الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ) في الصَّومِ، (وَحُكْمُ القَضَاءِ)، أي: قضاء الصوم
(يُكْرَهُ) لصائمٍ (جَمْعُ رِيقِهِ فَيَبْتَلِعَهُ)؛ للخروجِ مِن خلافِ مَن قال بفطرِه.
(وَيَحْرُمُ) على الصائمِ (بَلْعُ النُّخَامَةِ)، سواءٌ كانت مِن جَوْفِه أو صَدْرِه أو دِمَاغِه، (وَيُفْطِرُ بِهَا فَقَطْ)، أي: لا بالريقِ، (إِنْ وَصَلَتْ إِلَى فَمِهِ)؛ لأنَّها مِن غيرِ الفمِ.
وكذلك إذا تنجَّسَ فمُه بدمٍ أو قيءٍ ونحوِه فبلَعه وإنْ قلَّ؛ لإمكانِ التحرُّزِ منه.
وإنْ أخرج مِن فمِه حصاةً، أو درهماً، أو خيطاً ثم أعاده؛ فإن كَثُر ما عليه أفطَر، وإلا فلا.
ولو أخرَجَ لسانَه ثُمَّ أعاده؛ لم يُفْطِر بما عليه ولو كثُر؛ لأنَّه لم يَنفصِل عن محلِّه.
ويفطرُ بريقٍ أخرجه إلى ما بين شَفَتَيْه ثُمَّ بَلَعه.
(وَيُكْرَهُ ذَوْقُ طَعَامٍ بِلَا حَاجِةٍ)، قال المجدُ:(المنصوصُ عنه: أنه لا بأس به لحاجةٍ ومصلحةٍ)(1)،
(1) قاله في شرح الهداية، كما في الإنصاف (3/ 326).
وحكاه هو والبخاري عن ابنِ عباسٍ (1).
(وَ) يُكْره (مَضْغُ عِلْكٍ قَوِيٍّ)، وهو الذي كلَّما مضَغَه صَلُبَ وقوي؛ لأنَّه يجلبُ الغمَّ (2)، ويجمعُ الريقَ، ويورِثُ العطشَ.
(وَإِنْ وَجَدَ طَعْمَهَمَا)، أي: طَعْمَ الطعامِ والعلكِ (فِي حَلْقِهِ؛ أَفْطَرَ)؛ لأنه أوصَلَه إلى جوفِه.
(ويَحْرُمُ) مَضْغُ (العِلْكِ المُتَحَلِّلِ) مطلقاً إجماعاً، قاله في المبدعِ (3)، (إِنْ بَلَعَ رِيقَهُ) وإلا فلا، هذا معنى ما ذكره في المقنعِ (4)، والمغني (5)، والشرحِ (6)؛ لأنَّ المُحرَّمَ إدخالُ ذلك إلى جوفِه ولم يوجَدْ.
وقال في الإنصافِ: (والصحيحُ مِنَ المذهبِ: أنَّه يَحرمُ مَضْغُ ذلك ولو لم يَبتلِع ريقَه، وجزم به الأكثرُ) انتهى (7)، وجزم به في
(1) علقه البخاري عن ابن عباس بصيغة الجزم في باب اغتسال الصائم، (3/ 30)، ووصله ابن أبي شيبة (9278)، من طريق عكرمة، عن ابن عباس، قال:«لا بأس أن يتطاعم الصائم عن القدر» ، وحسَّنه الألباني. ينظر: الإرواء 4/ 86.
(2)
في (أ) و (ب) و (ق): يجلب البلغم. وفي (ع): يحلب البلغم.
(3)
(3/ 38).
(4)
(ص 104).
(5)
(3/ 125).
(6)
(3/ 73).
(7)
(3/ 327).
الإقناعِ (1)، والمنتهى (2).
ويُكرَه أنْ يدَعَ بَقَايَا الطَّعامِ بين أسنانِه، وشَمُّ ما لا يُؤمَنُ أن يجذِبَه نَفَسٌ؛ كسحيقِ مسكٍ.
