المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب) ذكر (دخول مكة)، وما يتعلق به من الطواف والسعي - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَيُوجِبُ الكَفَّارَةَ)، وما يتعلَّقُ بذلك

- ‌(فَصْلٌ)(وَمَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ) في الصَّومِ، (وَحُكْمُ القَضَاءِ)، أي: قضاء الصوم

- ‌(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(بَابُ الاعتِكَافِ)

- ‌(كِتَابُ المَنَاسِكِ)

- ‌(بَابُ المَوَاقِيتِ)

- ‌(بَابُ الإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الفِدْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُوراً مِنْ جِنْسٍ)

- ‌(بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ)

- ‌(بَابُ) حكمِ (صَيْدِ الحَرَمِ)، أي: حرمِ مكةَ

- ‌(بَابُ) ذِكْرِ (دُخُولِ مَكَّةَ)، وما يتعلقُ بِه من الطوافِ والسَّعيِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ)

- ‌(بَابُ الهَدْيُ، وَالأُضْحِيَةِ)، وَالعَقِيقَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الجِهَادِ)

- ‌فصل

- ‌(بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌(فَصْلٌ)في أحكامِ الذِّمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فيما يَنْقُض العهدَ

- ‌(كِتَابُ البَيْعِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الشُّرُوطِ فِي البَيْعِ)

- ‌(بَابُ الخِيارِ) وقبضِ المبيعِ والإقالةِ

- ‌(فَصْلٌ) في التَّصرُّفِ في المبيعِ قبلَ قبضِه

- ‌(بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ بَيْعِ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ القَرْضِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكَفالةِ

- ‌(بَابُ الحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الحَجْرِ)

- ‌(فَصلٌ) في المحجورِ عليه لحظِّهِ

- ‌(بَابُ الوَكَالَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الشَّرِكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ المُسَاقَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الإِجَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ السَّبْقِ)

- ‌(بَابُ العَارِيَّةِ)

- ‌(بَابُ الغَصْبِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَتَصَرُّفَاتُ الغَاصِبِ الحُكْمِيَّةُ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الوَدِيعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ)

- ‌(بَابُ الجعَالَةِ)

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ)

- ‌(بَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(كِتَابُ الوَقْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(ويَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ الوَاقِفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَالوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ)

- ‌(بَابُ الهِبَةِ وَالعَطِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)(يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ)

- ‌(فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ المَرِيضِ) بعطيةٍ أو نحوِها

- ‌(كِتَابُ الوَصَايَا)

- ‌(بَابُ المُوصَى لَهُ)

- ‌(بَابُ المُوصَى بِهِ)

- ‌(بَابُ الوَصِيَّةِ بِالأَنْصِبَاءِ وَالأَجْزَاءِ)

- ‌(بَابُ المُوصَى إِلَيْهِ)

الفصل: ‌(باب) ذكر (دخول مكة)، وما يتعلق به من الطواف والسعي

(بَابُ) ذِكْرِ (دُخُولِ مَكَّةَ)، وما يتعلقُ بِه من الطوافِ والسَّعيِ

(يُسَنُّ) دخُولُ مكةَ (مِنْ أعْلَاهَا)، والخروجُ مِن أسفلِها.

(وَ) يُسنُّ دخُولُ (المَسْجِدِ) الحرامِ (مِنْ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ)؛ لما روى مسلمٌ وغيرُه عن جابرٍ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ مَكَّةَ ارْتِفَاعَ الضُّحَى، وَأَنَاخَ رَاحِلَتَهُ عِنْدَ بَابِ بَنِي شَيْبَةَ ثُمَّ دَخل» (1).

