الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من أسلوبها واستنباطا من تسميتها البلدان والأقاليم وأجناس الناس بأسمائها المذكورة فيها- أنها مما نظم في القرن الرابع أو الخامس. وإليك عناوين فصولها التي تكلم في كل فصل منها عن محاسن ومساوي أمة أو بلدة. وهي بعد خطبتها: (ذكر العرب)(ذكر الفرس)(ذكر أجناس الترك)(ذكر الديلم)(ذكر الأكراد)(ذكر الروم)(ذكر الأرمن)(ذكر الفرنج)(ذكر اللان)(ذكر الهند)(ذكر السند)(ذكر البربر)(ذكر الزرنج)(ذكر أجناس السودان)(ذكر صقع سرنديب)(ذكر خراسان)(ذكر نيسابور)(ذكر أصفهان)(ذكر الري)(ذكر مرو)(ذكر طوس)(ذكر هراة)(ذكر همذان)(ذكر الأهواز)(ذكر مازندران)(ذكر البصرة)(ذكر الكوفة)(ذكر بغداد)(ذكر بابل)(ذكر الموصل)(ذكر الجزيرة)(ذكر نصيبين)(ذكر سنجار)(ذكر حرّان)(ذكر الرّها وماردين وآمد)(ذكر الرافقة)(ذكر الشام)(ذكر منبج)(ذكر حلب)(ذكر حماة)(ذكر شيزر والمعرة)(ذكر حمص)(ذكر دمشق)(ذكر فلسطين)(ذكر مصر)(ذكر المغرب)(ذكر الحجاز)(ذكر اليمن) .
فصل ملحق بما مدحت به حلب
لا يخفى أن البلد إنما يفوق غيره ويفضل عليه بجودة هوائه ومائه، وجمال بنائه وأبنائه، وطيب تربته وحسن بضائعه ورخص أسعاره، وسعة تجارته وعظمه وشرف موقعه وكثرة منتزهاته ومبانيه العلمية والخيرية.
فأما جودة هواء حلب وصحة مناخها فذلك أمر مستفيض اعترف به الأغراب، وأخبر عنه السواح «1» . وفضّلها كثير منهم على هواء أكثر مشاهير البلاد العثمانية. وناهيك دليلا على ذلك نضارة وجوه أهلها، واعتدال أجسامهم ولطف ألوانهم وقلة العاهات والأمراض فيهم، مع تهاونهم بحفظ صحتهم. فلو عددت من فيهم من العمي والصمّ والحدبان والعرج والمقعدين والمجانين والمعتوهين والمصروعين، وغيرهم من ذوي الآفات والزمانات لما زادوا جميعا على واحد في الألف. ومن محاسن حلب أن فتك الأمراض الوبائية فيها أقل منه في
غيرها. والظاهر أن العدوى من حيث هي ضعيفة النكاية في حلب، فقد شاهدنا فيها كثيرا من الناس الذين يلامسون المصابين بأمراض تنتقل بالعدوى ويأكلون ويشربون من آنيتهم ولا يصابون بمرضهم.
وأما ماؤها المركّز في صهاريجها فهو من أعذب المياه وأصفاها وألطفها. ونقل ابن الشحنة عن بعض العلماء أنه فضّل ماء صهاريجها المملوء من قناتها على ماء النيل والفرات.
وفي ماء حلب يقول أبو فراس:
لقد طفت في الآفاق شرقا ومغربا
…
وقلّبت طرفي فيهما متقلبا
فلم أر كالشهباء في الأرض منزلا
…
ولا كقويق في المشارب مشربا
ومن فضل صهاريج حلب أن الغني والفقير في مائها على السواء. وذلك أن الفقير يمكنه أن يشرب في أوقات القيظ كل شربة، ماء عذبا باردا نقيا يتناوله من صهريج بيته أو صهريج محلته المباح للعموم، بخلاف بقية البلاد الكبيرة فإن فقيرها لا يمكنه أن يشرب في إبّان القيظ كل مرة من الماء المذكور، لأنه يحتاج إلى ثمنه أو ثمن الثلج الذي لا يخلو شربه عن الضرر أيضا أو التحليل على تبريده بغير واسطة.
