الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طائفة كيز وكيز
قال دارفيو في تذكرته: يوجد في زماننا طائفة من الأرمن يسكنون عينتاب يقال لهم كيز وكيز أي نصف ونصف، سموا بذلك لأن ديانتهم مركبة من الإسلامية والمسيحية فهم يقرءون القرآن العظيم ويعلمونه أولادهم ويعلقونه عليهم كالتمائم ويدخلون المساجد ويصلون فيها مع الجماعة ويفعلون غير ذلك من الأمور التي تدل على إسلاميتهم. كما أنهم يعمّدون أولادهم ويحترمون الصليب ويحتفلون بالمواسم المسيحية ويعترفون عن جرائمهم ويفعلون غير ذلك من الأمور التي تدل على نصرانيتهم.
قلت: عهدنا أنه كان قبل الحرب العامة يوجد بعض أسر من هذه الطائفة في مدينة عينتاب وقرية الجبن في قضاء قلعة الروم. أما بعد الحرب المذكورة فلا ندري ما فعل الله بهذه الأسر اه. الكلام على الملل والنحل.
نبذة من حقوق الجوار
للجوار حقوق خاصة هي غير حقوق الإسلام وغير حقوق القرابة فقد جاء بالحث على الإحسان للجار مسلما كان أم غير مسلم قوله تعالى: «وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَبِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَالْجارِ ذِي الْقُرْبى وَالْجارِ الْجُنُبِ»
وقال عليه السلام: أحسن مجاورة من جاورك تكن مسلما. وقال: ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيوّرثه. وقال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره. وقال: لا يؤمن عبد حتى يأمن جاره بوائقه. وقال: وقال: أول الخصمين يوم القيامة جاران. وقال: إذا أنت رميت كلب جارك فقد آذيته.
وروى الزهري أن رجلا أتى النبي عليه السلام فجعل يشكو جاره فأمر النبي أن ينادى على باب المسجد: ألا إن أربعين جارا. قال الزهري: أربعون هكذا وأربعون هكذا وأربعون هكذا وأومأ إلى الجهات الأربع. وجملة حق الجار ما بينه عليه السلام بقوله:
أتدرون ما حق الجار؟ إن استعان بك أعنته وإن استنصرك نصرته وان استقرضك أقرضته وإن افتقر عدت عليه، وإن مرض عدته وإن مات تبعت جنازته وإن أصابه خير هنأته
وإن أصابته مصيبة عزّيته ولا تستطل عليه بالبناء فتحجب عنه الريح إلا بإذنه ولا تؤذه وإن اشتريت فاكهة فأهد له فإن لم تفعل فأدخلها سرا ولا يخرج بها ولدك ليغيظ بها ولده ولا تؤذه بقتار قدرك «1» إلا أن تغرف له منها. ثم قال: أتدرون ما حق الجار؟ والذي نفسي بيده لا يبلغ حق الجار إلا من رحمه الله. هكذا رواه عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبي عليه السلام.
قال مجاهد: كنت عند عبد الله بن عمر وغلام له يسلخ شاة فقال: يا غلام إذا سلخت فابدأ بجارنا اليهودي حتى قال ذلك مرارا فقال له: كم تقول هذا. فقال: إن رسول الله لم يزل يوصينا بالجار حتى خشيت أنه سيورثه. وقال هشام كان الحسن لا يرى بأسا أن تطعم الجار الكتابي من أضحيتك. وقال أبو ذر رضي الله عنه: أوصاني خليلي عليه السلام وقال إذا طبخت قدرا فأكثر ماءها ثم انظر بعض أهل بيت في جيرانك فاغرف لهم منها. وقالت عائشة رضي الله عنها قلت يا رسول الله إن لي جارين أحدهما مقبل عليّ ببابه والآخر ناء ببابه عني وربما كان الذي عندي لا يسعهما فأيهما أعظم حقا فقال:
المقبل عليك ببابه. وقال عبد الله: قال رجل يا رسول الله كيف لي أن أعلم إذا أحسنت أو أسأت قال إذا سمعت جيرانك يقولون قد أحسنت فقد أحسنت وإذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت. وقال عليه السلام من أراد الله به خيرا عسّله. قيل: وما عسّله؟
قال يحبّبه إلى جيرانه.
وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ مني هذه الكلمات فيعمل بهن أو يعلم من يعمل بهن. فقلت: أنا يا رسول الله. فأخذ بيدي فعقد خمسا فقال: اتق المحارم تكن أعبد الناس وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس، وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب. وعنه عليه السلام أنه قال: إن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وإن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين إلا من أحب فمن أعطاه الدين فقد أحبه، والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه. قيل: وما بوائقه؟ قال: غشه وظلمه ولا يكسب مالا من حرام فينفق
منه فيبارك فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار إن الله لا يمحو السيّئ بالسيّئ ولكن يمحو السيّئ بالحسن إن الخبيث لا يمحو الخبيث.
وقال عليه السلام: من آذى جاره فقد آذاني ومن آذاني فقد آذى الله ومن حارب جاره فقد حاربني ومن حاربني فقد حارب الله عز وجل. وقال عليه السلام لأصحابه: ما تقولون في الزّنى قالوا حرام حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة فقال عليه السلام لأن يزني الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أن يزني بامرأة جاره. قال: فما تقولون في السرقة قالوا حرمها الله ورسوله فهي حرام إلى يوم القيامة قال: لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره. إلى غير ذلك من الأخبار والأحاديث الحاثة على الإحسان للجار وتكريمه ومؤاساته والرفق به مسلما كان أم غير مسلم.
قال حجة الإسلام الغزالي في كتاب الإحياء ما خلاصته: إنه ليس حق الجوار كف الأذى عنه فقط بل احتمال الأذى منه. فإن الجار أيضا قد كف أذاه عنك فليس في ذلك قضاء حقّ الجوار، ولا يكفي احتمال الأذى أيضا بل لا بد من الرفق وإسداء المعروف إذ يقال إن الجار الفقير يتعلق بجاره الغني يوم القيام فيقول: يا رب سل هذا لم منعني معروفه وسدّ بابه دوني. وبلغ ابن المقفع أن جارا له يبيع داره في دين ركبه، وكان ابن المقفع يجلس في ظل داره فقال: ما قمت إذا بحرمة ظل داره إن باعها معدما. فدفع إليه ثمن الدار وقال لا تبعها. وشكا بعضهم كثرة الفار في داره فقيل له لو اقتنيت هرا فقال:
أخشى أن يسمع الفار صوت الهر فيهرب إلى دور الجيران فأكون أحببت لهم ما لا أحب لنفسي.
وحكي عن سهل التّستري أنه كان له جار مجوسيّ انفتح من خلائه محل لدار سهل يتساقط منه القذر، فأقام سهل مدة ينحّي ليلا ما يجمع منه في بيته نهارا فلما مرض سهل أحضر جاره المجوسي وأخبره واعتذر بأنه خشي من ورثته أنهم لا يحملون ذلك فيخاصموه، فعجب المجوسي من صبره على هذا الإيذاء العظيم ثم قال له: تعاملني بذلك منذ هذا الزمان الطويل وأنا مقيم على كفري؟ مدّ يدك لأسلم. فمد يده فأسلم. ثم مات سهل رحمه الله. فتأمل نتيجة صبره.