور التي يترتب على الخطأ فيها ضرر بالغ عظيم

- ‌النداء الخامس والعشرون: في وجوب العدل في الشهادة وحرمة اتباع الهوى المانع من العدل فيها

- ‌النداء السادس والعشرون: في وجوب الثبات على الإيمان وتقويته والتحذير من ضده وهو الكفر

- ‌النداء السابع والعشرون: في حرمة اتخاذ الكافرين أولياء من دون المؤمنين، والتحذير من ذلك

- ‌النداء الثامن والعشرون: في وجوب الوفاء بالعهود وفى المنة بحلية بهيمة الأنعام إلا ما استثنى منه

- ‌النداء التاسع والعشرون: في تحريم استحلال شعائر الله إلا ما نسخ منها، وفى إباحة الصيد بعد التحلل، ووجوب التعاون على البر والتقوى، وحرمة التعاون على الإثم والعدوان

- ‌النداء الثلاثون: في وجوب الوضوء وبيان كيفيته ووجوب الغسل من الجنابة وبيان نواقض الوضوء وكيفية التيمم

- ‌النداء الحادي والثلاثون: في وجوب العدل في الحكم والشهادة وحرمة ترك العدل من أجل البغض والعداء والأمر بتقوى الله عز وجل

- ‌النداء الثاني والثلاثون: في الأمر بذكر النعم لشكرها وتقوى الله عز وجل، والتوكل عليه سبحانه وتعالى

- ‌النداء الثالث والثلاثون: في الأمر بتقوى الله عز وجل وطلب الوسيلة إلى الله تعالى. والجهاد في سبيله عز وجل

- ‌النداء الرابع والثلاثون: في حرمة اتخاذ اليهود والنصارى أولياء وعلة ذلك والتحذير من موالاتهم

- ‌النداء الخامس والثلاثون: في التحذير من الردة عن الإسلام وبيان صفات المؤمنين الصادقين

- ‌النداء السادس والثلاثون: في حرمة ولاية من يتخذ دين الله هزوا ولعبا من أهل الكتاب وغيرهم

- ‌النداء السابع والثلاثون: في حرمة تحريم ما احل الله من الطيبات وحرمة الاعتداء في الدين

- ‌النداء الثامن والثلاثون: في تحريم الخمر والميسر والأنصاب والأزلام

- ‌النداء التاسع والثلاثون: في ابتلاء الله تعالى عباده المحرمين بالحج والعمرة بظهور الصيد وسهولة صيده

- ‌النداء الأربعون: في حرمة الصيد حال الإحرام وبيان جزاء من قتل الصيد عامدا وهو محرم والعياذ بالله

- ‌النداء الحادي والأربعون: في النهى عن السؤال عما لا فائدة فيه ولا حاجة تدعو إليه والتحذير من عواقبه

- ‌النداء الثاني والأربعون: في الأمر بإصلاح المؤمن نفسه وتطهيرها بالإيمان والعمل الصالح وإعلامه بأنه لا يضره

- ‌النداء الثالث والأربعون: في وجوب الإشهاد على الوصية وجواز شهادة غير المسلم على الوصية إذا تعذر وجود المسلم

- ‌النداء الرابع والأربعون: في حرمة الفرار من صفوف القتال في سبيل الله وأنه من الكبائر الموجبة لغضب الله وعذابه

- ‌النداء الخامس والأربعون: في وجوب طاعة الله والرسول صلى الله عليه وسلم وحرمة معصيتهما، وحرمة التشبه بالمنافقين

- ‌النداء السادس والأربعون: في وجوب الاستجابة لنداء الله والرسول إذا أمرا أو نهيا أو بشرا وأنذرا. ووجوب اتقاء الفتن بما تتقى به

- ‌النداء السابع والأربعون: في حرمة خيانة الله والرسول صلى الله عليه سلم، وخيانة الأمانات، والتحذير من فتنة المال والولد

- ‌النداء الثامن والأربعون: في الترغيب في تقوى الله عز وجل وبيان ثمارها العاجلة والآجلة

- ‌النداء التاسع والأربعون: في بيان عوامل النصر في الجهاد وهى طاعة الله ورسوله، وعدم النزاع ولزوم الصبر، والإخلاص لله

- ‌النداء الخمسون: في حرمة اتخاذ الأقارب أولياء إن هم استحبوا الكفر على الإيمان

- ‌النداء الواحد والخمسون: في حرمة دخول المشركين الحرمين الشريفين ووجوب منعهم من ذلك، ووجوب قتال أهل الكتاب حتى يعطوا الجزية