وأما بناؤها فقد جمع بين حسن الظاهر والباطن، فترى الجدار من جهتيه كأنه سبيكة فضة، والقادم على حلب يشاهد صعيدها كأنه مليء بقصور من فضة مموهة بالذهب، وهذا مع إتقانه ومتانته وقلة كلفته. فأما إتقانه فإن كل دار في حلب تصلح أن تكون حصنا في غيرها. وأما قلة كلفته فحسبك أن من يملك نحو ثلاثمائة ذهب تركي، يمكنه أن يعمّر بها دارا كاملة المنافع والمرافق يسكنها ذو أسرة يبلغ عددها سبعة أشخاص. ويتمتع بها هو وأعقابه من بعده مئات من السنين. وكثيرا ما يوجد عندنا دور مضى عليها خمسمائة سنة وهي عامرة آهلة، ربما بقيت خمسمائة سنة أخرى.
والحكمة في إتقان بناء حلب هي لزوجة ترابها المعدّ للبناء وقوة كلسها ومهارة بنائيها وجودة حجارتها. فإنه يوجد في مقاطعها من الحجر الصلد الصلب الذي لا تكاد تعمل فيه المعاول، إلى الحجارة التي يمكن حتّها ونحتها بأدنى كلفة. فما بين هذين النوعين زهاء عشرة أنواع، لكل نوع منها لون ومحل من البناء، كالنحيت المائل للصلابة، والنحيت الهشّ، ولونهما أبيض، واللبن والرخام الأبيض والأصفر والأسود والسماقي والمرمري
وحجر القوف الذي تعمل منه الأرحاء، ولكل نوع منها مقطع خاص به في ضاحية حلب.
والغالب أن تكون الدار المعتبرة عند أكثر قدماء الحلبيين رحبة يسمونها صحنا مفروشة بالرخام الملون، مساحتها عشرون ذراعا في مثلها أو أكثر. في جهتها الجنوبية المتجهة للشمال إيوان، في كل من جانبيه وصدره بيت يعرف بالقبة. وقد يكون فوقه غرفة تعرف بالمربع. وتحته قبو يعرف بالمغارة يهبط إليها بدركات. وتجاه الإيوان حوض يجري إليه الماء من القناة أو من حاصل يملأ من بئر الدار. ووراء الحوض دكة يسمونها مصطبة. وراءها أو في كل من جانبيها حديقة فيها أشجار من الفصيلة العالية الدائمة النضارة والاخضرار، وفوق هذه الدكة عريش جميل الصناعة، عرش عليه الياسمين أو ما هو من فصيلته، وفي كل جهة من بقية جهات الصحن بيوت قائمة على مغاير معدة لحفظ المؤونات.
أما الدور العظيمة القديمة، فالغالب أن تكون جهتها الموجهة إلى الجنوب خالية من الغرف والخلوات، كأنهم كانوا يتحاشون من البناء في هذه الجهة فرارا من حرها في فصل الصيف لأن الشمس تتسلط عليها أكثر من تسلطها على غيرها من بقية الجهات. ثم إن الدار العظيمة قد يكون فوق كل مسكن منها غرفة عالية تعرف بالمربع، سوى البيت القائم في الجهة الغربية الموجهة شرقا، فالغالب خلوّ سطحه عن الغرفة دفعا لمعارضة الهواء الغربي.
