الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الثامن والثمانون: في مشروعية الطلاق السني وبيان العدة وعدم إخراج المطلقة من البيت حتى تنتهي عدتها إلا أن تؤذى ومشروعية الإشهاد على الطلاق والرجعة
الآيتان (1، 2) من سورة الطلاق
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء يحمل أحكاما شرعية لابد للمؤمن من معرفتها والتقيد بها، واعلم أن النداء وإن كان موجها أولا للنبي صلى الله عليه وسلم فهو لأمته صلى الله عليه وسلم وإنما بدئ برسول الله صلى الله عليه وسلم لشرفه وعلو مقامه. حتى يسهل على المؤمنين تطبيق الأحكام التي تضمنها النداء وهى:
1-
أن تطلق المرأة من أجل رفع الضرر عنها أو عن زوجها أو أن تطلق في طهر لم يجامعها فيه الزوج حتى لا تطول مدة عدتها فتتأذى في ذلك. وهذا ما دل عليه قوله تعالى: {إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} أي لقبل عدتهن أي الأول عدتهن وذلك بأن يكون الطلاق في طهر لا في حيض، وأن يكون الزوج ما جامعها في
ذلك الطهر بذلك تقصر مدة العدة وتقل وفى هذه الرحمة بالمؤمنات.
2-
وجوب إحصاء العدة أي حفظ مدتها حتى يمكن للزوج أن يراجع فيها إن أراد المراجعة. وهذا معنى قوله تعالى: {وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ} . وقوله تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ} ، أي خافوه فامتثلوا أوامره وقفوا عند حدوده فلا تعتدوها.
3-
لا يجوز إخراج المطلقة من بيت زوجها الذي كانت فيه حتى تنقضي عدتها لما في ذلك إعطاء فرصة للزوج لعله يراجعها، اللهم إلا أن تأتى المطلقة بفاحشة مبينة كزنا ظاهر، أو تكون بذيئة اللسان فتؤذى أهل البيت بأذى لا يطيقونه ففي هذه الحال يجوز إخراجها من بيتها. دل على هذا قوله تعالى:{رَبَّكُمْ لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ} . وقوله تعالى: {وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ} أي المذكورات من الطلاق لأول الطهر وإحصاء العدة، وعدم إخراجهن من بيوتهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة. وقوله تعالى:{وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ} أي من يتجاوز حدود الله فلم يقف عندها فقد ظلم نفسه بذلك وتعرض لعقوبة الله تعالي عاجلا أو أجلا. وقوله تعالي: {لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً} أي شرع الله تعالى ما شرعه من الطلاق في أول العدة، ومن عدم إخراج المطلقة من بيتها، ومن إحصاء العدة بمعرفة يوم وقع الطلاق فيه ومعرفة متى تنتهي. كل هذا من أحل قد يجعل الله تعالى في قلب المطلق رغبة في مراجعة مطلقته فيراجعها. بخلاف لو لم يضع الله تلك الحدود فإن الرجل قد يرغب في المراجعة ولا يقدر عليها.
4-
إذا بلغت المطلقة أجلها أي قرب نهاية عدتها هنا على الزوج أن يراجع فيمسكها بمعروف وإحسان لا إنه يراجعها بمكر بها ويؤذيها انتقاما منها، أو يفارقها بمعروف، فيعطيها باقي مهرها إن بقى منه شئ، وأن يمتعها بشيء، وأن لا يذكرها بسوء أبدا. دل على هذا قوله تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} .
5-
كما يشهد الزوج على الزواج يشهد على الطلاق وعلى الرجعة أيضا إلا أن الإشهاد على عقد النكاح بدونه، وأما في الطلاق والرجعة فهو مطلوب ولكن ليس واجبا، وليكن الشهود عدولا والعدل من لم يعرف بكبيره من كبائر الذنوب دل على هذا قوله تعالى:{وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ} أي عدلوا
فيها ولا تجوروا أو تحيفوا ولتكن شهادتكم لله تعالى لا للمشهود عليه ولا للمشهود له. بل لله وحده لا شريك له. وقوله تعالى: {ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} . إن هذه الأحكام المذكورة يؤمر بها ويطبقها عبد يؤمن بالله واليوم الآخر. وأما غيره فما هو أهل لذلك؛ لأنه كافر والكافر ميت وفى هذا حث وحض على تطبيق هذه الأحكام المتعلقة بالطلاق لما فيها من الخير لكل من المطلق والمطلقة هذا واعلم أن هناك خلاصة لما تقدم فخذها بعناية وهى:
1-
أن السنة في الطلاق أن يكون في طهر لم يمسها فيه، وأن يكون بلفظ واحد لا بالثلاث.
2-
أن العدد أربع؛ عدة من تحيض فهي ثلاثة قروء أي حيضات وعدة من لا تحيض لكبر أو صغر وهى ثلاثة أشهر، وعدة الحامل وهى وضع حملها ولو يوما وليلة، وعدة الوفاة وهى أربعة شهور وعشرا.
3-
الطلاق في الحيض وفى طهر جامعها فيه طلاق بدعي كثير من أهل العلم لا يعدونه طلاقا.
4-
الطلاق قبل الدخول لا عدة فيه على المطلقة لقول الله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} وقد مضى هذا في نداء من نداءات سورة الأحزاب فارجع إليه.
اللهم علمنا ما جهلنا وانفعنا بما تعلمنا ولك الحمد الشكر
وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.