(وَتُكْرَهُ القُبْلَةُ) ودواعي الوطءِ (لِمَنْ تُحَرِّكُ شَهْوَتَهُ)؛ «لأَنَّهُ عليه السلام نَهَى عَنْهَا شَابًّا، وَرَخَّصَ لِشَيْخٍ» رواه أبو داودَ مِنْ حديثِ أبي هريرةَ (3)،
(1)(1/ 504).
(2)
(1/ 161).
(3)
رواه أبو داود (2387)، من طريق إسرائيل، عن أبي العنبس، عن الأغر، عن أبي هريرة، جوَّد إسناده النووي، وقال الألباني:(إسناده حسن صحيح).
وضعَّفه ابن حزم، وابن القيم، وقال ابن حجر:(فيه ضعف)، وذلك لجهالة أبي العنبس، قال ابن حزم:(ولا يدرى من هو)، وقال ابن حجر:(مقبول)، أي: لا يقبل حديثه إلا في المتابعات والشواهد، قال ابن القيم:(ولا يصح عنه صلى الله عليه وسلم التفريق بين الشاب والشيخ، ولم يجئ من وجه يثبت).
وأُعِلَّ أيضاً: بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يُقبل عائشة وهي شابة، وهذا الحديث تفرد به أبو العنبس، فالتفرد منه غير مقبول والحالة هذه، ولذا قال في ذخيرة الحفاظ:(وكأن ابن عدي عده في أفراد إسرائيل).
وأجاب عن ذلك الألباني: أن أبا العنبس روى عنه جماعة من الثقات كشعبة، ومِسعر، وأبي عوانة، وذكره ابن حبان في الثقات، وأن الحديث له شاهدين: أحدهما من حديث عائشة مرفوعاً عند البيهقي (8084)، والآخر من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً عند أحمد (6739)، وكلاهما فيه ضعف، ولكنْ يصلحان في الشواهد. ينظر: المحلى 4/ 341، المجموع 6/ 355، زاد المعاد 2/ 55، فتح الباري لابن حجر 4/ 150، ذخيرة الحفاظ 2/ 656، صحيح أبي داود 7/ 148.
ورواه سعيدٌ عن أبي هريرةَ (1)، وأبي الدرداءِ (2)، وكذا عن ابنِ عباسٍ بإسنادٍ صحيحٍ (3)، «وَكَانَ صلى الله عليه وسلم يُقَبِّلُ وَهُوَ صَائِمٌ لما كَانَ مَالِكاً لإِرْبِهِ» (4)، وغيرُ ذي الشَهوةِ في معناه.
وتَحرمُ (5) إنْ ظَنَّ إنزالاً.
(1) لم نجده في القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور، ورواه البيهقي (8085)، من طريق مِسعر، عن ابن أبي سلمة، عن أبيه، قال: سأل شيخ أبا هريرة عن القُبلة وهو صائم فرخص له، ونهى عنها شاباً. وابن أبي سلمة هو: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ضعفه غير واحد، وقال الحافظ:(صدوق يخطئ) ينظر: تهذيب التهذيب 7/ 456.
(2)
لم نجده في القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور، ولم نقف عليه عند غيره.
(3)
لم نجده في القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور، ورواه مالك (1028)، والشافعي (ص 104)، والبيهقي (8087)، من طريق زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، أن ابن عباس سُئل عن القبلة للصائم فأرخص فيها للشيخ وكرهها للشاب. وصحح النووي إسناده، على أن فيه عطاء بن يسار، قال الحافظ:(صدوق اختلط)، وزيد بن أسلم ممن روى عنه قبل الاختلاط، ثم إن بين عطاء وابن عباس واسطة كما عند ابن ماجه (1688)، قال: حدثنا محمد بن خالد بن عبد الله الواسطي قال: حدثنا أبي، عن عطاء بن السائب، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، قال:«رخص للكبير الصائم في المباشرة، وكره للشاب» ، قال البوصيري:(هذا إسناد ضعيف، عطاء بن السائب اختلط بآخره، وخالد ابن عبد الله الواسطي سمع فيه بعد الاختلاط، ومحمد بن خالد ضعيف أيضاً). ينظر: المجموع 6/ 354، تقريب التهذيب ص 391، مصباح الزجاجة 2/ 68.
(4)
رواه البخاري (1927)، ومسلم (1106)، من حديث عائشة، بلفظ:«كان النبي صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وهو صائم، وكان أملككم لإربه» .
