الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي سنة 1303 ظهر في محلة كوثا غار واسع يدخل منه إلى عدة مغاير «1» منحوتة كالبيوت مفروشة بالفسيفساء قد اشتملت على نحو ألف رمّة إنسان تفوق رمم أوادم هذا العصر طولا وضخامة وقد أزيلت كلها واتخذت المغاير مساكن للفقراء.
وفي سنة 1309 ظهر باتصال السور خارجها مغاير أخرى مفروشة بالفسيفساء مشتملة على عدد عظيم من رمم الموتى والتماثيل الحجرية. وعلى حجرة ضخمة طويلة فيها ثمانية رسوم نافرة للرجال والنساء ولرسوم الرجال لحى وفي رؤوسهم كالقرنين ولرسوم النساء أقراط في آذانهن. وبين رسوم الفريقين خطوط ورموز لم يوقف لها في الرها على معنى. وفي قرب هذا الحجر حجر آخر فيه صورة كرمة تدلت عناقيدها. ومن عهد قريب ظهر أيضا قرب دار الحكومة غار مفروش بالفسيفساء فيه عشرة تماثيل حجرية أحدها تمثال رجل له لحية طويلة وحوله عدد من تماثيل البنات وعلى الأرض خطوط سريانية ولما اتصل خبرها بالحكومة صدر الأمر من الآستانة بسد أبوابها وترك ما فيها على ما هو عليه. وموضع هذا الغار في محلة دركزان خارج السور باتصال نهر قره قيون حذاء دار الحكومة وحول هذا الغار نحو ثلاثمائة غار ظهرت حين عمل الطريق وسدت.
مياه مدينة الرّها
وأما مياه الرها فلذيذة جدا، وهي عين الخليل والعين الزرقاء وعين بقربها ونهر الكهريز منبعه جبل قشمر على مسافة ساعتين من الرها فيدخل إليها بعد أن تدور عليه الأرحاء ويتفرع إلى قنى في مبانيها بحيث يسقي نحو النصف منها. وعين أسكي كهريز منبعها جبل شمالي الرها على بعد ساعة منها ويفنى ماؤها في البساتين. وعين دركلي على مسافة ساعة من البلدة تفنى في البساتين أيضا. ونهر جوسق خارج البلدة على بعد نصف ساعة منها يسقي البساتين وبعض مباني البلدة ونهر سلب على بعد ساعتين من الرها يسقي بساتين قرية قره كبرى وتدور به الأرحاء ويجري إلى قرب البلدة فيسقي كثيرا من حقولها.
وبقرب باب حران عين اسمها قره بنا رأي العين السوداء وعلى بعد عشرة «2» ساعات
من الرها عين العروس في ناحية حران على ضفتها مقام خليل الرحمن ومحل زفافه على زوجته سارة فيسقي هذا الماء مسافة عظيمة من الحقول ثم يصب بالفرات شرقي الرقة ونهر جلاب منبعه من أراضي قرية ديب حصار ومنه تشرب عامة قرى هذه الناحية. ونهر آخر في قرية رأس العين من ناحية بوز آباد. وغير ذلك من العيون والأنهار الصغيرة التي يكل القلم عن إحصائها.
وقد اشتهرت الرها بكثرة الغلات والمحاصيل كالحنطة والشعير والعدس والحمّص والسمسم والسمن والصوف والخيول، فإن جميع هذه البضائع بعد أن تكتفي منها الرها يصدر منها إلى غيرها مقدار عظيم. وكانت لغة سكانها بعد تبلبل الألسن سريانية وكلدانية وفي أيام أفريدون زادت فيهم الفارسية ثم في أيام إسكندر زادت الرومية وفي أيام ملوك الطوائف صارت عربية لأنه توطن بها عدة قبائل من ربيعة ومضر وبني مدلج ويقال له مذحج المشهور بمعرفة القيافة. وفي أيام ملوك الفرس الثانية اختلطت لغتهم بالفارسية ثم في أيام الملوك السلجوقية وأولهم ملكشاه زادت في لغتهم التركية ثم في أيام ناصر الدين أحد ملوك الأكراد زادت فيهم اللغة الكردية ثم فشت وعظمت في أيام الأكراد الأيوبية وكثر فيها الأكراد. وفي أيام الدولة العثمانية أمر السلطان وزيره حسين باشا ابن القاضي أن يأتي بثمانين ألف تركماني ويسكنهم في الرها فامتثل أمره وأسكنهم قرب عين العروس ويقال لذلك المكان جلاب التركمان والقلعة البيضاء ومن ثم صارت لغة الرهاويين تركمانية ثم صارت عثمانية إلا أنه يوجد فيهم الآن التركي والعربي والكردي والأرمني كما قدمناه ومعظمهم التركي فالعربي فالكردي فالأرمني.
والعرب القاطنون في الرها وصحرائها هم من عشيرة قيس وينتسبون إلى زين العابدين علي بن الحسين رضي الله عنه وبني محمد وبني يوسف والجميلة والسيالة والطماح وبني عجل وبني نمير وبني حمدان والمعاجلة وآل أبي الحسن والمرابدة ومنيف وفتيت والمغيلات وسجو والشاوي وآل أبي العساف وبني أسد وبني طي والنعيم وينتسبون إلى الحسين وبني زيد وبني كلاب وآل أبي خميس والبقّارة والغول والسليب وغيرهم. ومعظمهم في ناحية حران وجلاب التركمان.