الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
النداء الثاني والستون: في سقوط العدة على المطلقة قبل المسيس، ووجوب المتعة لها إن لم يسم لها مهر
الآيات (49) من سورة الأحزاب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
الشرح:
اعلم أيها القارئ الكريم أن هذا النداء الإلهي وجه للمؤمنين لإيمانهم بالله تعالى ربا وإلها، وبالإسلام دينا، لا يقبل الله دينا غيره، دينا ذا شرائع وأحكام رحيمة عادلة، وبمحمد نبيا لا نبي بعده ورسولا إلى الناس كافة، هؤلاء المؤمنون الذين ناداهم الله تبارك وتعالى ليعلمهم حكما من أحكام شرعه؛ وهو أن من طلق امرأته التي عقد عليها عقدا شرعيا ثم طلقها قبل أن يخلو بها ويجامعها، فإنه ليس له أن يطالبها بعدة لا بالإقراء ولا بالشهور لأن علة العدة الواجبة هي الحمل، أي كي تعرف المطلقة هل هي حامل أو لا، أما التي لم يمسها زوجها فإنها قطعا لا حمل لها أبدا فقال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ} ، ويعنى بنكحتم عقدتم، إذ يطلق لفظ النكاح على العقد وعلى الوطء، وغالبا ما يطلق في القرآن على الوطء والعقد إلا في هذه الآية فإنه أطلق على العقد فقط لقوله تعالى:{مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} ولفظ المؤمنات خرج مخرج الغالب، وإلا فالكتابية إذا نكحها المؤمن فحكمها حكم المؤمنة في العدة والصداق والمتعة على حد سواء.
وقوله تعالى: {ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ} . أي من قبل أن تجامعوهن، ولفظ الطلاق هو قول الزوج للزوجة أنت طالق أو لقد طلقتك، أو الحقي
بأهلك وهو ناو الطلاق جازم به عازم عليه وهذا يقال له طلاق الكتابة فيحتاج إلى النية أما الأول وهو الصريح أنت طالق وطلقتك لا يحتاج إلى نية إذ لو قال لها أنت طالق وهو لا يريد الطلاق طلقت حتى لو قال أنا هازل طلقت لحديث " ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: الطلاق والعتاق والرجعة "
وقوله تعالى: {فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا} أي ليس على الرجل المطلق أن يطالب المرأة التي طلقها قبل البناء بها بعدة ولو يوما أو شهرا، تقدم من أن علة العدة هي الحمل والتي لم يبن بها قطعا لا حمل يظن بها. فلها أن تتزوج يوم طلاقها ولا حرج عليها.
وقوله تعالى: {فَمَتِّعُوهُنَّ} ، والمتعة إعطاء المطلقة شيئا من المال بحسب قدرة الرجل إذا كان ذا يسار فبحسب يساره، وإن كان ذا إعسار فبحسب إعساره والقاضى هو الذي يقدر ذلك، إذا رفعت القضية إليه. وهذه المتعة واجبة لمن لم يسم لها مهر؛ إذ لو سمى لها مهر لكان لها لقول اله تعالى في سورة البقرة:{وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَاّ أَنْ يَعْفُونَ} أي يتنازلن عما وجب لهن وهو نصف المهر، {أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ} فيترك لها المهر كاملا فله ذلك.
وقوله تعالى: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً} أي اتركوهن يذهبن إلى ذويهن من آباء أو أقارب من غير إضرار بهن ولا أذى تلحقونه بهن. ومن سرح مطلقته سراحا غير جميل بأن سبها أو عيرها أو ذكر عيبا فيها أو ليس فيها أو منعها حقها في المهر إن سمى لها، أو مانعها بشيء نافع ذي قيمة فإنه قد عصى الله عز وجل وتجب عليه التوبة فورا لأنه خالف أمر الله عز وجل وهو مؤمن.
هذا وإليك خلاصة هذه الأحكام التي تضمنها هذا النداء الإلهي العظيم:
1-
مشروعية الطلاق قبل البناء وجوازه بلا حرج.
2-
ليس على المطلقة قبل البناء عدة أبدا إذ لها أن تتزوج يوم طلاقها ولا حرج
…
3-
المطلقة قبل البناء إن سمى لها صداق فلها نصفه، وإن لم يسم فلها المتعة واجبة بحسب حال المطلق يسارا وإعسارا. وإن تشاحنا فالقاضى يقدرها.
4-
حرمة أذية المطلقة بأي أذى ووجوب تخلية سبيلها تذهب حيث شاءت.
5-
مشروعية المتعة لكل مطلقة. إلا أنها تجب للتى لم يسم لها صداق..
6-
العدة التي تحيض ثلاثة قروء أي حيض أو إطهار، ولا يشرع الطلاق إلا في طهر قبل أن يجامعها فيه والتي لا تحيض لكبر سنها أو صغره عدتها ثلاثة أشهر لا غير.، والحامل عدتها ولادتها فمتى ولدت انتهت عدتها. والمتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرا. وإن كانت حبلى فتعتد بأطول الأجلين الحمل أو الأشهر إذ هذا خير لها ولأهل زوجها الميت. والإحسان محمود منا أيها المؤمنون والله يحب المحسنين.
وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.