الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والمغنين وإذا كان الأوان غير الشتاء تعمل في البستان. وبعد أن يتعشى المدعوون يؤخذ الزوج إلى بيت صاحب الدعوة فيلبس ثيابه ويخرج إلى بيته في الموكب الذي عمل له في الليلة الأولى التي هي ليلة القران وهذه الصبحية قد تكرّر من أصحاب الزوج وأحبابه عدة أيام وفي كل مرة تكون على النسق المتقدم ذكره ثم بعد مضي خمسة عشر يوما من ليلة القران يولم الزوج وليمة حافلة يدعو إليها أهل زوجته ويقال لهذه الوليمة عزيمة الخامس عشر.
عاداتهم في أتراحهم
متى احتضر المريض أحروا له أحد حفظة القرآن الكريم فيجلس في جانبه ويتلو ما ألهمه الله تعالى من القرآن. والغالب أن تكون التلاوة سورة الرعد يرددها حتى يقضي المريض نحبه وعندها يهيأ له المغتسل والنعش من الجامع. وإذا كان غنيا عمل له نعش جديد وبني له قبر جديد. ثم إن النسوة يأخذن بالنواح ولبس السواد. وبعض نساء سكان الأطراف المتعاملين مع البدو ربما أحضرن نائحات بالأجرة ونثرن على رؤوسهن الحناء وشددن المآزر وسوّدن وجوههن بسخام القدر وخدشن خدودهن وفعلن من هذه الأمور ما لا يليق إلا بالجاهلية.
ثم إن كان يمكن دفن الميت قبل دخول الليل غسلوه ودفنوه وإلا أبقوه إلى الغد. ومن عاداتهم أنهم يغسلونه بالماء الفاتر مع الأشنان والصابون ثم بعد الوضوء والاغتسال ينثرون فوقه الكافور والعبيثران ويشدون عليه أكفانه ويضعونه في النعش. وربما ضرب أحدهم صفحة قنطرة باب الدار بإناء خزفي عندما يخرج منه النعش زاعمين أن ذلك يمنع من أن يلحق بالميت غيره من أهل الدار. ثم يحملونه إلى المصلى ثم إلى التربة ويجهرون بكلمة التوحيد وهم سائرون معه وربما كان في مقدمة موكب الجنازة من يؤذن أذان الجوق أو ينشدون بعض مدائح نبوية كبردة البوصيري أو جماعة من دراويش الطرايق العلية يحملون أعلاما وطبيلات يضربون بها.
وربما كان الميت منتسبا إلى الطريق فتتقدم جماعته ويحملون النعش ويتجاذبونه ويتماسكون به كأنه يريد الطيران وهم يمنعونه عنه، الأمر الذي ينكره الشرع فإذا وصلوا بالجنازة إلى القبر أنزلوها إلى الأرض وافتتح واحد بالأذان الشرعي ثم أخرجوا الميت من
التابوت وأنزلوه في حفرته وابتدروا تلاوة سورة ياسين ثم تبارك ثم النبأ ثم سورة الإخلاص والمعوذتين والفاتحة وأوائل البقرة وأواخرها والتربّي في هذه البرهة يلحده ويحلّ ربط أكفانه فإذا انتهى خرج من القبر وطبقه وأهال عليه شيئا من التراب ثم صاح المؤذن في الناس:
غفر الله لعبد جلس. فيجلس الجميع القرفصاء ويصمتون، ويتقدم أحد الشيوخ ويلقن الميت سؤال الملكين وكلمة التوحيد ثم يقوم هو ومن حضر فيصطفون حلقة يقوم في وسطها ناشد ويذكرون الله تعالى برهة. وفي ختامها يتقدم واحد من قبل وصي الميت ويفرّق على الفقراء والمحتاجين شيئا من الدراهم وينصرفون ويصطف أهل الميت في جهة من المقبرة ويمر عليهم الناس ويعزّونهم وفي مساء هذا اليوم يرسل أحد أصدقاء الميت طعاما يتعشى منه أهل الميت ومن يكون في بيته، ويقال لهذا الطعام حمول.
وفي هذه الليلة أيضا يدعى جماعة من حفظة القرآن الكريم إما إلى البيت الذي مات فيه الميت وإما إلى قبره إذا ساعد الأوان، وقد تضرب عليه خيمة، وإما للمحلين معا فيشتغلون بتلاوة القرآن إلى مضيّ طائفة من الليل. ومنهم من يشتغل بالتلاوة إلى الصباح.
ويستمرون على ذلك ثلاث ليال إلى سبع. وفي آخر كل ليلة يوضع لهم مائدة تشتمل على حلاوات وبعض أطعمة فيأكلون ومن حضر معهم لسماع التلاوة، ويشربون قهوة البنّ ويدخنون وينصرفون.
وفي كل ليلة من هذه الليالي أيضا يجتمع نفر من الرجال والأولاد بين العشاءين في مسجد المحلة ويكررون كلمة التوحيد وفي أيديهم سبحة كبيرة تبلغ نحو خمسمائة حبة فإذا دارت دورا سكتوا وتلا إمام الجامع أو غيره شيئا من القرآن الكريم. وبعد فراغه يعودون إلى التسبيح فيديرونها دورا آخر ويختمون الذكر وتفرق عليهم الحلوى المعروفة بالغريبة.
وفي صبيحة اليوم الثالث من الوفاة يجتمع جمّ غفير من أقرباء الميت وأحبابه وأترابه والفقراء والمساكين إما في مسجد المحلة وإما على قبره إذا ساعد الفصل، فتخرج البسط والسجادات وتمد على الأرض في طراف القبر ويوضع عليه قماقم «1» ماء الورد وتنثر فوقه الزهور ويفرق على القارئين أجزاء الربعات التي يستخرجها إمام مسجد المحلة. وبعد إتمام قراءتها يجهر الجميع بتلاوة صيغة الختم. وفي ختامها يقوم الناس ويصطفون حلقة على القبر يقوم في وسطها أحد شيوخ الطرائق العلية وناشده فيذكرون الله تعالى وربما ضرب النشاد بطبلات