المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌المبحث السادس في إطالة الركعة الأولى عن الثانية المدخل إلى المسألة: * أكثر - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة

- ‌الفرع الأول في قراءته ما زاد على الجهرية

- ‌الفرع الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة في السرية

- ‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

- ‌المبحث الرابع في أقل ما تحصل به السنة من القراءة بعد الفاتحة

- ‌المبحث الخامس في قراءة السورة قبل الفاتحة

- ‌المبحث السادس

- ‌فرع في مقدار التفاوت بين الركعة الأولى والثانية في القراءة

- ‌المبحث السابع في إطالة الركعة الثانية على الأولى

- ‌المبحث الثامن في القراءة من أواسط السور وأواخرها

- ‌المبحث التاسع في قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

- ‌المبحث العاشر في تكرار السورة الواحدة في ركعتين

- ‌الفصل الثالث في مقدار القراءة في الصلوات الخمس

- ‌المبحث الأول في تقسيم سور القرآن إلى طوال ومئين ومثان ومفصل

- ‌المبحث الثاني في تحديد بداية المفصل

- ‌المبحث الثالث في تحديد طوال المفصل وأوسطه وقصاره

- ‌المبحث الرابع في مقدار القراءة المستحبة في صلاة الصبح

- ‌فرع في استحباب قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

- ‌المبحث الخامس في مقدار القراءة في صلاة الظهر

- ‌المبحث السادس في مقدار القراءة في صلاة العصر

- ‌المبحث السابع في مقدار القراءة في صلاة المغرب

- ‌المبحث الثامن قدر القراءة من بالمغرب من السور الطوال

- ‌المبحث التاسع قدر القراءة في صلاة العشاء

- ‌الفصل الرابع في الأحكام العامة المتعلقة بالقراءة

- ‌المبحث الأول الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌الفرع الأول الجهر والإسرار بالصلاة المؤداة

- ‌الفرع الثاني في الإسرار في الصلاة الفائتة

- ‌الفرع الثالث حكم الجهر والإسرار في موضعه

- ‌المسألة الأولى حكم الجهر والإسرار بالقراءة للإمام

- ‌المسألة الثانية حكم الجهر والإسرار بالقراءة للمنفرد

- ‌المسألة الثالثة حكم الجهر بالقراءة للمأموم

- ‌المسألة الرابعة حكم جهر المرأة بالقراءة

- ‌الفرع الرابع في أقل الجهر وأعلاه

- ‌المسألة الأولى في أقل الجهر

- ‌المسألة الثانية في أعلى الجهر

- ‌الفرع الخامس في جهر بعض المصلين على بعض

- ‌الفرع السادس الجهر ببعض الآيات في الصلاة السرية

- ‌المبحث الثاني في السؤال عند آية الوعد والتعوذ عند آية الوعيد

- ‌المبحث الثالث في حكم قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة

- ‌المبحث الرابع في القراءة الشاذة

- ‌الفرع الأول في تعريف القراءة الشاذة

- ‌الفرع الثاني الصلاة بالقراءة المخالفة لرسم المصحف

- ‌الفرع الثالث في الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام

- ‌الفرع الرابع في الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

- ‌المبحث الخامس في القراءة من المصحف

- ‌الفرع الأول القراءة من المصحف خارج الصلاة

- ‌الفرع الثاني في القراءة من المصحف بالصلاة

- ‌الباب السابع في أحكام الركوع

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرات الانتقال ومنه التكبير للركوع

- ‌الفصل الثانيفي حكم الركوع

- ‌المبحث الأول يرفع يديه للركوع والرفع منه دون القيام من الركعتين

- ‌المبحث الثاني في وقت ابتداء التكبير

- ‌المبحث الثالث في مد تكبيرات الانتقال لتستوعب جميع المحل

- ‌الفصل الرابع في صفة الركوع

- ‌المبحث الأول في الصفة المجزئة

- ‌المبحث الثاني في صفة الركوع الكامل

- ‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

- ‌الفرع الثاني إذا نوى بالانحناء غير الركوع

- ‌المبحث الثالث في مد الظهر ومجافاة المرفقين عن الجنبين

- ‌المبحث الرابع وجوب الطمأنينة في الصلاة

- ‌الفصل الخامس في أذكار الركوع والسجود

- ‌المبحث الأول حكم التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثالث في زيادة (وبحمده) مع التسبيح

- ‌المبحث الرابع أقل ما تحصل به سنة التسبيح

- ‌المبحث الخامس أعلى الكمال في تسبيح الركوع والسجود

الفصل: ‌ ‌المبحث السادس في إطالة الركعة الأولى عن الثانية المدخل إلى المسألة: * أكثر

‌المبحث السادس

في إطالة الركعة الأولى عن الثانية

المدخل إلى المسألة:

* أكثر الأحاديث التي ورد فيها التنصيص على السور تدل على تفضيل الأولى على الثانية، كقراءة السجدة مع الإنسان، وقراءة سورة ق مع القمر، وقراءة الكافرون مع الإخلاص في ركعتي الفجر.

