الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الاجتماعيّة الخادعة الشرّيرة المفسدة الملحدة، متمثّلة في الشيوعية الفاجرة التي تسوق الشعوب بسياط من بشاعة القسوة والعذاب الذي لا يطاق!
فهذا وإن كان في واقع الإِسلام ومبادئه وشرائعه التي أنزلها الله لتحقيق العدالة الاجتماعيّة، ونصرة المظلوم، وإتاحة العيش الكريم لكل إنسان على أرض الله، لكنه ليس هو واقع السابقين الأوّلين من طلائع المؤمنين بدعوة الإِسلام، فكانوا أوّل من آمن برسالة محمَّد صلى الله عليه وسلم، واهتدوا بهديه، وكانوا اللبنات الأولى في صرح هذا (الدّين القيّم)!
وليس هو واقع الإِسلام في هدايته العامة التي جاءت لهداية الإنسانيّة كلها، وتحريرها من ربقة الشرك والوثنية وإدخالها في حظيرة التوحيد وإفراد الله تعالى بالعبوديّة الخالصة، وتخليصها من ذلّ الظلم الاجتماعي الذي فرضه عليها حفنة من الطغاة البغاة العتاة، فساقوها بسياط الظلم إلى مهاوي العبوديّة لهم، ولما في أيديهم من حطام الدنيا!
6 - {قُمْ فَأَنْذِرْ} :
وبعث الله تعالى محمداً صلى الله عليه وسلم رسولاً إلى العالمين، وأمره بالإنذار العام، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ (4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَلَا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7)} (المدثر)!
وهنا نذكر ما رواه الشيخان وغيرهما عن يحيى قال (1): سألت أبا سلمة:
(1) البخاري: 65 - التفسير (4924)، وانظر (4922، 4923)، والتاريخ الكبير: 1: 312 - 313، ومسلم (161)، وأحمد: 3: 306، 325، 377، 392، والطيالسي =
أيّ القرآن أنزل أوّل؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} ! فقلت: أنبئت أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ! فقال أبو سلمة: سألت جابر بن عبد الله: أيّ القرآن أنزل أول؟ فقال: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} فقلت!: أنبئت أنه: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ! فقال: لا أخبرك إِلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "جاورت في حراء، فلمَّا قضيت جواري هبطت، فاستبطنت الوادي، فنوديت فنظرت أمامي وخلفي، وعن يميني وعن شمالي، فإِذا هو جالس على عرش بين السماء والأرض، فأتيت خديجة، فقلت: دثّروني وصبّوا عليّ ماءً باردًا، وأنزلت عليّ:{يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (3)} (المدثر)!
وحديث بدء نزول الوحي مشهور -كما أسلفنا في حديث بدء الوحي- والمراد بالأوليّة هنا -كما قال ابن حجر (1) - أوليّة مخصوصة بما بعد فترة الوحي، أو مخصوصة بالأمر بالإنذار، لا أن المراد أنها أوليّة مطلقة، فكأن من قال أوّل ما نزل {اقْرَأْ} أراد أوليّة مطلقة، ومن قال إنها {الْمدَّثِّر} أراد بقيد التصريح بالإرسال!
قال الكرماني: استخرج جابر: أول ما نزل: {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ} باجتهاد، وليس هو من روايته!
والصحيح ما سبق في حديث بدء الوحي!
= (1688، 1693)، والطبري: 29: 143، وأبو عوانة: 1: 113، 114 - 115، وأبو يعلى (1948، 1949، 2225)، وأبو نعيم: الدلائل: 1: 278، والبيهقي: الدلائل: 2: 138، 155، 156، والواحدي: أسباب النزول: 295، والترمذي (3325)، والنسائي: الكبرى (11632، 11633)، والتفسير (651)، وابن حبان (34، 35).
(1)
فتح الباري: 8: 678.