الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفرع الخامس في جهر بعض المصلين على بعض
المدخل إلى المسألة:
* سمع النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه وقد جهر بعضهم على بعض بالقراءة، فنهاهم عن ذلك، وقال: لا يُؤْذِيَنَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة.
* إذا كان جهر بعض القراء على بعض موصوفًا بالأذية، فالأصل في أذية المسلم التحريم.
* نهى الرسول صلى الله عليه وسلم من جهر بعض المصلين على بعض، والأصل في النهي التحريم.
* الأذى بالجهر إن كان يؤذي من بجانبه ويؤثر على خشوعه في الصلاة كان فعله محرمًا، وإن كان أدنى من ذلك فهو مكروه؛ لأنه أقل ما يدل عليه النهي.
[م-605] عرفنا حكم المنفرد في الجهر والإسرار، فإذا شرع له الجهر فعليه أن يتحرى الجهر الخفيف الذي لا يتأذى به نائم ولا مُصلٍّ آخر، فإن فعل:
فقيل: يحرم، وهو مذهب المالكية، وقول في مذهب الشافعية، وقال مرعي الحنبلي: يتجه التحريم
(1)
.
قال محمود محمد السبكي في الدين الخالص: «لا يجوز رفع الصوت في المسجد ولو بالقرآن والذكر»
(2)
.
(1)
. حاشية الدسوقي (1/ 313)، مواهب الجليل (1/ 525)، الفواكه الدواني (2/ 335)، حاشية الصاوي على الشرح الصغير (1/ 409)، منح الجليل (1/ 340)، أسهل المدارك (1/ 208)، أسنى المطالب (1/ 63، 156)، حاشية الجمل (1/ 338، 1/ 360))، الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع (1/ 143)، المنهاج القويم شرح المقدمة الحضرمية (ص: 99).
(2)
. الدين الخالص أو إرشاد الخلق إلى دين الحق (3/ 263).
وقيل: يكره، وهو مذهب الشافعية، ونقله ابن مفلح عن صاحب الترغيب وغيره
(1)
.
جاء في حاشية الجمل: «قوله: (إن لم يشوش على نائم) أي وإلا كره، وقيل: يحرم»
(2)
.
وقال ابن قدامة: «إن كان قريبًا منه من يتهجد، أو من يُسْتَضَرُّ برفع صوته فالإسرار أولى»
(3)
.
* واستدل من قال بتحريمه أو كراهته أو جعله خلاف الأولى:
(ح-1586) بما رواه أحمد، قال: حدثنا عبد الرزاق، حدثنا معمر، عن إسماعيل بن أمية، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن،
عن أبي سعيد الخدري، قال: اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فسمعهم يجهرون بالقراءة، وهو في قبة له، فكشف الستور، وقال: كلكم مناجٍ به، فلا يُؤْذِيَنَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفعن بعضكم على بعض في القراءة
(4)
.
[صحيح]
(5)
.
فمن نظر إلى أن الأصل في النهي التحريم، وأن العلة هي أذية المسلم، ذهب إلى القول بالتحريم.
(1)
. قال البجيرمي في حاشيته على الخطيب (2/ 64): «المعتمد أنه إن شوش كره فقط ولا يحرم الجهر لأن الإيذاء غير محقق» .
تحفة المحتاج (2/ 57)، حاشية البجيرمي على الخطيب (2/ 64)، حاشية الجمل (1/ 360)، مغني المحتاج (1/ 363)، نهاية المحتاج (3/ 183)، الفروع (2/ 386).
(2)
. حاشية الجمل (1/ 360).
(3)
. المغني (2/ 102)، الكافي (1/ 269).
(4)
. المسند (3/ 94).
(5)
. أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4216)، ومن طريقه أخرجه أحمد (3/ 94)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (883)، وأبو داود في السنن (1332)، والنسائي في الكبرى (8038). وابن خزيمة (1162)، والحاكم (1169)، والبيهقي في السنن (3/ 17)، وفي الشعب (2412)، وابن المنذر في الأوسط (5/ 156)، وابن جميع الصيداوي في معجم الشيوخ (ص: 298).
قال الحاكم: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وصححه ابن عبد البر، والنووي في المجموع، وابن حجر.
ومن نظر إلى أن الجهر لا يؤدي إلى فساد صلاة الآخرين، وإلا كيف يصلي الإنسان تحية المسجد، والإمام يخطب الجمعة؛ نظر إلى أن النهي محمول على الكراهة، وأضعف الأقوال من اعتبر ذلك الإسرار أولى، فيكون الجهر خلاف الأولى، وهذا يصح فيما لم يرد فيه نهي خاص، أما ما ورد فيه نهي خاص فهو دائر بين التحريم والكراهة، والله أعلم.
* * *