المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين - الجامع في أحكام صفة الصلاة - الدبيان - جـ ٣

[دبيان الدبيان]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة

- ‌الفرع الأول في قراءته ما زاد على الجهرية

- ‌الفرع الثاني في قراءة المأموم ما زاد على الفاتحة في السرية

- ‌المبحث الثالث في قراءة ما زاد على الفاتحة في الركعة الثالثة والرابعة

- ‌المبحث الرابع في أقل ما تحصل به السنة من القراءة بعد الفاتحة

- ‌المبحث الخامس في قراءة السورة قبل الفاتحة

- ‌المبحث السادس

- ‌فرع في مقدار التفاوت بين الركعة الأولى والثانية في القراءة

- ‌المبحث السابع في إطالة الركعة الثانية على الأولى

- ‌المبحث الثامن في القراءة من أواسط السور وأواخرها

- ‌المبحث التاسع في قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة

- ‌المبحث العاشر في تكرار السورة الواحدة في ركعتين

- ‌الفصل الثالث في مقدار القراءة في الصلوات الخمس

- ‌المبحث الأول في تقسيم سور القرآن إلى طوال ومئين ومثان ومفصل

- ‌المبحث الثاني في تحديد بداية المفصل

- ‌المبحث الثالث في تحديد طوال المفصل وأوسطه وقصاره

- ‌المبحث الرابع في مقدار القراءة المستحبة في صلاة الصبح

- ‌فرع في استحباب قراءة السجدة والإنسان في فجر الجمعة

- ‌المبحث الخامس في مقدار القراءة في صلاة الظهر

- ‌المبحث السادس في مقدار القراءة في صلاة العصر

- ‌المبحث السابع في مقدار القراءة في صلاة المغرب

- ‌المبحث الثامن قدر القراءة من بالمغرب من السور الطوال

- ‌المبحث التاسع قدر القراءة في صلاة العشاء

- ‌الفصل الرابع في الأحكام العامة المتعلقة بالقراءة

- ‌المبحث الأول الجهر والإسرار في الصلاة

- ‌الفرع الأول الجهر والإسرار بالصلاة المؤداة

- ‌الفرع الثاني في الإسرار في الصلاة الفائتة

- ‌الفرع الثالث حكم الجهر والإسرار في موضعه

- ‌المسألة الأولى حكم الجهر والإسرار بالقراءة للإمام

- ‌المسألة الثانية حكم الجهر والإسرار بالقراءة للمنفرد

- ‌المسألة الثالثة حكم الجهر بالقراءة للمأموم

- ‌المسألة الرابعة حكم جهر المرأة بالقراءة

- ‌الفرع الرابع في أقل الجهر وأعلاه

- ‌المسألة الأولى في أقل الجهر

- ‌المسألة الثانية في أعلى الجهر

- ‌الفرع الخامس في جهر بعض المصلين على بعض

- ‌الفرع السادس الجهر ببعض الآيات في الصلاة السرية

- ‌المبحث الثاني في السؤال عند آية الوعد والتعوذ عند آية الوعيد

- ‌المبحث الثالث في حكم قراءة القرآن بغير العربية في الصلاة

- ‌المبحث الرابع في القراءة الشاذة

- ‌الفرع الأول في تعريف القراءة الشاذة

- ‌الفرع الثاني الصلاة بالقراءة المخالفة لرسم المصحف

- ‌الفرع الثالث في الاحتجاج بالقراءة الشاذة في الأحكام

- ‌الفرع الرابع في الجمع بين القراءات المختلفة في الصلاة

- ‌المبحث الخامس في القراءة من المصحف

- ‌الفرع الأول القراءة من المصحف خارج الصلاة

- ‌الفرع الثاني في القراءة من المصحف بالصلاة

- ‌الباب السابع في أحكام الركوع

- ‌الفصل الأول في حكم تكبيرات الانتقال ومنه التكبير للركوع

- ‌الفصل الثانيفي حكم الركوع

- ‌المبحث الأول يرفع يديه للركوع والرفع منه دون القيام من الركعتين

- ‌المبحث الثاني في وقت ابتداء التكبير

- ‌المبحث الثالث في مد تكبيرات الانتقال لتستوعب جميع المحل

- ‌الفصل الرابع في صفة الركوع

- ‌المبحث الأول في الصفة المجزئة

- ‌المبحث الثاني في صفة الركوع الكامل

- ‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

- ‌الفرع الثاني إذا نوى بالانحناء غير الركوع

- ‌المبحث الثالث في مد الظهر ومجافاة المرفقين عن الجنبين

- ‌المبحث الرابع وجوب الطمأنينة في الصلاة

- ‌الفصل الخامس في أذكار الركوع والسجود

- ‌المبحث الأول حكم التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثاني صيغة التسبيح في الركوع والسجود

- ‌المبحث الثالث في زيادة (وبحمده) مع التسبيح

- ‌المبحث الرابع أقل ما تحصل به سنة التسبيح

- ‌المبحث الخامس أعلى الكمال في تسبيح الركوع والسجود

الفصل: ‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

‌المبحث الثاني في صفة الركوع الكامل

‌الفرع الأول في وضع اليدين على الركبتين

المدخل إلى المسألة:

* الركوع في اللغة: هو الانحناء تعظيمًا، فإذا انحنى في صلاته مطمئنًّا فيه، فقد تحقق منه فرض الركوع، وما زاد فهو من الكمال، ومنه وضع اليدين على الركبتين.

* لا يختلف العلماء في مشروعية وضع اليدين على الركبتين على خلاف بينهم، أيستحب ذلك أم يجب، أم يشترط، والصواب الأول.

* قال النبي صلى الله عليه وسلم (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالركوع، ولم يذكر له وضع اليدين، ولو كان واجبًا لذكره له.

* الأمر بجعل الراحتين على الركبتين في حديث المسيء صلاته من مسند رفاعة شاذ على الصحيح.

* الأمر بوضع اليدين على الركب جاء من أجل حمل الناس على ترك التطبيق والذي كان مشروعًا ثم نسخ، فلم يكن أمرًا مطلقًا، وإذا كان التطبيق ليس واجبًا كان بدله ليس واجبًا إلا بقرينة.

[م-621] ذهب عامة العلماء إلى مشروعية تمكين اليدين من الركبتين مفرقة الأصابع، واختلفوا في الوجوب:

فقيل: وضع اليدين على الركبتين مستحب، فلو ترك ذلك صح ركوعه، وهو مذهب الجمهور من الحنفية، والشافعية، والحنابلة، وأحد القولين في مذهب

ص: 481

المالكية، وهو المعتمد

(1)

.

جاء في مواهب الجليل نقلًا عن صاحب الطراز

(2)

: «أما تمكين اليدين من الركبتين في الركوع فمستحب عند الكافة، وليس بواجب» .

وقال الدسوقي: «وضع اليدين على الركبتين مستحب على المعتمد كما تقدم، وتمكينهما منهما مستحبٌّ ثان»

(3)

.

