الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقال الواقدي كان فتحها سنة 18 ويقال إن بكنيستها العظمى كان منديل تمسح به المسيح صلوات الله عليه. اه. ما أوردناه من ياقوت.
أقول يروي لواء الرّها عدة أنهار: الفرات والجلاب والبابك ونهر إبراهيم وغيرها من الأنهار والعيون. وفي معجم البلدان لياقوت أن الجلاب نهر بمدينة حرّان مسمى باسم قرية وأن إسماعيل بن صبيح الكاتب في أيام الرشيد هو الذي حفره. اه.
وطول اللواء من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي نحو 80 فرسخا ومن الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي 50 فرسخا. وهو يجمع أصنافا من الترك والعرب والكرد والأرمن والتركمان. وقد أقمت في هذه البلدة عدة أشهر وسبرت أخلاق أهلها فإذا هم قوم متعصبون بدينهم وقد غلب عليهم الكرم والإحسان إلى الغريب والميل لأهل العلم والتفاخر بالمناصب والرتب والتزاحم عليهما وفيهم العلماء والصلحاء وأهل الوجاهة وأولو الثراء والصباحة ولولا ما في أخلاقهم من الحدة والصّلف لكانوا أحسن خلق الله والرها مدينة رخيصة الأسعار وافرة الخيرات فسيحة الأرجاء جميلة البناء تشقها مياه العيون والأنهار المتقدم ذكرها وتتخللها البساتين، واسعة البرّ رابحة التجارة جيدة الهواء والتربة. وهي تعتبر مدينة مقدسة لولادة خليل الله فيها عليه السلام على أشهر ما رواه المؤرخون.
فصل
في ذكر أشياء اقتطفنا بعضها من تاريخ العلامة الشيخ عبد اللطيف الرهاوي مفتي الرها سابقا. وقد اقترحناه عليه حين تأليفنا هذا التاريخ فألفه وسماه مشكاة الصّفا في تاريخ مولد جد المصطفى. وأرسل أول مبيضة منه إلينا فأحببنا أن نلخص منه الأخبار التي ستقف عليها لأنها لا تخلو من الفائدة. فأقول:
قال رحمه الله: كانت مدينة الرّها قاعدة مملكة هرقل صاحب القصة المشهورة مع أبي سفيان حينما أدى إليه رسالة النبي صلى الله عليه وسلم. وفي سنة 449 ق. م كان اسمها أور (قلت وهو اسمها في التوراة فقد سماها بأور الكلدان على قول) قال وفي سنة 2495 ق. م كان اسمها كاليلرها. وفي سنة 2300 ق. م كان اسمها أنتوخيا. وفي سنة 1200 ق. م كان اسمها روحه أو رخه. وربما أطلق عليها إذ ذاك اسم ادسا. وفي حدود سنة 1200
للهجرة كانت هذه المدينة تشتمل على خمسة عشر مسجدا واثنتي عشرة منارة وكانت جوامعها مربعة الشكل ثم تغيرت المنارات والجوامع. وفي حدود سنة 1174 كان بالرها أمير اسمه حماس وكانت الرها حينئذ إيالة يتبعها الدير والرحبة والرقة والخابور وحرّان وجلاب وبنو قيس وغيرها.
وفي حدود سنة 1200 كانت مدينة الرها تضاهي مدينة دمشق كما نقل بعض سوّاح «1» الفرنج. وكان اسمها في أيام إبراهيم عليه السلام هاران باسم أخيه. وفي سنة 1086 طغى الماء بهذه المدينة وأغرق معظم سكانها وعطل أكثر عمرانها وكان وقع مثل ذلك سنة 762 وسنة 617 م وبه انهدم القصر العجيب الذي بني أيام الملك ابكار على حوض عين خليل الرحمن وغرق في هذا الطغيان ألفا إنسان وبعد هذا الغرق العظيم أقال الملك المذكور أهل الرها مدة خمسة أعوام من الضرائب.