- ‌النداء الثاني والخمسون: في حرمة أكل أموال الناس بالباطل والوعيد الشديد لمن يكنز الذهب والفضة ولا يخرج زكاتهما

- ‌النداء الثالث الخمسون: في وجوب الخروج إلى الجهاد إذا دعا الإمام إلى ذلك وهو ما يعرف بالتعبئة العامة، وحرمة القعود عنه

- ‌النداء الرابع الخمسون: في الأمر بتقوى الله عز وجل والصدق في النية والقول والعمل

- ‌النداء الخامس الخمسون: في وجوب قتال الكفار لإدخالهم في الإسلام ليكملوا ويسعدوا

- ‌النداء السادس الخمسون: في الأمر بإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والجهاد ولزوم الإسلام والاعتصام به

- ‌النداء السابع والخمسون: في النهى عن اتباع خطوات الشيطان وبيان حال المتبع لها. وامتنان الله تعالى على المؤمنين بوقايتهم من الشيطان

- ‌النداء الثامن والخمسون: في وجوب الاستئذان على من يراد الدخول عليه في بيته، وعدم مشروعية الاستئذان على بيت غير مسكون للعبد حاجة فيه

- ‌النداء التاسع والخمسون: في مشروعية استئذان الخدم والأطفال على أهل البيت ثلاثة أوقات. ووجوب استئذان الطفل إذا بلغ الحلم

- ‌النداء الستون: وجوب ذكر النعم وشكرها وبيان موجب الذكر والشكر لله تعالى

- ‌النداء الحادي والستون: في الأمر بذكر الله وتسبيحه عز وجل بكرة وعشيا وبيان ثواب ذلك من الله عز وجل

- ‌النداء الثاني والستون: في سقوط العدة على المطلقة قبل المسيس، ووجوب المتعة لها إن لم يسم لها مهر

- ‌النداء الثالث والستون: في وجوب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدنى أذى وحرمة نكاح نسائه بعده صلى الله عليه وسلم

- ‌النداء الرابع والستون: في وجوب الصلاة والسلام على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌النداء الخامس والستون: في حرمة أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمة التشبه باليهود في أذية موسى عليه السلام

- ‌النداء السادس والستون: في وجوب تقوى الله عز وجل ووجوب القول السديد

- ‌النداء السابع والستون: في نصرة الله وما تثمره من نصرة لعباد الله المؤمنين وبيان خسران الكافرين وتعاستهم وضلالهم

- ‌النداء الثامن والستون: في وجوب طاعة الله وطاعة رسوله صلى الله عليه وسلم والتحذير من إبطال الأعمال الصالحة

- ‌النداء التاسع والستون: في حرمة تقديم الرأي عن الكتاب والسنة ووجوب تقوى الله عز وجل

- ‌النداء السبعون: في وجوب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يتعرض المؤمن لبطلان عمله فيهلك

- ‌النداء الحادي والسبعون: وجوب التثبت في الحكم قولا أو فعلا وفى بيان أفضلية أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌النداء الثاني والسبعون: في حرمة السخرية بالمؤن وحرمة التنابز بالألقاب

- ‌النداء الثالث والسبعون: في وجوب اجتناب كثير من الظن وحرمة التجسس والغيبة. ووجوب تقوى الله عز وجل

- ‌النداء الرابع والسبعون: في وجوب تقوى الله والإيمان برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وبيان الجزاء على ذلك

- ‌النداء الخامس والسبعون: في حرمة التناجى بالإثم والعدوان ومعصية الرسول والإذن في التناجى بالبر والتقوى

- ‌النداء السادس والسبعون: في وجوب التفسح في المجالس إذا أمر المؤمن بذلك ووجوب القيام من المجلس إذا أمر كذلك وذلك لصالح الدعوة

- ‌النداء السابع والسبعون: في بيان حكم مناجاة الرسول صلى الله عليه وسلم وتقديم صدقة قبلها ونسخ ذلك تخفيفا، ووجوب إقام الصلاة إيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله صلى الله عليم وسلم

- ‌النداء الثامن والسبعون: في وجوب تقوى الله عز وجل والتزود للآخرة ووجوب ذكر الله وحرمة نسيانه لما يفضي إليه من الخسران والحرمان