وقال المحب الطبري الشافعي في التعليقة الكبرى: «وليس قبض الكفين على الركبتين من واجبات الركوع، ولكن يجب عليه أن يركع بحيث يقدر على ذلك إن أراده»

(4)

.

وقيل: وضع اليدين على الركبتين شرط، وهو ما فهمه الباجي واللخمي من المدونة خلافًا للمعتمد عند المالكية، وخلافًا لما فهمه صاحب الطراز وأبو الحسن منها

(5)

.

قال الإمام مالك كما في المدونة: «إذا أمكن يديه من ركبتيه وإن لم يسبح فذلك مجزئ عنه»

(6)

.

(1)

. كره الحنفية كراهة تنزيهية ترك وضع اليدين على الركبتين، انظر: الأصل (1/ 4)، تحفة الفقهاء (1/ 133)، المبسوط (1/ 210)، البحر الرائق (1/ 333)، مراقي الفلاح (ص: 129)، تبيين الحقائق (1/ 106)، الاختيار لتعليل المختار (1/ 51)، كنز الدقائق (ص: 163).

وَعَدَّ المالكية وضع اليدين على الركبتين من الفضائل، انظر: القوانين الفقهية لابن جزي (ص:39)، مواهب الجليل (1/ 520)، الفواكه الدواني (1/ 179)، الشرح الصغير (1/ 327)، مسائل أحمد رواية إسحاق والكوسج (2/ 695)، الكافي لابن قدامة (1/ 250)، المغني لابن قدامة (1/ 359)، شرح الزركشي على الخرقي (1/ 554)، الفروع (2/ 159)، المبدع (1/ 395)، شرح منتهى الإرادات (1/ 194)، كشاف القناع (1/ 346).

(2)

. صاحب الطراز: هو سند بن عنان بن إبراهيم أبو علي الأزدي، الفقيه المالكي، كان فقيهًا فاضلًا شرح المدونة بكتاب سماه (الطراز)، واشتهر به بلغ نحو ثلاثين سفرًا، حتى غلب اسم الكتاب على اسمه، فكان المالكية يحكون أقواله بقولهم: قال صاحب الطراز، وقد توفي قبل إكماله سنة (541 هـ).

(3)

. حاشية الدسوقي (1/ 239).

(4)

. التعليقة الكبرى للمحب الطبري، رسالة ماجستير لم تطبع (ص: 349).

(5)

. حاشية الدسوقي (1/ 239)، شرح ابن ناجي التنوخي على الرسالة (1/ 143)، التبصرة للخمي (1/ 284).

(6)

. المدونة (1/ 143).

ص: 482

قال ابن ناجي في شرحها: «ظاهره أن وضع اليدين على الركبتين شرط لا يسمى ركوعًا إلا بذلك، وصرح بذلك الباجي، فقال: المجزئ من الركوع أن يمكن يديه من ركبتيه. وعزاه اللخمي لقول مالك فيها»

(1)

.

وقيل: وضع اليدين على الركبتين واجب، وبه قال ابن حزم

(2)

.

وذهب جماعة من السلف إلى التطبيق، وهو أن يجعل المصلي إحدى كفيه على الأخرى، ثم يجعلهما بين ركبتيه إذا ركع

(3)

.

* دليل من قال: وضع اليدين على الركبتين مستحب:

الدليل الأول:

(ح-1642) ما رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،

عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا

الحديث

(4)

.

وجه الاستدلال: (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا)

فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالركوع، ولم يذكر له وضع اليدين على الركبتين، والركوع ليس له حقيقة شرعية، لذا كان الرجوع في معناه إلى حقيقته اللغوية. فالركوع في اللغة: هو الانحناء تعظيمًا، فإذا انحنى في صلاته مطمئنًا فيه، فقد تحقق منه فرض الركوع، وما كان زائدًا على ذلك فهو من باب الكمال، ومنه وضع اليدين على الركبتين.

(1)

. مواهب الجليل (1/ 520).

(2)

. المحلى، مسألة (369).

(3)

. المغني (1/ 359).

(4)

. صحيح البخاري (793)، وصحيح مسلم (45 - 397).

ص: 483

الدليل الثاني:

(ح-1643) ما رواه البخاري من طريق محمد بن عمرو بن حلحلة،

عن محمد بن عمرو بن عطاء، أنه كان جالسًا مع نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال أبو حميد الساعدي: أنا كنت أحفظكم لصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيته إذا كبر جعل يديه حذاء منكبيه، وإذا ركع أَمْكَنَ يديه من ركبتيه، ثم هَصَرَ ظهره

الحديث

(1)

.

وجه الاستدلال:

قوله: (أَمْكَنَ يديه من ركبتيه): جاء في المغرب في ترتيب المعرب: مَكَّنَهُ من الشيء، وَأَمْكَنَهُ منه أقدره عليه، ومنه الحديث: ثم أمكن يديه من ركبتيه أي مكنهما من أخذهما والقبض عليهما»

(2)

.

وإنما كان مستحبًّا؛ لأنه نَقَلَ لنا فعل النبي صلى الله عليه وسلم والأصل في أفعال النبي صلى الله عليه وسلم التعبدية أنها لا تدل بنفسها على الوجوب وإنما تدل على المشروعية.

وقولي: (لا تدل بنفسها)؛ لإخراج ما كان بيانًا للمجمل، فإن الفعل قد يستفاد منه الوجوب لكن ليس بنفسه، وإنما بغيره، كما لو كان بيانًا لمجمل واجب.

وقيدت الأفعال (بالتعبدية)؛ لإخراج ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بمقتضى الجبلة أو موافقة للأعراف والعادات، فالأصل في هذه الأفعال الإباحة، كالنوم، وأكل الطعام ولبس العمامة، والإزار، وكالامتناع عن بعض الأطعمة، كامتناعه عن الضب والبصل والثوم، ونحوها.

(ح-1644) ورواه أحمد من طريق عبد الحميد بن جعفر، قال: حدثني محمد بن عطاء،

عن أبي حميد الساعدي، قال: سمعته وهو في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن رِبْعِيٍّ، يقول: .... فذكر الحديث، وفيه:

فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه، ثم قال: الله أكبر، فركع، ثم

(1)

. صحيح البخاري (828).

(2)

. المغرب في ترتيب المعرب (ص: 445).

ص: 484

اعتدل، فلم يَصُبَّ رأسه، ولم يُقْنِعْهُ، ووضع يديه على ركبتيه .... الحديث

(1)

.

[سبق تخريجه]

(2)

.

(ح-1645) وروى أبو داود من طريق فليح بن سليمان،

عن عباس بن سهل، قال: اجتمع أبو حميد، وأبو أسيد، وسهل بن سعد، ومحمد بن مسلمة، فذكروا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو حميد: أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم

وفيه: ثم ركع فوضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما

الحديث

(3)

.

