المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌38 - رد قول الحافظ الإسماعيلي: - الجامع الصحيح للسيرة النبوية - جـ ٣

[سعد المرصفي]

فهرس الكتاب

- ‌«معالم بدء الوحي في ضوء الكتاب والسنة»

- ‌مقدمة

- ‌حديث بدء الوحي في الميزان

- ‌1 - الحديث:

- ‌2 - مفهوم الوحي:

- ‌والقول الجامع في معنى الوحي اللغوي

- ‌قال القاضي عياض

- ‌وعن الأعمش

- ‌وعن منصور

- ‌قال النووي

- ‌قال القاضي عياض رحمه الله:

- ‌وفي اصطلاح الشرع

- ‌وقد عبّر ابن خلدون عن هذا المفهوم بقوله:

- ‌فالتلقي عن الله تعالى يكون على أنواع:

- ‌3 - ملك الوحي:

- ‌‌‌قال ابن جرير:

- ‌قال ابن جرير:

- ‌وقال الراغب

- ‌قال الشوكاني

- ‌قال ابن جرير:

- ‌قال ابن كثير

- ‌4 - مراتب الوحي:

- ‌الأولى: (الرؤيا الصالحة):

- ‌قال الكرماني

- ‌قال القاضي عياض:

- ‌قال القسطلاني:

- ‌الثالثة: أنه كان يتمثل له الملك رجلاً

- ‌الرابعة: أنه كان يأتيه مثل صلصلة الجرس

- ‌الخامسة: أنه يرى الملك في صورته التي خلق عليها

- ‌السادسة: ما أوحاه الله

- ‌السابعة: كلام الله له منه إليه بلا واسطة ملك

- ‌ذكرها ابن القيّم بقوله

- ‌قال العراقي

- ‌وأما النفث في الروع

- ‌وأما الإلهام

- ‌5 - فلق الصبح:

- ‌وقيل: الفلق:

- ‌وقال ابن حجر

- ‌وقال القسطلاني

- ‌قال القاضي عياض وغيره

- ‌6 - حُبِّب إليه الخلاء:

- ‌قال القسطلاني

- ‌والخلاء

- ‌قال الخطابي

- ‌7 - غار حراء:

- ‌قال العيني

- ‌قال القاضي عياض:

- ‌قال الخطابي

- ‌وقال التيمي:

- ‌وقال الكرماني

- ‌8 - التحنّث:

- ‌قال الكرماني

- ‌قال الخطابي:

- ‌وأقول:

- ‌قال التيمي:

- ‌قال ابن حجر

- ‌وقال ابن الأثير:

- ‌قال عياض:

- ‌وقال ابن هشام

- ‌قال السهيلي:

- ‌9 - الليالي ذوات العدد:

- ‌قال الكرماني

- ‌وقال القسطلاني

- ‌وقال ابن حجر

- ‌قال ابن حجر

- ‌10 - جاءه الحق:

- ‌قال ابن حجر

- ‌11 - " ما أنا بقارئ" ثلاثاً:

- ‌قال القسطلاني

- ‌قال ابن حجر

- ‌12 - " فغطّني حتى بلغ مني الجهد

- ‌قال ابن حجر

- ‌قال النووي

- ‌قال التوربشتي:

- ‌وقال الطيبي:

- ‌قلت:

- ‌قال العراقي

- ‌قال النووي

- ‌13 - يرجف فؤاده:

- ‌قال العيني:

- ‌وقال القسطلاني:

- ‌قال العراقي

- ‌قال النووي:

- ‌14 - " زمِّلوني زمِّلوني

- ‌15 - الرَّوع:

- ‌16 - كلاّ:

- ‌17 - ما يخزيك الله أبداً:

- ‌قال النووي:

- ‌قال ابن حجر:

- ‌18 - وتحمل الكَلّ:

- ‌19 - وتكسب المعدوم:

- ‌20 - وتعين على نوائب الحق:

- ‌21 - فانطلقت به:

- ‌22 - ابن عم خديجة:

- ‌23 - الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانيّة:

- ‌وقد رجح الزركشي

- ‌ونقله ابن حجر وقال:

