الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس في القراءة من المصحف
الفرع الأول القراءة من المصحف خارج الصلاة
المدخل إلى المسألة:
* صح عن ابن مسعود أنه قال: أديموا النظر في المصحف، ويقصد به رضي الله عنه النظر المصحوب بالتلاوة والاعتبار، لا مجرد النظر.
* لا أعلم دليلًا مرفوعًا يقضي بأن النظر في المصحف عبادة، وإن قال به كثير من السلف عليهم رحمة الله.
* التلاوة عبادة مقصودة، والغاية التعبد والتقرب إلى الله بتلاوة كلامه، وتدبره والاعتبار به، ومعرفة الله بمعرفة صفاته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والنظر والحفظ وسيلة لتحقيق هذه الغايات.
* إن كان القارئ من حفظه يحصل له من التدبر، والتفكُّر، وجمع القلب والبصر أكثر مما يحصل من المصحف، فالقراءة من الحفظ أفضل، وإن استويا، فيجمع بينهما.
[م-613] اختلف العلماء في أيهما أفضل القراءة من المصحف، أم القراءة من الحفظ؟
فقيل: القراءة من المصحف أفضل؛ وهو قول أكثر أهل العلم، ونسب النووي القول به للقاضي حسين، وأبي حامد الغزالي، وجماعات من السلف، ونقل الغزالي في الإحياء عن كثير من الصحابة رضي الله عنهم أنهم كانوا يقرؤون من
المصحف، ويكرهون أن يخرج يوم، ولم ينظروا في المصحف.
وروى ابن أبي داود القراءة في المصحف عن كثير من السلف حتى قال النووي: لم أَرَ فيه خلافًا
(1)
.
* واستدلوا بأدلة كثيرة منها:
الدليل الأول:
(ث-427) روى ابن أبي شيبة في المصنف من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، عن زر، عن عبد الله، قال: أديموا النظر في المصحف
(2)
.
[حسن موقوف على ابن مسعود]
(3)
.
* ويجاب:
أحيانًا يطلق الشيء ويراد به لازمه، فإذا أطلق النظر في المصحف فالمراد منه النظر المصحوب بالتلاوة والتدبر؛ لأن ذلك هو الغاية من النظر في المصحف، لا مجرد مطلق النظر.
ومثله ما ورد في السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: رجل قلبه معلق بالمساجد، لا يراد حب البقعة لذاتها، بل ما يصحب ذلك من ذكر الله وإقام الصلاة؛ لأن ذلك هو الغاية من إقامة المساجد، قال تعالى:{فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَال (36) رِجَالٌ لَاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ} [النور: 37].
الدليل الثاني:
(ح-1604) روى أبو عبيد القاسم بن سلام في فضائل القرآن من طريق بقية ابن الوليد، عن معاوية بن يحيى، عن سليمان بن مسلم، عن عبد الله بن عبد الرحمن،
عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل قراءة
(1)
. التبيان في حملة القرآن (ص: 100)، وانظر: تفسير القرطبي (1/ 28)، إحياء علوم الدين (1/ 279).
(2)
. المصنف (8558).
(3)
. ورواه عبد الرزاق في المصنف (5979)، والفريابي في فضائل القرآن (15، 149) ومن طريقه الطبراني في الكبير (9/ 139، 141) ح 8687، 8696، والبيهقي في الشعب (2028).
القرآن نظرًا على من يقرؤه ظاهرًا كفضل الفريضة على النافلة
(1)
.
[ضعيف]
(2)
.
الدليل الثالث:
(ح-1605) روى الطبراني في الكبير، والبيهقي في الشعب من طريق أبي سعيد بن عوذ المعلم المكي، عن عثمان بن عبد الله بن أوس الثقفي،
عن جده، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قراءة القرآن في غير المصحف ألف درجة، وقراءته في المصحف يضاعف على ذلك ألفي درجة
(3)
.
[قال أبو حاتم الرازي: هذا حديث منكر]
(4)
.
الدليل الرابع:
(ح-1606) روى ابن المقرئ في معجمه، والبيهقي في الشعب، وأبو نعيم في الحلية من طريق الحر بن مالك العنبري، حدثنا شعبة، عن أبي إسحاق، عن أبي الأحوص،
عن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من سره أن يحب الله ورسوله فليقرأ في المصحف
(5)
.
[غريب من حديث شعبة، وقال الذهبي: باطل]
(6)
.
(1)
. فضائل القرآن (ص: 104).