الدليل الثالث:

(ح-1646) ما رواه أبو داود من طريق بشر بن المفضل، عن عاصم بن كليب، عن أبيه،

عن وائل بن حجر، قال: قلت: لأَنظُرَنَّ إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصلي، قال: فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة، فكبر فرفع يديه حتى حاذتا أذنيه، ثم أخذ شماله بيمينه، فلما أراد أن يركع رفعهما مثل ذلك، ثم وضع يديه على ركبتيه

الحديث

(4)

.

[صحيح]

(5)

.

الدليل الرابع:

(ح-1647) ما رواه الإمام أحمد، حدثنا حسين بن علي، عن زائدة، عن عطاء ابن السائب، عن سالم أبي عبد الله، قال:

قال عقبة بن عمرو: ألا أريكم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقام فكبر، ثم ركع، فجافى يديه، ووضع يديه على ركبتيه، وفرج بين أصابعه من وراء

(1)

. المسند (5/ 424).

(2)

. في مسألة رفع اليدين إذا أراد أن يركع من هذا المجلد.

(3)

. سبق تخريجه، انظر تخريج (ح 1631).

(4)

. سنن أبي داود (726).

(5)

. سبق تخريجه، انظر ح (1254).

ص: 485

ركبتيه، حتى استقر كل شيء منه

وذكر الحديث

(1)

.

[إسناده قوي زائدة سمع من عطاء قديمًا على ما قاله الطبراني وابن حجر]

(2)

.

(1)

. المسند (4/ 120).

(2)

. الحديث مداره على عطاء بن السائب، عن سالم أبي عبد الله، عن أبي مسعود عقبة بن عمرو. وهذا إسناد رجاله كلهم ثقات إلا عطاء بن السائب فإنه صدوق.

وقد رواه جماعة من أصحاب عطاء،

الأول: زائدة بن قدامة، عن عطاء.

رواه أحمد (4/ 120)، والنسائي في المجتبى (1037)، وفي الكبرى (629)، حدثنا حسين بن علي.

ورواه الطبراني في الكبير (17/ 214) ح 670، من معاوية بن عمرو،

والبيهقي في السنن الكبرى (2/ 175)، من طريق يحيى بن أبي بكير، ثلاثتهم عن زائدة بن قدامة به.

وهذا الطريق قد قدمته على غيره لأن زائدة بن قدامة روى عن عطاء قبل تغيره.

قال الطبراني عن عطاء بن السائب كما في التهذيب (7/ 207): «ثقة، اختلط في آخر عمره، فما رواه عنه المتقدمون فهو صحيح، مثل: سفيان وشعبة وزهير وزائدة» .

وقال ابن حجر في هدي الساري: (425): «وتحصل لي من مجموع كلام الأئمة: أن رواية شعبة، وسفيان الثوري، وزهير بن معاوية، وزائدة، وأيوب، وحماد بن زيد عنه قبل الاختلاط، وأن جميع من روى عنه غير هؤلاء فحديثه ضعيف؛ لأنه بعد اختلاطه؛ إلا حماد بن سلمة فاختلف قولهم فيه» .

ولم ينفرد به زائدة بن قدامة، تابعه جمع من الرواة كما سيتبين لك بالتخريج:

الطريق الثاني: همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب:

رواه أبو داود الطيالسي (654)،

وأحمد (4/ 119)، والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 229)، عن عفان.

والدارمي (1343) أخبرنا أبو الوليد،

والطبراني في المعجم الكبير (17/ 240) ح 668، وابن المنذر في الأوسط (3/ 151)، من طريق حجاج بن المنهال، أربعتهم (الطيالسيان: أبو داود وأبو الوليد، وعفان، وابن منهال) رووه عن همام بن يحيى، عن عطاء بن السائب.

وفيه: (

فكبر، فركع، فوضع كفيه على ركبتيه، وفُصِلَتْ أصابعه على ساقيه

). هذا لفظ عفان عند أحمد والطحاوي.

وفي لفظ أبي داود الطيالسي وأبي الوليد الطيالسي: (

وفرج بين أصابعه

) وقال حجاج ( .... وفرق بين أصابعه)، وهما بمعنى.

الثالث: أبو الأحوص سلام بن سليم، عن عطاء،

أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2524)، =

ص: 486

وجه الاستدلال به كالاستدلال بالحديث السابق.

الدليل الخامس:

(ح-1648) ما رواه النسائي، قال: أخبرنا سويد بن نصر، قال: أنبأنا عبد الله، عن سفيان، عن أبي حصين،

= والنسائي في المجتبى (1036)، وفي الكبرى (628)، أخبرنا هناد بن السَّرِيِّ في حديثه،

والطبراني في الكبير (17/ 242) ح 672، من طريق عثمان بن أبي شيبة، ثلاثتهم عن أبي الأحوص به، بنحوه. وفيه ( .... فلما ركع وضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك .... ).

الرابع: إسماعيل بن علية، عن عطاء.

رواه النسائي في المجتبى (1038)، وفي الكبرى (630) أخبرنا يعقوب بن إبراهيم، عن ابن علية، عن عطاء بن السائب به، وفيه: ( .... فلما ركع جافى بين إبطيه حتى لما استقر كل شيء منه رفع رأسه

) ولم يذكر موضع الأصابع.

الخامس: أبو عوانة، الوضاح بن عبد الله اليشكري، عن عطاء بن السائب.

أخرجه أحمد (5/ 274) حدثنا يحيى بن حماد، أخبرنا أبو عوانة به، وفيه: (

ثم ركع فوضع كفيه على ركبتيه، وجافى بين إبطيه

).

السادس: جرير بن عبد الحميد، عن عطاء.

رواه أبو داود في السنن (863)، وأبو يعلى الموصلي في مسنده كما في إتحاف الخيرة (1909) حدثنا زهير بن حرب.

والطبراني في الكبير (17/ 242) ح 672، من طريق عثمان بن أبي شيبة،

وابن خزيمة في صحيحه (598) أخبرنا يوسف بن موسى.

والحاكم في المستدرك (816) من طريق يحيى بن المغيرة، وقتيبة بن سعيد، خمستهم رووه عن جرير بن عبد الحميد، عن عطاء به، وفيه: (

فلما ركع وضع يديه على ركبتيه، وجعل أصابعه أسفل من ذلك .... ).

الطريق السابع: خالد بن عبد الله الواسطي، عن عطاء. رواه الطبراني في الكبير (17/ 240) ح 669.

الطريق الثامن: جعفر بن الحارث، عن عطاء، رواه الطبراني في الكبير (17/ 241) ح 671.

الطريق التاسع: حماد بن شعيب، عن عطاء. رواه الطبراني في الكبير (17/ 242) ح 673، من طريق يحيى الحماني، حدثنا حماد بن شعيب، عن عطاء به. ويحيى وشيخه مجروحان.

الطريق العاشر: مفضل بن مهلهل، عن عطاء، أخرجه الطبراني في الأوسط (2687).

هذا ما وقفت عليه من طرق الحديث إلى عطاء، وأصحها طريق زائدة؛ وهمام؛ فالأول صرح الطبراني بأنه ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، والثاني صرح الطحاوي في مشكل الآثار بأنه ممن روى عن عطاء قبل الاختلاط، وأما جرير وأبو الأحوص، وابن علية فهم ممن روى عن عطاء بعد تغيره، فالحديث حسن، ولم أر في ألفاظه ما يمكن الحكم عليه بتفرد عطاء حتى أتوقف في قبوله، وما ورد في حديثه قد ورد معناه في أحاديث أخرى في الجملة، والله أعلم.

ص: 487

عن أبي عبد الرحمن السلمي قال: قال عمر: إنما السنة الأخذ بالركب

(1)

.

[منقطع]

(2)

.

(1)

. سنن النسائي (1035).

(2)

. أبو عبد الرحمن السلمي لم يسمع من عمر رضي الله عنه. انظر: الجرح والتعديل (5/ 37)، جامع التحصيل (347)، وقد قال الترمذي في السنن (2/ 43):«حديث عمر حديث حسن صحيح» . اهـ

وقد رواه الثوري، عن أبي الحصين به، بلفظ:(إنما السنة الأخذ بالركب).

رواه النسائي في المجتبى (1035)، وفي الكبرى (627).

ورواه إسرائيل كما في حديث أبي العباس السراج (452)، بلفظ:(كنا إذا ركعنا طبقنا بأيدينا، ثم جعلنا بين هاتين -أفخاذنا- فقال عمر: إن من السنة أن نضرب بالأكف على الركب).

ورواه جماعة عن أبي الحصين بلفظ: (سُنَّتْ لكم الركب، فأمسكوا -وفي رواية: أَمِسُّوا. وفي رواية: فخذوا - بالركب).

والمرفوع منه قوله: (سُنَّتْ لكم الركب)، أما قوله: (فأمسكوا

إلخ) فمن قول عمر رضي الله عنه.

رواه عن أبي حصين، عن أبي عبد الرحمن السلمي عن عمر، بهذا اللفظ كل من:

مِسْعَرٍ كما في السنن الكبرى للبيهقي (2/ 120).

وأبي بكر بن عياش كما في سنن الترمذي (258.

وسفيان بن عيينة كما في مصنف ابن أبي شيبة (2538)، ومصنف عبد الرزاق (2863)، وابن المنذر في الأوسط (3/ 154)، ومستخرج الطوسي (106 - 238).

وأخطأ عبد الرزاق حيث روى أن عمر هو الذي سن الركب، والمراد: أن ابن مسعود نقل أن السنة التطبيق ونقل عمر أن السنة الأخذ بالركب، لا أن ذلك من سنة عمر على وجه الاستقلال ورواه شعبة واختلف عليه فيه:

فرواه أبو داود الطيالسي في مسنده (62)،

وعلي بن الجعد كما في الجعديات من رواية البغوي (573).

وبشر بن عمر وحيان بن هلال كما في شرح معاني الآثار للطحاوي (1/ 229)،

ومسلم بن إبراهيم كما في حلية الأولياء لأبي نعيم (4/ 193)، خمستهم رووه عن شعبة، عن أبي حصين به، بلفظ: أَمِسُّوا فقد سنت لكم الركب.

وخالفهم محمد بن بشار (بندار) كما في المجتبى من سنن النسائي (1034)، وفي الكبرى (626)، فرواه عن أبي داود الطيالسي، عن شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم النخعي، عن أبي عبد الرحمن السلمي، عن عمر، قال: سنت لكم الركب، فأمسكوا بالركب.

قال الدارقطني في العلل (2/ 243): «ورواه أبو داود الطيالسي، عن شعبة، عن الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي عبد الرحمن، عن عمر، ولم يتابع عليه، والمحفوظ حديث أبي حصين» .

ص: 488

* دليل من قال: قبض الركب باليدين شرط أو واجب:

الدليل الأول:

(ح-1649) ما رواه الإمام أحمد، قال: حدثنا يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقي،

عن رفاعة بن رافع الزرقي، وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد، فصلى قريبًا منه، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعد صلاتك، فإنك لم تُصَلِّ. قال: فرجع فصلى كنحو مما صلى، ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: أعد صلاتك، فإنك لم تُصَلِّ. فقال: يا رسول الله، علمني كيف أصنع، قال: إذا استقبلت القبلة فكبر، ثم اقرأ بأم القرآن، ثم اقرأ بما شئت، فإذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن لركوعك .... وذكر بقية الحديث

(1)

.

[الحديث حسن والأمر بجعل الراحتين على الركبتين شاذ في الحديث]

(2)

.

(1)

. المسند (4/ 340).

(2)

. سبق لي بأكثر من مناسبة فقهية سابقة التطرق إلى حديث المسيء في صلاته وبينت أنه قد جاء من مسند أبي هريرة في الصحيحين، وجاء من مسند رفاعة بن رافع.

فأما حديث أبي هريرة، فأخرجه البخاري (793) ومسلم (45 - 397) وليس فيه ذكر وضع اليدين على الركبتين، وإنما أمره بمطلق الركوع:(ثم اركع حتى تطمئن راكعًا).

وأما حديث رفاعة بن رافع فيرويه: عليُّ بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة بن رافع.

ويرويه عن علي بن يحيى بن خلاد جماعة منهم، محمد بن عمرو، ومحمد بن عجلان وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وداود بن قيس الفراء،، وعبد الله بن عون، وشريك بن أبي نمر، ويحيى بن علي بن يحيى بن خلاد، يزيد بعضهم في ألفاظه وينقص، وقد يخالف بعضهم في إسناده.

وحديث أبي هريرة في الصحيحين مقطوع بصحته، وحديث رفاعة بن رافع خارج الصحيحين، وهي قصة واحدة لوجود التطابق بين أحداث القصة،

وقد اختلف على عليِّ بن يحيى بن خلاد، فالرواة عنه يزيد بعضهم على بعض وينفرد بعضهم بألفاظ لم يتفق الرواة عليها عنه، ولم ترد في حديث أبي هريرة، والحكم في ذلك برد حديث رفاعة إلى حديث أبي هريرة، فما وافق منها حديث أبي هريرة قبلناه، وما انفرد فيه حديث رفاعة، =

ص: 489

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مما اختلف عليه في ذِكْرِهِ حكمنا بشذوذه؛ لوجود الاختلاف الكثير في إسناده وألفاظه.

إذا تبين لك هذا أُخَيَّ، فاعلم أن لفظ (إذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك، وامدد ظهرك ومكن لركوعك) قد رواه محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه وفيه علتان:

العلة الأولى: الاختلاف على محمد بن عمرو في إسناده. وهذا دليل على عدم ضبطه.