* في المسألة حديثان: حديث أبي قتادة ودلالته صريحة على تطويل الأولى على الثانية، وجاء بلفظ (كان

) الدال على الاستمرار غالبًا، وحديث أبي سعيد ظاهره يقضي تسوية الركعة الثانية على الأولى عن طريق التخمين والحرز.

* لا يلزم من كون حديث أبي قتادة أصح من حديث أبي سعيد أن يطرح حديث أبي سعيد، إلا لوكان الحديثان متعارضين، ولا سبيل إلى الجمع بينهما.

* حديث أبي قتادة يدل على غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سعيد يدل على أنه ربما سوَّى بين الركعتين أحيانًا.

[م-579] ما ورد فيه نص بتفضيل الأولى على الثانية، كما في قراءة السجدة مع الإنسان في صلاة الفجر من يوم الجمعة

(1)

، أو قراءة الكافرون مع الإخلاص في ركعتي الفجر

(2)

.

أو ورد فيه بتفضيل الثانية على الأولى كما في قراءة سورة الأعلى مع الغاشية في صلاة الجمعة والعيدين

(3)

.

(1)

. رواه مسلم (64 - 879) من طريق مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا.

(2)

. رواه مسلم (98 - 726)، من طريق مروان بن معاوية، عن زيد هو ابن كيسان، عن أبي حازم عن أبي هريرة مرفوعًا.

(3)

. رواه مسلم (62 - 878) من طريق إبراهيم بن محمد بن المنتشر، عن أبيه، عن حبيب بن سالم، مولى النعمان بن بشير، عن النعمان بن بشير مرفوعًا.

ص: 48

أو ورد فيه بالتساوي كما في قراءة سورة الجمعة مع المنافقون

(1)

.

أو كانت المصلحة في إطالة الثانية على الأولى كما في صلاة الخوف من أجل انتظار الجماعة الثانية، فهذا ليس محلًّا للخلاف بين الفقهاء.

وإنما الخلاف فيما لم يرد فيه نص أيستحب تفضيل الأولى على الثانية أم تسوية الأوليين؟ في ذلك خلاف بين أهل العلم:

فقيل: يستحب إطالة الركعة الأولى على الثانية في صلاة الفجر في حق الإمام، وهذا مذهب الحنفية

(2)

.

قال في البدائع «ويستحب للإمام أن يفضل الركعة الأولى في القراءة على الثانية في الفجر بالإجماع»

(3)

.

ويقصد بالإجماع: اتفاق أئمة الحنفية.

وقال ابن عابدين: «وقد علم من التقييد بالإمام، ومن التعليل: أن المنفرد يسوِّي بين الركعتين في الجميع اتفاقًا شرح المنية»

(4)

.

وقيل: يستحب إطالة الأولى على الثانية في الفرض، وهو مذهب المالكية

(5)

.

وقيل: يستحب إطالة الأولى على غيرها في جميع الصلوات.

وهو أحد الوجهين في مذهب الشافعية وصححه النووي، والمذهب عند

(1)

. رواه مسلم (64 - 879) من طريق مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس مرفوعًا.

(2)

. شرح مختصر الطحاوي للجصاص (1/ 686)، بدائع الصنائع (1/ 206)، الهداية في شرح البداية (1/ 56)، تبيين الحقائق (1/ 130).

(3)

. بدائع الصنائع (1/ 206).

(4)

. حاشية ابن عابدين (1/ 542).

(5)

. اعتبر المالكية إطالة الأولى على الثانية من مندوبات الصلاة، لا من سننها، وهو تفريق اصطلاحي في المذهب، وخصوا الندب في الفرض دون النفل، فله أن يطول قراءة الثانية في النافلة إذا وجد الحلاوة، انظر: الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 247)، مواهب الجليل (1/ 537)، شرح الخرشي (1/ 281)، الفواكه الدواني (1/ 184)، منح الجليل (1/ 258)، ضوء الشموع (1/ 358)، التوضيح لمن رام المجموع بنظر صحيح (2/ 53).

ص: 49

الحنابلة، وبه قال محمد بن الحسن

(1)

.