(2)
. فيه أكثر من علة، في إسناده بقية بن الوليد، مدلس تدليس تسوية.
وفي إسناده معاوية بن يحيى، قال ابن كثير: وهذا الإسناد ضعيف؛ فإن معاوية بن يحيى وهو الصدفي، أو الأطرابلسي، وَأَيًّا ما كان فهو ضعيف. انظر تفسير ابن كثير ت سلامة (ص: 210)
(3)
. الطبراني في الكبير (1/ 221) ح 601، والبيهقي في الشعب (2026).
(4)
. العلل لابن أبي حاتم (1726)،
في إسناده أبو سعيد بن عوذ المكي، قال ابن عدي في الكامل (9/ 206):«ولأبي سعيد بن عوذ هذا غير ما ذكرت، ومقدار ما يرويه غير محفوظ» .
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 165): «رواه الطبراني، وفيه أبو سعيد بن عوذ، وثقه ابن معين في رواية، وضعفه في أخرى، وبقية رجاله ثقات» .
(5)
. معجم ابن المقرئ (498)، وشعب الإيمان للبيهقي (2027)، وحلية الأولياء (7/ 109).
(6)
. ميزان الاعتدال (1/ 471).
وقال في ديوان الضعفاء (874): له حديث منكر في قراءة المصحف. =
الدليل الخامس:
(ح-1607) روى أبو الشيخ الأصبهاني في العظمة، والبيهقي في شعب الإيمان من طريق حفص بن عمر بن ميمون، عن عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي، عن ابن أسلم، عن عطاء بن يسار،
عن أبي سعيد الخدري، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطوا أعينكم حظها من العبادة. قيل: يا رسول الله، وما حظها من العبادة؟ قال: النظر في المصحف، والتفكر فيه، والاعتبار عند عجائبه. قال البيهقي: إسناده ضعيف
(1)
.
[موضوع]
(2)
.
الدليل السادس:
(ح-1608) روى عفيف الدين أبو المعالي في فضل العلم عن سليمان بن
= وقال أبو نعيم في الحلية (7/ 209): غريب، تفرد به الحر بن مالك. اهـ
قلت: لو كان هذا من حديث شعبة لحفظه عنه أصحابه، ولما تفرد به الحر بن مالك.
وقال ابن عدي في الكامل (3/ 387): «وللحر عن شعبة، وعن غيره أحاديث ليست بالكثيرة، وأما هذا الحديث عن شعبة بهذا الإسناد فمنكر» .
وقال أبو حاتم عن الحر بن مالك: لا بأس به.
وذكره ابن حبان في الثقات.
وقال ابن حجر في التقريب: صدوق.
وأعله الذهبي بأن المصاحف اتخذت بعد النبي صلى الله عليه وسلم. قال ابن حجر في لسان الميزان: وهذا التعليل ضعيف، ففي الصحيحين: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو، مخافة أن يناله العدو، وما المانع أن يكون الله أطلع نبيه على أن أصحابه سيتخذون المصاحف، لكن الحر مجهول الحال.
قلت: ليس مجهولًا، وقد قال فيه أبو حاتم على تشدده: لا بأس به، لكن لا يحتمل تفرده عن شعبة بمثل هذا الحديث، وهو ما جعل ابن عدي يقول: إنه منكر.
(1)
. شعب الإيمان (2029).
(2)
. في إسناده عنبسة بن عبد الرحمن الكوفي، قال أبو حاتم: متروك الحديث، كان يضع الحديث. وقال ابن حبان: هو صاحب أشياء موضوعة، لا يحل الاحتجاج به.
ونقل الترمذي في السنن (5/ 60)، عن البخاري أنه قال: ضعيف في الحديث ذاهب.
والراوي عنه حفص بن عمر ضعيف الحديث.
وعزاه السيوطي في الجامع الصغير من رواية الحكيم الترمذي والبيهقي في الشعب.
الربيع النهدي، حدثنا همام بن مسلم، عن ابن جريج، عن عطاء،
عن أبي هريرة مرفوعًا، قال: خمس من العبادة قلة الطعام عبادة، والقعود في المساجد عبادة، والنظر في المصحف من غير قراءة عبادة، والنظر في وجه العالم عبادة، وأظنه قال: والنظر في وجه الوالدين عبادة.
[ضعيف جدًّا]
(1)
.
الدليل السابع:
أن القراءة من المصحف تشتمل على التلاوة والنظر، وقد صرح غير واحد من السلف أن النظر عبادة بخلاف الحفظ فهو يشتمل على التلاوة وحدها
(2)
.