- ‌النداء التاسع والسبعون: في حرمة اتخاذ الكفرة أحباء يودون وأولياء ينصرون. وإن من يفعل ذلك فقد ضل طريق السعادة والكمال

- ‌النداء الثمانون: في بيان حكم المهاجرات من دار الكفر إلى دار الإيمان، وكيفية معاملتهن مع أزواجهن

- ‌النداء الحادي الثمانون: في حرمة موالاة اليهود

- ‌النداء الثاني الثمانون: في لوم وعتاب من يقول ولا يفعل، وأن ذلك من موجبات مقت الله تعالى للعبد. وفى بيان حب الله تعالى للمجاهدين في سبيله الثابتين في المعارك

- ‌النداء الثالث الثمانون: في عرض بضاعة أغلى بضاعة إذ هي الحنة وبيان الثمن المحصل لها وهو الإيمان والجهاد

- ‌النداء الرابع والثمانون: في وجوب نصرة دين الله وأهله ائتساء بمن دعوا إلى ذلك فأجابوا ففازوا بالنصر والغلبة

- ‌النداء الخامس والثمانون: في وجوب حضور صلاة الجمعه إذا نودي لها وحرمة البيع والشراء وسائر الأعمال بعد النداء

- ‌النداء السادس والثمانون: في حرمة الانشغال بالمال والولد عن عبادة الله تعالى ووجوب الزكاة والترغيب في الصدقات، والتحذير من فجاءة الموت قبل التوبة

- ‌النداء السابع والثمانون: في التحذير من فتنة المال والزوجة والولد وبيان فضل العفو والصفح والغفران، وعلاج شح النفس

- ‌النداء الثامن والثمانون: في مشروعية الطلاق السني وبيان العدة وعدم إخراج المطلقة من البيت حتى تنتهي عدتها إلا أن تؤذى ومشروعية الإشهاد على الطلاق والرجعة

- ‌النداء التاسع والثمانون: في وجوب وقاية النفس والأهل من النار وذلك بالإيمان وطاعة الله ورسول صلى الله عليه وسلم وبيان وصف النار

- ‌النداء التسعون: في وجوب التوبة من كل ذنب وعلى الفور وأن تكون التوبة نصوحا، رجاء مغفرة الذنوب ودخول الجنة

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌النداء الثاني العشرون: في وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى الأمر من المؤمنين، ورد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسله

‌النداء الثاني العشرون: في وجوب طاعة الله وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأولى الأمر من المؤمنين، ورد المتنازع فيه إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسله

الآية (59) من سورة النساء

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا} .

الشرح:

اذكر أيها القارئ أنك أهل لنداء الله تعالى لك، ولسائر المؤمنين، والمؤمنات، وأن سبب هذا التأهيل هو الإيمان بالله ربا وإلها، وبمحمد نبيا ورسولا، وبالإسلام شرعا ودينا مع ضرورة الإيمان بباقي الأركان وهى الإيمان بالملائكة، والكتب والرسل، واليوم الآخر، والقدر خيره وشره.

وهل تدرى لم نادى الرب تبارك وتعالى عباده المؤمنين في هذا النداء؟ إنه ناداهم ليأمرهم بأمرين عظيمين أنيطت بهما سعادة الدنيا والآخرة معا.

فالأول: طاعة الله وطاعة رسوله وطاعة أولى الأمر من المؤمنين وهم الأمراء والعلماء.

والثاني: رد المختلف فيه والمتنازع عليه إلى كتاب الله وهو القرآن الكريم وإلى سنة رسوله الأمين محمد صلى الله عليه وسلم تسليما، وإليك بيان وجه السعادة فيما أمر الله بطاعته، والرد إليه:

ص: 60

1-

طاعة الله عز وجل، وطاعته تعالى تتحقق بفعل الأمر وترك النهى، ولا فرق بين ما كان من الأمر، للوجوب، وما كان للندب والإرشاد، وكذلك النهى لا فرق بين ما كان منه للتحريم وما كان للكراهة، وذلك أن الله تعالى لا يأمر ولا ينهى إلا من أجل إكمال عباده وإسعادهم وإبعاد الشقاوة عنهم والخسران في الحياتين، لأنه ربهم ووليهم وليس في حاجة إليهم، ومن هنا فإنه لا يأمرهم إلا بما يحقق سعادتهم وكمالهم، ولا ينهاهم إلا عما يسبب شقاؤهم وخسرانهم في الدارين.

