الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في ثبوت الأمانة لأهل الكتاب
قال الزيلعي في الكلام على خبر أهل الكتاب ما خلاصته: إن القرآن العظيم أثبت الأمانة لأهل الكتاب بقوله: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً
فخرجت الآية مخرج الوصف لهم بالأمانة. اه. قال المفسرون: هذه الآية نزلت في اليهود خاصة فأخبر الله عنهم أن فيهم أمانة وخيانة وقسمهم إلى قسمين. والقنطار عبارة عن المال الكثير والدينار عبارة عن المال القليل. يقول الله: منهم من يؤدّي الأمانة وإن كثرت ومنهم من لا يؤديها وإن قلّت.
وقال ابن عباس في هذه الآية: أودع رجل من قريش عبد الله ابن سلام ألفا ومائتي أوقية من الذهب فأداها إليه فذلك قوله تعالى: وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ
. واستودع رجل من قريش فنحاص بن عازوراء دينار فخانه وجحده ولم يؤدّه فذلك قوله تعالى: وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً
. اه.
لهجة أهل حلب في التكلم
نورد هنا نبذة وجيزة في الكلام على لهجة الحلبيين في كلامهم كالنموذج لعلها تروق لدى من يعتني بالعلم الحديث المعروف باسم فلسفة اللغة فنقول:
الحلبي يلفظ الحرف من مخرجه الحقيقي فيلفظ الجيم جيما لا كيما عبرانية ولا شينا ولا زايا، والشين شينا لا سينا، والقاف قافا لا كافا ولا همزة وهكذا بقية الحروف.
غير أن النصارى واليهود يخرجون القاف همزة مرققة في الغالب فيقولون في قارىء مثالا آري. كما أن بعض النصارى ربما أخرجوا التاء طاء فقالوا في ترى مثلا طرى. أو أخرجوا السين صادا فقالوا في ساعة مثلا صاعة. لكن هذا قليل. وقد يخرج اليهود الضاد والطاء بين التاء والدال فقالوا في مثل فضله وأعطني فدله وأعتني. ويوجد بعض من المسلمين الذين يعاملون عرب البادية من يخرج القاف كافا مفخمة فيقولون في قال مثلا: كال.
والإعراب في كلامنا لا وجود له البتة وتوجد فيه الإمالة بكثرة جائزة وممتنعة كقولهم سريج لحيف قيعد نييم، في: سراج لحاف قاعد نائم.
وحرف المضارعة في كلامنا هو الباء نحو بضرب بشرب في أضرب أشرب وهذا البدل ربما أدى إلى هجنة في بعض الكلمات كقول بعضهم أنا بهيم إذا رأيت جميلا وأنا بصل للأكل وأنا بريد السفر يريد أنا أهيم وأصل وأريد. وإذا أسند المضارع للمتكلمين أبدلت الباء ميما وزيدت قبله ألف فقيل امناكل امنشرب امنلبس. والفعل المبنى للمجهول في الثلاثي يطّرد عندنا على وزن انفعل كانضرب وانكرم ولا يوجد في الرباعي مجردا أو مزيدا فيه. والمفعول به يقترن باللام غالبا فيقال ضرب زيد لعمر. ويوجد المفعول المطلق قليلا والمفعول فيه كثيرا. والمفعول معه غير موجود بل هم يلفظون معه بمع يقولون مثلا أمشينا مع الجبل. وقلّ أن يوجد المفعول من أجله بل يعتاضون عنه بأداة تعليل فيقولون مثلا قمنا إمشان تعظيم المعلّم أي لأجل. والحال قليل في كلامهم والأكثر أن يعتاضوا عنه بكلمة عمال يقولون مثلا إجا فلان عمّال بضحك. وهذه الكلمة يستعملونها أيضا في المضارع المراد منه الحال يقولون مثلا فتنا على فلان شفناه عمّال بكتب. والتمييز موجود في كلامهم ومثله الاستثناء ويعتاضون عن نفي الجنس بحدا أو بما في معناها فيقولون مثلا ما في حدا في الجميع أي لا أحد في الجامع. أو يقولون مكان حدا الدومري ولا يستعملون من حروف النداء سوى يا. ويلحقون الفعل ضمير الفاعل، تقدّم عليه أو تأخر، فيقولون اجو الرجيل علينا، جاء الرجال علينا وهذا على حد أكلوني البراغيث.
وليس عندهم من الأسماء الموصولة شيء سوى أنهم يستعلمون كلمة اللي للذكر والمؤنث مفردا أو غيره ويميزون المراد منها بالصلة بعدها فيقولون مثلا اللّي قام اللي قاموا اللي قامت.
وهذه الكلمة تدور في كلامهم على كثرة لأنهم كثيرا ما يعتاضون بها عن التلفظ باسم الفاعل واسم المفعول والصفة المشبهة وهم يعدّون الفعل القاصر بالتضعيف غالبا كقولهم فلان روّح مصاريه أي صرف دراهمه. ولا وجود للذال في كلامهم بل يقلبونها دالا أو يلفظون بها زايا وتاء التأنيث في الأسماء يقلبونها ياء كقولهم فاطمي عاقلي أي فاطمة عاقلة والثاء تاء كقولهم تيني تليت أي ثاني ثالث وربما لفظوها سينا كقولهم في ثم سم ويخرجون الظاء زايا مفخمة كقولهم في ظاهر زاهر أو يقلبونها ضادا كقولهم أدّن الظهر في أذّن الظهر.
وكثير من المتطرفين الذين يعانون اللغة التركية من يلفظ الضاد زايا مفخمة فيقول في مريض مثلا مريز. كما أن بعض المتفرنجين يلفظون القاف كافا فيقول في قرش مثلا كرش حتى إنهم كثيرا ما يخلطون في كلامهم العربي بعض كلمات افرنجية لا عجزا منهم عن أن يأتوا