وكان في هذه المدينة ثلاثمائة عين وكان اسم العين التي تغرق المدينة بمياهها ديصان بالسريانية وسكيرتوس باليونانية وهي بركة عين خليل الرحمن. وأسباب طغيانها انصباب سيول الأمطار إليها من موضع يقال له ديركلي شرقي الرها على بعد ساعة منها. ثم لما آلت الرها إلى ملوك قره قيونيه الذين كانت قاعدة ملكهم خلاط مرت على الرها إحدى بنات ملوكهم ذاهبة إلى الحجاز لأداء فريضة الحج ففتحت لتلك السيول مجرى واسعا عميقا وأحكمت سدّه عن العين فأمنت الرها من طغيانها.
ينسب إلى الرها وبلادها من الأنبياء نوح وابنه سام وخليل الرحمن ولوط وأيوب وهود وصالح وشعيب عليهم السلام، ومن الصحابة مالك بن مرارة وغيره. وقد وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من الرها خمسة عشر رجلا وأسلموا بين يديه. ووفد عليه أيضا سنة (10) خمسة عشر فارسا ومعهم عدة هدايا منها فرس اسمه المرواح ثم سماه النبي بحرا لسرعة جريه.
قلت مالك بن مرارة والوفدان وهم من قبيلة الرّها بفتح الراء لا من مدينة الرّها بضم الراء. اه. ثم قال في مشكاة الصفا: ومن آل الأنبياء الرهاويّين سارة زوجة الخليل وربقا زوجة ابنه إسحاق أم يعقوب عليهم السلام وليا وراحيل زوجتا يعقوب وابنة لوط وهي جدة شعيب عليهم السلام ومن التابعين أو تابع التابعين الذين نشؤوا في مدينة الرها زيد
ابن أبي أنيسة وهو من رجال البخاري ومسلم وابن حنبل ويزيد بن سنان الرهاوي ويزيد ابن شجرة الرهاوي (ولهذا حديث لطيف مع معاوية أورده المسعودي في مروج الذهب في أخبار السفاح)(قلت وهذا أيضا من قبيلة الرهاويين لا من بلدة الرها) ويحيى بن أبي أنيسة وهو متروك الحديث ومن العلماء الإمام الحافظ عبد القادر الرهاوي المحدّث الصالح الورع جمع أربعين حديثا وتوفي في الرها سنة 612 وقبره يزار.
ومن علمائها عز الدين بن عبد اللطيف الشيهر بابن ملك صاحب الشروح على المشارق والمصابيح والجمع ومنار الأنوار والعالم العامل زين الدين عبد المؤمن بن عمر بن أيوب الرهاوي صاحب الكرامات والمجاهدات توفي في بدر من الخطة الحجازية سنة 845 والأديب العالم المؤرخ نوعي الرهاوي والعلامة الحاج إبراهيم الرهاوي موطنا البهسنوي مولدا المتوفى سنة 1268 والقدوة المعتقد الحاج نبيه المتوفى سنة 1202 وقبره معروف خارج السور والوالي المشهور الشيخ إبدال محمد أستاذ مقام مولد الخليل المتوفى سنة 1229 والمرشد الصالح دده إبراهيم بن ملا محمد أستاذ المقام المذكور المتوفى سنة 1230 وخادمه الزاهد الدرويش أيوب المتوفى سنة 1239 والشيخ دده عثمان الشهير بدده أفندي شيخ المقام المذكور المتوفى سنة 1300 وغيرهم ممن يطول الشرح بذكرهم.
ومن الشعراء المنسوبين إلى الرّها الأديب البارع الشيخ عمر بن إبراهيم بن سليمان الرهاوي كاتب ديوان الإنشاء المتوفى سنة 777 والشاعر المشهور باسم نابي المتوفى في إسكدار إحدى محلات الآستانة العلية سنة 1124 وقيل توفى في اسكوب. وديوان شعره مطبوع مدون باللغة التركية.