ولا أعلم دليلًا مرفوعًا بأن النظر في المصحف عبادة، وإن قال به كثير من السلف عليهم رحمة الله، فالتلاوة عبادة مقصودة، والغاية التدبر والاعتبار ومعرفة الله بمعرفة صفاته، وامتثال أوامره واجتناب نواهيه، والنظر والحفظ وسيلة لتحقيق هذه الغاية، والله أعلم.
وقيل: القراءة من الحفظ أفضل مطلقًا، اختاره أبو محمد بن عبد السلام في أماليه، ونقل ذلك الزركشي في البرهان
(3)
.
* واستدل أصحاب هذا القول بما يلي:
الدليل الأول:
أثنى الله على أهل العلم بكون القرآن في صدورهم، فقال تعالى:
{بَلْ هُوَ آيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ} [العنكبوت: 49].
الدليل الثاني:
أن المقصود من التلاوة التدبر، لقوله تعالى:{لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ} [سورة ص: 29].
(1)
. رواه عفيف الدين أبو المعالي في فضل العلم (1/ 115) نقلًا من السلسلة الضعيفة للألباني (4/ 201)، وقال: هذا إسناد ضعيف جدًّا، سليمان بن الربيع النهدي تركه الدارقطني، ومثله شيخه همام بن مسلم.
(2)
. انظر: تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 68).
(3)
. الأجوبة القاطعة أمالي ابن عبد السلام (ص: 330)، البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/ 463).
والعادة تشهد أن النظر في المصحف يخل بهذا المقصود، فكان مرجوحًا
(1)
.
الدليل الثالث:
ترجم البخاري في صحيحه، فقال: باب القراءة عن ظهر قلب.
ثم ذكر حديث سهل بن سعد في قصة المرأة التي وهبت نفسها للنبي
…
وفيه: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ماذا معك من القرآن؟ قال: معي سورة كذا، وسورة كذا، وسورة كذا عَدَّها - قال: أتقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال: نعم، قال: اذهب فقد ملكتكها بما معك من القرآن
(2)
.
قال ابن كثير في التفسير: هذه الترجمة من البخاري مشعرة بأن قراءة القرآن عن ظهر قلب أفضل، والله أعلم
(3)
.
وقد يقال: إن الحديث دليل على فضل حفظ القرآن، وهذا ليس موضع خلاف، وأما المفاضلة بين الحفظ والقراءة من المصحف فلا دلالة في الحديث، لا نصًّا، ولا إشارة.
وقال ابن كثير رحمه الله في تفسيره: «إن كان البخاري أراد بهذا الحديث الدلالة على أن تلاوة القرآن عن ظهر قلب أفضل من تلاوته نظرًا من المصحف ففيه نظر؛ لأنها قضية عين، فيحتمل أن يكون الرجل كان لا يحسن القراءة، وعلم النبي صلى الله عليه وسلم ذلك، فلا يدل ذلك على أن التلاوة عن ظهر قلب أفضل في حق من يحسن ومن لا يحسن»
(4)
..
الدليل الرابع:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يأمر يوم أحد بدفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد، ويقول: قدموا أكثرهم قرآنًا.
[أعله أبو حاتم الرازي بالانقطاع]
(5)
.
(1)
. البرهان في علوم القرآن للزركشي (1/ 463).
(2)
. صحيح البخاري (5030)، وصحيح مسلم (76 - 1425).
(3)
. تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 68).
(4)
. تفسير ابن كثير ت سلامة (1/ 70).
(5)
. اختلف فيه على حميد بن هلال: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقيل: عنه، عن هشام بن عامر.
ورواه أحمد (4/ 16) وأبو عبيد في فضائل القرآن (ص: 91)، وأبو داود (3215)، والنسائي في المجتبى (2015)، وفي الكبرى (2153)، وأبو يعلى في المسند (1553)، وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (2144)، والطبراني في الكبير (22/ 173) ح 449، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة (1/ 131)، وأبو نعيم في الحلية (9/ 29)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 580)، من طريق سليمان بن المغيرة، عن حميد بن هلال، عن هشام بن عامر.
ورواه أيوب السختياني، عن حميد بن هلال، واختلف على أيوب:
فقيل: عنه، عن حميد بن هلال، عن هشام بن عامر. كرواية سليمان بن المغيرة.
