الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثالث في مد تكبيرات الانتقال لتستوعب جميع المحل
المدخل إلى المسألة:
* القول في صفة العبادة كالقول في العبادة، الأصل فيها المنع إلا بدليل.
* لو كان مد التكبيرات مشروعًا لكان أولى الناس بفعله، والمحافظة عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ولو فعلوها لحُفِظَ ذلك، ونُقِلَ للأمة.
* لا مجال لمد (الله أكبر) أكثر من المد الطبيعي في لفظ الجلالة، ومقداره حركتان، لا يزيد عليهما.
* مَدُّ كلمة (أكبر) قد يخرجها من النطق الصحيح إلى اللحن القبيح، كما لو مد همزة (أكبر) أو مد الباء من (أكبر) فتصير (أكبار).
[م-619] اختلف الفقهاء في استحباب استيعاب الانتقال بالتكبير، بحيث يكون ابتداؤه مع شروعه بالانتقال، وفراغه منه بفراغه من الانتقال:
فقيل: يستحب، وهو قول المالكية، والحنابلة، والجديد من قولي الشافعي، قال النووي: وهو المذهب، ونص عليه في الأم، وقطع به العراقيون وغيره
(1)
.
جاء في حاشية ابن عابدين: «السنة كون ابتداء التكبير عند الخرور، وانتهائه عند استواء الظهر»
(2)
.
وجاء في مواهب الجليل: «ويستحب أن يعمر الركن من أول الحركة إلى آخرها بالتكبير، فإن عجل أو أبطأ فلا شيء عليه، إلا في القيام في اثنتين فلا يكبر
(1)
. البحر الرائق (1/ 333)، حاشية ابن عابدين (1/ 493)، بدائع الصنائع (1/ 207)، حلية العماء للقفال (2/ 103)، المجموع (3/ 299، 396)، بحر المذهب للروياني (2/ 38).
(2)
. حاشية ابن عابدين (1/ 493).
حتى يستوي قائمًا على المشهور»
(1)
.
وهو معنى قول الحنابلة: يكون تكبير الخفض والرفع والنهوض ابتداؤه مع ابتداء الانتقال، وانتهاؤه مع انتهائه، فإن كمله في جزء من الانتقال، ولم يستوعبه به أجزأه
(2)
.
وقال الغزالي في الوسيط: «للشافعي رضي الله عنه قولان:
أحدهما: أن يمد التكبير إلى أن يستوي راكعًا
…
والثاني: الحذف حِذارًا عن التغيير بالمد وهو جارٍ في تكبيرات الانتقالات كلها»
(3)
.
* وجه القول باستيعاب الانتقال بالتكبير:
حتى لا يخلو جزء من أجزاء الصلاة عن الذكر.
* ويناقش:
بأن مد التكبير لكي يستوعب الانتقال من ركوع وسجود وقيام، هذا المد صفة في العبادة، وصفة العبادة خاصة الصلاة إما أن تكون مشروعة، فأولى الناس بفعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه. وإما أن تكون غير مشروعة.
فإن كانت مشروعة، فما الحاجة إلى الاعتماد على دليل نظري في عبادة تتكرر كل يوم عشرات المرات، في النفل والفرض، ويشهدها المسلمون في صلواتهم، وتتوافر الهمم على نقل تلك الصفة، ثم لا يوجد أثر واحد يمكن الاعتماد علاه في مشروعيتها، أليس هذا كافيًا في نفي المشروعية عن هذه الصفة؟
فالمطلوب أن يقول المصلي (الله أكبر) ليس فيها مد إلا مدًّا طبيعيًّا في لفظ الجلالة بمقدار حركتين، لا يزيد عليهما.
وأما مَدُّ كلمة (أكبر) فقد يخرجها من النطق الصحيح إلى اللحن القبيح، كما لو مد همزة (أكبر) فتتحول الجملة الخبرية إلى استفهام، وهذا يخشى على صاحبه من
(1)
. مواهب الجليل (1/ 450)، وانظر: الفواكه الدواني (1/ 196)، كفاية الطالب الرباني مع حاشية العدوي (1/ 268)، شرح زروق على الرسالة (1/ 222، 228)، الثمر الداني شرح رسالة القيرواني (ص: 110).
(2)
. فتح الباري (7/ 212).
(3)
. الوسيط (2/ 127).
بطلان صلاته، أو يقع في مد الباء من (أكبر) فتصير (أكبار)، فيتحول المعنى إلى (طبل)، فيتحرف المعنى، والله أعلم.
وقال الحنفية والشافعي في القديم: لا يَمُدُّ التكبير
(1)
.
قال ابن نجيم في البحر الرائق: «وكبر بلا مَدٍّ وركع»
(2)
.
قال النووي في المجموع: «وأما تكبيرات الانتقالات كالركوع والسجود ففيها قولان: القديم يستحب أن لا يَمُدَّها .... »
(3)
.
* حجة هذا القول:
الحجة الأولى:
قال الرافعي في شرح الوجيز: «روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: التكبير جزم، والتسليم جزم»
(4)
.
وفسر ابن نجيم: التكبير جزم: أي بلا مد، وذلك بحذفه من غير تطويل
(5)
.
قال الحافظ في التلخيص: «لا أصل له بهذا اللفظ، وإنما هو قول إبراهيم النخعي»
(6)
.
قلت: ولم يثبت ذلك عن إبراهيم النخعي، وإن اشتهر عنه ذلك.
(ث-436) فقد رواه عبد الرزاق في المصنف، عن يحيى بن العلاء، عن مغيرة، قال:
…
قال إبراهيم: التكبير جزم، يقول: لا يمد
(7)
.
[ضعيف جدًّا فيه يحيى بن العلاء متهم]
(8)
.
الدليل الثاني:
قال الرافعي: «ولأنه لو حاول المد لم يأمن أن يجعل المد على غير موضعه، فيغير
(1)
. بدائع الصنائع (1/ 199)، الجوهرة النيرة على مختصر القدوري (1/ 52)، فتح العزيز (3/ 388)، كفاية النبيه (3/ 177).
(2)
. البحر الرائق (1/ 332).
(3)
. المجموع (3/ 299).
(4)
. فتح العزيز بشرح الوجيز (3/ 283).
(5)
. البحر الرائق (1/ 322).
(6)
. تلخيص الحبير (1/ 406).
(7)
. المصنف (2553).
(8)
. تكلمت عليه في الأذان، انظر الأثر (38).
المعنى، مثل أن يجعله على الهمزة فيصير استفهامًا»
(1)
.
وسبق شرح هذا في مناقشة القول الأول.
* * *
(1)
. فتح العزيز (3/ 388).