جاء في الجامع الصغير: «وقال محمد رحمه الله: أحب إليَّ أن يطول الركعة الأولى على الثانية في الصلوات كلها»

(2)

.

وقال النووي في المنهاج: «وتطويل قراءة الأولى على الثانية في الأصح»

(3)

.

وقيل: لا يفضل الأولى على الثانية، ولا الثالثة على الرابعة بزيادة القراءة، اختاره أكثر الشافعية، وصححه الرافعي

(4)

.

قال النووي في الروضة: «هذا الذي صححه -يقصد الرافعي- هو الراجح عند جماهير الأصحاب، لكن الأصح التفضيل»

(5)

.

فصارت الأقوال ترجع إلى أربعة أقوال:

استحباب تفضيل الأولى في الفجر خاصة.

استحباب ذلك في الفرض دون السنن والنوافل.

استحباب تفضيل الأولى في الصلوات كلها.

استحباب التسوية بين الركعة الأولى والثانية، وبين الثالثة والرابعة.

فإذا خلصنا من تصور الأقوال، ننتقل بعده إلى معرض الحجج والاستدلال.

* دليل من قال: لا تفضيل إلا في الصبح خاصة:

الدليل الأول:

(ح-1478) ما رواه مسلم من طريق مسلم البطين، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الفجر، يوم الجمعة:{الم (1) تَنزِيلُ} السجدة، و {هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِّنَ الدَّهْرِ} ، [الإنسان: 1] وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في

(1)

. العناية شرح الهداية (1/ 336)، شرح مختصر الطحاوي للجصاص (1/ 687)، المجموع (3/ 387)، فتح العزيز (3/ 357)، تحفة المحتاج (2/ 103)، مغني المحتاج (1/ 392).

(2)

. الجامع الصغير وشرح النافع الكبير (ص: 96).

(3)

. منهاج الطالبين (ص: 30).

(4)

. المجموع (3/ 387)، فتح العزيز (3/ 357)، روضة الطالبين (1/ 248)، تحرير الفتاوى (1/ 269).

(5)

. روضة الطالبين (1/ 248).

ص: 50

صلاة الجمعة سورة الجمعة، والمنافقون

(1)

.

وجه الاستدلال:

دل حديث ابن عباس على تطويل الركعة الأولى عن الركعة الثانية في صلاة الصبح، فسورة السجدة أطول من سورة الإنسان، ودل الحديث أيضًا على تسوية صلاة الجمعة، فسورة الجمعة بقدر سورة المنافقون.

* وأجيب:

بأن هذا الحديث لا يدخل في محل النزاع؛ لأنه مما ورد فيه نص بخصوصه، والكلام في المسألة فيما لم يرد فيه نص.

الدليل الثاني:

(ح-1479) ما رواه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، جميعًا عن هشيم، عن منصور، عن الوليد بن مسلم، عن أبي الصديق،

عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {{الم (1) تَنزِيلُ} السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته:{{الم (1) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية

(2)

.

وجه الاستدلال:

دل حديث أبي سعيد على تسوية الركعة الثانية بالركعة الأولى حيث كان يقرأ في كل ركعة قدر سورة السجدة، وفي رواية: قدر ثلاثين آية.

* وأجيب عن هذا الاستدلال:

سبق أن أجبت على حديث أبي سعيد في مسألة سابقة، وبينت أنه معارض لحديث أبي قتادة، وهو أرجح منه إسنادًا فحديث أبي قتادة في الصحيحين،

(1)

. صحيح مسلم (64 - 879).

(2)

. صحيح مسلم (156 - 452).

ص: 51

وحديث أبي سعيد في مسلم، ومن طرق الترجيح تقديم المتفق عليه على ما رواه أحدهما، ولأن حديث أبي قتادة قد تضمن زيادة، وهي ضبط التفريق بين الركعتين.

الدليل الثالث:

أن الركعتين الأوليين استوتا في وجوب القراءة ووصفها، فتستويان في مقدارها.

الدليل الرابع:

علل الحنفية استثناءهم إطالة الأولى على الثانية في صلاة الصبح بأنه جرى عليه التوارث من لدن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا الزمان، ولأن الفجر وقت نوم وغفلة بخلاف سائر الصلوات، فكان في إطالة الأولى إعانة للناس على إدراك الجماعة.

* دليل من قال: يستحب إطالة الأولى على الثانية مطلقًا:

(ح-1480) ما رواه البخاري من طريق همام، عن يحيى، عن عبد الله بن أبي قتادة،

عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب، وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر وهكذا في الصبح، ورواه مسلم

(1)

.

* وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:

الجواب الأول:

أن إطالة الركعة الأولى ليس راجعًا لطول القراءة.