رواه سفيان الثوري كما في سنن أبي داود (3216)، والمعرفة والتاريخ ليعقوب بن سفيان (3/ 155)، والنسائي في المجتبى (2010، 2018،)، وفي الكبرى (2148)، والطبري في تهذيب الآثار، مسند عمر (751)، والطبراني في الكبير (22/ 172) ح 447، والبيهقي في الدلائل (3/ 296)، وفي السنن الكبرى (3/ 580).
وسفيان بن عيينة كما في مصنف عبد الرزاق (6501)، وأحمد (4/ 19)، والنسائي في المجتبى (2018)، وفي الكبرى (2156)، والطبراني في الكبير (22/ 172) ح 444،
ورواه البيهقي في السنن الكبرى (4/ 55) من طريق الفريابي، حدثنا سفيان به. ولم يتميز لي سفيان، فيحتمل أنه الثوري، ويحتمل أنه ابن عيينة، وكلاهما روى عنه الفريابي، وكلاهما روى الحديث عن أيوب، وأيًّا كان فالمدار على ثقة.
وإسماعيل بن علية، كما في مسند أحمد (4/ 20)، وفضائل القرآن لابي عبيد (ص: 90)، وسنن سعيد بن منصور (2582)، وتهذيب الآثار للطبري مسند عمر (749)،
ومعمر بن راشد كما في مصنف عبد الرزاق مقرونًا بغيره (6501)، وعنه أحمد (4/ 20)، والطبراني في الكبير (22/ 172) ح 444.
أربعتهم (الثوري، وابن علية، ومعمر وابن عيينة) عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن هشام ابن عامر كرواية سليمان بن المغيرة.
قال ابن أبي حاتم في المراسيل (171): سمعت أبي يقول: حميد بن هلال لم يَلْقَ هشام بن عامر، يدخل بينه وبين هشام أبو قتادة العدوي. ويقول بعضهم: عن أبي الدهماء. والحفاظ لا يدخلون بينهم أحدًا: حميد عن هشام. قيل له: فأي ذلك أصح؟ قال: ما رواه حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد عن هشام». اهـ
فعلى هذا يكون أبو حاتم قد رجح أنه منقطع.
وقد قال في الجرح والتعديل (9/ 63): هشام بن عامر بن عمار روى عنه حميد بن هلال مرسلًا.
قلت: قد صرح حميد بالإخبار عن هشام بن عامر من رواية معمر، عن أيوب، إلا أن الباحث يخشى أن يكون هذا من تصرف الرواة عن حميد. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وقد خالف هؤلاء الأربعة عبد الوارث بن سعيد، فرواه عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء (قِرْفة بن بُهَيْس، وقيل: بُهَيْس) عن هشام بن عامر، فزاد في إسناده أبا الدهماء.
رواه أحمد (4/ 20)، وأبو يعلى في المسند (1558) عن عبد الصمد.
والترمذي (1713)، وابن ماجه (1560) حدثنا أزهر بن مروان،
والنسائي في المجتبى (2017)، وفي الكبرى (2155)، والطبراني في الكبير (22/ 173) ح 448، والبيهقي في السنن الكبرى (4/ 55)، من طريق مسدد، ثلاثتهم (عبد الصمد، وأزهر، ومسدد) عن عبد الوارث، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن أبي الدهماء به.
وزيادة أبي الدهماء زيادة شاذة؛ لمخالفة عبد الوارث أربعة من أصحاب أيوب: وهم الثوري، وابن عيينة، ومعمر، وابن علية، والله أعلم.
…
وقيل فيه: عن حميد بن هلال، عن سعد بن هشام بن عامر، عن أبيه هشام بن عامر.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (36788)،
وابن شبة في تاريخ المدينة (1/ 131)،
ويعقوب بن سفيان في المعرفة والتاريخ (3/ 155)،
وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني كما في المجتبى من سنن النسائي (2016)، وفي الكبرى (2154).
وإسماعيل بن إسحاق القاضي كما في السنن الكبرى للبيهقي (4/ 55).
وأحمد بن ملاعب البغدادي كما في الدلائل للبيهقي (3/ 297) ستتهم رووه عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد، عن سعد بن هشام بن عامر، عن أبيه.
وتابعه جرير بن حازم، فرواه عن حميد، عن سعد بن هشام به.
رواه أحمد (4/ 20)، وأبو داود (3217)، والنسائي في المجتبى (2011)، وفي الكبرى (2149)، والطبري في تهذيب الآثار، مسند عمر (2/ 524)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/ 580)، من طريق جرير بن حازم، عن حميد بن هلال، عن سعد بن هشام به.