(1) لم نقف عليه في صحيح مسلم من حديث جابر ولا غيره، وروى الطبراني في الأوسط (491)، من طريق عبد الله بن نافع قال: نا مالك بن أنس، عن نافع، عن ابن عمر قال:«دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم، ودخلنا معه من باب بني عبد مناف، وهو الذي يسميه الناس باب بني شيبة، وخرجنا معه إلى المدينة من باب الحزورة، وهو باب الخياطين» ، قال ابن حجر:(وفي إسناده عبد الله بن نافع، وفيه ضعف)، وقال البيهقي:(إسناده غير محفوظ، وروينا عن ابن جريج، عن عطاء قال: يدخل المحرم من حيث شاء. قال: ودخل النبي صلى الله عليه وسلم من باب بني شيبة، وخرج من باب بني مخزوم إلى الصفا، وهذا مرسل جيد).

وروى ابن خزيمة (2700)، والبيهقي (9209)، من طريق أبي الطفيل عن ابن عباس:«أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم في عهد قريش دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة من هذا الباب الأعظم» ، وصحح إسناده النووي والألباني، وبوبا عليه:(باب دخول المسجد من باب بني شيبة)، وصدر البيهقي الباب بحديث علي (9208)، قال:«لما أن هدم البيت بعد جرهم بنته قريش، فلما أرادوا وضع الحجر تشاجروا من يضعه، فاتفقوا أن يضعه أول من يدخل من هذا الباب، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من باب بني شيبة» ، وصححه الألباني، وقال في منسكه:(فإنه صلى الله عليه وسلم دخل المسجد من باب بني شيبة، فإن هذا أقرب الطرق إلى الحجر الأسود). ينظر: السنن الكبرى 5/ 116، المجموع 8/ 10، البدر المنير 6/ 178، التلخيص الحبير 2/ 528، صحيح السيرة النبوية ص 44، مناسك الحج والعمرة للألباني ص 19.

ص: 114

ويُسنُّ أنْ يقولَ عند دخولِه: بسْمِ اللهِ، وباللهِ، ومِن اللهِ، وإلى اللهِ، اللهم افتح لي أبوابَ فضلِكَ، ذكره في أسبابِ الهدايةِ (1).

(فَإِذَا رَأَى البَيْتَ رَفَعَ يَدَيْهِ)؛ لفعلِه عليه السلام، رواه الشافعي عن ابنِ جريجٍ (2)،

(وَقَالَ مَا وَرَدَ)، ومنه: «اللَّهُمَّ أَنْتَ السَّلَامُ، ومِنْكَ السَّلَامُ، حَيِّنَا رَبَّنَا بِالسَّلَامِ، اللَّهُمَّ زِدْ هَذَا البَيْتَ تَعْظِيماً وَتَشْرِيفاً وتَكْرِيماً ومَهَابَةً وَبِرًّا، وَزِدْ مَنْ عَظَّمَهُ وَشَرَّفَهُ مِمَّنْ حَجَّهُ وَاعْتَمَرَهُ تَعْظِيماً وتَشْرِيفاً وتَكْرِيماً ومَهَابَةً وبِرًّا، الحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ كَثِيراً

(1)(أسباب الهداية لأرباب البداية) لابن الجوزي، وهو مفقود، وذكره عنه في الفروع (6/ 32).

(2)

رواه الشافعي (ص 125)، والبيهقي (9213)، عن سعيد بن سالم، عن ابن جريج: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى البيت رفع يديه وقال: «اللهم زد هذا البيت تشريفاً، وتعظيماً، وتكريماً، ومهابةً، وزد من شرفه، وكرمه ممن حجه واعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً وبرًّا» ، قال البيهقي والمنذري:(هذا منقطع)، وقال ابن الصلاح، والنووي، وابن الملقن، وابن حجر:(مرسل معضل).

وله شاهد عند البيهقي (9214)، من طريق أبي سعيد الشامي عن مكحول مرسلاً، قال ابن حجر:(وأبو سعيد هو محمد بن سعيد المصلوب كذاب)، وقال:(ورواه الطبراني في مرسل حذيفة بن أسيد مرفوعاً، وفي إسناده عاصم الكوزي وهو كذاب).