العلة الثانية: الاختلاف على علي بن يحيى بن خلاد في ذكر (إذا ركعت فاجعل راحتك على ركبتيك وامدد ظهرك).

وإليك بيان هاتين العلتين.

أما الاختلاف على محمد بن عمرو في إسناده:

فقيل: عن محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن رفاعة بن رافع.

رواه الطبراني في المعجم الكبير (5/ 40) ح 4529، من طريق عبد الوهاب الثقفي.

ورواه ابن أبي شيبة في المصنف (2526) حدثنا عباد بن العوام، كلاهما عن محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى، عن رفاعة، بإسقاط يحيى بن خلاد.

ورواه يزيد بن هارون، عن محمد بن عمرو: واختلف على يزيد فيه:

فرواه أحمد في مسنده (4/ 340) عن يزيد بن هارون، قال: أخبرنا محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن رفاعة. ولم يقل: عن أبيه فأسقط (يحيى بن خلاد).

وقيل: عن محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، أحسبه عن أبيه، عن رفاعة.

رواه ابن حبان (1787) من طريق أحمد بن سنان، عن يزيد بن هارون به إلا أنه قال: عن علي ابن يحيى بن خلاد أحسبه عن أبيه. فلم يجزم بكونه عن أبيه. ورواية من جزم مقدمة على رواية من شك في إسناده.

وقيل: عن محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة.

رواه خالد بن عبد الله الواسطي كما في سنن أبي داود (859)، عن محمد بن عمرو به، وهي توافق رواية إسحاق من رواية همام عنه، بذكر (يحيى بن خلاد) والد علي بن يحيى، جازمًا. ولم يذكر الوضوء.

فأخشى أن يكون إسناد خالد بن عبد الله بذكر (عن أبيه) مزيدة في الإسناد، وليست منه خاصة أن تحفة الأشراف (3/ 169) ح 3604، ذكر إسناده ونص على أنه لم يقل (عن أبيه) كرواية يزيد بن هارون، وكذلك نسخة سنن أبي داود في شرح عون المعبود (844)، والمسند الجامع (3730)، والله أعلم.

وقد رواه الجصاص في أحكام القرآن (2/ 22) والبخاري في القراءة خلف الإمام (7)، من طريق وهب بن بقية، عن خالد، وليس فيه عن أبيه. =

ص: 490

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وإذا كان الراجح في إسناد محمد بن عمرو أنه عن علي بن يحيى بن خلاد، عن عمه رفاعة، فقد أخطأ في إسقاط يحيى بن خلاد من إسناده، والله أعلم.

هذا من حيث الاختلاف في إسناده،

وأما الاختلاف في متنه فقد زاد في متنه بعض الحروف التي لم يتفق عليها بقية الرواة، من ذلك:

الحرف الأول: قوله: (ثم اقرأ بأم القرآن) وقد ناقشت هذه الزيادة، وبينت شذوذها عند الكلام على فرضية قراءة الفاتحة في الصلاة، انظر ح (1368، 1194).

الحرف الثاني: قوله: (امدد ظهرك)، وهذا الحرف تفرد به محمد بن عمرو، ولم يتابع عليه.

الحرف الثالث: قوله: (إذا ركعت، فاجعل راحتيك على ركبتيك)، الأمر بجعل اليدين على الركبتين.

فرواه محمد بن عمرو، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن رفاعة، وقد علمت ما في إسناده من إسقاط يحيى بن خلاد.

وتابعه عليه إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وعبد الله بن عون.

أما طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، فرواه عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن عمه رفاعة، فزاد يحيى بن خلاد في إسناده خلافًا للراجح من رواية محمد بن عمرو.

وقد رواه عن إسحاق بن عبد الله اثنان:

الأول: حماد بن سلمة، وليس فيه وضع اليدين على الركبتين، رواه بلفظ:(ثم يركع حتى تطمئن مفاصله] على اختلاف عليه في إسناده، لهذا لن أطيل في تخريجه هنا، وقد سبق تخريجه في موضع سابق، انظر الكلام على إسناده في ح (1194).

والثاني: همام بن يحيى، واختلف عليه فيه:

فرواه عبد الله بن يزيد المقرئ، كما في المجتبى من سنن النسائي (1136)، وفي السنن الكبرى له (726)، ومختصر الأحكام للطوسي (284)، عن همام، فذكر الركوع ولم يذكر وضع اليدين على الركبتين وفيه: (

ثم يكبر، فيركع، حتى تطمئن مفاصله وتسترخي).

ورواه حجاج بن منهال وهشام بن عبد الملك (أبو الوليد الطيالسي) وهدبة بن خالد، عن همام، وفيه::

إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله تعالى، فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه، ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده ويمجده ويقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه وتيسر، ثم يكبر، فيركع، فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله، وتسترخي .... الحديث.

وظاهره أن هذه الأفعال جعلت في الحديث شرطًا لصحة الصلاة، للتعبير عنها بلفظ: (لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء

وذكر بقية أفعال الصلاة، ومنها وضع الكفين على الركبتين. ولا يمكن حمل التمام على الكمال؛ لأن الوضوء، وتكبيرة الإحرام والركوع والسجود ليست من كمال الصلاة، وقد روي تامًّا ومختصرًا.

فأخرجه أبو داود مختصرًا ليس فيه جملة البحث (858) والدارقطني في السنن تامًّا (319)، والطبراني في الكبير تامًّا (5/ 37) ح 4525 من طريق هشام بن عبد الملك والحجاج بن المنهال =

ص: 491

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن ماجه مختصرًا أيضًا ليس فيه جملة البحث (460) والطحاوي في شرح معاني الآثار مختصرًا (1/ 35) ليس فيه جملة البحث عن حجاج بن منهال وحده.

وقد رواه عن حجاج بن منهال وحده تامًّا محمد بن أسلم الطوسي في الأربعين (10)، وابن الجارود في المنتقى (194)، والحاكم في المستدرك (881)، وعنه البيهقي في الخلافيات (1467)، وفي السنن الكبرى (2/ 147، 487)، وابن حزم في المحلى (2/ 287).

وأخرجه الدارمي تامًّا (1368) أخبرنا أبو الوليد الطيالسي وحده.

والبزار في مسنده تامًّا كما في البحر الزخار (3727) حدثنا هُدْبَةُ.

كلهم أخرجوه من طريق همام، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن علي بن يحيى بن خلاد، عن أبيه، عن رفاعة ..

ورواه عفان، عن همام، كما في معرفة الصحابة لابن منده (ص: 627) مقرونًا برواية حماد بن سلمة، وذكره إلى قوله: (

ثم يكبر فيركع فذكر الحديث بطوله) هكذا طوى الحديث عندما بلغ جملة البحث، فلم يتبين لي أوافق المقرئ في لفظه، أم وافق حجاجًا وأبا الوليد الطيالسي.

وقد انفرد إسحاق بن عبد الله بزيادات لم تَأْتِ في سائر الطرق علاوة على كونها مخالفة لما ورد في حديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة المسيء صلاته.