(5)
من هنا يبدأ خرم من (أ) إلى قوله: (في ذلك كالحج. باب صوم التطوع).
(وَيَجِبُ) مطلقاً (اجْتِنَابُ كَذِبٍ، وَغِيبَةٍ)، ونميمةٍ، (وشَتْمٍ)، ونحوِه؛ لقولِه عليه السلام:«مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، فَلَيْسَ لِلهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ» رواه أحمدُ، والبخاري، وأبو داودَ وغيرُهم (1).
قال أحمدُ: (ينبغي للصائمِ أن يَتعاهدَ صومَه من لسانِه، ولا يماري، ويصونَ صومَه، كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجدِ، وقالوا: نَحفظُ صومَنا ولا نغتابُ أحداً، ولا يَعملُ عملاً يَجرحُ به صومَه)(2).
(وسُنَّ (3) له كثرةُ قراءةٍ، وذكرٍ، وصدقةٍ، وكفُّ لسانِهِ عمَّا يُكرَه.
وسُنَّ (لِمَنْ شُتِمَ قَوْلُهُ) جهراً: (إِنِّي صَائِمٌ)؛ لقولِه عليه السلام: «فَإِنْ شَاتَمَهُ أَحَدٌ أَوْ قَاتَلَهُ فَلْيَقُلْ: إِنِّي امْرُؤٌ صَائِمٌ» (4).
(وَ) سُنَّ (تَأخِيرُ سُحُورٍ (5) إن لم يَخشَ طلوعَ فجرٍ ثانٍ؛ لقولِ
(1) رواه أحمد (10562)، والبخاري (1903)، وأبو داود (2362)، والترمذي (707)، وابن ماجه (1689).
(2)
في رواية حنبل كما في كتاب الصيام من شرح العمدة لابن تيمية (1/ 541).
(3)
في (ق): يسن.
(4)
رواه البخاري (1894)، ومسلم (1151)، من حديث أبي هريرة.
(5)
قال في المطلع (187): (قوله: (وتأخير السُّحُورِ): قال صاحب المطالع: السحور -بالفتح-: اسم ما يؤكل في السحر، وبالضم: اسم الفعل، وأجاز بعضهم أن يكون اسم الفعل بالوجهين، والأول أشهر، والمراد هنا الفعل، فيكون بالضم على الصحيح).
زيدِ بنِ ثابتٍ: «تَسَحَّرْنَا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، ثُمَّ قُمْنَا إِلَى الصَّلاةِ، قُلْتُ: كَمْ كَانَ بَيْنَهُمَا؟ ، قَالَ: قَدْرُ خَمْسِينَ آيَةً» متفقٌ عليه (1).
وكُره جماعٌ مع شكٍّ في طلوعِ فجرٍ، لا سُحورٌ.
(وَ) سُنَّ (تَعْجِيلُ فِطْرٍ)؛ لقولِه عليه السلام: «لَا يَزَالُ النَّاسُ بِخَيْرٍ مَا عَجَّلُوا الفِطْرَ» متفقٌ عليه (2)، والمرادُ إذا تحقَّقَ غروب الشمسِ، وله الفطرُ بغلبةِ الظنِ.
وتَحصلُ فضيلتُه (3) بشربٍ، وكمالُها بأكلٍ، ويكونُ (عَلَى رُطَبٍ)؛ لحديثِ أنسٍ:«كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يُفْطِرُ عَلَى رُطَبَاتٍ قَبْلَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَعَلَى تَمَرَاتٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ (4) تَمَرَاتٍ حَسَا حَسَوَاتٍ مِنْ مَاءٍ» رواه أبو داودَ، والترمذي وقال:(حسنٌ غريبٌ)(5)، (فَإِنْ عُدِمَ) الرطبُ (فَتَمْرٌ، فَإِنْ عُدِمَ فَـ) على (مَاءٍ)؛ لما تقدَّم.
(1) رواه البخاري (1921)، ومسلم (1097).
(2)
رواه البخاري (1957)، ومسلم (1098)، من حديث سهل بن سعد.
(3)
في (ح): فضيلة.
(4)
في (ب): يكن.