ومن الأمراء الذين نشؤوا بالرّها إبراهيم باشا الشهير بحموي زاده، كان واليا على الرها والرقة وغيرهما. وله بالرها آثار وبنى فيها المدرسة الرضوانية وجامعا على ضفة بركة عين الخليل ووقف عليهما الأوقاف الكثيرة. وأما من تشرّفت الرها بقدومهم من الأنبياء فآدم وإدريس وأيوب على قول والمسيح على رواية. ومن الصحابة: عبد الرحمن بن عوف وأبو عبيدة بن الجراح وعياض بن غنم وجابر بن عبد الله الأنصاري وسعد بن أبي وقاص وخالد ابن الوليد وغيرهم.
ومن العلماء العلامة سعد الدين التفتنازي والعلامة عبد الجبار وغيرهم قدموا مع
تيمور لنك. ومحمد بن حسن الشيباني جاء قاضيا عليها من قبل هارون الرشيد ثم المأمون وإسماعيل بن حماد بن أبي حنيفة النعمان كان قاضيا عليها. وعبد السلام الوابصي أبو الفضل الرقي وكان قاضيا بها وبالرقة وحران وحلب.
ومن السلاطين العظام السلطان سليمان خان الأول قدم عليها في سفره إلى بريز وأمر بتعمير زاوية على ضفة عين الخليل فعمرت ثم خربت ولم يبق لها أثر والسلطان الغازي مراد خان الرابع حين مسيره إلى بغداد لاستنقاذها من أيدي الشيعة وقد اجتمع وهو في الرها بالولي الشيخ علي وشاهد منه بعض الكرامات وأمر له بإقطاع وسمع السلطان بأن أربعة عشر شخصا في الرها يشربون الدخان فأمر بقتلهم فقتلوا عن آخرهم.
وأما العلماء الأحياء الموجودون الآن في هذه المدينة أعني سنة 1310 فمنهم الحاج محمد طاهر بن السيد أحمد الرهاوي الشهير بسراج زاده تولى بالرها منصب الإفتاء مدة ودرس في المدرسة السليمانية المعمورة في جامع يوسف باشا ووعظ في عدة جوامع ومساجد وتولى نقابة أشراف الرّها ورياسة شعبة معارفها. ومنهم الحاج علي السيوركي عالم فنان يقرئ الطلبة في الجامع الذي بناه الحاج ثاقب أفندي. ومنهم الحاج مصطفى حافظ درس بالمدرسة الشعبانية في الرّها ثم في المدرسة التي بنيت على ضفة عين الخليل. ومنهم الحاج رمضان مدرس المدرسة العتيقة التي على ضفة بركة عين الخليل. ومنهم الشيخ محمد بن عمر خوجه أحد مدرسي استانبول.
قلت: ومنهم العلامة الشيخ عبد اللطيف الرهاوي مؤلف كتاب مشكاة الصفا وهو عالم فنان سخي الطبع طلق المحيّا لطيف المداعبة مقبل على الله انتفع بعلومه كثير من سكان الرها وتولى منصب الإفتاء بها بضعة عشر عاما وتوفى في أوائل سنة 1314 في مدينة الرها.
ومن أهل الطرائق الذين كانوا أحياء سنة 1310 في مدينة الرها المرشد حافظ خليل القادري شيخ زاوية مولد الخليل والشيخ عبد القادر الخلوتي وبابا رجب النقشبندي وغيرهم ويوجد فيها عدد من الذين يحسنون الخط وعدد من ذوي المراتب والمناصب العالية منهم حسين باشا ابن الشيخ محمد الخرطوي والحاج محمد بديع الخرطوي ومصطفى بن حسين علمدار ومحمد بك ابن مصطفى الحموي والحاج علي بك الشهير بحسين باشا والحاج محمد باقر أفندي ابن الحاج محمد الشهير بكامل زاده والحاج عثمان أفندي ابن الحاج أحمد كامل