قال أبو حاتم الرازي كما في العلل لابنه (1043): أيوب وسليمان بن المغيرة أحفظ من جرير بن حازم، إشارة إلى ترجيح رواية حميد، عن هشام بن عامر على الانقطاع.
وخالفهم أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله الكشي، رواه الطبراني (22/ 172)، عنه،
والحارث بن أبي أسامة كما في معرفة الصحابة لأبي نعيم (5174)، كلاهما عن سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن زيد، عن أيوب، عن حميد بن هلال، عن هشام بن عامر.
وهذه متابعة لرواية سليمان بن المغيرة، وأيوب من رواية الثوري، وابن علية، ومعمر وابن عيينة عنه، وقد تم تخريجها.
فصار سليمان بن حرب تارة يرويه عن حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن هشام.
وتارة يرويه عن حماد، عن أيوب، عن حميد، عن سعد بن هشام، عن أبيه.
فالذي يظهر لي أن الراجح في الحديث أنه معلول بالانقطاع كما قال أبو حاتم الرازي، والله أعلم.
الدليل الخامس:
(ح-1609) ما رواه أحمد، قال: حدثنا جرير، عن قابوس، عن أبيه،
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب
(1)
.
[انفرد به قابوس عن أبيه، وهو ضعيف]
(2)
.
* ويجاب عن هذه الأدلة:
بأن هذه الأحاديث دليل على فضل الحفظ فقط، ولا دلالة فيها على المفاضلة، إلا أن يقال: لما وردت أحاديث مرفوعة في فضل الحفظ، ولم ترد مثلها في فضل النظر في المصحف دلَّ ذلك على تفضيل الحفظ عليه.
وقد يقال: إن المصحف لم يكن في عصر الوحي، إلا أن هذا الجواب لا يغني؛ لأنه وإن لم يكن في عصر الوحي فقد أذن الرسول صلى الله عليه وسلم بكتابته، ونهى عن السفر بالقرآن إلى أرض العدو
(3)
، وإذا كان الرسول صلى الله عليه وسلم لا يعلم فالله سبحانه يعلم أن المصحف سيجمع في عصر الصحابة، وسيجمعون على فعل ذلك، وسيكون في بيوت المسلمين، حتى كانت عائشة يصلي بها غلامها، وهو يقرأ من المصحف، وحتى كان غلام أنس رضي الله عنه يصلي خلف أنس، وهو يمسك المصحف؛ ليفتح على أنس إذا ارتجت عليه القراءة، والله أعلم.
(1)
. المسند (1/ 223).
(2)
. رواه أحمد (1/ 223)، ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (9/ 232)، والدارمي (3349)، والترمذي (2913)، والطبراني في الكبير (12/ 109) ح 12619، والحاكم في المستدرك (2037)، والبيهقي في الشعب (1793)، وأبو الفضل الزهري في حديثه (186)، وابن بطة في الإبانة (166)، وغيرهم من طريق جرير بن عبد الحميد به.
قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
وصححه الحاكم، واستدرك عليه الذهبي وابن الملقن، فقالا: فيه قابوس أحد رواته، وهو لين.
وضعفه ابن القطان في بيان الوهم والإيهام (4/ 660).
(3)
. صحيح البخاري (2990)، ومسلم (1869) من طريق مالك، عن نافع، عن ابن عمر.
ورواه مسلم من طريق أخرى عن نافع.
وقيل: يختلف ذلك باختلاف الأحوال والأشخاص، اختاره النووي في الأذكار، وذكره ابن حجر في الفتح، واستحسنه السيوطي إلا أنه علق القول به إن كان قد قيل به
(1)
.
(2)
.
وهذا القول أرجحها؛ لأن المطلوب من تلاوة القرآن تدبره، سواء أقرأ من المصحف أم قرأ ذلك حفظًا، ولو كان أحدهما أفضل من الآخر لجاءت النصوص الواضحة الفاصلة، فلمًّا لم تكن النصوص كاشفة دل على أنه لا فرق بينهما، إلا أن يعود ذلك على الخشوع والتدبر، فذلك يختلف من شخص لآخر، فإذا استويا في التدبر فالأولى أن يقرأ هكذا وهكذا، والله أعلم.
* * *
(1)
. فتح الباري (9/ 79)، البرهان في علوم القرآن (1/ 463)، الإتقان في علوم القرآن (1/ 374).
(2)
. الأذكار للنووي ط ابن حزم (ص: 206).