قال الشافعي بعد أن أورده: (ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء). ينظر: معرفة السنن والآثار 7/ 201، المجموع 8/ 8، البدر المنير 6/ 172، التلخيص الحبير 2/ 526.

ص: 115

كَمَا هُوَ أَهْلُهُ، وَكَمَا يَنْبَغِي لِكَرَمِ وَجْهِهِ وعِزِّ جَلَالِهِ، والحَمْدُ للهِ الَّذِي بَلَّغَنِي بَيْتَهُ، وَرَآنِي لِذَلِكَ أَهْلاً، والحَمْدُ للهِ عَلَى كُلِّ حَالٍ، اللَّهُمَّ إِنَّكَ دَعَوْتَ إِلَى حَجِّ بَيْتِكَ الحَرَامِ، وَقَدْ جِئْتُكَ لِذَلِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي، وَاعْفُ عَنِّي، وَأَصْلِحْ لِي شَأْنِي كُلَّهُ، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ» (1)، يرفعُ بذلك صوتَه.

(ثُمَّ يَطُوفُ مُضْطَبِعاً) في كلِّ أسبوعِه استحباباً؛ إن لم يَكُن حاملَ معذورٍ بردائِه، والاضطباعُ: أنْ يجعلَ وسَطَ ردائِه تحتَ عاتقِه الأيمنِ، وطرفيه على عاتقِه الأيسرِ، وإذا فرغ مِن الطوافِ أزال الاضطباعَ.

(يَبْتَدِئُ المُعْتَمِرُ بِطَوَافِ العُمْرَةِ)؛ لأنَّ الطوافَ تحيَّةُ المسجدِ الحرامِ، فاستُحِبَّت (2) البداءةُ به، ولفعلِه عليه السلام (3)، (وَ) يطوفُ (القَارِنُ وَالمُفْرِدُ لِلقُدُومِ)، وهو الورودُ.

(فَيُحَاذِي الحَجَرَ الأَسْوَدَ بِكُلِّهِ)، أي: بكلِّ بدَنِه، فيكونُ مبدأُ طوافِه؛ لأنَّه عليه السلام كان يَبْتَدئ به (4)، (وَيَسْتَلِمُهُ)، أي: يمسحُ الحجرَ

(1) انظر تخريجه في الفقرة السابقة.

(2)

في (ق): واستحبت.

(3)

من ذلك: ما رواه البخاري (1614)، ومسلم (1235)، من حديث عائشة:«أن أول شيء بدأ به حين قدم مكة أنه توضأ، ثم طاف بالبيت، ثم حج» .

(4)

من ذلك: ما رواه البخاري (1603)، ومسلم (1261)، من حديث ابن عمر:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود، أول ما يطوف يخب ثلاثة أطواف من السبع» .

وفي حديث جابر عند مسلم (1218)، قال:«حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً» .

ص: 116

بيدِه اليمنى، وفي الحديثِ:«أَنَّهُ نَزَلَ مِنَ الجَنَّةِ أَشَدَّ بَيَاضاً مِنَ اللَّبَنِ فَسَوَّدَتْهُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ» رواه الترمذي وصحَّحه (1)، (وَيُقَبِّلُهُ)؛ لما روى عمرُ: أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم استقبل الحَجَرَ ووضع شَفَتَيْهِ عليه يَبكي طويلاً، ثم التفت فإذا بعمرَ بنِ الخطابِ يَبكي، فقال:«يَا عُمَرُ هَهُنَا تُسْكَبُ العَبَرَاتُ» رواه ابنُ ماجه (2)،

(1) رواه الترمذي (877)، ورواه أحمد (2795)، وابن خزيمة (2733)، من طريق عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، صححه الترمذي، وابن خزيمة، والأشبيلي، والنووي، والألباني.