قال ابن حجر: «وقال من استحب استواءهما: إنما طالت الأولى بدعاء

(1)

. رواه البخاري من طريق الأوزاعي (778)،

ورواه البخاري (776) ومسلم (155 - 451)، من طريق همام.

ورواه البخاري (759) من طريق شيبان.

ورواه البخاري (762، 779) من طريق هشام.

ورواه مسلم (154 - 451) من طريق الحجاج يعني الصواف.

ورواه أيضًا (155 - 451) من طريق أبان بن يزيد، كلهم رووه عن يحيى بن أبي كثير، حدثنا عبد الله بن أبي قتادة، عن أبيه.

ص: 52

الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء»

(1)

.

* ورد هذا الجواب:

بأن الحديث نص على التفاوت بين الركعتين في القراءة، وليس على ما تشمله الركعة الأولى عن الثانية.

قال ابن الملقن: «وفي هذا الحمل ضعف؛ لأن السياق للقراءة»

(2)

.

الجواب الثاني:

يحتمل أن تكون الإطالة من النبي صلى الله عليه وسلم لعارض لكونه أحس بداخل حتى يدرك الركعة، وعليه يستحب للإمام تطويل الأولى على الثانية إن كان ينتظر أحدًا، وإلا سوَّى بين الأوليين.

ولا يساعد لفظ الحديث على هذا الحمل، فإن حديث أبي قتادة جاء بصيغة (كان

) الدالة على الدوام والتكرار، وأنه مقصود.

* دليل من قال: يسوي بين الركعتين الأوليين:

(ح-1481) ما رواه أبو سعيد الخدري قال: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {الم (1) تَنزِيلُ} السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته:{الم (1) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية. رواه مسلم

(3)

.

وسبق ذكره في أدلة القول الأول ومناقشته.

* الراجح:

المسألة فيها حديثان: حديث أبي قتادة ودلالته صريحة على تطويل الأولى على الثانية، وجاء بلفظ يدل (كان

) الدالة على الاستمرار غالبًا.

(1)

. فتح الباري (2/ 244).

(2)

. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 197).

(3)

. صحيح مسلم (156 - 452).

ص: 53

وحديث أبي سعيد وظاهره يقضي تسوية الركعة الثانية على الأولى عن طريق التخمين والحرز، وهو ليس دقيقًا، فلا ينافي التفاوت اليسير مما لا يدخل تحت التخمين، فإما أن نرجح وإما أن نجمع.

فإن سلكنا مسلك الترجيح فسوف يكون ذلك لصالح حديث أبي قتادة، لوجوه منها:

الأول: أن الحديث في الصحيحين، وحديث أبي سعيد في مسلم.

الثاني: أن حديث أبي قتادة صريح، فهو نص في إطالة الأولى على الثانية، وحديث أبي سعيد ظاهره التسوية، ولا يمنع التفاوت اليسير، لأن الحزر تقريب، والتفضيل يصدق بأدنى زيادة ولو كان بمقدار آية واحدة، والنص مقدم على الظاهر، والصريح مقدم على المحتمل.

الثالث: أن حديث أبي قتادة تضمن زيادة على ما يدل عليه حديث أبي سعيد، فتترجح الزيادة.

الرابع: أن أكثر الأحاديث التي ورد فيها التنصيص على السور تدل على تفضيل الأولى على الثانية، كقراءة السجدة مع الإنسان في فجر الجمعة، وقراءة سورة ق مع القمر، وقراءة الكافرون مع الإخلاص في ركعتي الفجر، فإذا كان حديث أبي قتادة يتفق مع دلالتها كان أولى بالتقديم مما يخالفها، ويحمل حديث أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل هذا لبيان الجواز.

الخامس: أن إطالة الركعة الأولى على الثانية له معانٍ ترجحه، من ذلك أن المصلين يكونون أكثر نشاطًا، ومن أجل أن يدرك الصلاة من لم يأت بعد.

وإن سلكنا مسلك الجمع:

فيقال: حديث أبي سعيد حديث صحيح، ولا يلزم من كون حديث أبي قتادة أصح منه أن يطرح حديث أبي سعيد، إلا لوكان الحديثان متعارضين، ولا سبيل إلى الجمع بينهما، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين لزم ذلك؛ لأن سلوك الترجيح يؤدي إلى طرح أحد الدليلين مع ثبوت صحته، والجمع إعمال لهما جميعًا، فتعين، فيقال: حديث أبي قتادة يدل على غالب فعل النبي صلى الله عليه وسلم وحديث أبي سعيد يدل على أنه ربما سوَّى بين الركعتين أحيانًا.

ص: 54