الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث التاسع في قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة
المدخل إلى المسألة:
* الجمع بين السور محفوظ من فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل.
* إذا جمع المصلي بين السور في صلاة الليل أهو مقصود لذاته، أم من أجل طول القيام؛ فيترتب عليه طول القراءة تبعًا، بحيث لو قرأ سورة طويلة حصل المقصود، الراجح الثاني.
* لا فرق بين قراءة سورتين أو مقدارهما من سورة طويلة في صلاة النفل.
* قراءة السورتين لا تبلغ الاستحباب حيث لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم بالفريضة، ولا توصف بالكراهة، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم بالنوافل، فكان حكم الجواز هو الأقرب.
* لو كان تعدد السور مقصودًا لذاته لجاء في النصوص ما يدل عليه من الأمر به، والتنبيه على فضله بخصوصه، أو المواظبة عليه.
* اتفق الفقهاء على استحباب سورة كاملة بعد قراءة الفاتحة، ولم يتفقوا على استحباب سورتين لذاتهما.
[م-584] اختلف الفقهاء في هذه المسألة:
فقيل: يجوز مطلقًا في الفرض والنفل، وهو مذهب الحنفية، والحنابلة والشافعية، ورواية عن الإمام مالك، واختاره ابن حزم، وترجم له البخاري في صحيحه، فقال: باب الجمع بين السورتين في ركعة
(1)
.
(1)
. قال في بدائع الصنائع (1/ 206، 207): «ولو جمع بين السورتين في ركعة لا يكره .... والأفضل أن لا يجمع» .
وانظر: شرح معاني الآثار (1/ 348)، فتح القدير (1/ 343)، حاشية ابن عابدين (1/ 546)، نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخيار (5/ 437).
وقال الباجي في المنتقى (1/ 148): «قال مالك: لا بأس أن يقرأ بسورتين وثلاث في ركعة واحدة» =.
=
…
وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ (1/ 307)، شرح البخاري لابن بطال (2/ 390)، الدر الثمين والمورد المعين (ص: 276).
وقال النووي في المجموع (3/ 385): «يجوز أن يجمع بين سورتين فأكثر في ركعة» . وانظر: الأم (7/ 218)، النجم الوهاج (2/ 126)، بحر المذهب للروياني (2/ 178)، التبيان في آداب حملة القرآن (ص: 129)، الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 216)،شرح النووي على مسلم (6/ 107).
صحيح البخاري (2/ 255)، الإنصاف (2/ 99)، الإقناع (1/ 128)، شرح منتهى الإرادات (1/ 192)، الفروع (2/ 181)، الممتع في شرح المقنع للتنوخي (1/ 384).
وقال ابن عبد البر: «ما لم يكن إمامًا يطول على من خلفه»
(1)
.
وقال ابن رجب: «أكثر العلماء على أنه لا يكره الجمع بين السور في الصلاة المفروضة، وروي فعله عن عمر، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وعلقمة، وهو قول قتادة والنخعي ومالك، وعن أحمد في كراهته روايتان
…
»
(2)
.
وقيل: يستحب مطلقًا في الفرض والنفل، نقله البيهقي في مناقب الشافعي، وحكي رواية عن أحمد
(3)
.
وقيل: يكره مطلقًا في الفرض والنفل، حكي قولًا في مذهب الحنابلة، واستغربه صاحب الإنصاف
(4)
.
وقيل: يكره في الفرض دون النفل، وهو قول في مذهب الحنابلة، ومذهب المالكية، قال المالكية: إلا لمأموم في السرية فلا بأس بقراءته سورتين أو أكثر إذا طول إمامه
(5)
.
(1)
. الاستذكار (1/ 426).
(2)
. فتح الباري لابن رجب (7/ 74).
(3)
. فتح الباري (2/ 257).
وقال ابن رجب في شرح البخاري (7/ 79): «ذهب الشافعي -في أحد قوليه- أنه يستحب أن يقرأ سورة مع أم القرآن في الركعات كلها.
ومن أصحابنا من حكاه رواية عن أحمد، وأكثر أصحابنا قالوا: لا يستحب رواية واحدة، وفي كراهيته عنه روايتان».
وقد تضمن هذا النص من ابن رجب حكاية ثلاثة أقوال في مذهب الحنابلة: الاستحباب، والكراهة، وعدم الكراهة، وتعني الجواز. وانظر: المغني (1/ 356)، الهداية (ص: 90).
(4)
. الإنصاف (2/ 99)، الهداية على مذهب أحمد (ص: 90)، المغني (1/ 356)،.
(5)
. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 242)، الشرح الصغير (1/ 325)، شرح الزرقاني على خليل (1/ 359)، لوامع الدرر في هتك أستار المختصر (2/ 97)، الفواكه الدواني (1/ 179)، منح الجليل (1/ 252)، ضوء الشموع شرح المجموع (1/ 350)، التوضيح لمن رام المجموع بنظر صحيح (2/ 34)، مسائل الإمام أحمد وإسحاق رواية الكوسج (2/ 550)، المحرر (1/ 54)، الفروع (2/ 181)، المبدع (1/ 432)، الإنصاف (2/ 99)، المقنع (ص: 53).
قال الدردير: «وكره الاقتصار على بعض السورة على إحدى الروايتين كقراءة سورتين في ركعة في الفرض»
(1)
.
وقال في الفواكه الدواني: «وأما المأموم في السرية فلا بأس بقراءته سورة ثانية إذا طول إمامه»
(2)
.
وقيل: تكره المداومة على ذلك مطلقًا في الفرض والنفل، وهو رواية عن أحمد
(3)
.
وهذه الأقوال دائرة بين الاستحباب والجواز والكراهة، ولم يؤثر قول بالتحريم عن أحد من العلماء.
* دليل من قال: يجوز قراءة سورتين فأكثر في الركعة الواحدة:
الدليل الأول:
قال تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20].
فالآية مطلقة، فما تيسر يشمل السورة كما يشمل السورتين، فأكثر.
* ويعترض على هذا الدليل:
بأن دلالة الأمر تدل على أكثر من الجواز، فالأمر إن لم يدل على الوجوب فلا أَقَلَّ من أن يدل على الاستحباب، فلا يصح الاستدلال بالآية على جواز قراءة السورتين، فإما أن يقال: باستحباب قراءة السورتين، أو يقال: إن الآية ليس فيها دليل على جواز السورتين، فيطلب الاستدلال على الإباحة بغير صيغة الأمر.
* ويرد على هذا الاعتراض:
بأن الأمر بالقراءة يدل على استحباب القراءة في غير الفاتحة، وهذا متفق
(1)
. الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 242).
(2)
. الفواكه الدواني (1/ 179).
(3)
. الفروع (2/ 181)، الإنصاف (2/ 99).
عليه، والأمر بقراءة ما تيسر، يتوجه الاستحباب إلى ما تحصل به سنة القراءة، وأقله آية وأعلاه سورة كاملة كما كان ذلك غالب قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفريضة، وما زاد على السورة فهو زائد على مقدار سنة القراءة، فيحمل على الإباحة، خاصة إذا ضُمَّ هذا الدليل إلى بقية الأدلة الأخرى فإنها تدل بمجموعها على أن قراءة السورتين لا تبلغ الاستحباب حيث لم يفعلها النبي صلى الله عليه وسلم بالفريضة، ولا توصف بالكراهة، وقد فعلها النبي صلى الله عليه وسلم بالنوافل، كما أن القيام في الصلاة مقدار منه ركن في الصلاة لا تصح الصلاة إلا به، وما زاد عليه فهو على الاستحباب، فكذلك القراءة مقدار منه مستحب، وما زاد عليه فهو على الإباحة.
الدليل الثاني:
(ح-1496) روى البخاري ومسلم من طريق عبد الله بن وهب، حدثنا عمرو، عن ابن أبي هلال، أن أبا الرجال: محمد بن عبد الرحمن، حدثه، عن أمه عمرة بنت عبد الرحمن، وكانت في حجر عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم،
عن عائشة: أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بقل هو الله أحد، فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: سلوه لأي شيء يصنع ذلك؟، فسألوه، فقال: لأنها صفة الرحمن، وأنا أحب أن أقرأ بها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أخبروه أن الله يحبه
(1)
.
(ح-1497) وروى البخاري معلقًا، قال: قال عبيد الله: عن ثابت،
عن أنس بن مالك رضي الله عنه، كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء، وكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح: بقل هو الله أحد، حتى يفرغ منها، ثم يقرأ سورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة، فكلمه أصحابه، فقالوا: إنك تفتتح بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بأخرى، فإما تقرأ بها، وإما أن تدعها، وتقرأ بأخرى، فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بذلك فعلت، وإن كرهتم تركتكم، وكانوا يرون أنه من أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر، فقال: «يا فلان، ما يمنعك أن
(1)
. صحيح البخاري (7375)، وصحيح مسلم (263 - 813).
تفعل ما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة فقال: إني أحبها، فقال: حبك إياها أدخلك الجنة
(1)
.
[اختلف فيه في وصله وإرساله، وأعله الدارقطني بالإرسال]
(2)
.
والحديث المرسل مختلف في الاحتجاج به، فاحتج به الحنفية والمالكية، وأحمد في رواية.
وقال الشافعي: ليس بحجة إلا أن يعتضد بمثله، وهو رواية عن أحمد.
وقد اعتضد بحديث عائشة المتفق عليه، فصار حجة على سائر الأقوال.
وجه الاستدلال:
الحديثان يحكيان واقعتين مختلفتين، إحداهما وقعت في الحضر، والأخرى وقعت في السفر، فحديث عائشة المتفق عليه يحتمل أنه كان يختم بسورة الإخلاص في كل ركعة كما في حديث أنس.
ويحتمل أنه كان يختم بها القراءة في آخر ركعة يقرأ فيها.
وعلى التأويل الأول يكون الحديث دليلًا على جواز قراءة السورتين في الركعتين، وعلى التأويل الثاني يكون الحديث دليلًا على جواز قراءة السورتين في ركعة واحدة، وعلى أي الاحتمالين، فالحديث دليل على جواز قراءة سورتين في ركعة واحدة، سواء أكان ذلك يتكرر في الركعة الثانية، أم كان ذلك يقع في إحداهما.
وظاهر الحديث أن ذلك وقع في صلاة الفرض، والنفل مثله.
ودلالة الحديث على الجواز ظاهرة، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أكمل الأمة محبة ومعرفة بصفة الرحمن، ولم يفعل ذلك، ولم يأمر الأمة بفعله.
يقول ابن رجب: «دَلَّ حديث أنس وعائشة على جواز جمع سورتين مع الفاتحة في ركعة واحدة من صلاة الفرض؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يَنْهَهُ عن ذلك.
ويدل على أنه ليس هو الأفضل؛ لأن أصحابه استنكروا فعله وإنما استنكروه لأنه مخالف لما عهدوه من عمل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في صلاتهم؛ ولهذا قال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ما يمنعك أن تفعل ما يأمرك به أصحابك؟)، فدل على أن موافقتهم
(1)
. صحيح البخاري (1/ 155).
(2)
. سبق تخريجه، انظر (ح 1409).
فيما أمروه به كان حسنًا، وإنما اغتفر ذلك لمحبته لهذه السورة»
(1)
.
الدليل الثالث:
(ح-1498) ما رواه أحمد، قال: حدثنا محمد بن جعفر، حدثنا كهمس. ويزيد، قال أخبرنا أبو عبد الرحمن المقرئ: عن كهمس، قال: سمعت عبد الله بن شقيق، قال:
قلت لعائشة: أكان نبي الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الضحى؟ قالت: لا، إلا أن يجيء من مغيبه. قال: قلت: أكان يصلي جالسًا؟ قالت: بعدما حطمه الناس. قال: قلت: أكان يقرأ السُّوَر؟ فقالت: المفصل. قال: قلت: أكان يصوم شهرًا كله؟ قالت: ما علمته صام شهرًا كله إلا رمضان، ولا أعلمه أفطر شهرًا كله حتى يصيب منه، حتى مضى لوجهه. قال يزيد: يقرن، وكذلك قال أبو عبد الرحمن
(2)
.
ورواه أحمد وابن أبي شيبة وابن خزيمة عن وكيع، حدثنا كهمس به، بلفظ: هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السُّوَر في ركعة؟ قالت: المفصل
(3)
.
[صحيح]
(4)
.
(1)
. فتح الباري لابن رجب (7/ 73).
(2)
. مسند إسحاق (1300).
(3)
. المسند (6/ 204)، ومصنف بن أبي شيبة (3702)، وصحيح ابن خزيمة (539).
(4)
. الحديث صحيح، ومداره على عبد الله بن شقيق به، ورواه عن ابن شقيق:
كهمس بن الحسن، وسعيد بن إياس الجريري.
أما رواية كهمس، عن ابن شقيق، فروي مختصرًا وتامًّا.
فرواه بتمامه كل من:
محمد بن جعفر كما في مسند أحمد (6/ 171).
والنضر بن شميل كما في مسند إسحاق (1300) كلاهما عن كهمس به.
وروى بعضه أو طرفًا منه جماعة عن كهمس منهم.
معاذ بن معاذ العنبري كما في صحيح مسلم (76 - 717)، (173 - 1156).
وكيع، كما في مصنف ابن أبي شيبة (3702، 7786، 9750)، ومسند أحمد (6/ 62، 139، 204)، ومسند إسحاق (1301، 1306)، والترمذي في الشمائل (292)، وصحيح ابن حبان (2526).
وأبو أسامة كما في مصنف ابن أبي شيبة (4603)،
ويزيد بن هارون كما في مسند أحمد (6/ 171)، وسنن أبي داود (956)، ومستدرك الحاكم (976)، وحديث السراج (2177، 2311). =
وجه الاستدلال:
قوله: (أكان يقرأ السور، فقالت: المفصل) وظاهر الحديث مطلق، فيشمل الفرض والنفل.
* ويعترض عليه:
بأن الحديث يدل على الاستحباب؛ وليس على الإباحة؛ لأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التعبدية محمولة على الاستحباب إلا أن تكون بيانًا لمجمل واجب.
= وأبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقرئ كما في مسند أحمد (6/ 171)،
وروح بن عبادة، كما في مسند أحمد (6/ 246)، ومستخرج أبي عوانة (3009)،
وخالد بن الحارث كما في المجتبى من سنن النسائي (2184)، وفي الكبرى (2505).
ويحيى بن سعيد القطان كما في صحيح ابن خزيمة (1241).
وعثمان بن عمر، كما في صحيح ابن خزيمة (539)، كلهم رووه عن كهمس، عن عبد الله ابن شقيق، عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها.
وأما رواية سعيد الجريري، عن ابن شقيق:
فرواه يزيد بن زريع، كما في صحيح مسلم (75 - 717) و (115 - 732)، و (172 - 1156)، وسنن أبي داود (1292)، والمجتبى من سنن النسائي (1657، 2185)، وفي الكبرى له (2506، 8144)، وصحيح ابن حبان (2527)، ومستخرج أبي نعيم (1616، 1660)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 88، 689) و (3/ 71).
وإسماعيل بن علية كما في مسند أحمد (6/ 218)، وسنن الترمذي (3657)، وصحيح ابن خزيمة (1241)، ومستخرج أبي نعيم (12620)، وحديث السراج (2177، 2312)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 88)، ومستخرج أبي نعيم (2620).
ويزيد بن هارون كما في مسند أحمد (6/ 218)،، ومستخرج أبي عوانة (1998، 2127)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 689).
وأبو أسامة حماد بن أسامة كما في مستخرج أبي عوانة (2127)، والسنن الكبرى للبيهقي (3/ 71).
وعبد الوهاب بن عطاء، كما في مستخرج أبي عوانة (3010).
وحماد بن سلمة، كما في فضائل الصحابة لأحمد (214)، وصحيح ابن حبان (3580)، ومستخرج أبي نعيم (1616)، والسنة لابن أبي عاصم (1233).
وبشر بن المفضل، كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 88)، كلهم رووه عن سعيد الجريري، عن عبد الله بن شقيق به.
وابن زريع، وابن علية، وبشر بن المفضل وأبو أسامة وحماد بن سلمة كلهم رووا عن الجريري قبل اختلاطه، والله أعلم.
* وأجيب:
بأن المقصود هو طول القراءة؛ لطول القيام، سواء أحصل ذلك بسورة طويلة، أم حصل ذلك بأكثر من سورة، فليس ظاهرًا أنه كان يتقصد تعدد السور لذاتها.
الدليل الرابع:
(ث-370) ما رواه مالك في الموطأ، عن نافع،
أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعًا في كل ركعة، بأم القرآن وسورة من القرآن، وكان يقرأ أحيانًا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة، ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة
(1)
.
[صحيح].
وجه الاستدلال:
بأن فعل ابن عمر رضي الله عنهما يشعر بالجواز، وليس بالسنية؛ لأن قراءة أكثر من سورة في القيام لو كانت سنة متبعة لم يكن هناك فرق بين الصلاة وحده، وبين الصلاة بالناس، ولم أفهم من فعل ابن عمر إلا ما دل عليه حديث أبي هريرة مرفوعًا في الصحيحين: (إذا صلى أحدكم للناس، فليخفف
…
وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)
(2)
.
* دليل من قال: الجمع بين السور سنة مطلقًا:
الدليل الأول:
قال تعالى: {فَاقْرَؤُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20].
فالآية أمرت بقراءة ما تيسير، وما تيسر يشمل السورة كما يشمل السورتين، فأكثر، وأدنى ما يفيده الأمر دلالته على المشروعية، لا على مطلق الجواز.
(1)
. موطأ مالك (1/ 79).
(2)
. رواه البخاري (703) من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،
ورواه مسلم (184 - 467) من طريق معمر، عن همام بن منبه،.
ورواه مسلم (185 - 467) من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ثلاثتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر أبو سلمة قوله: (وإذا صلى وحده
…
إلخ).
الدليل الثاني:
(ح-1499) ما رواه البخاري ومسلم من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا وائل، قال:
جاء رجل إلى ابن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين في كل ركعة
(1)
.
دل الحديث على استحباب جمع السورتين في ركعة واحدة، وهوما يدل عليه لفظ (كان) الدال على الاستمرار، وظاهر الحديث مطلق لم يتقيد بفرض أو نفل.
* وأجيب:
بأن العلماء حملوا ذلك على صلاة الليل، خاصة أن الرجل قال: قرأت المفصل كله الليلة في ركعة، فهو يخبر عن قراءته في صلاة الليل، فاعترض عليه ابن مسعود بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجمع سورتين في ركعة: أي في صلاته بالليل، لتكون المخالفة ظاهرة، فلو كان الرجل فعل ذلك في صلاة الليل، وكان الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في صلاة الفرض، لم تظهر المخالفة؛ لأن القيام في صلاة الليل أطول من القيام في الفرض، وقد أذن الشارع للرجل إذا صلى وحده أن يطيل ما شاء، وإذا صلى بالناس أن يخفف.
قال ابن بطال: «ذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين في كل ركعة، فدل هذا أن حزبه بالليل عشر ركعات، ثم يوتر بواحدة»
(2)
.
وقال ابن رجب: «الظاهر أن حديث ابن مسعود إنما هو في صلاة الليل»
(3)
.
* ورُدَّ هذا الجواب:
على التسليم بأنه محمول على صلاة الليل، فإن استحبابه في النفل دليل على استحبابه في الفرض إلا بدليل، ولا يلزم من قراءة سورتين في الفرض المشقة على الناس؛ لأن الإمام قد يختار القراءة من قصار المفصل، فتحصل سنة التخفيف مع
(1)
. صحيح البخاري (775)، وصحيح مسلم (822).
(2)
. شرح البخاري لابن بطال (3/ 130).
(3)
. فتح الباري لابن رجب (7/ 77).
سنة القراءة بأكثر من سورة.
* ويجاب عن هذا:
لا نسلم بأنه مستحب في النفل، بل وقوعه فيه دليل الجواز؛ لا دليل الاستحباب؛ لأن المقصود هو طول القراءة في صلاة النفل؛ لِطُولِ القيام، سواء أحصل ذلك بسورة طويلة، أم حصل ذلك بأكثر من سورة، فليس ظاهرًا أنه كان يتقصد تعدد السور لذاتها، فلو كان تعدد السور مقصودًا لذاته لجاء في النصوص ما يدل عليه من الأمر به، والتنبيه على فضله بخصوصه، أو المواظبة عليه، فالفقهاء اتفقوا على استحباب تقصد سورة كاملة؛ لكونه غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، ولم يتكلموا على استحباب تقصد السورتين لذاتهما.
الدليل الثالث:
(ح-1500) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني أبو الزبير،
عن جابر رضي الله عنه، قال: قال الرسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصلاة طول القنوت
(1)
.
ورواه مسلم من طريق أبي معاوية، عن الأعمش، عن أبي سفيان عن جابر
(2)
.
(ث-173) وروى ابن أبي شيبة، حدثنا عبد الله بن نمير، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع،
عن ابن عمر أنه كان لا يقنت في الفجر، ولا في الوتر، فكان إذا سئل عن القنوت، قال: ما نعلم القنوت إلا طول القيام وقراءة القرآن
(3)
.
[صحيح].
وقال جماعة من المفسرين: أصل القنوت القيام، ومنه القنوت في الوتر؛ لأنه دعاء المصلي قائمًا
(4)
.
(1)
. صحيح مسلم (164 - 756).
(2)
. صحيح مسلم (165 - 756).
(3)
. مصنف ابن أبي شيبة (6945).
(4)
. تفسير الثعلبي (1/ 264)، الهداية إلى بلوغ الغاية لأبي محمد مكي بن أبي طالب القرطبي (2/ 1011)، تفسير البغوي (1/ 141)، تفسير السمعاني (1/ 130)، تفسير القرطبي (2/ 86) و (3/ 214)، البحر المحيط في التفسير (1/ 569)، المنتقى للباجي (1/ 281)، شرح النووي على مسلم (4/ 200).
ويطلق على الطاعة والانقياد، كما في قوله تعالى:{يَامَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ} [آل عمران: 43].
ومنه قوله تعالى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِّلَّهِ} [النحل: 120].
ويطلق القنوت على السكوت، كقول زيد بن أرقم: كنا نتكلم في الصلاة حتى نزل قوله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238]، فأمسكنا عن الكلام والدعاء.
وحكى ابن عبد البر الإجماع على أن القنوت في حديث جابر طول القيام، قال في الاستذكار: لا خلاف نعلمه عند أحد في ذلك»
(1)
.
وجه الاستدلال:
إذا كان أفضل الصلاة طول القيام، وكان طول القيام يستلزم طول القراءة، وكان واقع كثير من الناس لا يحفظ السور الطوال، فلا قدرة له على إطالة القيام إلا بتكرار السور القصيرة، فالقول بالكراهة سوف يحرمه هذا الفضل.
* وأجيب:
إذا قلنا: المطلوب طول القيام، فإن ذلك يحصل بقراءة سورة طويلة، فلا يكون الاستحباب متوجهًا للعدد، وإنما لمقدار القراءة، نعم إذا كان لا يحفظ من السور الطوال، فهنا يتوجه القول باستحباب القراءة بسورتين لا لذاتهما، وإنما لتحصيل طول القيام.
الدليل الرابع:
(ث-372) روى ابن أبي شيبة في المصنف، حدثنا أبو معاوية، عن الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن حصين بن سبرة، قال:
صليت خلف عمر فقرأ في الركعة الأولى بسورة يوسف، ثم قرأ في الثانية بالنجم، فسجد، ثم قام، فقرأ:{إِذَا زُلْزِلَتِ الأَرْضُ زِلْزَالَهَا}
(2)
.
[صحيح]
(3)
.
(1)
. الاستذكار (2/ 180).
(2)
. المصنف (3564).
(3)
. أبو معاوية من أثبت أصحاب الأعمش، والأعمش مكثر عن إبراهيم التيمي، فلا تضر عنعنته على القول بأنه مكثر من التدليس، وعنعنته مؤثرة.
ولم يتفرد به أبو معاوية، فقد تابعه الثوري، وابن عيينة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد رواه عبد الرزاق (2724)، ومن طريقه المستغفري في الفضائل (1350)، عن الثوري، وابن عيينة،
ورواه عبد الرزاق (5882) عن الثوري وحده.
ورواه الطحاوي (1/ 181) من طريق جرير بن حازم، ثلاثتهم عن الأعمش به.
وحصين بن سبرة، له إدراك، وسمع من عمر، ولم يَرْوِ عنه أحد إلا التيمي، وليس له إلا هذا الأثر، وجاء ذكره عرضًا في حديث لصحيح مسلم.
قال البخاري كما في التاريخ الكبير (3/ 5)، وأبو حاتم كما في الجرح والتعديل (3/ 192): روى عن عمر، روى عنه إبراهيم التيمي، ولم يذكرا فيه جرحًا، ولا تعديلًا.
وقال يحيى بن معين: ثقة، وكذا قال العجلي، وذكره ابن حبان في الثقات (2264)، ولم يتفرد بهذا الأثر مما يدل على ضبطه له.
وقد اختلف فيه على التيمي:
فرواه الأعمش، عن إبراهيم التيمي، عن حصين بن سبرة، صليت خلف عمر، كما سبق.
وخالفه الحكم بن عتيبة، فرواه عن إبراهيم التيمي، عن أبيه، أنه صلى مع عمر.
رواه علي بن الجعد كما في البغويات (182)،
والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 181) من طريق أبي الوليد، كلاهما عن شعبة، عن الحكم، عن إبراهيم التيمي، عن أبيه:(زيد بن شريك)، أنه صلى مع عمر رضي الله عنه صلاة الفجر، فقرأ في الركعة الأولى بسورة يوسف، ثم قرأ في الركعة الثانية بالنجم، ثم سجد، ثم قام: فقرأ إذا زلزلت الأرض زلزالها. واللفظ للأول.
والأعمش من أصحاب إبراهيم التيمي مكثر عنه، ومقدم على الحكم فيه ويحتمل أن يكون إبراهيم التيمي سمعه من أبيه، وسمعه من حصين بن سبرة.
الطريق الثاني: عن أبي هريرة أن عمر.
رواه مالك، واختلف عليه فيه:
فرواه يحيى بن يحيى الليثي، كما في الموطأ من روايته (1/ 206)، ومن طريقه رواه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (549).
والشافعي كما في مسنده (ص: 213)، وفي الأم (7/ 212)، وفي معرفة السنن والآثار (3/ 242)، كلاهما، عن مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، أن عمر بن الخطاب قرأ بالنجم إذا هوى فسجد، ثم قام، فقرأ بسورة أخرى.
ليس فيه أبو هريرة، وهذا مقطوع.
وخالفهما: عبد الرزاق كما في المصنف (5880)،
وأبو مصعب الزهري كما في الموطأ من روايته (1/ 102)، ومن طريقه المستغفري في فضائل القرآن (2/ 829)،
وعثمان بن عمر كما في شرح معاني الآثار (1/ 356). =
* دليل من قال: تجوز في النفل، وتكره في الفرض:
الدليل الأول:
(ح-1501) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد بن الأحنف، عن صلة بن زفر،
= ومحمد بن الحسن، كما في الموطأ من روايته (97)
وابن بكير، كما في سنن البيهقي (2/ 88، 446)، خمستهم رووه عن مالك، عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
وتابع مالكًا في ذكره أبا هريرة في إسناده كل من:
يونس بن يزيد كما موطأ عبد الله بن وهب (372)، وفي جامعه (374)، وشرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 355)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 457)، والخلافيات له (2161).
ومعمر كما في مصنف عبد الرزاق (5880) روياه عن ابن شهاب، عن الأعرج، عن أبي هريرة.
فكان ذكر أبي هريرة محفوظًا في الإسناد، والله أعلم.
قال الدارقطني في العلل (2/ 94): «هو حديث يرويه مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة. واختلف عن مالك:
فرواه جويرية، وابن نافع، ومحمد بن الحسن، ومعن، وعبد الرزاق عن مالك متصلًا.
ورواه جماعة من أصحاب الموطأ، عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج أن عمر، لم يذكروا فيه أبا هريرة.
ورواه معمر، ويونس، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة، عن عمر وهو الصواب.
وحدث به عمر بن شبة، عن أبي عاصم عن مالك، عن الزهري، عن الأعرج، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ووهم في رفعه وإنما هو حديث عمر».
الطريق الثالث: عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: صلى بنا عمر.
رواه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 181)، من طريق أبي الأحوص، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال: صلى بنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بمكة صلاة الفجر، فقرأ في الركعة الأولى بيوسف حتى بلغ {وابيضت عيناه من الحزن فهو كظيم} [يوسف: 84] ثم ركع، ثم قام فقرأ في الركعة الثانية بالنجم فسجد، ثم قام فقرأ {إذا زلزلت الأرض زلزالها} ورفع صوته بالقراءة، حتى لو كان في الوادي أحد لأسمعه.
وهذا الطريق له أكثر من علة، إحداها: عبد الرحمن بن أبي ليلى أدرك عمر ولم يسمع منه.
قال أبو حاتم: لم يصح لعبد الرحمن بن أبي ليلى سماع من عمر. المراسيل (125).
وقال الدارقطني في السنن (2/ 121): لم يدرك عمر.
وسئل يحيى بن معين، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن عمر، قال: لم يره، فقلت له الحديث الذي يروى، قال: كنا مع عمر رضي الله عنه نتراءى الهلال؟ فقال: ليس بشيء. المراسيل (451).
كما أن أبا الأحوص لا يدرى أسمع من أبي إسحاق قبل تغيره أم بعده.
عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، فقلت: يصلي بها في ركعة، فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء، فقرأها، ثم افتتح آل عمران، فقرأها، يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مر بسؤال سأل، وإذا مر بتعوذ تعوذ .... الحديث
(1)
.
وهذا الدليل يدل على الاستحباب، وليس على مطلق الجواز؛ لأن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التعبدية محمولة على الاستحباب إلا أن يقال: إن المقصود من هذا الفعل ليس تكرار السور، وإنما المستحب طول القيام، فكانت القراءة تبعًا له.
ولأن هذا الفعل ليس هو الغالب على فعل النبي صلى الله عليه وسلم؛ فقد نقل ابن مسعود في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرن بين النظائر: من المفصل عشرين سورة، كل سورتين في ركعة، على ترتيب ابن مسعود رضي الله عنه
(2)
، وحديث حذيفة قرأ ما يزيد على مقدار المفصل كله في ركعة واحدة.
وقد يقال: ما جاز في النفل جاز في الفرض إلا بدليل، ولم يَأْتِ دليل يخص هذا الفعل بالنفل، أو ينهى عن فعله في الفرض، والأصل أنهما عبادتان من جنس واحد، ولا يلزم من جمع السورتين إطالة القيام في الفرض، والأصل فيها التخفيف، فقد يجمع السور من قصار المفصل، المهم أن يراعي في الصلاة مقدار القيام المشروع فيها، سواء أقرأ فيه سورة أم قرأ فيه أكثر من ذلك.
الدليل الثاني:
(ح-1502) ما رواه البخاري ومسلم من طريق شعبة، عن عمرو بن مرة، قال: سمعت أبا وائل، قال:
جاء رجل إلى ابن مسعود، فقال: قرأت المفصل الليلة في ركعة، فقال: هَذًّا كَهَذِّ الشِّعْرِ، لقد عرفت النظائر التي كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرن بينهن، فذكر عشرين سورة من المفصل، سورتين في كل ركعة
(3)
.
والظاهر أن هذا كان في صلاة الليل.
(1)
. صحيح مسلم (203 - 772).
(2)
. صحيح البخاري (775)، وصحيح مسلم (822).
(3)
. صحيح البخاري (775)، وصحيح مسلم (822).
* دليل من قال: يكره الجمع بين السور في ركعة واحدة:
الدليل الأول:
أن المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم قراءة سورة واحدة في الركعة في الفرض وفي السنن الرواتب، وما وقع من النبي صلى الله عليه وسلم في قراءة سورتين فهو محمول على بيان الجواز، وليس لبيان الأفضل، وعليه فيكره الجمع بين السور.
الدليل الثاني:
(ح-1503) ما رواه أحمد، قال: حدثنا أبو معاوية، وعبدة، قالا: حدثنا عاصم، عن أبي العالية، قال: حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: أعطوا كل سورة حظها من الركوع والسجود.
[صحيح].
* دليل من قال: تكره المداومة على الجمع بين السور:
غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته قراءة سورة كاملة، خاصة في الفرض، وفي النوافل المعينة، كالسنن الرواتب، والسنة فيما فعله أحيانًا وتركه أحيانًا ملازمة هديه، فالمداومة على الجمع بين سورتين مخالف لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، فيكون مكروهًا.
* الراجح:
أرى أن أقوى الأقوال القول بجواز الجمع بين السورتين مطلقًا خاصة إذا صلى الإنسان وحده، أو صلى في جماعة ولم يترتب على الجمع بين السورتين مشقة على الجماعة بطول القيام؛ لأن صلاة الجماعة الأصل فيها التخفيف، ويستحب الجمع بين السور أحيانًا في صلاة الليل؛ خاصة إذا توقف عليها طول القيام؛ لأنه مشروع في صلاة الليل، والله أعلم.
* * *