وأشار ابن القطان إلى ضعفه بقوله: (إنما هو من رواية جرير عنه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس)، وذلك أن عطاء صدوق اختلط بآخره، وجرير ممن سمع منه بعد الاختلاط، وجواب ذلك: أن الإمام أحمد رواه من طريق حماد بن سلمة عنه، قال ابن حجر:(وحماد ممن سمع من عطاء قبل الاختلاط). ينظر: بيان الوهم 4/ 280، تهذيب الأسماء واللغات 3/ 81، فتح الباري 3/ 462، السلسلة الصحيحة 6/ 230.

(2)

رواه ابن ماجه (2945)، وابن خزيمة (2712)، والحاكم (1670)، من طريق محمد بن عون الخراساني، عن نافع، عن ابن عمر، وصححه ابن خزيمة، وقال الحاكم:(صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي.

وعدَّه العقيلي وابن عدي وغيرهما من مناكير محمد بن عون، فقال العقيلي:(قال البخاري: محمد بن عون الخراساني مروزي منكر الحديث)، ثم أورد له هذا الحديث، وكذا فعل الذهبي في الميزان، وقال ابن عدي بعد أن أورد له هذا الحديث:(وعامة ما يرويه لا يتابع عليه)، وساق له ابن حجر هذا الحديث في ترجمته في التهذيب ثم قال:(وكأنه الحديث الذى أشار إليه أبو حاتم)، قال أبو حاتم:(منكر الحديث، روى عن نافع حديثاً ليس له أصل)، وقال الألباني:(ضعيف جداً)، وعد تصحيح الحاكم والذهبي له من أوهامهما. ينظر: الضعفاء للعقيلي 4/ 112، الكامل 7/ 485، ميزان الاعتدال 3/ 676، تهذيب التهذيب 9/ 384، الإرواء 4/ 308.

ص: 117

نَقَل الأثرمُ: (ويسجدُ عليه)(1)، وفَعَله ابنُ عمرَ (2)،

(1) لعله في مسائله ولم تطبع، وفي مسائل الإمام أحمد برواية ابنه عبد الله (ص 232):(سألت أبي: ما يقبل الرجل؟ قال يقبل الحجر الأسود).

(2)

لم نقف عليه من فعل ابن عمر، وقال الألباني:(لم أقف على رواية فيها سجود ابن عمر على الحجر، وإنما ذلك عن أبيه).

رواه الدارمي (1907)، وابن خزيمة (2714)، والحاكم (1672)، والبيهقي (9223)، من طريق جعفر بن عبد الله قال:«رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبَّل الحجر وسجد عليه، ثم قال: رأيت خالك ابن عباس يقبِّله ويسجد عليه، وقال ابن عباس: رأيت عمر بن الخطاب قبل وسجد عليه، ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا ففعلت» ، وجعفر بن عبد الله هو ابن عثمان كما صرح به الدارمي والعقيلي، والحديث صححه مرفوعاً: ابن خزيمة والألباني، وقال الحاكم:(حديث صحيح الإسناد)، ووافقه الذهبي، وحسن إسناده ابن كثير.

وأعله العقيلي: بأن جعفر بن عبد لله - وإن وثَّقه غيره - ففي حديثه وهمٌ واضطراب، وقد رواه غيره موقوفاً، فقال:(ورواه أبو عاصم وأبو داود الطيالسي عن جعفر، فقالا: عن ابن عباس، عن عمر مرفوعاً، وحدثنا إسحاق بن إبراهيم، عن عبد الرزاق، عن ابن جريج، قال: أخبرني محمد بن عباد بن جعفر: «أنه رأى ابن عباس قبل الحجر وسجد عليه»، حديث ابن جريج أولى).