(5)
رواه أبو داود (2356)، والترمذي (696)، ورواه أحمد (12676)، والحاكم (1576)، والدارقطني (2278)، من طريق عبد الرزاق، حدثنا جعفر بن سليمان، حدثنا ثابت البناني، عن أنس. قال الترمذي:(حديث حسن غريب)، وقال الدارقطني:(إسناد صحيح)، وصححه الحاكم على شرط مسلم، ووافقه الذهبي والألباني.
وقال النسائي: (هو خطأ)، وأعلَّه أبو حاتم وأبو زرعة، وقالا:(لا نعلم روى هذا الحديث غير عبد الرزاق، ولا ندري من أين جاء عبدالرزاق) وقال البزار: (وهذا الحديث لا نعلم رواه عن ثابت، عن أنس إلا جعفر بن سليمان، ولا نعلم رواه عن جعفر إلا عبد الرزاق)، وقال ابن عدي:(وهذا الحديث يعرف بعبد الرزاق عن جعفر، ومن إفرادات جعفر عن ثابت، عن أنس). ينظر: علل الحديث 3/ 6، الكامل لابن عدي 2/ 387، مسند البزار 13/ 294، البدر المنير 5/ 698، التلخيص الحبير 2/ 435، الإرواء 4/ 45.
(وَقَوْلُ مَا وَرَدَ) عندَ فطرِه ومنه: «اللَّهُمَّ لَكَ صُمْتُ، وَعَلَى رِزْقِكَ أَفْطَرْتُ، سُبْحَانَكَ وَبِحَمْدِكَ، اللَّهُمَّ تَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ العَلِيمُ» (1).
(وَيُسْتَحَبُّ القَضَاءُ)، أي: قضاءُ رمضانَ فوراً، (مُتَتَابِعاً)؛ لأنَّ
(1) جاء من حديث ابن عباس: رواه الدارقطني (2280)، والطبراني (12720)، من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة، عن أبيه، عن جده، عن ابن عباس مرفوعاً، وعبد الملك بن هارون قال الذهبى فيه:(تركوه)، وقال السعدي:(دجال)، ولذا ضعَّفه النووي، وابن القيم، وابن حجر، والألباني.
ومن حديث أنس: رواه الطبراني في الأوسط (7549)، من طريق داود بن الزبرقان، نا شعبة، عن ثابت البناني، عن أنس. وقال الطبراني:(لم يرو هذا الحديث عن شعبة إلا داود بن الزبرقان، تفرد به: إسماعيل بن عمرو)، قال الذهبي في إسماعيل:(ضعَّفه غير واحد)، وداود بن الزبرقان متروك، قال ابن حجر:(وإسناده ضعيف، فيه داود بن الزبرقان، وهو متروك).
ورواه أبو داود (2358)، من طريق حصين، عن معاذ بن زهرة أنه بلغه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال
…
، وذكره، قال ابن حجر:(وهو مرسل)، ووافقه الألباني، وأعلَّه أيضاً بمعاذ بن زهرة، فإنه لا يعرف، قال ابن حجر:(مقبول). ينظر: المجموع 6/ 362، زاد المعاد 2/ 49، التلخيص الحبير 2/ 444، الإرواء 4/ 36.
القضاءَ يَحكي الأداءَ، وسواءٌ أفطر بسببٍ محرَّمٍ أَوْ لا، وإن لم يَقضِ على الفورِ وجب العزمُ عليه.
(وَلَا يَجُوزُ) تأخيرُ قضائِه (إِلَى رَمَضانٍ آخَرَ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ)؛ لقولِ عائشةَ: «كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَهُ إِلَّا فِي شَعْبَانَ، لِمَكَان رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم» متفقٌ عليه (1)، فلا يجوزُ التَّطَوُّعُ قَبْلَه ولا يَصِح.
(فَإِنْ فَعَلَ)، أي: أخَّرَه بلا عذرٍ حَرُم عليه، وحينئذ (فَعَلَيْهِ مَعَ القَضَاءِ إِطْعَامُ مِسْكِينٍ لِكُلِّ يومٍ) ما يُجزئُ في كفارةٍ، رواه سعيدٌ بإسنادٍ جيِّدٍ عن ابنِ عباسٍ (2)، والدارقطني بإسنادٍ صحيحٍ عن أبي هريرةَ (3)، وإن كان لعذرٍ فلا شيء عليه.
