الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الخامس والستون: في حرمة أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم وحرمة التشبه باليهود في أذية موسى عليه السلام
الآية (69) من سورة الأحزاب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم ما قد سبق أن عرفت، وهو أن الله تعالى ينادى المؤمنين لإيمانهم؛ إذ المؤمن حي يسمع ويفهم ويفعل ويترك لكمال حياته بخلاف غيره من أهل الكفر، فلا ينادون ولا يكلفون إلا بالإيمان أولا، فإن آمنوا أصبحوا أهلا للنهوض بما يكلفون به من فعل وترك. وأهلا لأن ينذروا فبحذروا، ويبشروا فيسروا ويفرحوا، ويعلموا فيعملوا، ويفقهوا فيفقهوا وذلك لكمال حياتهم، لأن نداءه تعالى للمؤمنين بلفظ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} معناه يا من أمنتم بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد رسولا {لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} ، هذا النهى من الله تعالى للمؤمنين له سببه وهو ما أشاعه ابن أبى؛ كبير المنافقين من فريته على أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها حيث تورط فيه عدد من المؤمنين كحسان رضى الله عنه وغيره لذلك ناداهم تعالى بعنوان الإيمان ليشمل كل مؤمن ومؤمنة إذ أذية النبي صلى الله عليه سلم محرمة وأيا كان نوعها، ومن باب التسلية والتخفيف عن النبي صلى الله عليه سلم وأصحابه ذكر تعالى أذى بنى إسرائيل لنبي الله موسى عليه السلام فقال:{لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى} مرة قالوا إنه آدر بمعنى أن إحدى خصيتيه منتفخة، ومرة قالوا إنه قتل أخاه هارون لكونه لينا هينا معنا.
وقوله تعالى: {فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا} أي اتهموه به. أما براءته من تهمة الأدرة فإليك رواية مسلم فيها والبخاري بمعناها، أن بنى إسرائيل كانوا يغتسلون عراة ينظر بعضهم إلى بعض وكان موسى يغتسل وحده – لشدة حيائه – فقالوا ما منعه أن يغتسل معنا إلا أنه آدر، فذهب يوما يغتسل فوضع ثوبه على حجر وأخذ يغتسل، وإذ بالحجر يهرب بالثوب، فيجرى موسى وراءه حتى وقف على جمع من بنى إسرائيل
فرأوا أنه ليس به أدرة كما قالوا.
وأما براءته من تهمة قتل أخيه هارون فقد روى ابن أبى حاتم عن على رضى الله عنه. " أنه صعد موسى وهارون الجبل جبل الطور – فمات هارون عليه السلام، فقال بنو إسرائيل لموسى عليه السلام أنت قتلته كان ألين لنا منك وأشد حياء فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة فحملته فمروا به على مجالس بنى إسرائيل فتكلمت الملائكة بموته، فما عرف موضع قبره إلا الرخم1، وأن الله تعالى جعله أصم أبكم ". وهكذا رواه أبى جرير أيضا. وقوله تعالى: {وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهاً} أي كان موسى ذا وجاهة وجاه عند الله عز وجل كان إذا سأل أعطاه وإذا استعاذ أعاذه، وإذا استنصره نصره وذلك لكماله الروحي والخلقي والأدبي، وما هيأه الله له من الطهر والصفاء والصدق والوفاء. ولنذكر هنا أن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال للرسول صلى الله عليه سلم ادع الله أن يجعلني مجاب الدعوة قال له رسول الله صلى الله عليه سلم " يا سعد أطب مكسبك تجب دعوتك " فكان سعد مجاب الدعوة.
هذا وقد أوذي رسول الله من بعض المؤمنين ومن ذلك ما يلي:
1-
حادثة الإفك إذ هو أذى في عرضه وشرفه، وعرض إمرأته وشرفها، وأنزل الله تعالى في براءة امرأته أم المؤمنين قرابة سبع عشرة آية والحمد لله، ومن العجب أن المخدوعين المغرر بهم من الروافض ما زالوا يلكون تلك الفرية ويلصقونها بأم المؤمنين مع أن الذي يكذب الله تعالى يكفر. فكفروا وهم لا يعلمون.
2-
قسم يوما صلى الله عليه سلم مالا على أصحابه فقال رجل من الأنصار إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله فقال أحد الحاضرين أما يا عدو الله لأخبرن رسول الله صلى الله عليه سلم بما قلت فذكره للنبي صلى الله عليه سلم فاحمر وجهه، ثم قال:" رحمة الله على موسى فقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ".
3-
ومرة أخرى لببه بثوبه لأقرع بن حابسن وقال له: هذه القسمة ما أريد بها وجه الله اعدل فينا يا رسول الله فرد عليه قائلا: " ويحك إذا لم أعدل أنا فمن يعدل ثم قال رحم الله أخى موسى أوذي بأكثر من هذا وصبر ".
وأخيرا فليحذر كل مؤمن ومؤمنة أن يؤذى رسول الله صلى الله عليه سلم بأي نوع من الأذى فإنه إثم عظيم. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم تسليما دائمين إلى يوم الدين
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
1 الرخم: طائر معروف واحد رخمة والجمع رخم.