وقد وافقه الألباني بهذا الإعلال إلا أنه صحح الرفع لما له من متابعة، فقد روى البيهقي (9225)، من طريق يحيى بن يمان، ثنا سفيان، عن ابن أبي حسين، عن عكرمة، عن ابن عباس، ويحيى بن يمان ضعيف، ومع ضعفه فقد تفرد به عن سفيان كما قال البيهقي. ينظر: الضعفاء 1/ 183، السنن الكبرى 5/ 121، المجموع 8/ 33، البداية والنهاية 5/ 173، التلخيص الحبير 2/ 535، الإرواء 4/ 309.

ص: 118

وابنُ عباسٍ (1).

(فَإِنْ شَقَّ) استلامُه وتقبيلُه لم يزاحِم، واستلمَه بيدِه و (قَبَّلَ يَدَهُ)؛ لما روى مسلمٌ عن ابنِ عباسٍ:«أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اسْتَلَمَهُ (2) وَقَبَّلَ يَدَهُ» (3)، (فَإِنْ شَقَّ) استلمه بشيءٍ وقبَّلَه؛ روي عن ابنِ عباسٍ (4)، فإن شَقَّ (اللَّمْسُ أَشَارَ إِليْهِ)، أي: إلى الحجرِ بيدِه أو بشيءٍ، ولا يقبِّلُه؛ لما روى البخاري عن ابنِ عباسٍ قال:«طَافَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى بَعِيرٍ، فَلَمَّا أَتَى الحَجَرَ أَشَارَ إِلَيْهِ بِشَيءٍ فِي يَدِهِ وَكَبَّر» (5).

(وَيَقُولُ) مُسْتقبِلَ الحجرِ بوجهِه كلَّما استلمَه (مَا وَرَدَ)، ومنه:

(1) رواه الشافعي (ص 126)، وعبد الرزاق (8912)، من طريق ابن جريج قال: أخبرني محمد بن عباد، عن أبي جعفر: أنه رأى ابن عباس جاء يوم التروية مسبداً رأسه قال: «فرأيته قبل الركن، ثم سجد عليه، ثم قبله، ثم سجد عليه، ثم قبله، ثم سجد عليه» ، حسنه أحمد، وصحح إسناده النووي والألباني. ينظر: المجموع 8/ 33، شرح العمدة لشيخ الإسلام 3/ 430، الإرواء 4/ 311.

(2)

في (ب): استلمه بيده.

(3)

لم نقف عليه من حديث ابن عباس عند مسلم، وإنما رواه مسلم (1268)، عن نافع، قال:«رأيت ابن عمر يستلم الحجر بيده، ثم قبل يده وقال: ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله» .

(4)

روى مسلم (1272)، عن ابن عباس:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير، يستلم الركن بمحجن» ، وليس فيه التقبيل، وإنما رواه مسلم (1275)، من حديث أبي الطفيل قال:«رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت، ويستلم الركن بمحجن معه ويقبل المحجن» .

(5)

رواه البخاري (1613).

ص: 119

«بِسْمِ اللهِ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللَّهُمَّ إِيمَاناً بِكَ، وَتَصْدِيقاً بِكِتَابِك، وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ، وَاتِّبَاعاً لِسُنَّةِ نَبِيِّكَ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم» ؛ لحديثِ عبدِ اللهِ بنِ السائبِ: «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ ذَلِكَ عِنْدَ اسْتِلَامِهِ» (1).

(وَيَجْعَلُ البَيْتَ عَنْ يَسَارِهِ)؛ لأنَّه عليه السلام طاف كذلِك، وقال:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (2).

(وَيَطُوفُ سَبْعاً، يَرْمُلُ (3) الأفُقِي)، أي: المُحرِمُ مِن بعيدٍ مِن

(1) لم نقف عليه، قال ابن الملقن:(هذا الحديث غريب من هذا الوجه، لا يحضرني من خرجه مرفوعاً بعد البحث عنه)، وقال الحافظ:(لم أجده هكذا).

وقد رواه الشافعي في الأم (2/ 186)، قال: أخبرنا سعيد عن ابن جريج قال: أُخْبِرت أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: يا رسول الله كيف نقول إذا استلمنا الحجر؟ قال «قولوا: باسم الله والله أكبر، إيماناً بالله، وتصديقاً بما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، وهذا منقطع.