(1) رواه البخاري (1950)، ومسلم (1146)، وقوله:«لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم» ، من قول يحيى كما يظهر من رواية البخاري، لا من قول عائشة كما تدل عليه بعض رواياته، ويوضح ذلك ما في رواية مسلم الأخرى:«فظننت أن ذلك لمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم يحيى يقوله» . وبيَّن ذلك ابن حجر في فتح الباري (4/ 191).
(2)
لم نجده في القسم المطبوع من سنن سعيد بن منصور، ورواه الدارقطني (2347)، والبيهقي (8211)، من طرق عن ابن عباس، قال:«من فرَّط في صيام شهر رمضان حتى يدركه رمضان آخر فليصم هذا الذي أدركه، ثم ليصم ما فاته ويطعم مع كل يوم مسكينا» ، وقد ذكره البخاري معلقاً بصيغة التمريض في باب: متى يقضى قضاء رمضان (3/ 35)، وصححه البيهقي. ينظر: مختصر الخلافيات 3/ 68.
(3)
رواه الدارقطني (2343)، ورواه عبد الرزاق (7620)، والبيهقي (8212)، من طرق عن أبي هريرة: في رجل مرض في رمضان ثم صحَّ ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر، قال:«يصوم الذي أدركه، ويطعم عن الأول لكل يوم مداً من حنطة لكل مسكين، فإذا فرغ في هذا صام الذي فرَّط فيه» ، قال الدارقطني:(إسناد صحيح موقوف)، وصححه البيهقي، وقد ذكره البخاري معلقاً بصيغة التمريض في باب: متى يقضى قضاء رمضان (3/ 35) وقال ابن حجر: (إسناد حسن موقوف). ينظر: مختصر الخلافيات 3/ 68، تغليق التعليق 3/ 188.
(وَإِنْ مَاتَ) بعد أن أخَّره لعذرٍ فلا شيء، ولغيرِ عذرٍ أُطعِمَ عنه لكلِّ يومٍ مسكينٌ، كما تقدَّم، (وَلَوْ بَعْدَ رَمَضَانٍ آخَرَ)؛ لأنَّه بإخراجِ كفارةٍ واحدةٍ زال تفريطُه.
والإطعامُ مِن رأسِ مالِه، أوصى به أوْ لا.
وإنْ مات وعليه صَوْمُ كفارةٍ؛ أُطْعِم عنه كصومِ متعةٍ.
ولا يُقْضَى عنه ما وجب بأصلِ الشرعِ مِن صلاةٍ وصومٍ.
(وَإِنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صَوْمُ) نذرٍ (1)، (أَوْ اعْتِكَافُ) نذرٍ (أَوْ صَلَاةُ نَذْرٍ؛ اسْتُحِبَّ لِوَلِيِّهِ قَضَاؤُهُ)؛ لما في الصحيحين: أنَّ امرأةً جاءت إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالت: إنَّ أُمِّي ماتت وعليها صومُ نذرٍ، أفأصومُ عنها؟ قال:«نَعَمْ» (2)، ولأنَّ النِّيابةَ تدخلُ في العبادةِ بحسبِ خِفَّتِها، وهو أخفُّ حُكْماً مِنَ الواجبِ بأصلِ الشرعِ.
والوليُّ هو الوارثُ، فإن صام غيرَه جازَ مطلقاً؛ لأنَّه تبرعٌ.
وإنْ خلَّفَ تَرِكةً وَجَب الفعلُ، فيفعلُه الوليُّ، أو يدفعُ إلى مَنْ
(1) في (ح) و (ع): (أو حج) نذرٍ.
(2)
رواه البخاري (1953)، ومسلم (1148)، من حديث ابن عباس.
يفعلُه عنه.
ويدفعُ في الصومِ عن كلِّ يومٍ طعامَ مسكينٍ.
وهذا كلُّه فيمن أمْكَنَه صومُ ما نذَرَه فلم يَصُمْه، فلو أمكنه بعضُه قُضِيَ ذلك البعضُ فقط.
والعمرةُ (1) في ذلك كالحجِ.
(1) نهاية الخرم في (أ).