الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وغيره، وهو غني عن تكلّف إيراد الأسانيد له.
وقد حكى عياض عن هشام وعباد: أنهما أنكرا وقعة الجمل أصلا ورأسا.
وكذا أشار إلى إنكارها أبو بكر بن العربي في "العواصم"(1) وابن حزم، ولم ينكرها هذان أصلا ورأسا وإنما أنكرا وقوع الحرب فيها على صفةٍ مخصوصة، وعلى كل حال فهو مردود؛ لأنه مكابرة لما ثبت بالتواتر المقطوع به.
فائدة
كانت وقعة الجمل في سنة ستٍّ وثلاثين، وكانت وقعة صفين في ربيع الأول سنة سبع وثلاثين، واستمرت ثلاثة أشهر، وكانت النهروان في سنة ثمان وثلاثين.
2363 -
قوله: ثبت أنّ أهل الجمل وصفّين والنهروان بغاة.
هو كما قال، ويدل عليه:
[5734]
- حديث علي: أمرت بقتال الناكثين، والقاسطين، والمارقين.
رواه النسائي في "الخصائص"(2) والبزار (3) والطبراني (4).
والناكثين: أهل الجمل؛ لأنهم نكثوا بيعته، والقاسطين: أهل الشام؛ لأنهم جاروا عن الحق في عدم مبايعته. والمارقين: أهل النهروان؛ لثبوت الخبر الصحيح فيهم أنهم: "يَمرُقُونَ مِن الدِّينِ كَمَا يَمْرُقُ السَّهْمُ مِن الرَّمِيَّة".
(1) انظر: العواصم من القواصم، لابن العربي (ص 300 - 305).
(2)
لم أجده عنده.
(3)
مسند البزار (رقم 604).
(4)
المعجم الأوسط (رقم 8433).
وثبت في أهل الشام حديث: "عَمّار تَقتُلُه الْفِئَةُ البَاغِيَةُ"، وقد تقدم، وغير ذلك من الأحاديث.
* حديث: أن عمر أول من بايع أبا بكر، ثم بايعه باقي الصحابة.
تقدم في حديث السقيفة، ولفظ البخاري: قال عمر: بل نبايعك، أنت سيدنا وخيرنا وأحبنا إلى رسول الله، فأخذ عمر بيده فبايعه، وبايعه الناس.
2364 -
[5735]- حديث: أن أبا بكر عهد إلى عمر.
هو صحيح مشهور في التواريخ الثابتة.
[5736]
- وفي البخاري (1) عن ابن عمر، أن عمر قال: إني إن أستخلف فقد استخلف من هو خير مني -يعني أبا بكر
…
الحديث.
ولمسلم (2) مثله.
[5737]
- وللبيهقي (3) من طريق ابن أبي مليكة، عن عائشة، قالت: لما ثقل أي دخل عليه فلان وفلان قالوا: يا خليفة رسول الله، ماذا تقول لربك غدا إذا قدمت عليه وقد استخلفت علينا ابن الخطاب، .. الحديث.
2365 -
[5738]- حديث: إنّ أبا بكر قال: أقيلوني من الخلافة.
رواه أبو الخير الطالقاني في "السنة" من طريق شبابة بن سوار، عن شعيب بن
(1) صحيح البخاري (رقم 7218).
(2)
صحيح مسلم (رقم 1823).
(3)
السنن الكبرى (8/ 149).
ميمون، عن محمَّد بن بكير، عمن حدثه، عن أبي بكر. وهو منكر متنا (1)، ضعيف منقطع سندًا.
2366 -
[5739]- حديث: إن عليًّا سمع رجلًا من الخوارج يقول: لا حكم إلا لله ولرسوله، وتعرض بتخطئته في التحكيم، فقال علي: كلمة حقٍّ أريد بها باطل، لكم علينا ثلاث، لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما دامت أيديكم معنا، ولا نبدأكم بقتال.