ورواه العقيلي (4/ 135)، والطبراني في الأوسط (5486)، من طريق محمد بن مهاجر، عن نافع، عن ابن عمر موقوفاً، وصحح إسناده ابن حجر في التلخيص، إلا أن محمد بن مهاجر قال فيه البخاري:(محمد بن مهاجر القرشي عن نافع، لا يتابع على حديثه)، وذكر العقيلي أن مقصود البخاري هو هذا الحديث، وضعفه الألباني بمحمد بن المهاجر، قال ابن حجر في التقريب:(لين).

ورواه البيهقي (9252)، من طريق الحارث الأعور عن علي، والحارث ضعيف.

ورواه عبد الرزاق (8898)، عن ابن عباس، وفيه جويبر، قال ابن حجر:(ضعيف جداً). ينظر: الضعفاء 4/ 135، البدر المنير 6/ 195، التلخيص الحبير 2/ 537، تقريب التهذيب ص 143، السلسلة الضعيفة 3/ 156.

(2)

رواه البيهقي (9524)، بهذا اللفظ من حديث جابر، وهو عند مسلم (1297)، بلفظ:«لتأخذوا مناسككم» .

(3)

قال في المطلع (ص 227): (رمَل يرمُل: بفتح الميم في الماضي وضمها في المضارع، قال الجوهري: الرمل بالتحريك: الهرولَةُ، رملت بيت الصفا والمروة رملًا ورملانًا).

ص: 120

مكةَ (فِي هَذَا الطَّوَافِ) فقط إن طاف ماشياً، فيُسرعُ المشيَ ويُقاربُ الخُطَا (ثَلَاثاً)، أي: في ثلاثةِ أشواطٍ، (ثُمَّ) بعد أن يرمُلَ الثلاثةَ أشواطٍ (يَمْشِي أَرْبَعاً) مِن غير رَمَلٍ؛ لفعلِه عليه السلام (1).

ولا يُسَنُّ رَمَلٌ (2) لحامِلِ معذورٍ، ونساءٍ، ومُحْرِمٍ مِن مكةَ أو قربِها.

ولا يُقضى الرَّمَلُ إنْ فات في الثلاثةِ الأولِ.

والرَّمَلُ أَوْلَى مِن الدنوِّ مِن البيتِ.

ولا يُسَنُّ رَمَلٌ ولا اضطِبَاعٌ في غيرِ هذا الطوافِ.

(وَ) يُسَنُّ أن (يَسْتَلِمُ الحَجَرَ وَالرُّكْنَ اليَمَانِيَّ كُلَّ مَرَّةٍ) عندَ محاذاتِهما؛ لقولِ ابنِ عمرَ: «كَانَ رَسُولُ اللَه صلى الله عليه وسلم لَا يَدَعُ أَنْ يَسْتَلِمَ الرُّكْنَ اليَمَانِيَّ وَالحَجَرَ فِي طَوَافِهِ» ، قال نافعٌ:(وكان ابنُ عمرَ يفعلُه)، رواه أبو داودُ (3).

(1) من ذلك: حديث جابر عند مسلم (1218)، قال:«حتى إذا أتينا البيت معه، استلم الركن فرمل ثلاثاً ومشى أربعاً» .

(2)

في (ب): الرمل.

(3)

رواه أبو داود (1876)، ورواه أحمد (4686)، والنسائي (2947)، وابن خزيمة (2723)، والحاكم (1676)، من طريق عبد العزيز بن أبي رواد، عن نافع، عن ابن عمر، صححه ابن خزيمة، والحاكم، والنووي، والذهبي، وحسنه المنذري، والألباني. ينظر: المجموع 8/ 37، البدر المنير 6/ 194، الإرواء 4/ 308.

