الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الثالث والعشرون: في وجوب أخذ الحذر من العدو والتصرف بحكمة حال الحرب واشتداد القتال
الآية (71) من سورة النساء
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً}
الشرح:
تعلم أيها المؤمن أنه ما نادى الله تعالى عباده المؤمنين إلا ليبين لهم طريق سعادتهم وكمالهم، وعزهم وسيادتهم وقيادتهم؟ لأنهم أولياؤه وهو وليهم، وأن ما يأتى بعد النداء لا يكون إلا أمرا منجيا ومسعدا، أو نهيا مبعدا عن الشقاوة والخسران في الدارين، أو نذارة تخيف وترهب فتحمل المؤمنين على مواصلة فعل الخيرات، واجتناب المنكرات، ولا غرابة ولا عجب في هذا؛ لأن الولي لا يريد لأوليائه إلا نجاتهم وسعادتهم والمؤمنون المتقون أولياء الله، والله وليهم، إذ قال تعالى:{اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ} يخرجهم من ظلمات الشرك والكفر والنفاق، وكبائر الذنوب وفواحش القول والعمل لتبقى أنفسهم زكية طاهرة يرضاها تعالى، ويعطيها مناها وقد أخبر بذلك في قوله:{أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ} وبينهم بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ} وبين تحقيق مناهم لهم فقال: {لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} أي الحاملة للبشارات ذلك هو الفوز العظيم.
والآن هل تدرى لم نادى الله تعالى عباده المؤمنين في هذا النداء الثالث والعشرين من نداءاته لهم في كتابه الحكيم؟ إذ ناداهم ليأمرهم بأخذ الحذر من عدوهم، وعدو المؤمنين وهو كل كافر من الإنس والجن، وعدوهم هو من يريد هلاكهم وخسرانهم وذلهم وضعفهم وحقارتهم، ولا يكون هذا العدو إلا كافرا ظالما، والحذر يكون بتوقى المكروه بالأسباب المشروعة الممكنة، فمن الأسباب المشروعة الممكنة لتوقى
مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} هذا أولا، وثانيا: عدم الاستجابة لما يزينه للعبد، وتركه والإعراض عنه. وثالثا:لزوم الطهارة ما أمكن ذلك، ورابعا: قراءة القرآن في المنزل وصلاة النافلة فيه، وخامسا: تطهير المنزل من الصور، خاصة ما يعرض في الآلات كالفيديو والتلفاز من صور العواهر والكفار، وأصوات المزامير المختلفة بهذا يتقى الشيطان وإخوانه، ومن الأسباب الممكنة لتوقى شر العدو من الإنس:
1-
عدم حسن الظن به أي بالعدو الكافر دائما وأبدا.
2-
إعداد العدة الحربية بحسب القدرة على ذلك لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} .
3-
إسناد أمر القيادات الحربية إلى ذوى الكفاءات من القدرة البدنية والعلمية الحربية والإيمانية الروحية.
4-
وجود خبرة عسكرية كاملة وقيادة رشيدة مؤمنة حكيمة عليمة.
5-
وجوب أخذ الأهبة، والاستعداد التام في أيام السلم، وأيام الحرب على حد سواء؛ لآية الأنفال:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} وهذا يعرف بالسلم المسلح.
6-
وحدة الكلمة ووحدة الصف؛ إذ الفرقة محرمة بقول الله تعالى: {وَلا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} .
7-
طاعة الله وطاعة رسوله بصورة عامة، وذلك بفعل الأوامر واجتناب المناهى في الحرب والسلم معا، إن الذنوب موجبة للعقوبة من الله تعالى، وقد تكون هزيمة بالعدو، والعياذ بالله.
8-
في حال الهجوم يجب القيام بما يلي:
أ- الثبات وعدم التقهقر. ب- ذكر الله تعالى بالقلب واللسان.
ولنراجع معاني هذه الآية الكريمة في النداء (45) من سورة الأنفال فإن بيانها هناك واف مفيد.
وصلى الله وسلم على نبينا وآله وصحبه وسلم وعلى المرسلين والحمد لله رب العالمين.