الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الثمانون: في بيان حكم المهاجرات من دار الكفر إلى دار الإيمان، وكيفية معاملتهن مع أزواجهن
الآية (10، 11) من سورة الممتحنة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن لهذا النداء سببا نزل به، وهو أن ما تم بين رسول الله صلى الله عليه وسلم، والمشركين من صلح في الحديبية في السنة السادسة، جاء من بين مواده: أن من جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة من الرجال رده إلى مكة ولو كان مسلما مهاجرا فارا بدينه، ومن جاء المشركين من المدينة لم يردوه إليه صلى الله عليه وسلم ولم ينص، في بنود الاتفاقية على النساء وأثناء ذلك جاءت أم كلثوم بنت عقبه بن أبى معيط مهاجرة من مكة إلى المدينة فلحق بها أخواها عمار والوليد ليرداها إلى قريش، فنزل هذا النداء الكريم، فلم يردها عليهما النبي صلى الله عليه وسلم لخلو هذا من مواد الاتفاقية – اتفاقية صلح الحديبية – فأنزل الله تعالى قوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} أي يا من أمنتم بالله ربا وإلها،
وبمحمد نبيا ورسولان وبالإسلام دينا وشرعا حكيما، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ} أي من دار الكفر إلى دار الإسلام {فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} أي غلب على ظنكم أنهن مؤمنات {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} وكيفية امتحان هي أن يقال لها احلفي بالله أي قولي بالله الذي لا إله إلا هو ما خرجت إلا رغبة في الإسلام لا بغضا لزوجي ولا عشقا لرجل مسلم في هذه البلاد.
وقوله نعالي: {لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُن} وذلك لأن الإسلام فصم تلك العصمة التي كانت بين الزوج وزوجته، إذ حرم الله نكاح المشركات وإنكاح المشركين، ولهذا لم يأذن الله تعالى في ردهن إلى أزواجهن الكافرين وقوله تعالى: ّ {َ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} أي إذا جاء زوجها المشرك يطالب بها أعطوه ما انفق عليها من مهر، والذي يعطيه هو إمام المسلمين أو جماعة المسلمين.
وقوله تعالى: {وَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُن} أي تتزوجوهن {إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُن} أي مهورهن مع باقي شروط النكاح: وهى الولي فإن لم يكن لها ولى فالقاضى وليها أو ذو الرأي من عشيرتها إذا لم يوجد في البلد قاضى شرعي وانقضاء عدتها إذا كانت مدخولا بها وقوله تعالى: {وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} أي إذا اسلم الرجل: وكذا إذا ارتدت امرأة مسلمة ولحقت بدار الكفر فإن العصمة قد انقطعت بينهما ولا يحل إمساكها، وفائدة ذلك أنها لو كانت تحت الرجل نوة له أن يزيد رابعة لأن الإسلام قطع العصمة وذلك لقوله تعالى:{ِ وَلا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِر} والعصم جمع عصمة والعصمة هي المانع من أن تتزوج المرأة زوجا أخر وهى في عصمة زوجها. وقوله تعالى: {وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ} أي اطلبوا من المرتدة ما أنفقتم عليها من مهر يؤدى لكم. {وَلْيَسْأَلوا مَا أَنْفَقُوا} أي وليطلب أي المشركون ما أنفقوا من مهور على أزواجهن اللاتي أسلمن وهاجرن إليكم.
وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ} . أي فاقبلوه وارضوا به فإنه حكم عادل رحيم.
وقوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيم} أي عليم بخلقه وحاجاتهم، حكيم في
قضائه عليهم وقد بينه لهم، فليسلم له الحكم وليرض به فإنه قائم على أساس المصلحة للجميع.
وقوله تعالى فى هذا النداء الكريم {وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} أي وإن ذهب بعض نسائكم إلى الكفار مرتدات – والعياذ بالله – وطالبتم بالمهور فلم يعطوكم، ثم غزوتم وغنمتم فأعطوا من الغنيمة قبل قسمتها، أعطوا الذي ذهبت زوجته إلى دار الكفر ولم يحصل على تعويض أعطوه مثل ما أنفق.
وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ} أي خافوا عقابه فأطيعوه في أمره ونهبه ولا تعوه. وطبقوا هذه الأحكام التي بينها لكم في هذا النداء حرفيا لما في ذلك من العدل والرحمة والخير الكثير: واعلم أيها القارئ ما يلي:
1-
وجوب امتحان المهاجرة فإن علم إسلامها فلا يحل إرجاعها إلى زوجها الكافر.
2-
حرمة نكاح المشركة.
3-
لا يجوز الإبقاء على عصمة الزوجة المشركة.
4-
من ذهبت زوجته ولم يرد عليه شئ، ثم غزوتم وغنمتم فأعطوه ما أنفق من مهر من الغنيمة قبل قسمتها، وإن لم تكن غنيمة، فجماعة المسلمين وإمامهم يعطونه.
5-
وجوب تقواه تعالى بتطبيق شرعه وإنفاذ أحكامه والرضا بها.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين