المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة

- ‌الفرع الأول في قراءته ما زاد على الجهرية

- ‌الفرع الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة في السرية

- ‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

- ‌المبحث الرابع في أقل ما تحصل به السنة من القراءة بعد الفاتحة

- ‌المبحث الخامس في قراءة السورة قبل الفاتحة

- ‌المبحث السادس

- ‌فرع في مقدار التفاوت بين الركعة الأولى والثانية في القراءة

- ‌المبحث السابع في إطالة الركعة الثانية على الأولى

- ‌المبحث الثامن في القراءة من أواسط السور وأواخرها

- ‌المبحث التاسع في قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

- ‌المبحث العاشر في تكرار السورة الواحدة في ركعتين

- ‌الفصل الثالث في مقدار القراءة في الصلوات الخمس

- ‌المبحث الأول في تقسيم سور القرآن إلى طوال ومئين ومثان ومفصل

- ‌المبحث الثاني في تحديد بداية المفصل

- ‌المبحث الثالث في تحديد طوال المفصل وأوسطه وقصاره

- ‌المبحث الرابع في مقدار القراءة المستحبة في صلاة الصبح

- ‌فرع في استحباب قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

- ‌المبحث الخامس في مقدار القراءة في صلاة الظهر

- ‌المبحث السادس في مقدار القراءة في صلاة العصر

- ‌المبحث السابع في مقدار القراءة في صلاة المغرب

- ‌المبحث الثامن قدر القراءة من بالمغرب من السور الطوال

- ‌المبحث التاسع قدر القراءة في صلاة العشاء

- ‌الفصل الرابع في الأحكام العامة المتعلقة بالقراءة

- ‌المبحث الأول الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌الفرع الأول الجهر والإسرار بالصلاة المؤداة

- ‌الفرع الثاني في الإسرار في الصلاة الفائتة

- ‌الفرع الثالث حكم الجهر والإسرار في موضعه

- ‌المسألة الأولى حكم الجهر والإسرار بالقراءة للإمام

- ‌المسألة الثانية حكم الجهر والإسرار بالقراءة للمنفرد

- ‌المسألة الثالثة حكم الجهر بالقراءة للمأموم

- ‌المسألة الرابعة حكم جهر المرأة بالقراءة

- ‌الفرع الرابع في أقل الجهر وأعلاه

- ‌المسألة الأولى في أقل الجهر

- ‌المسألة الثانية في أعلى الجهر

- ‌الفرع الخامس في جهر بعض المصلين على بعض

- ‌الفرع السادس الجهر ببعض الآيات في الصلاة السرية

- ‌المبحث الثاني في السؤال عند آية الوعد والتعوذ عند آية الوعيد

- ‌المبحث الثالث في حكم قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة

- ‌المبحث الرابع في القراءة الشاذة

- ‌الفرع الأول في تعريف القراءة الشاذة

- ‌الفرع الثاني الصلاة بالقراءة المخالفة لرسم المصحف

- ‌الفرع الثالث في الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام

- ‌الفرع الرابع في الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

- ‌المبحث الخامس في القراءة من المصحف

- ‌الفرع الأول القراءة من المصحف خارج الصلاة

- ‌الفرع الثاني في القراءة من المصحف بالصلاة

- ‌الباب السابع في أحكام الركوع

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرات الانتقال ومنه التكبير للركوع

- ‌الفصل الثانيفي حكم الركوع

- ‌المبحث الأول يرفع يديه للركوع والرفع منه دون القيام من الركعتين

- ‌المبحث الثاني في وقت ابتداء التكبير

- ‌المبحث الثالث في مد تكبيرات الانتقال لتستوعب جميع المحل

- ‌الفصل الرابع في صفة الركوع

- ‌المبحث الأول في الصفة المجزئة

- ‌المبحث الثاني في صفة الركوع الكامل

- ‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

- ‌الفرع الثاني إذا نوى بالانحناء غير الركوع

- ‌المبحث الثالث في مد الظهر ومجافاة المرفقين عن الجنبين

- ‌المبحث الرابع وجوب الطمأنينة في الصلاة

- ‌الفصل الخامس في أذكار الركوع والسجود

- ‌المبحث الأول حكم التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثالث في زيادة (وبحمده) مع التسبيح

- ‌المبحث الرابع أقل ما تحصل به سنة التسبيح

- ‌المبحث الخامس أعلى الكمال في تسبيح الركوع والسجود

الفصل: ‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

المدخل إلى المسألة:

* أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بتعظيم الله في الركوع ولم يعلق ذلك بقدر معين، ولا بصيغة معينة.

* كل ما صح في السنة من تعظيم وتحميد، وتسبيح، وتهليل وتقديس فهو مشتمل على التعظيم المأمور به، وتحصل بفعله السنة.

* التسبيح فرد من أنواع كثيرة، ولا يتعين التعظيم بالتسبيح.

* ربما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح كله إلى التعظيم بغير التسبيح كحديث علي في مسلم: وإذا ركع قال: اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي، فما ذكره عَلِيٌّ مقتصرًا عليه كالاستفتاح، وأذكار الركوع والسجود، فظاهره صحة الاكتفاء به، والاقتصار عليه.

[م-627] اختلف العلماء في التسبيح هل له صيغة معينة:

فقيل: يتعين التسبيح بلفظ: (سبحان ربي العظيم) في الركوع، وفي السجود (سبحان ربي الأعلى)، وهذا قول الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة

(1)

.

(1)

. بدائع الصنائع (1/ 208)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 51)، العناية شرح الهداية (1/ 298)، البحر الرائق (1/ 333)، حاشية ابن عابدين (1/ 494)، الأم (1/ 133)، الحاوي الكبير (2/ 119)، المهذب (1/ 143)، فتح العزيز (3/ 390)، المجموع (3/ 411)، روضة الطالبين (1/ 250)، تحفة المحتاج (2/ 61)، مغني المحتاج (1/ 365)، نهاية المحتاج (1/ 499)، كفاية النبيه (3/ 170)، المغني لابن قدامة (1/ 361)، الكافي (1/ 250)، الفروع (2/ 196)،شرح الزركشي على الخرقي (1/ 556)، المبدع (1/ 395)، الإنصاف (2/ 60)، الإقناع (1/ 120)، شرح منتهى الإرادات (1/ 194).

ص: 571

قال في الفروع: ويتعين سبحان ربي العظيم خلافًا لمالك

(1)

.

وقيل: لا يتعين التسبيح بلفظ معين وهو مذهب الإمام مالك، ورجحه إسحاق، واختاره ابن تيمية

(2)

.

قال مالك في قول الناس في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده، وفي السجود: سبحان ربي الأعلى، قال: لا أعرفه، وأنكره، ولم يَحُدَّ فيه دعاء موقوتًا

(3)

.

ونقله ابن يونس عن المدونة في الجامع، وزاد: ولم يكره التسبيح في الركوع

(4)

.

وقال زروق في شرح الرسالة: التسبيح مستحب، والتعيين غير لازم، ثم فسر قول مالك في المدونة بأنه معنى قول الشيخ، وليس في ذلك توقيت قول، ولا حد في اللبث

(5)

.

وقال إسحاق: يجزئ كل ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من تسبيح، وذكر، ودعاء، وثناء

(6)

.

وقال ابن تيمية: والأقوى أنه يتعين التسبيح إما بلفظ (سبحان) وإما بلفظ (سبحانك) ونحو ذلك .... وقد نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: (سبحان ربي العظيم) و (سبحان ربي الأعلى)، وأنه كان يقول:(سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي) و (سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت)، وفي بعض روايات أبي داود (سبحان ربي العظيم وبحمده)

وفي صحيح مسلم عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه وسجوده: (سبوح قدوس رب الملائكة والروح) وفي السنن أنه كان يقول: (سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة). فهذه كلها تسبيحات

(7)

.

* حجة الجمهور على تعين التسبيح بلفظ معين:

الدليل الأول:

(ح-1682) ما رواه مسلم من طريق الأعمش، عن سعد بن عبيدة، عن المستورد ابن الأحنف، عن صلة بن زفر،

(1)

. الفروع (2/ 196).

(2)

. المدونة (1/ 168)، التهذيب في اختصار المدونة (1/ 238)، الجامع لمسائل المدونة (2/ 508).

(3)

. المدونة (1/ 168).

(4)

. الجامع لمسائل المدونة (2/ 508).

(5)

. شرح زروق على الرسالة (1/ 224).

(6)

. فتح الباري لابن رجب (7/ 182).

(7)

. مجموع الفتاوى (16/ 115).

ص: 572

عن حذيفة، قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فافتتح البقرة، فقلت: يركع عند المائة، ثم مضى، وفيه:

ثم ركع، فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلًا قريبًا مما ركع، ثم سجد، فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبًا من قيامه

(1)

.

* ونوقش:

الحديث دليل على مشروعية التسبيح بهذه الصيغة، ولا دلالة فيه على أن هذه الصيغة متعينة.

الدليل الثاني:

(ح-1683) ما رواه أحمد، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن، حدثنا موسى يعني -ابن أيوب الغافقي- حدثني عمي إياس بن عامر، قال:

سمعت عقبة بن عامر الجهني، يقول: لما نزلت {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيم} [الواقعة: 74]، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: اجعلوها في ركوعكم، فلما نزلت {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} [الأعلى: 1]، قال: اجعلوها في سجودكم

(2)

.

[منكر]

(3)

.

* ونوقش:

بأن دلالته صريحة على وجوب هذه الصيغة، إلا أن الحديث لا يصح.

الدليل الثالث:

(ح-1684) ما رواه أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا ابن أبي ذئب، عن إسحاق ابن يزيد الهذلي، عن عون بن عبد الله،

عن ابن مسعود، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في ركوعه ثلاث مرات: سبحان ربي العظيم فقد تم ركوعه وذلك أدناه. ومن قال في سجوده ثلاث مرات: سبحان ربي الأعلى فقد تم سجوده وذلك أدناه

(4)

.

(1)

. صحيح مسلم (203 - 772).

(2)

. المسند (4/ 155).

(3)

. سبق تخريجه، انظر (ح 1676).

(4)

. مسند أبي داود الطيالسي (347).

ص: 573

[منقطع، ورفعه منكر، والمعروف وقفه على ابن مسعود من فعله]

(1)

.

* ونوقش:

لو صح لكان فيه دليل، لكن المرفوع لا يصح، والموقوف لا دلالة فيه على تعيين صيغة معينة للتسبيح.

الدليل الرابع:

(ح-1685) ما رواه البزار، قال: حدثنا محمد بن صالح بن العوام، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة، عن أبيه، عن جده،

عن أبي بكرة، رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثًا، وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثًا.

قال البزار: «هذا الحديث لا نعلم أحدًا يرويه عن أبي بكرة إلا من هذا الوجه بهذا الإسناد، وعبد الرحمن بن بكار معروف نسبه صالح الحديث»

(2)

.

[ضعيف]

(3)

.

(1)

. سبق تخريجه في المسألة السابقة.

(2)

. مسند البزار (3686).

(3)

. قال الهيثمي في مجمع الزوائد (2/ 128): رواه البزار والطبراني في الكبير

ثم نقل كلام البزار.

ولم أجده في الطبراني، ولعله في الجزء المفقود.

والحديث إسناده ضعيف، فيه عبد الرحمن بن بكار، لم أقف على من ترجمه، ففيه جهالة. وبكار بن عبد العزيز، ذكره البخاري في التاريخ الكبير، فلم يذكر فيه شيئًا. (2/ 122)، وقال البخاري كما في ترتيب علل الترمذي الكبير: مقارب الحديث.

وقال ابن معين: ليس بشيء.

وقال أبو داود: ليس بذاك.

وقال البزار كما في كشف الأستار (267): ليس به بأس.

وقال ابن عدي: أرجو أنه لا بأس به، وهو من جملة الضعفاء الذي يكتب حديثهم. الكامل (2/ 219).

وفي اللسان (5/ 195): حديثه غير محفوظ، ومشاه بعضهم. اهـ

وقال المعلمي: «

بكار ضعيف، وأبوه لم يوثق توثيقًا معتبرًا».

و استشهد به البخاري في صحيحه، تهذيب الكمال (4/ 202).

وقال الذهبي: فيه لين، كما في الكاشف (620).

وشيخ البزار محمد بن صالح بن العوام قال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/ 233) لم أجد من ترجمه. اهـ إلا أن يكون المذكور في تاريخ بغداد (5/ 361) باسم محمد بن صالح بن أبي العوام أبو جعفر الصائغ، سكت عليه الخطيب، ولم يذكر فيه جرحًا، ولا تعديلًا.

ص: 574

الدليل الخامس:

(ح-1686) ما رواه البزار، قال: حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة، قال: أخبرنا أبو يحيى الحماني، عن السَّرِيِّ بن إسماعيل، عن الشعبي، عن مسروق،

عن عبد الله قال: إن من السنة أن يقول الرجل في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثًا. وفي سجوده: سبحان ربي الأعلى ثلاثًا.

قال البزار: «وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن مسروق، عن عبد الله إلا من هذا الوجه، والسَّرِيُّ بن إسماعيل هذا فليس بالقوي»

(1)

.

[ضعيف جدًّا]

(2)

.

الدليل السادس:

(ح-1687) ما رواه عبد الرزاق في المصنف، عن بشر بن رافع، عن يحيى بن أبي كثير، عن أبي عبيدة بن عبد الله،

أن ابن مسعود كان إذا ركع قال: سبحان ربي العظيم -ثلاثًا فزيادة- وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى وبحمده -ثلاثًا فزيادة- قال أبو عبيدة: وكان أبي يذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله

(3)

.

[ضعيف]

(4)

.

(1)

. مسند البزار (1947).

(2)

. الحديث رواه البزار (1947) حدثنا محمد بن عبيد بن ثعلبة.

ورواه الطبراني في الدعاء (539، 587) والدارقطني في السنن (1293)، من طريق محمد بن إسماعيل الْأَحْمَسِيِّ، كلاهما عن أبي يحيى عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، عن السري بن إسماعيل به.

والسري بن إسماعيل متروك الحديث.

(3)

. مصنف عبد الرزاق (2880).

(4)

. ومن طريق عبد الرزاق رواه الطبراني في الدعاء (540)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 185).

تفرد به عن يحيى بن أبي كثير بشر بن رافع، قال أحمد: ليس بشيء ضعيف الحديث.

وقال الميموني في سؤالاته (457): سمعته -يعني أحمد- بشر بن رافع ما أراه قويًّا في الحديث.

ص: 575

الدليل السابع:

(ث-439) ما رواه ابن أبي شيبة، قال: أخبرنا أبو بكر بن عياش، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، قال:

قال علي: إذا ركع أحدكم فليقل: اللهم لك ركعت، ولك خشعت، وبك آمنت، وعليك توكلت، سبحان ربي العظيم -ثلاثًا- وإذا سجد قال: سبحان ربي الأعلى -ثلاثًا- فإن عجل به أمر فقال: سبحان ربي العظيم وترك ذلك أجزأه

(1)

.

[ضعيف]

(2)

.

* ونوقشت هذه الأدلة:

بأن هذه الأدلة مع ضعفها ليس فيها من الدلالة زيادة على حديث حذيفة في مسلم، وقد صدرت به الأدلة، وليس فيه ما يدل على تعيين هذه الصيغة، والرسول صلى الله عليه وسلم أمر بتعظيم الرب في الركوع، والتعظيم بالتسبيح فرد مما يقال في الركوع، ولا ينحصر التعظيم في التسبيح، فكل ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من تعظيم وتحميد، وتسبيح وتهليل وتقديس فهو مشتمل على التعظيم المأمور به، وتحصل السنة بفعله.

* دليل من قال: لا يتعين التسبيح بلفظ معين:

الدليل الأول:

(ح-1688) ما رواه البخاري ومسلم من طريق منصور بن المعتمر، عن مسلم هو ابن صبيح أبي الضحى، عن مسروق،

عن عائشة رضي الله عنها، أنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول في ركوعه وسجوده: سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي، يتأول القرآن

(3)

.

الدليل الثاني:

(ح-1689) ما رواه مسلم من طريق سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، عن مطرف بن عبد الله بن الشخير،

(1)

. المصنف (2563).

(2)

. سبق تخريجه في المسألة السابقة.

(3)

. صحيح البخاري (4968)، وصحيح مسلم (217 - 484).

ص: 576

أن عائشة نبأته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: في ركوعه وسجوده: سبوح قدوس، رب الملائكة والروح

(1)

.

الدليل الثالث:

(ح-1690) ما رواه مسلم من طريق ابن جريج، قال: قلت لعطاء: كيف تقول أنت في الركوع؟ قال: أما سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت، فأخبرني ابن أبي مليكة،

عن عائشة قالت: افتقدت النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة، فظننت أنه ذهب إلى بعض نسائه، فتحسست ثم رجعت، فإذا هو راكع أو ساجد يقول: سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت. فقلت: بأبي أنت وأمي، إني لفي شأن، وإنك لفي آخر

(2)

.

الدليل الرابع:

(ح-1691) ما رواه أبو داود من طريق ابن وهب، حدثنا معاوية بن صالح، عن عمرو بن قيس، عن عاصم بن حميد،

عن عوف بن مالك الأشجعي، قال: قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة، فقام فقرأ سورة البقرة، لا يمر بآية رحمة إلا وقف فسأل، ولا يمر بآية عذاب إلا وقف فتعوذ، قال: ثم ركع بقدر قيامه، يقول في ركوعه: سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة، ثم سجد بقدر قيامه، ثم قال في سجوده مثل ذلك، ثم قام فقرأ بآل عمران، ثم قرأ سورة سورة

(3)

.

[حسن]

(4)

.

(1)

. صحيح مسلم (223 - 487).

(2)

. صحيح مسلم (221 - 485).

(3)

. سنن أبي داود (873).

(4)

. الحديث رواه أحمد (6/ 24) والنسائي في المجتبى (1049، 1132)، وفي الكبرى (722)، من طريق الليث بن سعد.

وأبو داود (873)، ومن طريقه البيهقي في السنن (2/ 439)، من طريق ابن وهب.

ورواه الترمذي في الشمائل (296)، والبزار في مسنده (2750)، والطبراني في الدعاء (544)، وفي الكبير (18/ 61) ح 113، وفي مسند الشاميين (2009)، والروياني في مسنده (604)، والفريابي في فضائل القرآن (121)، والبغوي في شرح السنة (912)، من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث.

والبزار في مسنده (2751) من طريق زيد بن الحباب، أربعتهم (الليث، وابن وهب، وعبد الله بن صالح، وزيد بن الحباب) رووه عن معاوية بن صالح به.

وفي إسناده معاوية بن صالح، وثقه أحمد وأبو زرعة، وكان يحيى بن سعيد القطان: لا يرضاه، ولينه ابن معين، وقال ابن حجر: صدوق له أوهام، فالإسناد حسن إن شاء الله تعالى.