فمما تفرد به إسحاق في روايته:

(1)

لفظ (لا تتم صلاة أحدكم

) التعبير بنفي التمام انفرد به إسحاق بن عبد الله، عن علي ابن يحيى بن خلاد، ورواه غيره بلفظ: (إذا قمت إلى الصلاة فتوضأ

) وهذا موافق لحديث أبي هريرة في الصحيحين (

إذا قمت إلى الصلاة فكبر

وفي رواية: فأسبغ الوضوء).

(2)

ذكر دعاء الاستفتاح، انفرد به إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، عن عليِّ بن يحيى بن خلاد، ولم يذكره غيره ممن روى حديث رفاعة، وقد جاء بصيغة تدل على وجوبه في الصلاة، وقد سبق بحث حكم الاستفتاح، ولم يقل أحد بوجوبه، وإنما الخلاف وقع في استحبابه.

(3)

تكبيرات الانتقال لم تذكر في سائر طرق حديث رفاعة إلا من طريق إسحاق، كما أنها لم تذكر في حديث أبي هريرة.

(4)

قوله: (سمع الله لمن حمده) لم يذكر في حديث أبي هريرة، كما لم يذكر في سائر طرق حديث رفاعة.

(5)

تفصيل الوضوء بذكر أعضاء الوضوء، ولم يرد في سائر طرق حديث رفاعة، فكلهم ذكر الوضوء مجملًا، وهو كذلك مجمل في حديث أبي هريرة في الصحيحين.

(6)

تمكين الوجه والجبهة في السجود.

(7)

ذكر تكبيرة الإحرام بلفظ: (الله أكبر).

وهناك ألفاظ لم ينفرد فيها إسحاق، ولكن اختلفوا في ذكرها، وليست مذكورة في حديث =

ص: 492

الدليل الثاني:

(ح-1650) ما رواه البخاري من طريق شعبة، عن أبي يعفور، قال:

سمعت مصعب بن سعد، يقول: صليت إلى جنب أبي، فطبقت بين كفي، ثم وضعتهما بين فخذي، فنهاني أبي، وقال: كنا نفعله، فنهينا عنه وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب

(1)

.

= أبي هريرة في الصحيحين، منها وضع اليدين على الركبتين.

فجاءت من طريق محمد بن عمرو، وقد علمت الاختلاف على محمد بن عمرو في إسناده.

وجاءت من طريق إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة، وقد وقفت على تخريجه والاختلاف عليه فيه، فمنهم من ذكرها، ومنهم من لم يذكرها.

وتابعهما على ذكر وضع اليدين على الركبتين عبد الله بن عون إلا أن السند إليه غريب، ضعيف.

فأخرجه الطبراني في الكبير (5/ 40) ح 4530، من طريق إبراهيم بن سعد، حدثنا شريك، عن عبد الله بن عون به، بإسقاط كلمة عن أبيه، ولفظه: إذا توجهت إلى القبلة فكبر، ثم اقرأ بما شاء الله أن تقرأ، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك وامدد ظهرك ومكن لركوعك، فإذا رفعت فأقم صلبك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها، فإذا سجدت فمكن سجودك، فإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى وافعل مثل ذلك في كل ركعة وسجدة.

لم يروه عن عبد الله بن عون إلا شريك، وشريك النخعي سيئ الحفظ، وأين أصحاب ابن عون لو كان هذا من حديثه، كما أنه تفرد بإخراجه الطبراني، وهو محل الغرائب والمنكرات، فلا أظنه يثبت عنه.

وقد رواه محمد بن إسحاق، وداود بن قيس الفراء، وابن عجلان، وشريك بن أبي نمر، ويحيى بن علي بن يحيى بن خلاد، كلهم رووه عن علي بن يحيى بن خلاد، فلم يذكروا هذا الحرف، كما أن زيادة هذا الحرف مخالف لحديث أبي هريرة في الصحيحين في قصة المسيء صلاته، حيث لم يذكر فيه هذا الحرف، لهذا أجد أن زيادة هذا الحرف في حديث رفاعة زيادة شاذة، لسببين:

السبب الأول: الاختلاف على عليِّ بن يحيى بن خلاد في ذكره، وما اختلف فيه الرواة عليه لم أقبله، لوجود الزيادات الكثيرة المختلف فيها عليه، والحمل فيها عليه، أو على أبيه، وليس على الرواة عنه؛ لأن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة أَجَلُّ عندي من أن يروي هذه الزيادات الشاذة في طريقه مما لم تذكر في سائر الطرق، ولم تذكر في حديث أبي هريرة، وقد وقفت عليها.

السبب الثاني: أنه مخالف لما هو أصح منه في قصة المسيء في صلاته، فقد حفظها لنا أبو هريرة، وحديثه في الصحيحين، والله أعلم.

وقد سبق لي تخريج حديث رفاعة، انظر رقم: 1194 إذا أحببت أن تقف على تخريجه من جميع طرقه، فلله الحمد.

(1)

. صحيح البخاري (790).

ص: 493

(ح-1651) وروى أحمد من طريق ابن إدريس، عن عاصم بن كليب، عن عبد الرحمن بن الأسود، عن علقمة، قال:

قال عبد الله: علَّمنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم الصلاةَ، فكبر ورفع يديه، ثم ركع وطبَّق بين يديه وجعلهما بين ركبتيه، فبلغ ذلك سعدًا، فقال: صدق أخي، قد كنا نفعلُ ذلك، ثم أُمِرْنا بهذا، وأخذ بركبتيه

(1)

.

[صحيح]

(2)

.

وجه الاستدلال:

قوله: (أمرنا أن نضع أيدينا على الركب)، وقد أفاد بفائدتين.

إحداهما: نسخ التطبيق.

الثانية: الأمر بوضع اليدين على الركب.

وإذا قال الصحابي (أمرنا بكذا) فهو مرفوع حكمًا؛ وهي من الصيغ المنتشرة بين الصحابة، وكان الصحابة يريدون منها إثبات الشرع وإقامة الحجة، كقول أم عطية في البخاري:(أمرنا أن نخرج الحُيَّضَ يوم العيدين وذوات الخدور) وقولها في البخاري: (نهينا عن اتباع الجنائز) وإذا رجع قول الصحابي (أمرنا بكذا) إلى الرسول صلى الله عليه وسلم باعتباره صاحب الأمر والنهي الشرعي، فالأصل في الأمر الوجوب.

* ونوقش:

القول بأن الأصل في الأمر الوجوب إنما هو في الأمر المجرد، والأمر بوضع اليدين على الركب جاء من أجل حمل الناس على ترك التطبيق والذي كان مشروعًا ثم نسخ، فهو ليس أمرًا مطلقًا، وإذا كان التطبيق ليس واجبًا كان بدله ليس واجبًا إلا بقرينة.

