الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء السابع: في الإنفاق في سبيل الله قبل الفوات بالموت
الآية (254) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
إن معنى هذا النداء أيها القارئ الكريم هو أن الله تبارك وتعالى، نادى عباده المؤمنين به وبلقائه، وكتبه ورسله وقضائه وقدره، ناداهم بعنوان الإيمان؛ لأن المؤمن حي يسمع النداء ويجيب الداعي لما دعاه من أجله، وهنا ناداهم ليأمرهم بالإنفاق أي إنفاق المال حيث تعين الإنفاق، وذلك كالجهاد في سبيل الله، وسد حاجة الفقراء والمساكين، وكإعداد العدة للجهاد؛ لحماية الملة والعباد، وكالإنفاق لتحرير الرقيق، ومداوة المريض، وما إلى ذلك من مواطن الإنفاق في سبيل الله لا في سبيل الشيطان، وذكرهم رأفة بهم أن الإنفاق الذي أمرهم به هو من ماله تعالى الذي رزقهم إياه، وأنه بعضه لا كله؛ إذ قال لهم {أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} أي من بعض المال الذي رزقناكموه فضلا منا وإحسانا إليكم. وإن قلت أيها القارئ الكريم: وهل للشيطان سبيل ينفق فيه المال؟ أجبتك قائلا: آي ورب الكعبة إنها كل ما ينفق في معصية الله تعالى هو إنفاق في سبيل الشيطان، وذلك كالإنفاق في القمار، واللهو، والباطل، وكالإنفاق في أكل وشرب ولبس الحرام، وكالإسراف في الأكل والشرب وغيرهما، كل هذا الإنفاق هو في سبيل مرضاة الشيطان، ولذا فهو يأمر به ويزينه لفاعله.
وهل تدرى أيها القارئ ما يدل عليه قوله تعالى في هذا النداء وهو قوله تعالى: {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} إنه دل على أن الله تعالى رحمة بعباده المؤمنين وشفقة عليهم استعجلهم في
النداء الثامن: في بيان مبطلات ثواب الصدقة كالمن والأذى والرياء
الآية (264) من سورة البقرة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اذكر أيها القارئ الكريم ما سبق أن عرفته في سر نداء الله تعالى عباده المؤمنين بعنوان الأيمان ألا وهو أن المؤمن حي يسمع ويبصر، ويقدر على الفعل والترك، لأن الإيمان الصحيح وهو تصديق الله ورسوله في كل ما أخبر به من شأن الغيب والشهادة هي بمثابة الروح للجسم، فالجسم يتحرك ويقبل ما يراد به ما دامت الروح فيه، فإذا فارقته مات. اذكر هذا أيها القارئ أو السامع لتعي عن الله تعالى ما خاطبك به. وهو نهيه لك عن إبطال صدقاتك، وهو تعطيلها عن تزكية نفسك وتطهيرها؛ لأن الصدقة عبادة تزكى النفس إذا خلت من الموانع المبطلة لها. ومن الموانع للصدقة من تزكية نفس المؤمن المتصدق ما ذكر الله تعالى وهى:
1-
المن وهو من كبائر الذنوب؛ لأن المنان أحد ثلاثة لا ينظر الله إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم؛ لحديث مسلم: " ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم: المسبل1 إزاره والمنان الذي لا يعطى شيئا إلا منه، والمنفق2 بالحلف الكاذب " وحقيقة المن أنه ذكر الصدقة وتعدادها على من تصدق بها عليه من المؤمنين على وجه التفضل عليه. والمنان
1 هو الذي يحسر ثيابه كبرا وخيلاء.
2 يقال نفق سلعته وأنفقها بمعنى روجها.