ص: 577

قال ابن المنذر بعد أن ذكر هذه الآثار: «للمرء أن يقول بأي خبر شاء من هذه الأخبار؛ إذ الاختلاف في ذلك من جهة المباح، فأي تسبيح، أو تعظيم، أو ذكر أتى به مما ذكرناه في هذه الأخبار فصلاته مجزية»

(1)

.

وقال ابن عبد البر: «وهذا كله يدل على أن لا تحديد فيما يقال في الركوع والسجود من الذكر والدعاء .... »

(2)

.

ودعوى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذه الأنواع من التسبيح في النافلة دون الفريضة، أو يقول ببعضها في الفريضة مع لزوم صيغة (سبحان ربي العظيم في الركوع) و (سبحان ربي الأعلى) في السجود فهذه دعوى تفتقر إلى سنة صريحة، والأصل عدم الجمع، كما أن إطلاق الصلاة في هذه الأحاديث يدل على العموم، وليس فيها ما يدل على أن ذلك مختص في النافلة، ولو صح أنه قال ذلك في النافلة، فما صح فيها صح في الفريضة؛ لأن الصلاة جنس واحد إلا بدليل يدل على الاختصاص.

قال ابن تيمية: «والجمع بين صيغتي تسبيح بعيد بخلاف الجمع بين التسبيح والتحميد والتهليل والدعاء. فإن هذه أنواع والتسبيح نوع واحد فلا يجمع فيه بين صيغتين»

(3)

.

الدليل الخامس:

ربما ترك النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح كله إلى التعظيم بغير التسبيح، كما يفيده حديث علي ابن أبي طالب رضي الله عنه،

(ح-1692) فقد روى مسلم من طريق الماجشون، عن عبد الرحمن الأعرج،

(1)

. الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (3/ 158).

(2)

. التمهيد (16/ 120، 121).

(3)

. مجموع الفتاوى (16/ 116).

ص: 578

عن عبيد الله بن أبي رافع،

عن علي بن أبي طالب، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنه كان إذا قام إلى الصلاة، قال: وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا، وما أنا من المشركين

وإذا ركع، قال: اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي، وبصري، ومخي، وعظمي، وعصبي

وإذا سجد، قال: اللهم لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه، وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين .... الحديث

(1)

.

* وأجيب:

بأن هذا الثناء من جملة الأنواع المذكورة في السنة، فلا ينفي التسبيح.

* ورد هذا الجواب:

بأن ما ترك نقله علي رضي الله عنه ظاهر أنه ليس دليلًا على نفيه، كالقراءة مثلًا، وما ذكره مقتصرًا عليه كالاستفتاح، وأذكار الركوع والسجود، فظاهره صحة الاكتفاء به، والاقتصار عليه.

الدليل السادس:

(ح-1693) وروى مسلم من طريق سفيان بن عيينة، أخبرني سليمان بن سحيم، عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد، عن أبيه،

عن ابن عباس، قال: كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر، فقال: أيها الناس، إنه لم يَبْقَ من مبشرات النبوة إلا الرؤيا الصالحة، يراها المسلم، أو ترى له، ألا وإني نهيت أن أقرأ القرآن راكعًا أو ساجدًا، فأما الركوع فعظموا فيه الرب عز وجل، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم

(2)

.

وجه الاستدلال:

أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتعظيم الرب في الركوع، ولم يعلق ذلك بحد معين، أو صيغة

(1)

. مسلم (201 - 771).

(2)

. صحيح مسلم (207 - 479).

ص: 579

معينة، وكل ما صح في السنة إذا فعله في الركوع أو في السجود فقد تم ركوعه وسجوده، وقد بينت في المسألة السابقة أن التسبيح ليس بواجب، فضلًا أن يجب في التسبيح صيغة معينة، والله أعلم.

* الراجح:

القول بأن التسبيح مستحب، ولا يتعين بقول:(سبحان ربي العظيم) في الركوع، ولا بقول:(سبحان ربي الأعلى) في السجود، والله أعلم.

* * *

ص: 580