ومن هنا أيها القارئ الكريم وجب أن تعلم أن معرفة أوامر الله تعالى، ومعرفة نواهيه من أوجب الواجبات وألزمها، وأن من لم يعرف ذلك لا يمكنه أن يطيع الله بحال من الأحوال، فهو إذا خاسر لا محالة في الدنيا والآخرة فلنذكر هذا ولنعلم المؤمنين به.

2-

طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى كطاعة الله تعالى لا تتحقق إلا بمعرفة أوامره ونواهيه صلى الله عليه وسلم، ولا فرق بين ما كان للوجوب والندب، وما كان للتحريم والكراهة، وإن كانت أوامره ونواهيه صلى الله عليه وسلم مستوحاة من الكتاب الكريم إلا أن الله أمر بطاعته طاعة استقلالية، إذ قال تعالى:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ} فكرر الأمر بالطاعة لعلمه تعالى أن الأمة قد تعجز عن إدراك الأحكام الشرعية والهدايات القرآنية ما لم يكن الرسول صلى الله عليه وسلم مبينا لها آمرا بها ناهيا. وكيف وقد قال عز من قائل: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} وهو صلى الله عليه وسلم قد قال: " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله " ومن هنا وجبت طاعته صلى الله عليه وسلم على كل مؤمن ومؤمنة في الأمر والنهى، على حد سواء ولاسيما ما كان منها للوجوب والتحريم، ووجب معرفة أوامره ونواهيه لأمته وإلا فطاعته متعذرة على المؤمن الجاهل بها.

3-

طاعة أولى الأمر من المؤمنين إذ أمر الله تعالى بها في هذا النداء بقوله: {وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} وقيد {مِنْكُمْ} يخرج به طاعة الكافر إذ لا طاعة لحاكم كافر إلا في حالة الإكراه الشديد المقتضى للقتل أو أشد العذاب، لقوله تعالى:{إِلَاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ} وأولوا الأمر يتناول الأمراء والعلماء والوالدين والمربين الصالحين، إلا أن طاعتهم ليست مطلقة بل هي مقيدة بالمعروف. فمن أمر

ص: 61

منهم بالمعروف وهو ما عرفه الشارع صالحا نافعا أو ضارا فاسدا، فهذا الذي إذا أمر به الأمير أو العالم أو الوالد أو المربى تجب فيه الطاعة فعلا أو تركا. إذ قال تعالى وهو يخاطب رسوله:} وَلا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ {أي على المؤمنات طاعتك في المعروف، وأما غير المعروف لو أمرتهن به فلا طاعة لك فيه، وهذا من باب الهداية القرآنية، وإلا حاشا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر بغير المعروف.

ومن هنا فطاعة أولى الأمر لا تجب إلا فيما كان معروفا في الشرع مأمورا به أو منهيا عنه وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرر هذا الحكم فيقول: " من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله، ومن يطع الأمير فقد أطاعني ومن يعصى الأمير فقد عصاني " وفى الوالدين يقول تعالى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ

} كان ذلك الأمر الأول وهو طاعة الله وطاعة رسوله وأولى الأمر.

وأما الأمر الثاني: فهو رد المختلف فيه إلى الكتاب والسنة وهو رد واجب من رفضه على علم فقد فسق وظلم وتعرض للكفر والعياذ بالله إذ قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ} أيها المؤمنون حكاما أو محكومين علماء أو جاهلين) أي في حليته أو حرمته، في وجوبه أو عدم وجوبه، في جوازه وإباحته أو عدم ذلك فردوه إلى القرآن والسنة النبوية الصحيحة. والذي يقوم بالتحقيق والمعرفة هم العلماء علماء الشرع الفقهاء والعارفون بالكتاب والسنة، لا الجهال، والذين لا علم لهم حتى ولو كانوا الحاكمين. وقوله تعالى:{إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} فيه إشارة أفصح من عبارة وهى أن الذين يرفضون الرد إلى الكتاب والسنة فيما اختلف في حكمه ما هم بالمؤمنين بالله واليوم الآخر، ومن لم يؤمن بالله واليوم الآخر فهو كافر. وأخيرا وإتماما للنصح والتوجيه يقول تعالى:{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً} أي أحسن عاقبة فهو خير حالا ومآلا.

والحمد لله والشكر له على هدايته وتعليمه وإنعامه.

وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.

ص: 62