المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة

- ‌الفرع الأول في قراءته ما زاد على الجهرية

- ‌الفرع الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة في السرية

- ‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

- ‌المبحث الرابع في أقل ما تحصل به السنة من القراءة بعد الفاتحة

- ‌المبحث الخامس في قراءة السورة قبل الفاتحة

- ‌المبحث السادس

- ‌فرع في مقدار التفاوت بين الركعة الأولى والثانية في القراءة

- ‌المبحث السابع في إطالة الركعة الثانية على الأولى

- ‌المبحث الثامن في القراءة من أواسط السور وأواخرها

- ‌المبحث التاسع في قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

- ‌المبحث العاشر في تكرار السورة الواحدة في ركعتين

- ‌الفصل الثالث في مقدار القراءة في الصلوات الخمس

- ‌المبحث الأول في تقسيم سور القرآن إلى طوال ومئين ومثان ومفصل

- ‌المبحث الثاني في تحديد بداية المفصل

- ‌المبحث الثالث في تحديد طوال المفصل وأوسطه وقصاره

- ‌المبحث الرابع في مقدار القراءة المستحبة في صلاة الصبح

- ‌فرع في استحباب قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

- ‌المبحث الخامس في مقدار القراءة في صلاة الظهر

- ‌المبحث السادس في مقدار القراءة في صلاة العصر

- ‌المبحث السابع في مقدار القراءة في صلاة المغرب

- ‌المبحث الثامن قدر القراءة من بالمغرب من السور الطوال

- ‌المبحث التاسع قدر القراءة في صلاة العشاء

- ‌الفصل الرابع في الأحكام العامة المتعلقة بالقراءة

- ‌المبحث الأول الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌الفرع الأول الجهر والإسرار بالصلاة المؤداة

- ‌الفرع الثاني في الإسرار في الصلاة الفائتة

- ‌الفرع الثالث حكم الجهر والإسرار في موضعه

- ‌المسألة الأولى حكم الجهر والإسرار بالقراءة للإمام

- ‌المسألة الثانية حكم الجهر والإسرار بالقراءة للمنفرد

- ‌المسألة الثالثة حكم الجهر بالقراءة للمأموم

- ‌المسألة الرابعة حكم جهر المرأة بالقراءة

- ‌الفرع الرابع في أقل الجهر وأعلاه

- ‌المسألة الأولى في أقل الجهر

- ‌المسألة الثانية في أعلى الجهر

- ‌الفرع الخامس في جهر بعض المصلين على بعض

- ‌الفرع السادس الجهر ببعض الآيات في الصلاة السرية

- ‌المبحث الثاني في السؤال عند آية الوعد والتعوذ عند آية الوعيد

- ‌المبحث الثالث في حكم قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة

- ‌المبحث الرابع في القراءة الشاذة

- ‌الفرع الأول في تعريف القراءة الشاذة

- ‌الفرع الثاني الصلاة بالقراءة المخالفة لرسم المصحف

- ‌الفرع الثالث في الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام

- ‌الفرع الرابع في الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

- ‌المبحث الخامس في القراءة من المصحف

- ‌الفرع الأول القراءة من المصحف خارج الصلاة

- ‌الفرع الثاني في القراءة من المصحف بالصلاة

- ‌الباب السابع في أحكام الركوع

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرات الانتقال ومنه التكبير للركوع

- ‌الفصل الثانيفي حكم الركوع

- ‌المبحث الأول يرفع يديه للركوع والرفع منه دون القيام من الركعتين

- ‌المبحث الثاني في وقت ابتداء التكبير

- ‌المبحث الثالث في مد تكبيرات الانتقال لتستوعب جميع المحل

- ‌الفصل الرابع في صفة الركوع

- ‌المبحث الأول في الصفة المجزئة

- ‌المبحث الثاني في صفة الركوع الكامل

- ‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

- ‌الفرع الثاني إذا نوى بالانحناء غير الركوع

- ‌المبحث الثالث في مد الظهر ومجافاة المرفقين عن الجنبين

- ‌المبحث الرابع وجوب الطمأنينة في الصلاة

- ‌الفصل الخامس في أذكار الركوع والسجود

- ‌المبحث الأول حكم التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثالث في زيادة (وبحمده) مع التسبيح

- ‌المبحث الرابع أقل ما تحصل به سنة التسبيح

- ‌المبحث الخامس أعلى الكمال في تسبيح الركوع والسجود

الفصل: ‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

المدخل إلى المسألة:

* لو كان من سنة الصلاة أن يقرأ في الركعة الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة لورد النقل به متواترًا، كوروده في الأوليين.

* قال ابن سيرين: لا أعلمهم يختلفون أنه يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب.

* حديث (كان يقرأ في الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم الكتاب) فالفعل (كان) يدل على الدوام والاستمرار، وهو نص في نفي قراءة ما زاد على الفاتحة في الأخريين.

* جاء حديث أبي قتادة في معرض تقسيم القراءة، ومخالفة الركعتين الأوليين للأخريين، واختصاص كل قسم بما ذكر بصيغة تدل على الدوام.

* حديث أبي سعيد الخدري توجه إلى تقدير القراءة عن طريق تقدير زمن القيام وهو تخمين، وحديث أبي قتادة نَصَّ على نفي قراءة ما زاد على الفاتحة، والنص مقدم على الظاهر، والصريح مقدم على المحتمل في الدلالة.

* حديث أبي قتادة في الصحيحين، وحديث أبي سعيد في مسلم، ومن طرق الترجيح تقديم المتفق عليه على ما رواه أحدهما.

* حديث أبي قتادة يدل على أنه هو السنة، لأنه جاء بلفظ:(كان) الدال على الدوام والاستمرار، وحديث أبي سعيد يدل على الجواز؛ لأنه قام على تقدير القراءة بتقدير طول القيام وهذا حصل منهم في بعض الصلوات.

[م-576] اختلف الفقهاء في مشروعية قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة من الصلاة الثلاثية والرباعية:

ص: 17

فقيل: لا تسن القراءة فيهما، وهو مذهب الحنفية، والمالكية، والحنابلة، والقديم من قولي الشافعي، قال النووي: وهو الأصح وبه أفتى الأكثرون، وقال ابن قدامة: وهو قول أكثر أهل العلم

(1)

.

قال في تحفة الفقهاء: «أما في الأخريين فالسنة أن يقرأ بفاتحة الكتاب لا غير»

(2)

.

قال النووي في الروضة: «وهل تسن السورة في الركعة الثالثة والرابعة؟ قولان:

القديم وبه أفتى الأكثرون لا تسن .... »

(3)

.

وهل تكره القراءة فيهما؟ على قولين:

أصحهما عند الحنفية أن القراءة فيهما خلاف الأولى

(4)

.

(1)

. الأصل للشيباني (1/ 163)، الحجة على أهل المدينة (1/ 106)، المبسوط (1/ 18)، بدائع الصنائع (1/ 110)، كنز الدقائق (ص: 165)، تبيين الحقائق (1/ 122)، البحر الرائق (1/ 344، 313)، ملتقى الأبحر (ص: 152)، النهر الفائق (1/ 221)، تحفة الفقهاء (1/ 129)، الدر المختار (ص: 71)، حاشية ابن عابدين (1/ 511)، الجوهرة النيرة (1/ 73)، المدونة (1/ 163)، مختصر خليل (ص: 32)، المنتقى للباجي (1/ 146)، الفواكه الدواني (1/ 195)، بداية المجتهد (1/ 136)، شرح التلقين (1/ 539)، مواهب الجليل (1/ 524)، الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي (1/ 242)، منهاج الطالبين (ص: 26)، العزيز شرح الوجيز (3/ 354، 355)، المجموع (3/ 386)، نهاية المطلب (1/ 153، 154)، الحاوي الكبير (2/ 113)، تحفة المحتاج (2/ 52)، مغني المحتاج (1/ 361)، نهاية المحتاج (1/ 492)، روضة الطالبين (1/ 247)، مسائل أحمد رواية ابنه عبد الله (ص:78)، الإنصاف (2/ 120)، المغني لابن قدامة (1/ 354)، كشاف القناع (1/ 342)، مطالب أولي النهى (1/ 435).

(2)

. تحفة الفقهاء (1/ 129).

(3)

. روضة الطالبين (1/ 247).

(4)

. قال في الدر المختار (ص: 64): «وهل يكره في الأخريين؟ المختار لا» .

وعلق ابن عابدين في حاشيته (1/ 459): «(قوله المختار لا) أي لا يكره تحريمًا بل تنزيهًا؛ لأنه خلاف السنة .... وفي البحر عن فخر الإسلام أن السورة مشروعة في الأخريين نفلًا. وفي الذخيرة أنه المختار. وفي المحيط وهو الأصح. اهـ.

والظاهر أن المراد بقوله نفلًا الجواز، والمشروعية، بمعنى عدم الحرمة فلا ينافي كونه خلاف الأولى كما أفاده في الحلية».

وقال في الدر المختار أيضًا (ص: 71): واكتفى المفترض فيما بعد الأوليين بالفاتحة، فإنها =

ص: 18

والأصح عند الحنابلة، وهو قول عند الحنفية: أن القراءة مباحة

(1)

.

وقيل: تسن القراءة فيهما، وهو قول الشافعي في الجديد، ورواية عن أحمد، وبه قال بعض الحنفية

(2)

.

= سنة على الظاهر، ولو زاد لا بأس به».

وعلق ابن عابدين في حاشيته (1/ 511): قوله: (ولو زاد لا بأس) أي لو ضم إليها سورة لا بأس به؛ لأن القراءة في الأخريين مشروعة من غير تقدير، والاقتصار على الفاتحة مسنون، لا واجب، فكان الضم خلاف الأولى، وذلك لا ينافي المشروعية والإباحة: بمعنى عدم الإثم في الفعل والترك».

فواضح أن كلام ابن عابدي من التأويل، فظاهر كلام صاحب الدر المختار نفي كراهة الزيادة على الفاتحة في الثالثة والرابعة كما في النص الأول، في قوله: هل يكره، المختار: لا. وفي النص الثاني أطلق على الفعل بأنه لا بأس به، وهو مشعر بالإباحة.

لهذا اعتبرت في مذهب الحنفية قولين. الإباحة، وعدم الكراهة.

والثاني: الكراهة وهو الأصح عند ابن عابدين.

وذكر صاحب فيض الباري قولًا ثالثًا: أنه لا يسن، ولا يكره.

قال في فيض الباري (2/ 361): وفيه ثلاثة أقوال عندنا. قيل: إن ضم السورة يوجب سجدة السهو. وقيل: لا يوجب، بل يكره. وقيل: لا يسن ولا يكره، وهو قول فخر الإسلام، وهو المختار عندي». اهـ والقول بأنه لا يسن ولا يكره، يرجع إلى القول بالإباحة.

(1)

. قال في الإنصاف (2/ 88): «لا يستحب أن يقرأ فيهما -أي في الثالثة والرابعة- بعد الفاتحة شيئًا من القرآن على الصحيح من المذهب، وعليه الأصحاب

فعلى المذهب لا تكره القراءة بعد الفاتحة، بل تباح على الصحيح من المذهب، قدمه في الفروع وغيره».

وذكر ابن مفلح ثلاث روايات في الفروع (2/ 211)، قال:«ولا يزيد على الفاتحة (و) يعني وفاقًا للأئمة. وعنه: بلى، وعنه يجوز» .

وقال الزركشي على شرح الخرقي (1/ 609): «هل النفي لعدم الاستحباب، أو للكراهة؟

فيه روايتان: أصحهما عند أبي البركات الأول؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قد جاء عنه أنه زاد أحيانًا على قراءة الفاتحة في الأخريين».

وقال ابن رجب في شرح البخاري (7/ 79): «وأكثر أصحابنا قالوا: لا يستحب رواية واحدة، وفي كراهيته عنه روايتان» .

(2)

. فتح العزيز شرح الوجيز (3/ 355)، المجموع (3/ 386)، روضة الطالبين (1/ 247)، تحفة المحتاج (2/ 52)، مغني المحتاج (1/ 361)، مسائل حرب الكرماني ت الغامدي (ص: 69)، الإنصاف (2/ 88)، المبدع (1/ 420)، الفروع (2/ 211)، حاشية ابن عابدين (1/ 459).

ص: 19

وقيل: تسن القراءة فيهما أحيانًا، والأكثر تركها، وبه قال ابن القيم من الحنابلة، ورجحه بعض المتأخرين من الحنفية

(1)

.

وقيل: تسن القراءة في الثالثة والرابعة من الظهر دون غيرها، وهذا اختيار ابن حزم

(2)

.

ولا أعلم أحدًا قال به قبله إلا أنه قد يقبل باعتباره ملفقًا من قولين، فأخذ بقول الشافعي في الجديد في الظهر، وأخذ بقول الجمهور بسائر الصلوات، فلا يعتبر محدثًا من كل وجه.

فصارت المسألة إلى ستة أقوال:

أحدها: لا تسن قراءة ما زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة مطلقًا.

والثاني: تسن مطلقًا.

والثالث: تسن أحيانًا.

والرابع: تباح.

والخامس: تكره القراءة أو خلاف الأولى.

والسادس: تسن في الظهر خاصة.

هذه أقوال فقهائنا عليهم رحمة الله، وقد حان الانتقال إلى عرض الأدلة والحجج، والله المستعان وحده، لا شريك له.

* دليل من قال: لا تسن قراءة ما زاد على الفاتحة في غير الأوليين:

الدليل الأول:

(ح-1471) ما رواه البخاري من طريق همام، عن يحيى، عن عبد الله ابن أبي قتادة،

عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب، وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية، ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية، وهكذا في العصر وهكذا في

(1)

. زاد المعاد (1/ 240)، فيض الباري (2/ 375).

(2)

. المحلى بالآثار (3/ 17).

ص: 20

الصبح، ورواه مسلم

(1)

.

[اختلف فيه على يحيى بن أبي كثير في ذكر القراءة في الركعتين الأخريين، وهي زيادة محفوظة اتفق عليها الشيخان]

(2)

.

(1)

. رواه البخاري (776) ومسلم (155 - 451).

(2)

. رواه البخاري (776) ومسلم (155 - 451) من طريق همام، عن يحيى بن أبي كثير وذكر فيه:(ويقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب)، وأكتفي بالصحيحين عن غيرهما

وتابعه على هذه الزيادة كل من:

الأول: أبان بن يزيد العطار عند مسلم (155 - 451)، وأحمد (5/ 300، 305، 307، 308)، وابن أبي شيبة في المصنف ت عوامة (3762)، والبخاري في القراءة خلف الإمام (147)، وأبي داود (799)، والنسائي في المجتبى (977)، وفي الكبرى (1051)، والطحاوي في المشكل (4622)، ومستخرج أبي عوانة (1754)، وابن خزيمة (503)، وابن حبان (1829)، وأبو العباس السراج في مسنده (112)، وفي حديثه (106)، وأبو نعيم في مستخرجه (1001)، والبيهقي (2/ 91).

الثاني: الأوزاعي، إلا أنه قد اختلف عليه:

فرواه محمد بن يوسف كما في صحيح البخاري (778)، وأكتفي بالبخاري.

وإسماعيل بن عبد الله بن سَمَاعَةَ (ثقة) كما في سنن النسائي (975)، والسنن الكبرى له (1049)، وسنده حسن، شيخ النسائي ابن أبي جميل الدمشقي قال النسائي:(لا بأس به).

وأبو المغيرة (عبد القدوس بن الحجاج ثقة) كما في مسند أحمد (5/ 305)، وسنن الدارمي (1328).

وابن المبارك (إمام) كما في مسند السراج (113)، وحديث السراج (107).

وأبو عاصم (الضحاك بن مخلد)، كما في مسند أحمد (5/ 311)، والقراءة خلف الإمام للبخاري (175)، وسنن الدارمي (1329)، ومستخرج أبي عوانة (1758)، ومسند السراج (108)، وحديثه (102)، ومستخرج أبي نعيم (1000).

والوليد بن مسلم كما في صحيح ابن خزيمة (504، 507)، وصحيح ابن حبان (1831)، ومستخرج أبي عوانة (1757) وحديث أبي العباس السراج (100)، والسنن الكبرى للبيهقي (2/ 490).

وبشر بن بكر كما في صحيح ابن خزيمة (507)، وحديث السراج (101)، سبعتهم، رووه عن الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير به، ولم يذكروا فيه القراءة في الأخريين.

وخالفهم مخلد بن يزيد الحراني (قال أحمد: لا بأس به، وكان يهم وقدم عليه أحمد مسكين ابن بكير) كما في مسند أحمد (5/ 305)، ومنتقى ابن الجارود على إثر ح (187)، فرواه عن الأوزاعي به، بلفظ: أنه: (كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب)، كلفظ همام وأبان بن يزيد العطار. =

ص: 21

وجه الاستدلال:

قوله: (كان يقرأ في الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم الكتاب) فالفعل (كان) يدل على الدوام والاستمرار، وجاء الحديث في معرض تقسيم

= قال ابن خزيمة في صحيحه: «كنت أحسب زمانًا أن هذا الخبر، في ذكر قراءة فاتحة الكتاب في الركعتين الأخريين من الظهر والعصر، لم يروه غير أبان بن يزيد، وهمام بن يحيى، على ما كنت أسمع أصحابنا من أهل الآثار يقولون، فإذا الأوزاعي مع جلالته قد ذكر في خبره هذه الزيادة» .

ولم يلتفت ابن خزيمة إلى رواية سبعة من أصحاب الأوزاعي كلهم أو جلهم أحفظ من مخلد بن يزيد كابن المبارك، وابن سماعة وأبي المغيرة والوليد بن مسلم، هؤلاء من ثقات أصحاب الأوزاعي، وغيرهم، رووه عنه من دون زيادة هذا الحرف، فالذي يظهر لي أن هذه الزيادة من طريق الأوزاعي زيادة شاذة، لا تعرف إلا عن همام وأبان، والله أعلم.

وقد رواه جمع من أصحاب يحيى بن أبي كثير عنه فلم يذكروا هذا الحرف، منهم:

الأول: شيبان كما في صحيح البخاري (638)، وأكتفي بالصحيح عن غيره.

الثاني: هشام الدستوائي، كما في صحيح البخاري (762، 779)، وأكتفي بالصحيح.

الثالث: حجاج بن أبي عثمان الصواف كما في صحيح مسلم (154 - 451)، وأحمد (4/ 383) و (5/ 311)، وأبي داود (798)، والنسائي في المجتبى (978)، وفي الكبرى (1052)، وابن ماجه (819)، ومستخرج أبي نعيم (1000)، من طريق محمد بن أبي عدي، عن حجاج عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، وعن أبي سلمة، عن أبي قتادة به. فزاد في الإسناد (أبا سلمة).

قال الدارقطني في العلل (6/ 136): فزاد أبا سلمة في الإسناد.

وقال في الأفراد: تفرد به حجاج الصواف، عن يحيى بن أبي كثير، عن عبد الله بن أبي قتادة، وعن أبي سلمة.

الرابع: معمر، رواه عنه عبد الرزاق كما في مصنفه (2675)، ومن طريقه أبو داود (800)، وعبد بن حميد كما في المنتخب (198)، وأبو العباس السراج في حديثه (107)، وفي مسنده (114).

ورواه عنه الثوري كما في صحيح ابن خزيمة (1580)، وعنه ابن حبان (1855)، وأبو العباس السراج في مسنده (115)، وفي حديثه (109).

الخامس: أبو إسماعيل: إبراهيم بن عبد الملك القناد بصري (صدوق في حفظه شيء)، كما في المجتبى من سنن النسائي (974)، وفي الكبرى (1048).

السادس: علي بن المبارك (ثقة) كما في مسند أحمد (5/ 279، 310).

السابع: حرب بن شداد (ثقة) كما في مسند أحمد (5/ 309)، والقراءة خلف الإمام للبخاري (147).

الثامن: معاوية بن سلام (ثقة) كما في مسند السراج (109)، وفي حديثه (103)، ثمانيتهم رووه عن يحيى بن أبي كثير به، وليس في حديثهم (ويقرأ في الركعتين الأخريين بأم الكتاب).

ص: 22

القراءة ومخالفة الركعتين الأوليين للأخريين، واختصاص كل قسم بما ذكر، والحديث رواه البخاري ومسلم، فهو أقوى مما يخالفه من جهة الإسناد، وأقوى من حيث الدلالة فهو نص في دلالته، غير محتمل، فينبغي أن يكون مثله قاطعًا للخلاف.

قال ابن دقيق العيد: «وقد يستدل بهذا الحديث على اختصاص القراءة بالأوليين، فإنه ظاهر الحديث، حيث فرق بين الأوليين والأخريين بما ذكر من قراءة السورة، وعدم قراءتها.

وقد يحتمل غير ذلك؛ لاحتمال اللفظ لأن يكون أراد تخصيص الأوليين بالقراءة الموصوفة بهذه الصفة، أعني التطويل في الأولى، والتقصير في الثانية»

(1)

.

ولا يظهر لي هذا الاحتمال لأن التطويل والتقصير نص عليه أبو قتادة في الحديث، وخَصَّ ذلك في إطالة الركعة الأولى عن الثانية فقط، فانتفى حمل النفي في الأخريين على التطويل والتقصير، واختصاص التفاوت في الأوليين يعني أن الركعتين الثالثة والرابعة لا مجال للتفاوت بينهما في الطول والقصر؛ لأن القراءة فيهما مقصورة على الفاتحة فقط؛ ولأن التفاوت يأتي في الأوليين بسبب أن قراءة ما زاد على الفاتحة فيهما لم تتعين بسورة معينة بخلاف الأخريين.

* وأجيب عن هذا الحديث بجوابين:

الجواب الأول:

أن إطالة الركعة الأولى ليس راجعًا لطول القراءة.

قال ابن حجر: «وقال من استحب استواءهما: إنما طالت الأولى بدعاء الافتتاح والتعوذ، وأما في القراءة فهما سواء»

(2)

.

قال ابن الملقن: «وفي هذا الحمل ضعف؛ لأن السياق للقراءة»

(3)

.

الجواب الثاني:

قال بعض الشافعية في الجمع بين حديثي التطويل والتسوية: إن الإمام يطول في الأولى إن كان ينتظر أحدًا، وإلا سوَّى بين الأوليين.

(1)

. إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام (1/ 266).

(2)

. فتح الباري (2/ 244).

(3)

. الإعلام بفوائد عمدة الأحكام (3/ 197).

ص: 23

ولعله أخذ ذلك من قوله: وربما كان يطيلها حتى لا يسمع وقع قدم، وهو حديث ضعيف، وسوف يأتي تخريجه في مظانه إن شاء الله تعالى.

وتخصيص حديث أبي قتادة بهذه العلة المستنبطة قول ضعيف؛ لأن الحكم قد يكون معللًا وقد لا يكون، وإذا كان معللًا فقد تكون هي العلة وقد تكون غيرها، وقد تكون لمجموعة من العلل، منها هذه، ومنها أن التطويل في الأولى على الثانية؛ راجع إلى أن النشاط في الركعة الأولى أكثر، فناسب التخفيف في الثانية.

الدليل الثاني:

(ث-362) ما رواه ابن أبي شيبة في المصنف، قال: حدثنا أبو معاوية، عن الشيباني، عن الشعبي قال: كتب عمر إلى شريح: «يقرأ في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب

(1)

.

[منقطع، الشعبي لم يسمع من عمر]

(2)

.

الدليل الثالث:

(ث-363) روى ابن ماجه من طريق شعبة، عن مسعر، عن يزيد الفقير،

عن جابر بن عبد الله، قال: كنا نقرأ في الظهر والعصر خلف الإمام في الركعتين الأوليين، بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب

(3)

.

[صحيح]

(4)

.

الدليل الرابع:

(ث-364) روى البيهقي في السنن الكبرى، من طريق يزيد بن زريع، عن معمر، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع،

(1)

. المصنف (3723).

(2)

. قال في جامع التحصيل (322): أرسل عن عمر .... »

وقال الدارقطني في السنن (3834): لم يدرك عمر رضي الله عنه.

وقال المزي في تهذيب الكمال (14/ 30): «روى عن عمر بن الخطاب ولم يسمع منه» .

وقال ابن حزم في المحلى (8/ 329): «أين الشعبي من عمر؟ والله ما ولد إلا بعد موت عمر بأزيد من عشرة أعوام» .

(3)

. سنن ابن ماجه (843).

(4)

. سبق تخريجه، انظر (ح 1382).

ص: 24

عن علي: أنه كان يأمر، أويحث أن يقرأ خلف الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب

(1)

.

[صحيح]

(2)

.

الدليل الخامس:

قال الجصاص: «لو كان من سننها أن يقرأ في الأخريين بسورة لورد النقل به متواترًا كوروده في الأوليين»

(3)

.

الدليل السادس:

قال ابن سيرين: «لا أعلمهم يختلفون أنه يقرأ في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب»

(4)

.

* دليل من قال: تسن قراءة ما زاد على الفاتحة مطلقًا:

الدليل الأول:

(ح-1472) ما رواه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، جميعًا عن هشيم، عن منصور، عن الوليد بن مسلم، عن أبي الصديق،

عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {الم (1) تَنزِيلُ} السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من

(1)

. السنن الكبرى (2/ 239).

(2)

. قال البيهقي: وكذا رواه عبد الأعلى الشامي، عن معمر.

ورواه البيهقي في السنن الكبرى (2/ 239)، وفي القراءة خلف الإمام (226)، من طريق سفيان بن حسين، عن الزهري، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن عليٍّ، وعن مولى لهم عن جابر، قالا: يقرأ الإمام ومن خلفه في الأوليين بفاتحة الكتاب وسورة، وفي الأخريين بفاتحة الكتاب، وهذا سند صالح في المتابعات.

(3)

. شرح مختصر الطحاوي للجصاص (1/ 663).

(4)

. المغني (1/ 412).

ص: 25

العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته: {الم (1) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية

(1)

.

* وأجيب عن هذا الاستدلال:

الجواب الأول:

أن هذا الحديث معارض لحديث أبي قتادة، وهو أرجح منه إسنادًا فحديث أبي قتادة في الصحيحين، وحديث أبي سعيد في مسلم، ومن طرق الترجيح تقديم المتفق عليه على ما رواه أحدهما.

وأقوى منه من حيث الدلالة، فدلالته على الاقتصار على الفاتحة في الأخريين دلالة نصية، لا تحتمل غيره. وأما حديث أبي سعيد فهو قائم على التقدير والتخمين وهو لا ينضبط، وعرضة للخطأ، فالآيات ليست متساوية، والقراءة تختلف، فقد يرتل المصلي قراءته، فتطول، وقد يقرأ الآيات حدرًا فتقصر، قد جاء عنه صلى الله عليه وسلم في مسلم أنه كان يرتل السورة حتى تكون أطول من التي أطول منها، وبالجملة: فإن حديث أبي قتادة نص فلا يعارض بالتقدير والتخمين.

يقول ابن قدامة: «لو قدرنا التعارض وجب تقديم حديث أبي قتادة؛ لأنه أصح، ويتضمن زيادة، وهي ضبط التفريق بين الركعتين»

(2)

.

ويقول ابن القيم: «حديث أبي سعيد ليس صريحًا في قراءة السورة في الأخريين، فإنما هو حزر وتخمين»

(3)

.

الجواب الثاني:

أن النبي صلى الله عليه وسلم ربما فعل ذلك؛ لبيان الجواز، فتكون القراءة في الثالثة والرابعة مباحة، وإن كانت السنة ترك القراءة فيهما.

قال ابن رجب: «وحمله طائفة من أصحابنا وغيرهم على أن هذا كان يفعله

(1)

. صحيح مسلم (156 - 452).

(2)

. المغني (1/ 410).

(3)

. الصلاة (ص: 185).

ص: 26

أحيانًا لبيان الجواز، فيدل على أنه غير مكروه، خلافًا لمن كرهه»

(1)

.

الجواب الثالث:

حديث أبي سعيد دليل على أن القراءة في الثالثة والرابعة مختص بالظهر دون غيرها. وهو قول ابن حزم، وسأبين وجه القول بذلك عند ذكر دليل ابن حزم.

الجواب الرابع:

أن حديث أبي سعيد قد روي عنه بلفظ يتفق مع حديث أبي قتادة،

(ح-1473) فقد رواه ابن ماجه، قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا أبو داود الطيالسي قال: حدثنا المسعودي قال: حدثنا زيد العمي، عن أبي نضرة،

عن أبي سعيد الخدري، قال: اجتمع ثلاثون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالوا: تعالوا حتى نقيس قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما لم يجهر فيه من الصلاة، فما اختلف منهم رجلان، فقاسوا قراءته في الركعة الأولى من الظهر، بقدر ثلاثين آية، وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك، وقاسوا ذلك في العصر، على قدر النصف من الركعتين الأخريين من الظهر

(2)

.

فجعل الركعة الثانية على النصف من الركعة الأولى، ولم يسوِّ بينهما، وحمل رواية أبي سعيد على رواية أبي قتادة أولى من إثبات التعارض.

* وأجيب:

بأن رواية ابن ماجه معلولة

(3)

.

(1)

. فتح الباري لابن رجب (7/ 80).

(2)

. سنن ابن ماجه (828).

(3)

. الحديث اختلف فيه على زيد العمي:

فقيل: عن زيد العمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد.

رواه أحمد (5/ 365) عن يزيد بن هارون، أخبرنا المسعودي، عن زيد العمي، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد، بلفظ:( .... كان يقرأ في صلاة الظهر قدر ثلاثين آية في الركعتين الأوليين في كل ركعة، وفي الركعتين الأخريين قدر النصف من ذلك .... ).

وفيه التسوية في مقدار القراءة بين الركعتين الأوليين، والتسوية في الركعتين الأخريين، كرواية أبي الصديق الناجي، عن أبي سعيد. =

ص: 27

الدليل الثاني:

(ث-365) ما رواه البخاري ومسلم من طريق ابن جريج، قال: أخبرني عطاء،

أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه، يقول: في كل صلاة يقرأ، فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى عنا أخفينا عنكم، وإن لم تزد على أم القرآن أجزأت وإن زدت فهو خير

(1)

.

وجه الاستدلال:

ظاهر قول أبي هريرة (وإن زدت فهو خير) استحباب القراءة في جميع الركعات، لإطلاقه الزيادة، قال ابن حجر: وهو ظاهر حديث أبي هريرة

(2)

.

= ورواه أبو داود الطيالسي، عن المسعودي، واختلف عليه في لفظه:

فرواه ابن ماجه (828) حدثنا يحيى بن حكيم، قال: حدثنا أبو داود الطيالسي، قال: حدثنا المسعودي به. بلفظ: ( .... فقاسوا قراءته في الركعة الأولى من الظهر بقدر ثلاثين آية، وفي الركعة الأخرى قدر النصف من ذلك .... ). فجعل الركعة الأولى أطول من الثانية.

ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (4628)، وفي شرح معاني الآثار (1/ 207) حدثنا بكار، قال: حدثنا أبو داود، حدثنا المسعودي به، بلفظ:( ..... فقاسوا قراءته في الركعتين الأوليين من الظهر بقدر ثلاثين آية، وفي الركعتين الأخريين على النصف من ذلك) بنحو رواية يزيد بن هارون، عن المسعودي من تسوية القراءة في الركعتين الأوليين.

فصارت رواية ابن ماجه مع ضعف إسنادها رواية منكرة، تفرد بها يحيى بن حكيم، عن الطيالسي، مخالفًا بكار بن قتيبة، عن الطيالسي، ومخالفًا رواية يزيد بن هارون، عن المسعودي،

هذا فيما يتعلق بالاختلاف في لفظ الحديث، والحديث ضعيف الإسناد، مداره على زيد العمي متفق على ضعفه، وفيه المسعودي: عبد الرحمن بن عبد الله بن عقبة، قد اختلط، ورواية يزيد بن هارون، والطيالسي بعد الاختلاط.

وقيل: عن زيد العمي، عن أبي العالية مرسلًا.

رواه عبد الرزاق في المصنف (2677)،

وأحمد (5/ 365)، حدثنا يزيد بن هارون.

وابن أبي شيبة في المصنف مختصرًا (3572) حدثنا وكيع، ثلاثتهم (عبد الرزاق، ويزيد، ووكيع) رووه عن سفيان الثوري، عن سفيان، عن زيد العمي، عن أبي العالية مرسلًا.

والثوري مقدم على المسعودي، كيف وكل الرواية عن المسعودي إنما رووه بعد اختلاطه، فيكون الراجح في حديث زيد العمي، أنه مرسل ضعيف؛ لأن مداره على العمي، وهو متفق على ضعفه.

(1)

. صحيح البخاري (772)، وصحيح مسلم (43 - 396).

(2)

. فتح الباري (2/ 252).

ص: 28

* ويجاب عن أثر أبي هريرة بجوابين:

أحدهما: أن هذا موقوف، ومعارض للمرفوع من حديث أبي قتادة في الصحيحين، والموقوف لا يعارض به المرفوع، فضلًا أن يُقَدَّم عليه.

الجواب الثاني: أن يقال: قول أبي هريرة: (وإن زدت فهو خير)، مجمل، فيحمل على زيادة خاصة، وهي الموافقة للسنة، كما في حديث أبي قتادة في الصحيحين، من قصر الزيادة على الأوليين من الصلوات، دون سائر الركعات.

الدليل الثالث:

(ث-366) ما رواه مالك في الموطأ، عن أبي عبيد مولى سليمان بن عبد الملك، عن عبادة بن نسي، عن قيس بن الحارث،

عن أبي عبد الله الصنابحي قال: قدمت المدينة في خلافة أبي بكر الصديق فصليت وراءه المغرب، فقرأ في الركعتين الأوليين بأم القرآن، وسورة: سورة من قصار المفصل، ثم قام في الثالثة، فدنوت منه حتى إن ثيابي لتكاد أن تمس ثيابه. فسمعته قرأ بأم القرآن وبهذه الآية {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّاب} [آل عمران: 8]

(1)

.

[صحيح]

(2)

.

(1)

. الموطأ (1/ 79).

(2)

. رواه مالك في الموطأ، من رواية يحيى بن يحيى الليثي.

ومن رواية أبي مصعب الزهري (218).

ورواه عن مالك أيضًا عبد الرزاق في المصنف (2698)،

والشافعي كما في الأوسط لابن المنذر (3/ 112، 300)، والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 93)، وفي معرفة السنن (2/ 394)، وفي الخلافيات (1792).

وابن وهب كما في مشكل الآثار للطحاوي (12/ 54)،

وابن بكير كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 93، 548).

وأبو عمرو بن نجيد كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 548).

وقد تابع محمود بن الربيع قيس بن الحارث،

فرواه عبد الرزاق في المصنف (2699)، وابن أبي شيبة في المصنف (3727) والطحاوي في مشكل الآثار (12/ 55)، من طريق ابن عون، عن رجاء بن حيوة، عن محمود بن الربيع، =

ص: 29

وجه الاستدلال:

أن أبا بكر رضي الله عنه له سنة متبعة، كما جاء في حديث العرباض بن سارية: قال صلى الله عليه وسلم:

عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وهو حديث مشهور.

* وأجيب بأكثر من جواب:

الجواب الأول:

حمل ابن عبد البر والقرطبي وأبو الوليد الباجي وابن قدامة وغيرهم أن هذا من قبيل الدعاء، وليس على طريقة القراءة في الصلاة.

قال ابن عبد البر عن قراءة أبي بكر: «إنما هو ضرب من القنوت والدعاء لما كان فيه من أهل الردة»

(1)

.

ونقل ذلك القرطبي في تفسيره ونسبه للعلماء

(2)

.

وقال نحوه أبو الوليد الباجي في المنتقى

(3)

.

وقال ابن قدامة: «ما فعله الصديق رحمه الله إنما قصد به الدعاء، لا القراءة؛

= عن الصنابحي بنحوه. وسنده صحيح.

وله شاهد ضعيف، رواه البيهقي في الشعب (834) من طريق أبي العباس محمَّد بن يعقوب، حدثنا أحمد بن عبد الجبَّار، حدثنا ابن فُضَيل، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن عبيد الله القرشي، عن عبد الله بن عُكَيم قال: صليت خلف أبي بكر المغرب، فلما قعد في الركعة الثانية كأنما كان على الجمر حتى قام، فقرأ فاتحة الكتاب، ثم قال:{رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} .

وفي إسناده أحمد بن عبد الجبار ضعيف،

وكذلك عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد بن الحارث، متفق على ضعفه،

قال البخاري: منكر الحديث.

وقال أحمد: ليس بشيء، منكر الحديث.

وشيخه عبيد الله القرشي، لم أعرفه.

(1)

. الاستذكار (1/ 429).

(2)

. تفسير القرطبي (4/ 20).

(3)

. المنتقى شرح الموطأ (1/ 147).

ص: 30

ليكون موافقًا لفعل النبي صلى الله عليه وسلم، وبقية أصحابه»

(1)

.

وقال أحمد كما في رواية الأثرم: «إن شاء قاله، قال: ولا تدري أكان ذلك من أبي بكر قراءة أو دعاء»

(2)

.

(ث-367) وروى الطحاوي من طريق يزيد بن هارون، أخبرني محمد بن راشد،

عن مكحول، قال: والله ما كانت قراءة، ولكنها كانت دعاء

(3)

.

* ويناقش:

القول بأنه نوى بذلك الدعاء أمرٌ لا يمكن الوقوف عليه؛ لأن الوقوف على نية الفاعل لا يمكن العلم بها إلا من جهته، ولم يَأْتِ نص من أبي بكر يبين أنه نوى القنوت ولم يَنْوِ القراءة، فالكلام فيها من الرجم بالغيب، والمقام مقام قراءة، والمتْلُوُّ قرآن، فالأصل أنه يحمل على القراءة حتى يتبين العكس.

والقنوت من الإمام لا يكون سرًّا في الصلاة، بل يجهر به؛ من أجل تأمين المصلين، كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يقنت في النوازل جهرًا.

الجواب الثاني:

قوله: (وسنة الخلفاء الراشدين) أي لا يتصور سنة للخلفاء الراشدين إلا في أمر لم يحفظ فيه سنة للرسول صلى الله عليه وسلم، فما سن فيه الرسول صلى الله عليه وسلم سنة، فليس لهم فضلًا عن غيرهم، ولا ينبغي أن يكون لهم سنة مخالفة، وإلا لما كانوا راشدين مهديين، لهذا كان من الشرط المتفق عليه للعمل بالموقوف ألا يعارض مرفوعًا، ولا يخالفه غيره من الصحابة، وهذا الشرط لا يتحقق في هذا الأثر:

فهو معارض للسنة المتفق عليها من حديث أبي قتادة رضي الله عنه.

قال ابن قدامة: «ولو قُدِّرَ أنه -يعني أبا بكر- قصد بذلك القراءة، فليس بموجب ترك حديث النبي صلى الله عليه وسلم وفعله»

(4)

.

(1)

. المغني (1/ 412).

(2)

. فتح الباري لابن رجب (7/ 80).

(3)

. مشكل الآثار (12/ 55)، وهو في مصنف عبد الرزاق (2699).

(4)

. المغني (1/ 413).

ص: 31

وقد خالفه غيره من الصحابة رضوان الله عليهم، كما خرجت ذلك من فعل علي رضي الله عنه وجابر، وغيرهما ..

قال مالك: ليس العمل عندي على أن يقرأ في الثالثة من المغرب بعد أم القرآن ربنا لا تزغ قلوبنا

(1)

.

الجواب الثالث:

قوله: (وسنة الخلفاء)، السنة مضافة للخلفاء، فهو يشير إلى سنة يتوافق عليها الخلفاء، وليس سنة ينفرد بها بعضهم دون بعض، وإلا لقال عليكم بسنتي وسنة الخليفة الراشد، فلما قال:(وسنة الخلفاء) فهم منه سنة يتوافق عليها الخلفاء الراشدون، فهذا عليٌّ رضي الله عنه كان يقتصر على قراءة الفاتحة في الثالثة والرابعة، وروي نحو ذلك عن عمر رضي الله عنه، وهما من الخلفاء الراشدين، وجاء مثل ذلك عن جابر رضي الله عنه، فلا يصح القول: إن القراءة فيما زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة من سنة الخلفاء الراشدين، وإذا كان الترك من سنتهم والقراءة من سنتهم كان ذلك إما تقديم الترك لموافقته السنة المتفق عليها من حديث أبي قتادة على غيره، أو يحمل ذلك على أن الأمر واسع، وأن القراءة وتركها جائزة.

الدليل الرابع:

(ث-368) ما رواه مالك في الموطأ، عن نافع،

أن عبد الله بن عمر كان إذا صلى وحده يقرأ في الأربع جميعًا في كل ركعة، بأم القرآن وسورة من القرآن، وكان يقرأ أحيانًا بالسورتين والثلاث في الركعة الواحدة من صلاة الفريضة، ويقرأ في الركعتين من المغرب كذلك بأم القرآن وسورة سورة

(2)

.

[صحيح].

* وأجيب:

بأن فعل ابن عمر رضي الله عنهما يشعر بالجواز، وليس بالسنية؛ لأن القراءة

(1)

. مختصر اختلاف العلماء للطحاوي (1/ 217).

(2)

. موطأ مالك (1/ 79).

ص: 32

في الثالثة والرابعة لو كانت سنة متبعة لم يكن هناك فرق بين الصلاة وحده، وبين الصلاة بالناس، وإلا لاعتبر فعل ابن عمر قولًا آخر من الأقوال في المسألة، ولم أذكره في الأقوال لأني لم أفهم من فعل ابن عمر إلا ما دل عليه حديث أبي هريرة مرفوعًا في الصحيحين: (إذا صلى أحدكم للناس، فليخفف

وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء)

(1)

.

ولأنه لم يحفظ في السنة المرفوعة أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يجمع بين السور في الركعة الواحدة في الفريضة، وإنما حفظ ذلك في النافلة؛ للسبب نفسه، لأن النفل يحتاج فيه المصلي إلى طول القيام بخلاف الفرض.

ولأنه حين ترك القراءة في ثالثة المغرب خلافًا لفعل أبي بكر كان راجعًا إلى عدم استحباب التطويل في صلاة المغرب، فالسنة في المغرب أن تكون القراءة في الأوليين من قصار المفصل، فإذا قصرت القراءة في الأوليين لم يكن هناك حاجة إلى إطالة الركعة الثالثة، والله أعلم.

وبالتالي لا يمكن أن نأخذ من هذا الأثر استحباب قراءة ما زاد على الفاتحة في الثالثة والرابعة من الفريضة، والله أعلم.

* دليل من قال: يباح فعله ولا يسن:

حملوا حديث أبي قتادة على أنه هو السنة، لأنه جاء بلفظ:(كان يقرأ في الأوليين بأم الكتاب وسورة وفي الأخريين بأم الكتاب) فالفعل (كان) يدل على الدوام والاستمرار.

وحملوا حديث أبي سعيد الخدري أنه فعل ذلك لبيان الجواز؛ لأنه قام على تقدير القراءة بتقدير طول القيام، وقد يكون هذا التقدير لبعض الصلوات، وليس لكل صلواته، وإلا لكان معارضًا لحديث أبي قتادة، وهو أصح منه.

(1)

. رواه البخاري (703) من طريق مالك، عن أبي الزناد، عن الأعرج،

ورواه مسلم (184 - 467) من طريق معمر، عن همام بن منبه،.

ورواه مسلم (185 - 467) من طريق ابن شهاب، قال: أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن ثلاثتهم عن أبي هريرة. ولم يذكر أبو سلمة قوله: (وإذا صلى وحده

إلخ).

ص: 33

ومما يدل على الإباحة فعل ابن عمر رضي الله عنهما حيث كان يفعل ذلك إذا صلى وحده، فلو كان يراه من السنة لفعله إذا صلى بالناس، وقد سبق لك توجيه فعل ابن عمر على الإباحة.

* دليل من قال: يكره القراءة في الثالثة والرابعة:

اعتمد هذا القول إلى ترجيح حديث أبي قتادة على حديث أبي سعيد الخدري، وقد عرفت مستند الترجيح:

فحديث أبي قتادة في الصحيحين، وحديث أبي سعيد من أفراد مسلم.