وفي الدور العظام القديمة قد تكون الجهة الموجهة جنوبا معمورة بقاعة ذات أواوين وغرف فسيحة الرحاب عالية القباب واسعة العتبة، فيها حويض يعرف بالفسقيّة «1» . وقد يكون في مثل هذه الدار حمام مختص بسكانها، والبعض من هذه الدور يكون فوق إحدى جهاتها عدة غرف. تجاهها مصيف سماوي أو مسقوف يعرف ذلك بالديوانخانة. وفيها ما يكون فيه بيت سقفه قبة مستطيلة معقودة بالقرميد أو الحجر، فيها نحو مائة نافذة صغيرة مسدودة بطاسات من الزجاج الكثيف الملون، يعرف هذا البيت بالثكنة وفيها ما له دار صغيرة تعرف بدار المطبخ معدة للطبخ وسكنى الطباخ والخدم. وهذه الدار كلها يقال لها الحرم. ويتصل بها غالبا دار دونها في العظم وعدد المساكن لها مدخل مختص بها، يقال لها القناق أو الأوطة، معدّة لنزل المسافرين ومجالسة الأحباب وأصحاب المصالح، فترى الرجل عندنا ممتّعا من داره بجنّة دائمة يتنقل فيها في كل فصل إلى ما يلائمه من المساكن. والمرأة المحتجبة تنال
النزهة والنشاط، وهي في دارها الحصينة التي لا تصل إليها عين أجنبي منتفعة منها بأرضها وأسطحتها التي تستعملها حين الحاجة لنشر الحبوب والثياب المغسولة.
وأحسن جهات الدار عندنا هي الجهة الشمالية المفتوحة نوافذها إلى جهة الجنوب، فإن مساكن هذه الجهة تامة المنفعة، تستعمل في جميع فصول السنة، بخلاف الجهة الجنوبية المفتوحة نوافذها للشمال، فإنها غالبا لا تستعمل إلا في فصل الصيف. على أننا لا ننكر محاسن الدور التي تعمر الآن عندنا في ظاهر المدينة على النسق الجديد، إذ تكون كل دار منها قصرا مستقلا ذا طبقات ليس لها سماوي سوى ربض «1» صغير يعرف بالجنينة. يحيط به حائط قصير أو مشبّك من الحديد، كل قصر منها مشرف على جادة عريضة طويلة مستقيمة، قد روعي في بناء كل قصر منها مشاكلة القصر الذي يليه من جهة هندسته ونقوش حجارته، حتى كأن جميع هذه القصور مفرغة في قالب واحد. والمحلات التي بيوتها على هذا النسق، هي مخلة العزيزية ومحلة الجميلية، ومحلة التلل وغيرها من المحلات التي كلها خارج سور البلدة من شماليها وغربيها.
اعتاد الحلبيون قديما أن يجعلوا البيت من الدار مستطيلا يبلغ طوله إلى بضعة عشر ذراعا. وعرضه إلى بضعة أذرع. وبقدر عرضه يكون ارتفاع سقفه. وفي جداره الذي يلي صحن الدار عدة نوافذ تعرف بالشبابيك، فوق كل شباك منها نافذة أصغر منه تعرف بالطاقة. ومن محاسن مباني حلب خاناتها الشهيرة الكثيرة التي ترى كل خان منها يضاهي محلة كبيرة بسعته، وعدد مخادعه ومرافقه ومسجده وحوضه. وهو بحصانته ومنعته يضاهي حصنا منيعا. وكل مخدع من علوه وسفله كأنه دار مستقلة قد اشتمل داخله على مخازن معدة لاحتكار البضائع، وخارجه على حجر معدة لوضع نموذج البضائع وجلوس التّاجر وكتابته ونومه وسكنى خادمه وطبخه واستقبال زبونه وأحبابه. فهو فيه على غاية الراحة والأمن والاطمئنان على ماله ونفسه ودوابه.
ومن محاسن حلب أزقتها وشوارعها فهي وإن لم تكن كلها عريضة مستوية إلا أن جميعها مفروش بالبلاط فرشا مسطحا لطيفا. فتراها في كل فصل من فصول السنة نظيفة بيضاء لا ينغض المارة فيها غبار الصيف ولا وحل الشتاء. على أنها منذ سنة 1300 بدأ
فيها افتتاح جوادّ «1» عظيمة، حتى انفردت الآن بجادّة الخندق التي رأسها من باب حديد بانقوسا وآخرها محطة الشام، وهي جادة مستقيمة تبلغ مسافتها أربعة أميال، قد ازدحم طرفاها بالمباني العظيمة كالدور والفنادق والقهاوي والحوانيت والخانات والمنتزهات مما لا يضاهيها في عمرانها وحسن مناظرها جادة غيرها في بقية الممالك العثمانية.