الشّافعي (2) بلاغًا، وابن أبي شيبة (3) والبيهقي (4) موصولا: أن عليا بينما هو يخطب إذ سمع من ناحية المسجد قائلا يقول: لا حكم إلا لله
…
فذكره إلى آخره وفيه: ثم قاموا من نواحي المسجد يحكمون الله، فأشار إليهم بيده: اجلسوا، نعم لا حكم إلا لله، كلمة حق يبتغى بها باطل، حكم الله ننتظر فيكم، إلا أن لكم عندي ثلاث خلال ما كنتم معنا، لن نمنعكم مساجد الله، ولا نمنعكم فيئًا ما كانت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتى تقاتلونا.
[5740]
- وأصله في مسلم (5) من حديث عبيد الله بن أبي رافع: أن الحرورية لما
(1)[ق/594].
(2)
الأم (4/ 217).
(3)
مصنف ابن أبي شيبة (7/ 562).
(4)
السنن الكبرى (8/ 184).
(5)
صحيح مسلم (رقم 1066).
خرجت على علي وهو معه (1)، فقالوا: لا حكم إلا لله، فقال علي: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصف ناسا إني لأعرف صفتهم في هؤلاء، يمرقون من الدين
…
الحديث بطوله.
2367 -
قوله: الخوارج فرقة من المبتدعة، خرجوا على علي حيث اعتقدوا أنه يعرف قتلة عثمان، ويقدر عليهم، ولا يقتص منهم؛ لرضاه بقتله ومواطأته إياهم، ويعتقدون أن من أتى كبيرة فقد كفر واستحق الخلود في النار، في طعنون لذلك في الأئمة، ولا يجتمعون معهم في الجمعة والجماعات أعاذنا الله من شرِّهم.
قال الشافعي (2): وابن ملجم المرادي قتل عليًّا متأولا.
قال الرافعي: أراد الشّافعي: أنّه قتله زاعما أن له شبهة وتأويلا باطلا، وحكى أن تأويله أن امرأةً من الخوارج تسمى قطام خطبها ابن ملجم، وكان علي قتل أباها في جملة الخوارج، فوكلته في القصاص، وشرطت له مع ذلك ثلاثة آلاف درهم وعبدا وقينة لتحببه في ذلك، وفي ذلك قيل:
فَلَمْ أَرَ مَهْرًا سَاقَهُ ذُو سَمَاحَةٍ
…
[لِمِثْلِ](3) قَطَامٍ مِن فَصِيحٍ وَأَعْجَمِ
(1) أي الراوي، تقديره: وأنا معه. قاله في هامش "الأصل".
(2)
الشرح الكبير للرافعي (11/ 88).
(3)
في "الأصل" و "هـ": (كمثل)، والمثبت من "م"، وهو الأليق من حيث المعنى.
ثلاثةُ آلافٍ وَعَبْدٌ وَقَيْنَةٌ
…
وَقَتْلُ عليٍّ بِالْحُسَامِ [المصمَّم](1).
انتهى (2).
أما ما ذكره من اعتقاد الخوارج؛ فأوله ليس بصوابٍ، فإن الاعتقاد المذكور هو اعتقاد معاوية وأهل الشام. وأما الخوارج فكانوا أوّلا من رءوس أصحاب علي، وكانوا من أشدّ الناس نكيرًا على عثمان، بل الغالب أنهم ما كانوا يعتقدون أن قتله كان ظلمًا، ولم يزالوا مع علي في حروبه في الجمل وصفِّين إلى أن وقع التحكيم، وذلك أن أهل صفين لما كادوا أن يغلبوا أشار عليهم بعضهم برفع المصاحف والدّعاء إلى التحكيم، فنهاهم علي عن إجابتهم إلى ذلك، فقال لهم: أنا على الحق. فأبى أكثرهم، فأجابهم علي لتحققه أن الحق بيده، فحصل من اختلاف الحكمين ما أوجب رجوع أهل الشام مع معاوية، ورجوع أهل العراق مع علي بعد التحكيم، فأنكرت الخوارج التحكيم، وقالوا: لا حكم إلا لله، وحكموا بكفر علي وجميع من أجاب إلى التحكيم إلا من تاب ورجع، وقالوا لعلي: أَقِرَّ على نفسك بالكفر ثم تب ونحن نطاوعك، فأبى، فخرجوا عليه، وقاتلهم، وهذا أمر مشهور عنهم، مصرَّح به في التواريخ الثابتة، والملل والنحل.