وحديث أبي قتادة صريح الدلالة، وحديث أبي سعيد ظاهر الدلالة، وإذا تعارض الصريح والظاهر قدم الصريح.

وإذا ترجح حديث أبي قتادة، وأنه هو السنة كانت مخالفة السنة مكروهة، أو خلاف الأولى بخلاف ترك السنة، فقد لا يلزم من تركها الوقوع في المكروه؛ لأن هذا الذي قرأ يقال له: ما أردت بفعلك؟ فإن قال: زيادة الأجر، قيل: هذا استدراك على الشارع، فالرسول صلى الله عليه وسلم ما كان يقرأ في الثالثة والرابعة زيادة على الفاتحة، وإن لم يرد الأجر كان ترك القراءة أولى من فعله، فالتحق بالمكروه.

* ونوقش:

بأن حديث أبي سعيد حديث صحيح، ولا يلزم من كون حديث أبي قتادة أصح أن يطرح حديث أبي سعيد، إلا لوكان الحديثان متعارضين، ولا سبيل إلى الجمع بينهما، فإذا أمكن الجمع بين الدليلين لزم ذلك؛ لأن سلوك الترجيح يؤدي إلى طرح أحد الدليلين مع ثبوت صحته، والجمع إعمال لهما جميعًا، فتعين. وسيأتي كيفية الجمع بينهما بلا تكلف فيما بقي من أدلة المسألة، والله أعلم.

* دليل من قال: يقرأ في الثالثة والرابعة من الظهر خاصة:

(ح-1474) ما رواه مسلم، قال: حدثنا يحيى بن يحيى، وأبو بكر بن أبي شيبة، جميعًا عن هشيم، عن منصور، عن الوليد بن مسلم، عن أبي الصديق،

عن أبي سعيد الخدري قال: كنا نحزر قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر

ص: 34

فحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من الظهر قدر قراءة {الم (1) تَنزِيلُ} السجدة وحزرنا قيامه في الأخريين قدر النصف من ذلك، وحزرنا قيامه في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر وفي الأخريين من العصر على النصف من ذلك» ولم يذكر أبو بكر في روايته:{الم (1) تَنزِيلُ} وقال: قدر ثلاثين آية

(1)

.

وجه الاستدلال:

الحديث يدل على أنهم قدروا قيامه صلى الله عليه وسلم في الركعتين الأوليين من العصر على قدر قيامه في الأخريين من الظهر: أي بمقدار خمس عشرة آية، نصفها متعين للفاتحة، وقدروا قيامه في الأخريين من العصر على النصف من ذلك. أي أن قيامه في الأخريين من العصر لا يتجاوز قدر سبع آيات، وذلك يعني أن قيامه بمقدار فاتحة الكتاب.

فهذا دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يزيد في الأخريين من العصر على فاتحة الكتاب بخلاف الظهر.

وإذا كان لا يزيد في الأخريين من العصر على فاتحة الكتاب، فهو لا يزيد في العشاء، ولا في المغرب لعدم الدليل المقتضي، فالقراءة في العشاء على قدر القراءة في العصر، والقراءة في الأوليين من المغرب من قصار المفصل، فالأخريان لا قراءة فيهما، ولا يصح القول بقياسهما على الظهر؛ لانتقاضه بصلاة العصر، وهي رباعية، فصار حديث أبي سعيد خاصًّا بالثالثة والرابعة من الظهر وحدها، والله أعلم.

* ونوقش:

بأن قوله: (حزرنا قيامه في الأخريين) فقيام مفرد نكرة مضافة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فيحتمل الحديث: أن المراد جميع قيامه في الركعة، كما تفيده دلالة النكرة إذا أضيفت إلى معرفة، كما قال تعالى:{وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللّهِ} فـ (نعمة) وإن كانت بلفظ المفرد إلا أنها اكتسبت العموم بإضافتها إلى لفظ الجلالة، ولهذا قال: لا تحصوها.

ويحتمل أن الصحابي أراد بالتقدير فيما سوى الفاتحة؛ لكونها معلومة، فلم

(1)

. صحيح مسلم (156 - 452).

ص: 35

تدخل بالتقدير، والأول هو الظاهر من الحديث، لكن لا يمكن الجزم به، والله أعلم.

* دليل من قال: يسن فعلها أحيانًا:

هذا القول استند إلى الجمع بين حديث أبي قتادة، وحديث أبي سعيد الخدري،

فحديث أبي قتادة يدل على أن هذا كان أكثر فعله عليه الصلاة والسلام، وربما قرأ في الركعتين الأخريين بشيء فوق الفاتحة كما دل عليه حديث أبي سعيد.

ذكر هذا ابن القيم في الهدي، وقال:«وهذا كما أن هديه صلى الله عليه وسلم كان تطويل القراءة في الفجر، وكان يخففها أحيانًا، وتخفيف القراءة في المغرب، وكان يطيلها أحيانًا، وترك القنوت في الفجر، وكان يقنت فيها أحيانًا، والإسرار في الظهر والعصر بالقراءة، وكان يسمع الصحابة الآية فيها أحيانًا، وترك الجهر بالبسملة، وكان يجهر بها أحيانًا»

(1)

.

وقال صاحب فيض الباري: «ثبتت القراءة بالسورة أيضًا، فلا مناص إلا بالقول بالجواز، وهو قول فخر الإسلام منا، وهو الأصوب عندي، ولعل الأكثر من فعل النبي صلى الله عليه وسلم تركها، وهو السنة»

(2)

.

وبهذا الجمع نكون قد أعملنا كلا الدليلين، وبه نفهم ما ينقل عن بعض الصحابة من القراءة أحيانًا في بعض الصلوات، وتكون القراءة وتركها من العبادات المتنوعة التي جاءت على أكثر من وجه، فإذا وجد الإنسان نشاطًا على العبادة وأراد أن يقرأ في الثالثة والرابعة ساوى في القراءة بين الركعتين الأوليين وكأنهما ركعة واحدة، وقرأ في الثالثة والرابعة على النصف من قراءته في الأولى والثانية، وأن يكون هذا أحيانًا، وأن يكون غالب فعله ترك القراءة، وأن يكون التفاوت بين الركعة الأولى والثانية فقط، كما دل عليه حديث أبي قتادة، والله أعلم.

* الراجح:

أن القراءة في الثالثة والرابعة يفعله أحيانًا، وإن كان الأكثر من الفعل الاقتصار على قراءة الفاتحة، والله أعلم.

* * *

(1)

. زاد المعاد (1/ 240).

(2)

. فيض الباري (2/ 573).

ص: 36