ومن محاسنها أيضا كثرة أسواقها وإتقان عمارتها وحسن ترتيبها فترى سوقها الكبير المشتمل على زهاء خمسة عشر ألف دكان قد سقف معظمه بالأقبية الحجرية التي لكل مسافة بضعة أذرع منها نافذة للنور والهواء، فهو بارد في الصيف دافىء في الشتاء، ليس للشمس والمطر والعواصف إليه من سبيل، قد اشتمل هذا السوق العظيم على ثنايا ومنعطفات كل ثنية ومنعطف منها تباع فيه بضاعة معلومة. فترى لباعة الجوخ مثلا سوقا، ولباعة الحرير سوقا، ولباعة مال القبان سوقا، ولباعة مال الشام سوقا ولباعة مال استانبول سوقا، وهكذا بقية البضائع المأكولة كاللّحم، والخضر، والبقول، لكل نوع منها سوق أو خان يخصه.
يوجد في مدينة حلب عدد عظيم من الشوارع والأسواق الضيقة التي تغص بأدنى ازدحام. وسبب ذلك ضيق البلد داخل السور عن سكانه في الأيام القديمة. إذ لا يسعهم أن يعمروا خارج السور لاستيلاء الخوف والجزع عليهم إلا أنه مع هذا كان يوجد عدد عظيم من الساحات والفسحات في أكثر أنحاء البلدة وأرجائها، فالظاهر أنهم كانوا يتركونها عمدا لتكون لهم ملجأ ومعتصما إذا دهمهم حادث أرضي أو سماوي كالزلزال والحريق، أو كانوا يتخذونها معتركا في ثوراتهم، أو يجتمعون فيها لسماع أوامر الحكومة وتنبيهاتها، أو ليباع فيها بضاعة معلومة، كالملح، والحطب، أو ليقام فيها أسواق يومية، كسوق يوم الجمعة، وسوق يوم الأحد أو لغير ذلك من الأغراض والشؤون. والله أعلم بحقيقة الحال.
وأما تربتها فحسبك في مدحها ما سبق لنا بيانه في الكلام عليها فلا نعيده هنا. ولمهارة البساتنة عندنا ترى في البستان الواحد عدة طوائف من الغروس والنباتات، لكل طائفة منها محل خاص به. فترى أطراف البستان محفوفة بالأشجار التي يعظم حجمها، كالجوز
والتوت والدلب والصفصاف. والغرض من ذلك كسر سورة الهواء وتنقيته وجذب ما ينبث فيه من الغبار وقاية لبقية الطوائف. ثم ترى أمام هذا السياج صفا من فصيلة الورد، ثم تراه مقسما لعدة حقول، في كل حقل منها نوع من الشجر والنبات، قد رتب على نسق جميل لا يمنع غراسه الشمس والهواء عن غراس بقية الحقول مفروشة أرض الحقل الشجري منها بالبنفسج، إذا بقيت فيه عامة نهارك لا تراك الشمس ولا تصدك كثرة الريح ولا تضرك قلته. ومن خصائص تربة حلب العنب والتين والبطيخ بنوعيه. وسنتكلم على هذه الأنواع في الفصل الذي تكلمنا فيه على نباتات حلب. وبالحقيقة أن جميع فواكه حلب وبقولها وخضرها في منتهى طبقات الجودة سوى قليل منها.
وأما جمال أبنائها فكثيرا ما سمعت من بعض أولي الأنظار النقادة من السّواح «1» والأغراب وسكان القسطنطينية أن جمال حلب أكثر من جمال الروم المشهورة بالجمال.
وقال الدكتور فنديك في كتابه المرآة الوضية في الكرة الأرضية: إن أهل حلب أجمل من جميع سكان البلاد العربية. وترى النساء مع هذه المحاسن البديعة على غاية من العفة والأدب والصيانة والطاعة لأزواجهن، والرضاء باليسير والقناعة بمعايشهن والقيام بخدمة أزواجهن وأولادهن ومنزلهن. ولذلك ربما مضى الشهر ولم يرفع للمحكمة الشرعية دعوى بالطلاق، ومع قلته فإنه لا يصدر إلا من رعاع الناس وغوغائهم. وأما مكارم أخلاق رجالها فحسبك دليلا عليها ما اشتهر عنهم من الميل إلى الغريب والولع بأولي الفضائل.