- ‌وقال الكرماني بعد أن ذكر قول النووي:

- ‌قال ابن حجر:

- ‌24 - يابن عم:

- ‌25 - اسمع من ابن أخيك:

- ‌26 - الناموس الذي نزّل الله على موسى:

- ‌27 - يا ليتني فيها جذعاً:

- ‌28 - إذ يخرجك قومك:

- ‌29 - " أو مُخرجيّ هم

- ‌30 - نعم لم يأت رجل قطّ بمثل مما جئت به إلا عودي:

- ‌31 - وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤزراً:

- ‌32 - لم ينشب ورقة أن توفّي:

- ‌33 - وفتر الوحي:

- ‌34 - أضواء على الأقوال في المراد بالخشية:

- ‌الأقوال في المراد بالخشية:

- ‌أضواء على الأقوال:

- ‌ الجنون

- ‌الكهانة:

- ‌35 - الخشية عند رؤية التباشير:

- ‌36 - جميع الكفار كانوا يرمون رسلهم بالجنون:

- ‌يقول الفخر الرازي

- ‌ويقول الشوكاني:

- ‌37 - رواية في الميزان:

- ‌38 - رد قول الحافظ الإسماعيلي:

- ‌39 - وهم للزرقاني:

- ‌40 - قول القاضي عياض:

- ‌41 - قول النووي:

- ‌42 - رد بلاغ التردي من رؤوس شواهق الجبال:

- ‌43 - البلاغ في الميزان:

- ‌وقال الكرماني

- ‌قال ابن حجر

- ‌44 - رد قول الحافظ الإسماعيلي:

- ‌45 - البلاغ في كتب كثيرة:

- ‌معالم حديث بدء الوحي

- ‌1 - مكانة العلم في رسالة محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌2 - أوّل مراتب النبوّة:

- ‌3 - كمال البشريّة وميلاد الرسالة:

- ‌4 - خصيصة النبوّة الخاتمة:

- ‌5 - تهافت الملاحدة:

- ‌6 - إيمان النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌7 - أم المؤمنين خديجة أعرف بقدر محمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌8 - صدق الحديث:

- ‌9 - صلة الرحم:

- ‌10 - وتحمل الكلّ:

- ‌11 - وتكسب المعدوم:

- ‌12 - وتقري الضيف:

- ‌13 - الإعانة على نوائب الحق:

- ‌14 - أداء الأمانة:

- ‌15 - فراسة الإلهام:

- ‌16 - العلم سرّ الرسالة:

- ‌17 - أهداف الدعوة:

- ‌18 - فترة الوحي:

- ‌19 - موقف الإمام محمَّد عبده:

- ‌20 - بناء صرح الرسالة الخالدة:

- ‌معالم في طريق الدعوة

- ‌1 - القرآن كلام الله:

- ‌ذلكم هو القرآن الكريم:

- ‌وتطالعنا الآيات القرآنيّة:

- ‌ومرة من بعد مرة نبصر فضل الله ورحمته في ختام تلك الآيات:

- ‌2 - {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ}:

- ‌3 - مكانة التوحيد:

- ‌4 - أثر التوحيد:

- ‌5 - السابقون الأوّلون:

- ‌6 - {قُمْ فَأَنْذِرْ}:

- ‌7 - وصايا قرآنيّة:

- ‌بين البخل والسرف:

- ‌كيف عالج القرآن رذيلة البخل

- ‌إنه علاج يتألّف من ثلاثة عناصر:

- ‌الطهر من داء الحرص والشح:

- ‌فريضة الكسب:

- ‌منابع الكسب:

- ‌أهداف الكسب:

- ‌آداب الكسب:

- ‌اختيار الكسب الصالح:

- ‌نظام البذل والإنفاق:

- ‌اختيار مادة العطيّة:

- ‌مقدار العطاء:

- ‌وجوه البذل:

- ‌أسلوب البذل:

- ‌بواعث البرّ والإحسان:

- ‌طهارة القلوب من الغلّ والحسد:

- ‌طهارة القلوب المنحرفة:

- ‌طهارة القلوب من الشرّ والآنانية:

- ‌الوصيّة الأولى:

- ‌الوصيّة الثانية:

- ‌الوصيّة الثالثة:

- ‌الوصيّة الرابعة:

- ‌8 - سياسة الاستسرار:

- ‌9 - قوّة الإيمان:

الفصل: ‌38 - رد قول الحافظ الإسماعيلي:

قلت: لعل هذه الرواية ومثيلاتها، هي التي قصدها الحافظ ابن حجر بقوله: جاء مصرحاً به في عدة طرق، بيد أنه قال: وأبطله ابن العربي وحق أن يبطل!

وهذا البغض -كما أسلفنا- كان واقعاً راسخاً في خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، مركوزاً في فطرته التي فطره الله عليها، وفي التكامل المحمدي منذ طفولته إلى بدء نزول الوحي!

بيد أن البغض في تلك الرواية جاوز موضعه من فطرة رسول الله صلى الله عليه وسلم (1)، واتخذ وضعاً مريباً واهناً في لحظة تاريخيّة من حياة الرسول صلى الله عليه وسلم!

وكيف والرواية نفسها يصيح فيها ملك الوحي جبريل (يا محمد، أنا جبريل، يا محمد، أنا جبريل)؟!

وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبغض الكهّان والكهانة بغضه للأصنام، وهو بغض لم يبغضه شيئاً قط، وهذا واقعه صلى الله عليه وسلم في حياته، فكيف يخشى على نفسه في هذه اللحظة التاريخيّة من حياته أن يكون كاهناً؟!

فضلاً عن أن هذه الرواية بهذا السند قد خالفت الرواية التي معنا، وقد رواها الشيخان وغيرهما -كما سبق- حيث فسرت الخشية بالكهانة، وفي الوقت ذاته ذكرت بغضه صلى الله عليه وسلم للأصنام والكهان!

‌38 - رد قول الحافظ الإسماعيلي:

ولو وقف الحافظ ابن حجر عند نقده لهذا القول، وتأييده لقول أبي بكر ابن العربي في قطع الحكم ببطلانه، لكان الأمر لا يحتاج إلى نظر جديد، بيد أنه

(1) محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1: 378 بتصرف.

ص: 630

-كما أسلفنا- قال: لكن حمله الإسماعيلي على أن ذلك حصل له قبل حصول العلم الضروري له أن الذي جاءه ملك، وأنه من عند الله تعالى!

وحسبنا في بيان مكانة الإسماعيلي، أنه -كما قال الذهبي: الإِمام الحافظ الحجة الفقيه، شيخ الإِسلام، أبو بكر، أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل ابن العباس، الجرجاني، الإسماعيلي، الشافعي، صاحب (الصحيح)، وشيخ الشافعيّة!

وقال: من جلالة الإسماعيلي أن عرف قدر (صحيح البخاري) وتقيد به!

وقال الحاكم: كان الإسماعيلي واحد عصره، وشيخ المحدّثين والفقهاء، وأجلهم في الرئاسة والمروءة والسخاء، ولا خلاف بين العلماء من الفريقين وعقلائهم في أبي بكر (1)!

وقال ابن كثير: الحافظ الكبير -الرحال الجوال، سمع الكثير، وحدّث، وخرّج، وصنف فأجاد، وأحسن الانتقاد والاعتقاد (2)!

وذكره السخاوي فيمن حمل لواء علم الحديث في جرجان (3)، وقال: الحافظ الفقيه الإِمام النظار (4)!

ومع ذلك أقول: كان على الحافظ ابن حجر أن يقف عند تأييده لقول أبي

(1) سير أعلام النبلاء: 16: 292 - 296 (208)، وتذكرة الحفاظ: 3: 948 - 949، والأنساب: السمعاني: 1: 250، والوافي: الصفدي: 6: 13، والمعجم في آسامي شيوخ أبي بكر الإسماعيلي: 1: 156.

(2)

البداية: 11: 298.

(3)

انظر: الإعلان بالتوبيخ: 141.

(4)

انظر: فتح المغيث: 1: 30.