الدليل الثالث:

(ح-1652) ما رواه أبو يعلى من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الصدائي، حدثنا عباد المنقري، عن علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب،

عن أنس رضي الله عنه في حديث طويل، وفيه: .... يا أنس، إذا ركعت،

(1)

. رواه أحمد (1/ 418، 419).

(2)

. سبق تخريجه، أنظر (ص: 35).

ص: 494

فأمكن كفيك من ركبتيك، وفرج بين أصابعك، وارفع مرفقيك عن جنبيك

(1)

.

[ضعيف]

(2)

.

الدليل الرابع:

(ح-1653) ما رواه عبد الرزاق، عن ابن مجاهد، عن أبيه،

عن ابن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل: إذا قمت إلى الصلاة فركعت فضع يديك على ركبتيك، وافرج بين أصابعك، ثم ارفع رأسك حتى يرجع كل عضو إلى مفصله، وإذا سجدت فأمكن جبينك من الأرض ولا تنقر

(3)

.

[ضعيف]

(4)

.

(1)

. سنن الترمذي (589).

(2)

. أخرج الترمذي بعضه مفرقًا، وليس في أي منها موضع الشاهد (589، 2678، 2698)، والطبراني في الصغير (856)، وفي الأوسط (5991)، من طريق عبد الله بن المثنى الأنصاري.

ورواه أبو يعلى الموصلي في مسنده (3624) من طريق محمد بن الحسن بن أبي يزيد الصدائي (متهم) حدثنا عباد بن ميسرة المنقري (ضعيف)، كلاهما (عبد الله بن المثنى والمنقري) عن علي بن زيد بن جدعان به.

قال أبو عيسى الترمذي (5/ 46): هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه

وعلي بن زيد صدوق، إلا أنه ربما يرفع الشيء الذي يوقفه غيره».

قال: وسمعت محمد بن بشار يقول: قال أبو الوليد: قال شعبة: حدثنا علي بن زيد، وكان رفاعًا، ولا نعرف لسعيد بن المسيب، عن أنس، رواية إلا هذا الحديث بطوله، وقد روى عباد بن ميسرة المنقري، هذا الحديث، عن علي بن زيد، عن أنس، ولم يذكر فيه: عن سعيد بن المسيب.

قال الترمذي: وذاكرت به محمد بن إسماعيل، يعني البخاري، فلم يعرفه، ولم يعرف لسعيد بن المسيب، عن أنس، هذا الحديث، ولا غيره. اهـ

وذكره السيوطي في اللآلئ المصنوعة في الأحاديث الموضوعة (2/ 317).

(3)

. المصنف (2859، 8830).

(4)

. تابع عبد الرزاق خلاد بن يحيى كما في أخبار مكة للفاكهي (918) فرواه عن عبد الوهاب بن مجاهد به.

وهذا إسناد ضعيف جدًّا، عبد الوهاب بن مجاهد بن جبر (متروك، وكذَّبه الثوري ولم يسمع من أبيه).

وقد روي بإسناد أحسن من هذا، ولا يصح، رواه البزار في مسنده (6177)، وابن حبان (1887) من طريق يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، حدثني عبيدة بن الأسود، عن القاسم بن الوليد، عن سنان بن الحارث بن مصرف، عن طلحة بن مصرف، عن مجاهد به، في حديث طويل جدًّا.

وفي إسناده سنان بن الحارث، ذكره البخاري في التاريخ الكبير وابن أبي حاتم في الجرح =

ص: 495

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والتعديل، وسكتا عليه.

وذكره ابن حبان في الثقات. ولا يؤثر توثيقه عن غيره، ففيه جهالة.

وفي إسناده يحيى بن عبد الرحمن الأرحبي، قال الدارقطني كما في سؤالات البرقاني (532): «كوفي صالح، يعتبر به

».

وقال أبو حاتم: شيخ لا أرى فِي حديثه إنكارًا، يروي عن عبيدة بن الأسود أحاديث غرائب.

وعبيدة بن الأسود ذكره ابن حبان في الثقات، وقال: يعتبر حديثه إذا بين السماع في روايته، وكان فوقه ودونه ثقات. فالإسناد ضعيف، حيث لا يعرف عن ابن عمر إلا من هذا الإسناد إلا ما كان من إسناد عبد الرزاق، ولا يصلح للاعتبار؛ حيث في إسناده متهم.

قال البزار: «وهذا الكلام قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم من وجوه، ولا نعلم له طريقًا أحسن من هذا الطريق .... » .

وقد جاء الحديث من مسند أنس رضي الله عنه:

رواه مسدد في مسنده كما في المطالب العالية (1131)، والبزار في مسنده كما في كشف الأستار (1083)، والبيهقي في الدلائل (6/ 294)، عن عطاف بن خالد (صدوق متكلم فيه).

والفاكهي في أخبار مكة (919) عن يعقوب بن حميد بن كاسب، عن هشام بن سليمان (صدوق في حديثه بعض اضطراب) كلاهما (عطاف وهشام) عن إسماعيل بن رافع، عن أنس بن مالك بنحو حديث ابن عمر.

وفي إسناده علتان:

الأولى: الانقطاع، حيث لم يدرك إسماعيل بن رافع أنسًا، حيث جعله الحافظ من كبار أتباع التابعين.

الثانية: أن إسماعيل بن رافع والذي عليه مدار الحديث رجل ضعيف.

قال الترمذي: ضعفه بعض أهل العلم، وسمعت محمدًا يقول: هو ثقة مقارب الحديث، وقال النسائي والدارقطني: متروك الحديث. وقال النسائي في رواية: ليس بثقة. وقال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: منكر الحديث.

وقال يعقوب بن سفيان: إسماعيل بن رافع، وصالح بن أبي الأخضر، وطلحة بن عمرو ليسوا بمتروكين، ولا يقوم حديثهم مقام الحجة.

وله طريق آخر عن أنس لا يغنيك شيئًا، أخرجه ابن حبان في المجروحين (2/ 223)، والعقيلي في الضعفاء الكبير (4/ 8)، وابن عدي في الكامل (7/ 202) من طريق كثير بن عبد الله أبي هاشم، قال: رأيت أنس بن مالك يحدث معاوية بن قُرَّة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له: .... وإذا ركعت فضع يديك على ركبتيك، وَأَفْرِجْ بين أصابعك، وسبح

الحديث.

وكثير بن عبد الله لا يعبأ به، قال ابن أبي حاتم عن أبيه كما في الجرح والتعديل (857): منكر ضعيف الحديث جدًّا شبه المتروك، بابه زياد بن ميمون. اهـ واتهمه ابن حبان بالوضع.

وقال المعلمي في حاشيته على الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة (ص: 40): =

ص: 496

الدليل الخامس:

(ح-1654) ما رواه أحمد، قال: حدثنا سليمان بن داود الهاشمي، حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، عن موسى بن عقبة، عن صالح مولى التوأمة، قال:

سمعت ابن عباس، يقول: سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلل أصابع يديك ورجليك -يعني إسباغ الوضوء- وكان فيما قال له: إذا ركعت، فضع كفيك على ركبتيك حتى تطمئن -وقال الهاشمي مرة: حتى تطمئنا- وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض، حتى تجد حجم الأرض

(1)

.