ومن مزاياهم الحسنة تودّد أهل الملل الثلاث إلى بعضهم، وتبادلهم الصداقة والمحبة وحسن التعامل والمعاشرة مع التزام الحشمة والأدب، وتناصرهم في الغربة ومزيد ألفتهم وحنينهم إلى بعضهم، غير ناظرين إلى اختلاف مللهم ومذاهبهم، وهم في إنفاق المال على أهلهم في حالة متوسطة بين الإسراف والتقتير بحكم آية وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ
. أما إنفاقهم في الولائم والصدقات فلربما اصطنع أحدهم وليمة دعا إليها عشرة أشخاص مثلا لكنه هيأ من الطعام ما يقوم بكفاية مائة شخص. وهم أهل تدبير في معائشهم يحتكر الرجل منهم مؤونة عامه في بيته. فيرفع كل نوع منها في وقته المعين، فلا يبقى محتاجا إلا إلى اللحم الغريض «2» والخضرة والفاكهة الغضّة.
وأما دينهم ومروءتهم فيكفيك بالاستدلال عليهما أن حلب مهما كثرت فيها أسباب الفساد أخيرا، فهي بذلك لم تزل دون بقية البلاد التي تضاهيها بالسعة والثروة. وأهل حلب لأولياء الأمور من أطوع خلق الله تعالى وألينهم عريكة وأقلهم معارضة. حتى قال دارفيو في تذكرته السابق ذكرها: لا يبعد عندي أن تكون هذه المدينة سميت بحلب أخذا من ملاءمة أخلاق أهلها. فكأن شمائلهم الحلب الذي يساغ في الخلق بأدنى كلفة. قلت:
ومن حسن شمائل أهل حلب إقبالهم على أعمالهم وقناعتهم بالارتزاق من تجارتهم وقلة تهافتهم على وظائف الحكومة. والغالب عليهم حسن الخلق وسلامة الصدر من المكر والخديعة وصفاء الألوان وجودة الأفكار ودقة الأنظار، واستعمال الروية وترك العجلة والتهور فيما يبهم أمره وتجهل عاقبته عليهم.
وأما رخص أسعار بضائعها من المأكولات وغيرها قبل الحرب العامة فيغنينا عن إطالة الكلام فيه إيراد نموذج يعرف منه أيضا سعر ما لم نذكره من بقية بضائعها فنقول:
إذا كانت السنة متوسطة أي كانت حالتها دون الخصب وفوق الجدب بيع فيها الشنبل من أعلى أنواع القمح بخمسة وسبعين قرشا. ومن الشعير كذلك بأربعين. ومن العدس بخمسة وستين. وبيع القنطار من الفحم الجيد بمائة وخمسة وعشرين قرشا، ومن الحطب السنديان بسبعين، وبيع الرطل من لحم الضأن المسمّن الجيد الخالص من العظم بخمسة عشر قرشا، ومن زيت الزيتون العذب الصافي والعسل المصفى الأبيض والصابون الحلبي الجيد باثني عشر قرشا. ومن السمن الحديدي الذي لا نظير له في غير حلب بخمسة وثلاثين قرشا، ومن الدبس العينتابي الجيد بثمانية قروش، ومن أعلى أنواع العنب بثلاثة قروش، ومن البطيخ والخيار والمشمش والفاولة والتوت والجانرك والرمان والتفاح والقرع السلاحي والبصل والعجور والبرقوق والإجّاص والخوخ والدرّاقن والسفرجل بقرش ونصف القرش.
وأما منسوجاتها فإن الرجل الفقير كان قبل الحرب العامة يمكنه أن يعمل منها في السنة أربعة أثواب من نسيج حلب، بطانتها من البزّ الفرنجي يصرف عليها ثمانين قرشا تكفيه عامة عامه. أما أجور البيوت والمنازل في حلب فقد كانت في حلب رخيصة جدا لأن الدار المشتملة على أربعة مساكن مع بقية المرافق والمنافع تؤجر عن سنة كاملة في متوسط