الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وشيوخ الإسلام وكهنة النصارى واليهود وبعض المتقدمين في السن يلبسون فوق ثيابهم جبة واسعة عريضة الأكمام منتفخة الآباط. والبساتنة والفلاحون والمكاريون «1» وأصحاب الحرف الشاقة يلبسون فوق القنباز عباءة زوقية أو حلبية ضيقة قصيرة الأكمام يبلغ طولها إلى ما دون الركب. وأكثر الممتازين والخاصة يتبعون في ملابسهم الزي الغربي فيلبسون السترة والبنطلون ويستعملون جميع ما يستعمله الفرنج في ملابسهم سوى القبعة فإنهم يعتاضون عنها بالطربوش.
ومنهم من يعتم فوق الطربوش بالشاش الأبيض ويتزيا بالزي الغربي ويلبس فوق ثيابه جبة تضرب ظهر قدميه تعرف باللاطة وهم القضاة وبعض العلماء.
ومنهم من يلبس غير ذلك مما يطول شرحه وهذا كله في الأيام الدافئة أما في الأيام الباردة فيتدثرون بفرى السمّور والثعلب وغيرهما ويلبسون أقمصة الفانيلا والأثواب الصوفية والعامة والفقراء يلبسون تحت القنباز مقطّنات مدربة وفوقه فراء الغنم. هذا أكثر ما يستعملونه من الثياب وأما ما يستعملونه في أرجلهم فقد ذكرناه في صنعة النعال في الكلام على صنائع حلب.
ملابس النساء وأزياؤهم
«2»
أما ملابس النساء فإنهن يستعملن في كل مدة زيا وشكلا من الملبوس الذي يتجدد ظهوره عند نساء الفرنج حتى إن امرأة الغني هي الفائقة غيرها إذا سبقت بقية أقرانها باستعمال الملابس الجديد زيها ومع هذا فإنك كنت تجد المسلمة في غاية من التحجب والتصون قد أسدلت عليها عند خروجها إلى مهامها إزارا يسترها من فرقها إلى قدمها وعلى وجهها منديل رقيق يشف لها عن طريقها ولا يشف عن وجهها. وفي رجليها على الأكثر قندرة تستر كعبها أو خفّ من جلد أسود يعرف باللبجين أو أصفر له ساق إلى الركبة يعرف بالمست قد لبست فوقه نعلا معمولا من الجلد الأصفر يقال له البابوج وكان هذا أقل استعمالا
من القندرة أو تلبس نعلا من الجلد المذكور له ساق قريب من ركبتها يقال له الجزمة وهذا أقل استعمالا من القندرة والبابوج وهو مخصوص بنساء الفلاحين وسكان الحارات المتطرفة. والبابوج مخصوص بنساء بعض الأصناف والمتورعات والقندرة هي النعل العام.
وكانت المسلمة قبل ذلك العصر تأتزر بملاءة سوداء غزلية كثيفة تضعها على رأسها وتسدلها مرسلة من غير أن تشدها على وسطها ثم صارت تستعمل في بعض الأحيان ملاءة بيضاء تشدها من وسطها سرى استعمال ذلك إليها على هذا النمط من نساء أمراء الدولة العثمانية وموظفيها الوافدين على حلب ثم ظهرت الملاءات السود الحريرية أو المقلّمة باللون الأحمر أو غيره ثم المقلمة بالقصب الفضي ثم الحريرية الوردية وغيرها مقلمة وغير مقلمة على ضروب وأشكال في الاستعمال ربما كان بعضها أضرّ وأدعى للافتتان من خروج المرأة متبرجة.
ثم إن الملاءات السود الغزلية لم تزل مستعملة عند نساء بعض الورعين أو نساء الفلاحين وسكان الأطراف.
وكانت نساء النصارى واليهود يستعملن الإزار والنعل كالمسلمات إلا أن الإزار فيهن كان أقصر منه في المسلمات ولم يبق فيهن من تستعمل الأزر القديمة ولا من تستعمل في رجلها غير نوع القندرة وليس من عاداتهن وضع المناديل على وجوههن.
ثم في الأيام الأخيرة ترك أكثرهن الإزار وصرن يبرزن متبرجات بزينتهن باديات السواعد والنحور وأعالي الصدور قد لبسن أثوابا قصيرة تبلغ ركبتهنّ وسترن سوقهن بجوارب صفيقة تشف عنها وانتعلن بأحذية لها كعب طويل يضطر المرأة أن تمشي منكسة الرجل كأنها تمشي على رؤوس أصابعها. على أن كثيرات من المسلمات يجعلن الإزار قصيرا ويسترن سوقهن بهذه الجوارب وينتعلن بالأحذية المذكورة.
وحكى دارفيو في تذكرته أن الحلبيات في زمانه كن يلبسن قلنسوة مصنوعة من الورق المقوى متساوية الأطراف لها بطانة من قماش رقيق مصبوغ بلون من الألوان ولها ظهارة من قماش حريري أو قطني مقلّم بعمل التطريز وكانت هذه القلنسوة تعرف عندهم بالكبنكاية قال وليست العجازة «1» مستعملة عندهن فكنت تراهن مع اعتدال قدودهن سلتا غير مكفلات «2» .
قلت: هذه العجازة معروفة عند العرب وهم يذمون من يستعملها من النسوة ويسمونها منطيقا قال شاعرهم:
والتغلبيون بئس الفحل فحلهم
…
فحلا وأمّهم زلّاء منطيق
وكان النساء يضعن في رقابهن أطواقا من ذهب تعرف بالضفدعة وفي أرجلهن حلقا من فضة لها شناشن تعرف بالخلاخيل. وقد بطل استعمالها الآن واعتاض أهل الثروة عن الضفدعة بقلادة من اللؤلؤ مكونة من عدة حبال يسمونها البغمة. وأما نساء الفقراء فلم يزلن على ضفادعهن وليس لبس القفاز في أيديهن معتادا إلا عند المتفرنجات منهن. وبالجملة فأكثر زي النساء الغنيات في حليهن وملبوسهن كزي نساء الفرنج على السواء.