الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثاني
في حكم الركوع
المدخل إلى المسألة:
قال الجوهري: ركن الشيء جانبه الأقوى، قال تعالى:{لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيد} [هود: 80]: أي عز ومنعة.
* الصلاة ماهية مركبة من قيام، وركوع، وسجود، وقعود، فهذه هي أركان الصلاة الفعلية، وقد اصطلحوا على عد أجزاء الماهية أركانًا.
* كل جزء عبر به عن الكل فهو دليل على ركنية ذلك الجزء، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} فعبر بالركوع والسجود عن الصلاة.
* قال صلى الله عليه وسلم: (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا) فأمره بالركوع، والأصل في الأمر الوجوب.
* لا يختلف العلماء أن الركوع ركن من أركان الصلاة لا تصح الصلاة من دونه.
* الركوع قربة بشرط أن يكون داخل الصلاة فلا يتقرب به إلى الله خارج الصلاة، وهذا باتفاق العلماء.
[م-616] الركوع ركن من أركان الصلاة، دل على وجوبه الكتاب والسنة، والإجماع.
أما الكتاب فقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج: 77].
فقوله: (اركعوا واسجدوا) أي صلوا، وإنما عبر بالركوع والسجود عن الصلاة؛ لأنهما من أعظم أركانها، والآية دليل على أن الصلاة لا تكون إلا بالركوع والسجود، وهكذا في كل جزء عبر به عن الكل فإنه دليل على ركنية ذلك الجزء،
كإطلاق الرقبة على العبد في قوله تعالى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3]، ولا يصح أن يقال: فتحرير يد، أوتحرير قدم؛ لأن حياة العبد تستقل دون ذلك العضو بخلاف الرقبة، وكإطلاق السجود على الركعة، في قوله صلى الله عليه وسلم: من أدرك سجدة من الصلاة فقد أدرك الصلاة. فإنه دليل على أن الركعة لا تستقل من دون السجود، وكإطلاق القراءة على الصلاة في قوله تعالى:{وَقُرْآنَ الْفَجْرِ} [الإسراء: 78]، دليل على أن القراءة جزء من ماهية الصلاة، وقد بينت السنة فرضية الفاتحة خاصة، والله أعلم.
وأما السنة فأحاديث كثيرة، منها
(ح-1621) ما رواه البخاري ومسلم من طريق يحيى بن سعيد (القطان)، عن عبيد الله (العمري)، قال: حدثنا سعيد المقبري، عن أبيه،
عن أبي هريرة: أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فدخل رجل، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه السلام، فقال: ارجع فَصَلِّ فإنك لم تُصَلِّ، فصلى، ثم جاء، فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ارجع فَصَلِّ، فإنك لم تُصَلِّ، ثلاثًا، فقال: والذي بعثك بالحق، فما أحسن غيره، فعلمني، قال: إذا قمت إلى الصلاة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعًا
…
الحديث
(1)
.
وجه الاستدلال:
قوله (ثم اركع حتى تطمئن راكعًا) فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالركوع، والأصل في الأمر الوجوب.
وأما الإجماع فحكاه طائفة من الفقهاء على اختلاف مدارسهم الفقهية، فحكاه من الحنفية الزيلعي وابن نجيم
(2)
.
ومن المالكية ابن عبد البر، والمازري، والقرافي، وابن جزي، وابن العربي
(3)
.
(1)
. صحيح البخاري (793)، وصحيح مسلم (45 - 397).
(2)
. تبيين الحقائق (1/ 104)، البحر الرائق (1/ 309)،.
(3)
. الاستذكار (1/ 528)، التمهيد (10/ 196، 212)، شرح التلقين (2/ 524)، الذخيرة للقرافي (2/ 188)، القوانين الفقهية (ص: 40)، أحكام القرآن لابن العربي (4/ 310)، تحبير المختصر لبهرام (1/ 287).
ومن الشافعية النووي، والخطيب الشربيني والرملي
(1)
.
ومن الحنابلة ابن قدامة، والبهوتي وغيرهما
(2)
.
ولأن الصلاة ماهية مركبة من قيام، وركوع، وسجود، وقعود، فهذه هي أركان الصلاة الفعلية.
ونقل عن الإمام مالك أنه كفر من قال: إن الركوع سنة
(3)
.
* * *
(1)
. المجموع (3/ 396)، مغني المحتاج (1/ 364)، نهاية المحتاج (1/ 496).
(2)
. المغني (1/ 357)، شرح منتهى الإرادات (1/ 217).
(3)
. انظر: النوادر والزيادات (1/ 148).