الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء السادس والثلاثون: في حرمة ولاية من يتخذ دين الله هزوا ولعبا من أهل الكتاب وغيرهم
الآية (57 _ 58) من سورة المائدة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي العظيم يحرم على المؤمنين ولاية الكافرين، سواء كانوا أهل كتاب كاليهود والنصارى، أو كانوا لا كتاب لهم كالمجوس، أو كانوا مشركين أميين، وعلة هذا التحريم هي اتخاذهم دين الإسلام الحق الذي لا دين يقبله الله تعالى سواه. كما قال تعالى:{وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْأِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 1 ولا شك أن نزول هذه الآية كان لسبب سخرية واستهزاء بعض الكافرين من يهود ونصارى ومشركين بالدين الإسلامي، إذ ورد أن المنافقين واليهود كانوا إذا سمعوا الأذان يضحكون ويلعبون بصوت المؤذن فمنهم من يقول هذا نهيق حمار، ومنهم من يرفع صوته بالأذان ساخرا لاعبا مستهزئا، فأنزل الله تعالى هذا النداء ينهى المؤمنين عن موالاة هؤلاء المستهزئين بشعائر الدين الإسلامى، الضاحكين اللاعبين، كلما أتيحت لهم الفرصة حيث لم يكن معهم من يخافونه من المسلمين، فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من أمنتم بالله ربا وإلها، وبالإسلام دينا وشرعا، وبمحمد نبيا ورسولا {لا تَتَّخِذُوا
1 سورة آل عمران: 85.
الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ} أي الإسلام وشرائعه وأحكامه {هُزُواً ْ} يستهزئون به {وَلَعِباً} يلعبون به، وبين تعالى المستهزئين اللاعبين فقال:{مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ} وهم اليهود والنصارى {وَالْكُفَّارَ} يعنى المشركين {أَوْلِيَاءَ} أي توالونهم بالحب والنصرة. ثم أمر تعالى عباده المؤمنين بتقواه وهى طاعته فيما أمر ونهى فيفعلون المأمور بحزم وجد، وينتهون عن المنهى، كذلك ومن جملة ما نهاهم عنه موالاة أهل الكتاب والمشركين وبخاصة الذين يستهزئون بالإسلام ويسخرون منه، ويضحكون ويلعبون، إذ موالاة هؤلاء الساخرين المستهزئين لا يسيغها عقل ولا دين. فكيف تصح إذا موالاتهم من أهل الإيمان، لذا قال الله تعالى في ختام الآية {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} . وفعلا هم مؤمنون؛ لذا فلا يصح منهم أبدا موالاة أعداء الإسلام المحاربين له الساخرين منه. وفى هذه الجملة المذيل بها الكلام {إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ما يجعل حرمة موالاة هؤلاء الكافرين أعظم حرمة وأشدها، إذ موالاة الكافرين محرمة بآية قبل هذه كآية آل عمران:{لا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ} وآية المائدة قبل ذي {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} وفى الآية بعد ذي وهى قوله تعالى: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} ففي هذه الآية بيان استهزائهم ولعبهم بالدين، إذ الأذان دين وشرع بل هو أظهر الشرائع، وأعلى مقامات الدين، إذ به ترتفع كلمة التوحيد، والنبوة، ويدعى إلى أشرف عبادها وأزكاها وأكثرها تعبدا لله تعالى وهى الصلاة وإقامتها وفى قوله تعالى:{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَعْقِلُونَ} تقرير أن المستهزئ بالأذان، الضاحك منه، اللاعب به، يعتبر لا عقل له كالبهائم أو أشر وأضل.
إذ النداء إلى الصلاة بتلك الكلمات السامية الرفيعة الداعية إلى الفلاح بإقامة الصلاة لا يجهل معناها ولا يكرهها إلا من لا عقل له وصدق الله العظيم إذ قال ذلك؛ أي كان ذلك الاستهزاء والسخرية واللعب بالأذان بسبب أنهم قوم لا يعقلون وحقا إنهم لا يعقلون وصدق الله العظيم.
وأخيرا أيها القارئ الكريم إليك بيان حكم الأذان في الإسلام.
إن الأذان فرض كفاية في المدن والقرى، وسنة لجماعة تطلب غيرها، ومستحب
لمن يطلب غيره في السفر أو الحضر، إلا أنه في السفر أعظم أجرا لحديث الموطأ وهو قوله صلى الله عليه وسلم:" لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شئ إلا شهد له يوم القيامة "، أما الإقامة فإنها سنة مؤكدة لكل صلاة ومن أذن أقام ولو أقام غيره لا بأس وإليك صيغة الأذان والإقامة:
الأذان:
الله أكبر، الله اكبر _ الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمدا رسول الله، أشهد أن محمدا رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح1، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
الإقامة:
الله أكبر الله أكبر _ أشهد أن لا إله إلا الله. أشهد أن محمدا رسول الله. حي على الصلاة حي على الفلاح. قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة. الله أكبر الله أكبر. لا إله إلا الله.
هذا واذكر أن معنى قوله تعالى في الآية: {وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} إنه الأذان للصلوات الخمس. فتح الله عليك في العلم والعمل، وعلى كل مؤمن ومؤمنة فقل آمين آمين.
وسلام على المرسلين، والحمدش لله رب العالمين.
1 في آذان الصبح يزاد جملة: الصلاة خير من النوم مرتين، وذلك بعد قوله: حي على الفلاح.