الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الشَّرِكَةِ)
بوزنِ: سَرِقَةٍ، ونِعْمَةٍ، وتَمْرَةٍ.
(وَهِيَ) نوعان:
شركةُ أملاكٍ، وهي:(اجْتِمَاعٌ فِي اسْتِحْقَاقٍ)؛ كثبوتِ الملكِ في عقارٍ أو منفعةٍ لاثنين فأكثرَ.
(أَوْ) شركةُ عقودٍ، وهي: اجتماعٌ في (تَصَرُّفٍ)، مِن بيعٍ ونحوِه.
(وَهِيَ) أي: شركةُ العقودِ وهي - المقصودةُ (1) هنا - (أَنْوَاعٌ) خمسةٌ:
(فَـ) أحدُها: (شَرِكَةُ عِنَانٍ (2)، سُمِّيت بذلك؛ لتساوي الشَّريكين في المالِ والتَّصرفِ، كالفارسَيْن إذا استويَا بين فرسَيْهِما وتساويَا في السَّيْرِ.
وهي: (أَنْ يَشْتَرِكَ بَدَنَانِ)، أي: شخصان فأكثرَ، مُسْلِمَيْن أو أحدُهُما، ولا تُكرَه مشاركةُ كتابيٍّ لا يَلي التصرُّفَ، (بِمَالَيْهِمَا المَعْلُومِ) كلٌّ منهما، الحاضرَيْن، (وَلَوْ) كان مالُ كُلٍّ (3)(مُتَفَاوِتاً)،
(1) في (أ) و (ع): المقصود.
(2)
قال في المطلع (ص 311): (العنان: بكسر العين).
(3)
في (ح) كل مال. وفي (أ) و (ع): ما لكُلِّ واحدٍ.
بأن لم يَتساوَ المالانِ قَدْراً أو جِنْساً أو صِفةً؛ (لِيَعْمَلَا فِيهِ بِبَدَنَيْهِمَا)، أو يَعمَلُ فيه أحدُهُما، ويكونُ له مِن الرِّبحِ أكثرَ مِن رِبحِ مالِه، فإن كان بدونِه لم يصحَّ، وبِقَدْرِه إبْضَاعٌ (1).
وإن اشتركا في مختلطٍ بينهما شائِعاً؛ صحَّ إنْ عَلِما قَدْرَ ما لكلٍّ منهما.
(فَيَنْفُذُ تَصَرُّفُ كُلٍّ مِنْهُمَا فِيهِمَا)، أي: في المالَيْنِ (بِحُكْمِ المِلْكِ فِي نَصِيبِهِ، وَبِـ) حُكمِ (الوَكَالَةِ فِي نَصِيبِ شَرِيكِهِ)، ويُغني لفظُ:(الشركةِ) عن إذنٍ صريحٍ في التَّصرفِ.
(وَيُشْتَرطُ) لشركةِ العِنانِ والمضارَبَةِ: (أَنْ يَكُونَ رَأْسُ المَالِ مِنَ النَّقْدَيْنِ المَضْرُوبَيْنِ)؛ لأنَّهما قِيَمُ الأموالِ وأثمانُ البِياعاتِ، فلا تصحُّ بعُروضٍ، ولا فلوسٍ ولو نافِقَةً.
وتصحَّ بالنَّقدَينِ (وَلَوْ مَغْشُوشَيْنِ يَسِيراً)؛ كحبَّةِ فضةٍ في دينارٍ، ذَكَره في المغني والشَّرحِ (2)؛ لأنَّه لا يُمكِنُ التَّحرُّزُ منه.
فإن كان الغَشُّ كثيراً لم تصحَّ؛ لعدمِ انضباطِه.
(1) الإبضاع: توكيل إنسان آخر على أن يعمل له عملاً بلا عوض. ينظر: شرح المنتهى 2/ 209، مطالب أولي النهى 3/ 499.
(2)
المغني (5/ 14)، والشرح الكبير (5/ 113).