وأصله في البخاري (1606)، ومسلم (1268)، من حديث ابن عمر قال:«ما تركت استلام هذين الركنين في شدة ولا رخاء منذ رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستلمهما» .

ص: 121

فإن شَقَّ استلامُهُما أشار إليهما، لا الشَّاميَّ: وهو أولُ ركنٍ يَمُرُّ به، ولا الغربيَّ: وهو ما يليه.

ويقولُ بين الركنِ اليمانيِّ والحجرِ الأسودِ: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[البقرة: 201]، وفي بقيَّةِ طوافِه: اللهمَّ اجعله حجًّا مبروراً، وسعياً مشكوراً، وذنباً مغفوراً، ربِّ اغفر وارحم، واهدني السبيلَ الأقومَ، وتَجاوَزْ عما تعلمُ، وأنت الأعزُّ الأكرمُ، وتُسَنُّ القراءةُ فيه.

(وَمَنْ تَرَكَ شَيْئاً مِنَ الطَّوافِ) ولو يسيراً مِنْ شَوْطٍ مِنْ السبعةِ؛ لم يَصحَّ؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم طاف كاملاً، وقال:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (1).

(أَوْ لَمْ يَنْوِهِ)، أي: يَنْوِ الطوافَ؛ لم يَصحَّ؛ لأنَّه عبادةٌ أشبهَ الصلاةَ، ولحديثِ:«إنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ» (2).

(أَوْ) لم يَنْوِ (نُسُكَهُ)، بأن أحرم مطلقاً، وطاف قبلَ أن يَصرفَ إحرامَه لنسكٍ معينٍ؛ لم يَصحَّ طوافَه.

(1) تقدم تخريجه قريباً، ص

الفقرة .....

(2)

تقدم تخريجه صفحة .... الفقرة ....

ص: 122

(أَوْ طَافَ عَلَى الشَّاذَرْوَان)، بفتحِ الذالِ، وهو ما فَضَلَ عن جدارِ الكعبةِ؛ لم يَصحَّ طوافُه؛ لأنَّه مِن البيتِ، فإذا لم يَطُف به لم يطف بالبيتِ جميعِه.

(أَوْ) طاف على (جِدَارِ الحِجْرِ)، بكسرِ الحاءِ المهملةِ؛ لم يصحَّ طوافُه؛ لأنَّه صلى الله عليه وسلم طَافَ مِنْ وراءِ الحِجْرِ والشاذَروَانِ، وقال:«خُذُوا عَنِّي مَنَاسِكَكُمْ» (1).

(أَوْ) طاف وهو (عُرْيَانٌ، أَوْ نَجِسٌ)، أو مُحْدِثٌ؛ (لَمْ يَصِحَّ) طوافُه؛ لقولِه عليه السلام:«الطَّوَافُ بِالبَيْتِ صَلَاةٌ إِلَّا أَنَّكُمْ تَتَكَلَّمُونَ فِيهِ» رواه الترمذي والأثرمُ عن ابنِ عباسٍ (2).

ويُسَنُّ فِعْلُ بَاقِي المناسكِ كلِّها على طهارةٍ.

وإن طاف المُحْرِمُ لابِسَ مخيطٍ؛ صحَّ وفدَى.

(ثُمَّ) إذا تمَّ (3) طوافُه (يُصَلِّي رَكْعَتَينِ) نفلاً، يقرأُ فيهما بـ «الكافرينَ» ، و «الإخلاصِ» بعد «الفاتحةِ» ، وتُجزِئُ مكتوبةٌ عنهما.

وحيثُ رَكَعَهُما جاز، والأفضلُ كونُهُما (خَلْفَ المَقَامِ)؛ لقولِه تعالى:(وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى)[البقرة: 125].

(1) تقدم تخريجه قريباً، ص

الفقرة .....

(2)

تقدم تخريحه صفحة .... الفقرة .....

(3)

في (ع): أتم.

ص: 123