[معلول]

(2)

.

= «أحد الدجالين الذين ادَّعُوا السماع من أنس بعد موته بدهر، قال الحاكم: زعم أنه سمع من أنس وروى عنه أحاديث يشهد القلب أنها موضوعة» .

كما روي الحديث من مسند أُبَيِّ بن كعب:

رواه الفاكهي في أخبار مكة (920) حدثنا ميمون بن الحكم الصنعاني قال: ثنا محمد بن جُعْشُمٍ، عن ابن جريج قال: حدثت عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: إن رجلين أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدهما من الأنصار، والآخر من ثقيف، فذكر نحو حديث ابن مجاهد.

وميمون بن الحكم وشيخه محمد بن جعشم، فيهما جهالة، لم أقف على ترجمة لهما، ولإبهام من حدث ابن جريج، والله أعلم.

كما روي الحديث من مسند عبادة بن الصامت:

رواه الطبراني في الأوسط (2320) من طريق يحيى بن أبي الحجاج البصري، قال: أخبرنا أبو سنان عيسى بن سنان، قال: أخبرنا يعلى بن شداد بن أوس، عن عبادة بن الصامت به بنحوه.

قال الطبراني: لا يروى هذا الحديث عن عبادة إلا بهذا الإسناد، تفرد به يحيى بن أبي الحجاج. اهـ

ويحيى بن أبي الحجاج البصري، قال فيه يحيى بن معين: ليس بشيء. وقال أبو حاتم: ليس بالقوي، وقال ابن عدي: لا أرى بحديثه بأسًا.

وعيسى بن سنان، ضعفه أحمد وابن معين، وقال يعقوب بن سفيان: لين الحديث.

وقال أبو زرعة: لين الحديث، وفي أخرى: مخلط ضعيف الحديث.

فالحديث بكل أسانيده لا يصح، وأين أصحاب أنس وأصحاب ابن عمر عن هذا الحديث لو كان صحيحًا، والله أعلم.

(1)

. المسند (1/ 287).

(2)

. غريب من حديث ابن عباس رضي الله عنه، فلم يروه عن ابن عباس إلا صالح مولى التوأمة، =

ص: 497

* وأجيب:

بأن حديث ابن عباس تفرد به ابن أبي الزناد، ولا يحتمل تفرده، وعلى فرض أن يكون الحديث حسنًا، فإن المراد من الأمر بوضع اليدين على الركب ما صرح

= ولا عن صالح إلا موسى بن عقبة، تفرد به ابن أبي الزناد، وقد أعل بأكثر من علة:

الأولى: أنه تفرد به ابن أبي الزناد، وهو مدني، وتفرد العراقيون به عنه، وهي علة أخرى.

قال ابن المديني: «ما حدث بالمدينة فهو صحيح، وما حدث ببغداد أفسده البغداديون، ورأيت عبد الرحمن بن مهدي يخط على أحاديثه، وكان يقول في حديثه عن مشيختهم: ولقنه البغداديون عن فقهائهم، عدَّهم: فلان وفلان وفلان» .

وقال عمرو بن علي: «فيه ضعف، فما حدث بالمدينة أصح مما حدث ببغداد، كان عبد الرحمن يخط على حديثه» .

وأجيب:

بأن يعقوب بن شيبة، قال:«ثقة صدوق، وفي حديثه ضعف، سمعت علي بن المديني يقول: حديثه بالمدينة مقارب، وما حدث به بالعراق فهو مضطرب، قال علي: وقد نظرت فيما روى عنه سليمان بن داود الهاشمي فرأيتها مقاربة» .

ويجاب: بأن قوله: (رأيتها مقاربة) هذه العبارة لا تعطي صحة مطلقة لكل ما رواه سليمان الهاشمي عن ابن أبي الزناد، وإنما تكون مقاربة إذا سلم من التفرد، فإذا تفرد لم تكن مقاربة.

العلة الثانية: تفرد به صالح مولى التوأمة عن ابن عباس، وأين أصحاب ابن عباس؟

سأل أبو داود الإمام أحمد: هو مقارب الحديث؟ قال: أما أنا فأحتمله، وأروي عنه، وأما أن يقوم موضع الحجة فلا. سؤالات أبي داود (159).

والتعليل بالتفرد أولى من التعليل بتغير صالح مولى التوأمة، فإن موسى بن عقبة ممن روى عنه قديمًا قبل تغيره، ولهذا قال الترمذي: حسن غريب، فالغرابة تحتمل إذا جاءت من ثقة، وأما إذا كانت الغرابة من ابن أبي الزناد، ومن صالح مولى التوأمة كان في النفس منها شيء.

قال الترمذي في العلل الكبير (ص: 34): «سألت محمدًا عن هذا الحديث، فقال: هو حديث حسن، وموسى بن عقبة سمع من صالح مولى التوأمة قديمًا، وكان أحمد يقول: من سمع من صالح قديمًا فسماعه حسن، ومن سمع منه أخيرًا، فكأنه يضعف سماعه، قال محمد: وابن أبي ذئب سماعه منه أخيرًا، ويروي عنه مناكير» .

وقد روى الحديث سعد بن عبد الحميد (صدوق له أغاليط) عن ابن أبي الزناد، فاقتصر على ذكر تخليل الأصابع.

إذا وقفت على هذا، فقد روى الحديث الإمام أحمد (1/ 287) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي.

ورواه الترمذي في السنن (39)، وفي العلل (21)، وابن ماجه (447)، والطوسي في مستخرجه (35)، والحاكم (648) من طريق سعد بن عبد الحميد بن جعفر، كلاهما عن ابن أبي الزناد به. والله أعلم.

ص: 498

به في الحديث وهو تحقيق الاطمئنان، وهوركن، وليس المقصود إيجاب وضع اليدين على الركبتين، فلو كان ذلك واجبًا لذكر في حديث المسيء في صلاته فقد جاء في حديث أبي هريرة:(ثم اركع حتى تطمئن راكعًا)، فكان المطلوب شيئين:

أحدهما: الركوع وحقيقته اللغوية تتحقق بالانحناء.

والثاني: الاطمئنان فيه. وما زاد على ذلك فهو من كمال الركوع، لا من واجباته، فالتطبيق في الركوع في أول الأمر، وكذا بدله حين نسخ بوضع اليدين على الركب كلاهما من مستحبات الركوع، والله أعلم.

* الراجح:

أرى أن مذهب الحنفية، والشافعية والحنابلة، والمعتمد من مذهب المالكية هو الأقوى، وأن وضع اليدين على الركب من كمال الركوع، لا من واجباته، والله أعلم.

* * *

ص: 499