(وَ) يُشترطُ أيضاً (أَنْ يَشْتَرِطَا لِكُلٍّ مِنْهُمَا جُزْءاً مِنَ الرِّبْحِ مُشَاعاً مَعْلُوماً)؛ كالثُّلُثِ والرُّبُعِ؛ لأنَّ الرِّبحَ مستحَقٌ لهما بحسبِ الاشتراطِ، فلم يَكُن بُدٌّ مِن اشتراطِهِ؛ كالمضارَبَةِ.
فإن قالا: والربحُ بيننا، فهو بينهما نِصفين.
(فَإِنْ لَمْ يَذْكُرَا الرِّبْحَ)؛ لم تصحَّ؛ لأنَّه المقصودُ مِن الشَّركةِ، فلا يجوزُ الإخلالُ به.
(أَوْ شَرَطَا لِأَحَدِهِمَا جُزْءَاً مَجْهُولاً)؛ لم تصحَّ؛ لأنَّ الجهالةَ تَمنَعُ تَسليمَ الواجبِ.
(أَوْ) شَرَطَا (دَرَاهِمَ مَعْلُومَةً)؛ لم تصحَّ؛ لاحتمالِ أنْ لا يَربَحَها، أو لا يَربَحَ غيرَها.
(أَوْ) شَرَطَا (رِبْحَ أَحَدِ الثَّوْبَيْنِ)، أو إحدى السَّفرَتين، أو رِبحَ تجارتِه في شهرٍ أو عامٍ بعينِه؛ (لَمْ تَصِحَّ)؛ لأنَّه قد يَربَحُ في ذلك المعيَّنِ دونَ غيرِه، أو بالعكسِ، فيَختَصُّ أحدُهُما بالرِّبحِ، وهو مخالِفٌ لموضوعِ الشَّركةِ.
(وَكَذَا مُسَاقَاةٌ، ومُزَارَعَةٌ، وَمُضَارَبَةٌ)، فيُعتَبرُ فيها تعيِينُ جزءٍ مشاعٍ معلومٍ للعامِلِ؛ لما تقدَّم.
(وَالوَضِيعَةُ)، أي: الخُسرانُ (عَلَى قَدْرِ المَالِ) بالحسابِ، سواءٌ كانت لتَلَفٍ أو نُقصانٍ في الثمنِ أو غيرِ ذلك.
(وَلَا يُشْتَرَطُ خَلْطُ المَالَيْنِ)؛ لأنَّ القصدَ الرِّبحُ، وهو لا يَتوقَّفُ على الخلطِ.
(وَلَا) يُشترطُ أيضاً (كَوْنُهُمَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ)، فتجوزُ (1) إن أَخْرَج أحدُهُما دنانيرَ والآخَرُ دراهِمَ، فإذا اقْتَسَما رَجَع كلٌّ بمالِه، ثم اقتسما الفَضْلَ.
وما يَشتريه كلٌّ منهما بعدَ عقدِ الشَّركةِ فهو بينهما.
وإن تَلِف أَحَدُ المالَينِ فهو مِن ضَمانِهِما.
ولكلٍّ منهما أن يَبيعَ، ويَشتريَ، ويَقبِضَ، ويُطالِبَ بالدَّيْنِ، ويُخاصِمَ فيه، ويُحِيلَ، ويَحتالَ، ويَردَّ بالعيبِ، ويَفعَلَ كلَّ ما هو مَن مَصلحةِ تجارتِهِما، لا (2) أن يُكاتِبَ رَقيقاً، أو يُزوِّجَه، أو يَعتِقَه، أو يُحابيَ، أو يَقترِضَ على الشَّركةِ؛ إلا بإذنِ شريكِه.
وعلى كلٍّ منهما أن يَتولَّى ما جَرَت العادةُ بتولِّيه، مِن نَشرِ ثوبٍ، وطيِّهِ، وإحرازِهِ، وقَبضِ النَّقدِ ونحوِه، فإن استأجر له فالأُجرةُ عليه.
(1) في (ق): فيجوز.
(2)
في (ب) و (ع): إلا.