ص: 631

بكر بن العربي، وقوله (وحق له أن يبطل)، ولا يذكر حمل الحافظ الإسماعيلي الذي ذكره؛ لأنه مردود بما عرفنا، ولأن الحافظ ابن حجر لم يرفع للطرق الواردة في هذا القول المردود رأساً، ولم يعبأ بها بحثاً، وهو في ذلك من هو في ميدان البحث العلمي في هذا المجال!

إبطال القول الثاني: أما عن القول الثاني، وهو الهاجس، فقد أبطله الحافظ ابن حجر -كما أسلفنا-، وهو كما قال!

إبطال الثالث والرابع والخامس: أما عن القول الثالث: وهو الموت من شدة الرعب، فقد جعله الحافظ ابن حجر أولى الأقوال بالصواب، وأسلمها من الارتياب، واللذين بعده، وهما: الرابع: وهو المرض (1)، وقد جزم به ابن أبي جمرة، والخامس: وهو دوام المرض!

فقد رد الشيخ عرجون ترجيح الحافظ بعبارة لا نوافقه عليها، حيث قال (2):

وهذه الأقوال التي رجحها الحافظ ابن حجر من أضعف الأقوال الأثني عشر التي ذكرها!

وقال الإمام الصالحي الشامي (3): والخشية المذكورة اختُلف في المراد بها على اثني عشر قولاً: أولاها بالصواب: الموت من شدة الرعب -وهو الثالث- وقيل: المرض -وهو الرابع- وقيل: دوامه -وهو الخامس- وقيل: تعييرهم إياه - وهو الثاني عشر- كما سبق!

(1) انظر: الكواكب الدراري: 24: 95 - 96 بيد أنه أضاف إليه: أو عارضاً من الجن!

(2)

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1: 344.

(3)

سبل الهدى والرشاد في سيرة خير العباد: 2: 241.

ص: 632

السادس والسابع والثامن:

أما عن القول السادس: وهو العجز عن حمل أعباء النبوة، والسابع: وهو العجز عن النظر إلى الملك من الرعب، والثامن: وهو عدم الصبر على أذى قومه، فإنا نرجح القول السادس، قال الكرماني (1): وقالوا: الأولى (خشيت) أي لا أقوى على تحمل أعباء الوحي ومقاومته!

ولأن الروايات بمنطوقها ومفهومها وجو الأحداث، تمثّل هذه الأعباء، وما حفّ بها من شدائد، وما لابد من التعرض له في سبيل قيامه بحق دعوته من عداوة هؤلاء الذين جعلوا من الشرور والمفاسد عدّتهم وعتادهم، وهل يستطيع أن يصبر على ما يلقى من أذى، وهو يبلغ رسالة ربه، وهو يعلم ما عليه قومه من جاهليّة جهلاء، وما عليه غيرهم حين ذهب مع عمه أبي طالب في تجارته إلى الشام، وقصة بحيرى (2)، وقد كان الرسول صلى الله عليه وسلم من الذكاء والفطانة، وإشراق الروح، وضياء العقل، وثقوب الذهن، ورجاحة التفكير، بالمكان الأرفع، ومنذ اللحظة التي جاءه الحق وهو في غار حراء، وما قد حفّ بهذه المفاجأة من شدائد هذا اللقاء التي لا تطيقها طبيعة بشريّة مهما كانت قوتها، كل أمر منها بمفرده حريّ أن يفزع ويرعب أقوى القوى البشريّة، وهي قد اجتمعت على محمد صلى الله عليه وسلم في مفاجآت متتاليات متتابعات، عرف منها أن الله عز وجل اصطفاه رسولاً، ليخرج الناس من ظلمات حياتهم المتراكمة إلى نور الهداية والرشاد.

وفي غمرة ذلك (3)، وقد تيقّن الرسول صلى الله عليه وسلم اصطفاءه للرسالة، واستوعبت

(1) الكواكب الدراري: 24: 96.

(2)

انظر: الجامع الصحيح للسيرة النبويّة: 1: 371 وما بعدها.

(3)

محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم: 1: 304.

ص: 633