الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأنت أنت على خصيصتك في أخصّ أوصافك من نعت (الأميّة) مستعينًا باسم ربّك الخالق المبدع، الذي خلق الإنسان في أحسن تقويم، وهو أعزّ خلقه وأكرمهم، وجعله بما علّمه سيد الحياة المسخّرة له:{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ (5)} [اقرأ 1: 5]!
فكان هذا بيانًا لما طُلب منه مرات، وهو تحصيل حقيقة القراءة، دون نظر إلى الأسباب المألوفة عند القارئين المعلَّمن العالمين، مستعينًا باسم من سبق إليك إحسانه، فربّاك على موائد فضله وإنعامه، ورعاك بكرمه قبل أن يتشرّف الوجود بطلعتك، وهو ربّك الأكرم الذي تجلّت مظاهر أكرميّته في ظلال أسرار رسالتك العليمة المعلّمة، وهو الذي علّم بالقلم من تأهّل بفكره ليكون في زمرة العالمين، وذلك هو الإنسان مُظهرُ الإبداع الإلهيّ الأعظم في الوجود، فقد علّمه ما لم يعلم، وعلّمك أنت، وجعلك مَظهر الإشراق الروحانيّ الأكمل -كما علّم الملأ الأعلى- لتكون أميّتك المظهر الأعظم في إعجاز رسالتك المعلّمة، وجعل علمك بغير قلم مدَدًا لمن تعلّموا بالقلم، تعلّموا ممّا علمت، وهم صفوة الإنسانيّة، بل صفوة الوجود كله، فالتعليم بالقلم أعظم مظاهر الكرم الإلهيّ السابغ، ومن ثمّ كانت المنّة بالتعليم بالقلم أعظم منن الله تعالى على الإنسانيّة في الحياة، وكان الامتنان بها عليه في أوّل ما نزل من القرآن الكريم!
17 - أهداف الدعوة:
ونهض الرسول صلى الله عليه وسلم مستجيبًا لأمر ربّه، مشمّرًا عن عزيمة لا تفل، نهوض من لا يعرف السكون إلا متحفّزًا ليتحرك، ولا يتحرّك إلا وهو يفكّر في
مسالك ما حُمّله من أعباء رسالة، ليس كمثلها رسالة من رسالات من سبقه من الأنبياء والمرسلين!
فالناس كلهم في مشارق الأرض ومغاربها، من دنا منهم ومن بعد، هم أمّة دعوته مكلّف بتبليغ رسالته لهم، واجب عليه أن يدعوهم إلى الإيمان بها ما بلغتهم دعوتها:{وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ} [الأنعام: 19]!
فهو صلى الله عليه وسلم رسول إلى العالمين، منذ اللحظة الأولى لتنزّل رسالته!
ودعوته صلى الله عليه وسلم تستهدف إخراج الناس -كل الناس، بل إخراج الحياة بما فيها ومن فيها- من ظلمات الشرك، وأوضار الوثنيّة، في جميع صورها وأشكالها إلى نور التوحيد، وإخلاص العبادة لله تعالى وحده، مطهّرين في عقائدهم وأفكارهم وتعبّداتهم، نقيّة عقولهم وقلوبهم من دنس مواريث الآباء والأجداد، مصفّاة أرواحهم من ران الشرور والمفاسد .. وإخراجهم من ظلمات التظالم والفساد إلى نور العدل والإصلاح!
ودعوته صلى الله عليه وسلم تستهدف إلى جانب ذلك تخليصهم من رذائل الأخلاق، ليكونوا ربّانيّين في حياتهم وأخلاقهم، متحلّي بالفضائل الإنسانيّة الكريمة، مستقيمي السلوك، خيّرين في أعمالهم!
ودعوته صلى الله عليه وسلم تستهدف تخليصهم من شراسة القسوة الطاغية الباغية التي يصب المتجبّرون في الأرض سياط عذابها على الضعفاء والمستضعفين، اغترارًا بما في أيديهم من لعاعات الدنيا، واستجابة لما في دخائل أنفسهم من شرور الأنانيّة والاستئثار!