الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الثالث والستون: في وجوب الأدب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بأدنى أذى وحرمة نكاح نسائه بعده صلى الله عليه وسلم
الآية (53) من سورة الأحزاب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الجليل إلى المؤمنين أيام حياة نبيهم صلى الله عليه وسلم ليلتزموا بما يلي إزاء نبيهم صلى الله عليه وسلم.
1-
أن لا يدخلوا بيوته صلى الله عليه وسلم إلا بإذنه كان هذا قبل نزول آية الحجاب هذه لقوله تعالى: {لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَنْ يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ} أي لا تدخلوا بيت الرسول صلى الله عليه وسلم قبل وقت الأكل بزمن، ولا تجلسوا بعد الأكل أيضا، لقوله تعالى لهم:{فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا} أي أخرجوا منتشرين في الأرض كل إلى أهله أو عمله أو حاجته، ولا تجلسوا بعد الطعام مستأنسين بحديث بعضكم بعضا فتطيلوا الجلوس فتضايقوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في هذا الوقت؛ إذ حصل هذا فعلا من بعض الأصحاب رضى الله عنهم، وعلل تعالى لذلك بقوله: {إِنَّ
ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ} أي أن يقول لكم اخرجوا أو لا تجلسوا. وقوله: {وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} أن يقول لعباده أو يأمرهم به، ولذا أمرهم أن يخرجوا وينتشروا.
2-
إذا أراد أحدكم أن يطلب شيئا من أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم كإناء وشراب أو طعام أو يسأل عن شئ في دينه وجب عليه أن يسأل زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم من وراء حجاب لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ} . وعلل تعالى لذلك بقوله: {ذَلِكُمْ} آي السؤال من وراء حجاب {أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ} أيها الرجال وأطهر لقلوبهن أي نساء النبي صلى الله عليه وسلم أطهر أي أكثر طهارة من خواطر السوء الفاسدة التي لا يخلو منها قلب الإنسان إذا خاطب المرأة، أو خاطبت المرأة الرجل، إذ مثل هذا من الغرائز الفطرية في الإنسان ذكرا كان أو أنثى.
3-
حرمة أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي أذى كان؛ لقوله تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ} وصيغة {وَمَا كَانَ} تدل على أن هذا الأذى لا يكون كالمستحيل وهو كذلك فهل المؤمن الذي يفدى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه وأهله وماله يتوقع منه أذى له صلى الله عليه وسلم لا، لا، ولن يكون أبدا.
4-
حرمة نكاح زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم بعد وفاته لأنهن أمهات المؤمنين ثبت هذا وتقرر بقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُم} أي في حرمة النكاح ومقدماته إذ هن محرمات على الرجال ما عدا رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمة مؤبدة كحرمة الأم على ولدها وهذه الحرمة دل عليها قوله تعالى في هذه الآية الكريمة {وَلا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيماً} ، أي إن أذى الرسول صلى الله عليه وسلم بأي أذى أو بالزواج بنسائه بعد وفاته كان عند الله أي في حكمه وقضائه وشرعه ذنبا عظيما لا يقادر قدره، ولا يعرف مدى جزائه وعقوبته إلا الله جل جلاله وعظم سلطانه.
هذا وإليك أيها القارئ في هداية هذا النداء ما يكون عونا لك على السير في منهج الحق والسير في الصراط المستقيم إلى أن تفوز بالنجاة من النار ودخول الجنة دار الأبرار:
1-
بيان ما ينبغي أن يلتزمه المؤمن من الآداب في الاستئذان والدخول على البيوت.
2-
بيان كمال الرسول صلى الله عليه وسلم وآدابه العالية وخلقه العظيم حتى إنه ليستحي أن يقول
لضيفه أخرج من البيت قد انتهى الطعام.
3-
تقرير صفات الله تعالى وغثباتها في القرآن والسنة إذ وصف تعالى نفسه بأنه لا يستحي من الحق. وعليه فلنصف الله تعالى بما وصف به نفسه ووصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم لا غير فلا نصف الله تعالى بما لم يصف به هو نفسه، ولا بما وصفه رسوله صلى الله عليه وسلم ولا ننكر صفاته أو نؤولها هروبا من وصفه بها، كما هو شأن المعتزلة والأشاعرة في الغالب.
4-
حرمة أذية رسول الله صلى الله عليه وسلم في نفسه أو في آله أو في أهل ملته من المؤمنين والمؤمنات.
5-
بيان أن أذية الإنسان لا يخلو من خواطر السوء إذا تكلم مع المرأة أو نظر إليها.
6-
مشروعية الحجاب وفرضيته وهو أنه لا يحل لغير المحرم أن يخلو بامرأة من غير محارمه أو يتكلم معها بدون حجاب. إلا أن تكون عجوزا لا تحمل ولا تحيض لكبر سنها.
فاذكر هذا أيها المؤمن ولا تنسه واعمل به وعلمه غيرك فإنه واجب ونافع والله المستعان وعليه التكلان.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.