وقد استوفى أخبارهم وما كانوا يعتقدون (3) أبو العباس المبرد في "كامله"(4)
(1) في "الأصل": (المصمصم)، والمثبت من "م" و "هـ".
(2)
في هامش "الأصل" و "م": وبعده:
فَلا مَهْرَ أَغْلَى مِنْ عليٍّ وَإنْ غَلَا
…
وَلَا فَتْكَ إلَّا دُونَ فَتْكِ ابْنِ مُلْجِم
(3)
[ق/595].
(4)
انظر: الكامل، لأبي العباس ابن المبرد.
وغيره، وصنف في أخبارهم محمَّد بن قدامة الجوهري كتابا حافلًا، وقفت عليه في نسخة كتبت عنه، وتاريخها سنة أربعين ومائتين وهو أقدم خَطٍّ وقفت عليه، ولم تعتقد الخوارج قط أنّ عليا أخطأ قبل التحكيم، كما أنهم من جملة ما اعتقدوا من الاعتقادات الفاسدة: أنّ عثمان كان مصيبًا ست سنين من خلافته، ثم كفر بزعمهم أعاذه الله من ذلك.
نعم الذين كانوا يتأوّلون في قتال علي بسبب عدم اقتصاصه من قتلة عثمان، ويظنون فيه سائر ما ذكره المؤلف قبل قوله:"ويعتقدون" هم أهل الجمل وأهل صفين، وهذا ظاهر في مكاتباتهم له، ومخاطباتهم.
وأما سائر ما ذكر بعد ذلك عن الخوارج من الاعتقاد فهو كما قال، وبعض منه اعتقادهم كفر من خالفهم، واستباحة ماله ودمه ودماء أهله وولده، ولذلك كانوا يقتلون من قدروا عليه.
وأما ما ذكره من أمر ابن ملجم في تأويله فهو كما قال، وبالغ ابن حزم (1) فقال: لا خلاف بين أحد من الأئمة في أن ابن ملجم قتل عليًّا متأوِّلًا مجتهدًا مقدِّرًا أنه على الصّواب.
كذا قال! وهذا الكلام لا خلاف في بطلانه، إلا إن حمل على أنه كذلك كان عند نفسه فنعم، وإلا فلم يكن ابن ملجم قط من أهل الاجتهاد ولا كاد، وإنما كان من جملة الخوارج، وقد وصفنا سبب خروجهم على علي واعتقادهم فيه وفي غيره.
(1) المحلى لابن حزم (10/ 484).
وأما قصة قتله لعلي وسببها:
[5741]
- فقد رواها الحاكم في "المستدرك"(1) في ترجمة علي بإسناد فيه انقطاع، وهي مشهورة بين أهل التاريخ، وساقه ابن عبد البر في "الاستيعاب"(2) مطوِّلًا.
2368 -
[5742]- حديث: أنّ أبا بكر قال للذين قاتلهم بعد ما تابوا: تَدُون قتلانا، ولا نَدِي قتلاكم.
البيهقي (3) من حديث أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، (فذكره) في حديث.
[5743]
- وروى البخاري (4) من طريق طارق بن شهاب قال: جاء وقد بُزاخَة أسد وغطفان إلى أبي بكر يسألونه الصلح، فخيّرهم بين الحرب المجلية والسلم المخزية، قالوا: ما السلم المخزية؟ قال: تؤدون الحلقة والكرع وتتركون أقواما يتبعون أذناب الإبل، وتدون قتلانا ولا ندي قتلاكم
…
الحديث.
ذكر منه البخاري طرفا، وساقه البرقاني في "مستخرجه" بطوله، وفيه: أن عمر وافق أبا بكر على ذلك، إلا على قوله:"تدون قتلانا ولا ندي قتلاكم" واحتجّ بأن قتلانا قُتلوا على أمر الله فلا ديّات لهم، قال: فتتابع الناس على ذلك.
(1) مستدرك الحاكم (3/ 143 - 144).
(2)
الاستيعاب (8/ 200 - 201).
(3)
السنن الكبرى (4/ 183 - 184).
(4)
صحيح البخاري (رقم 7221).