الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَمَا لَا عُرْفَ لَهُ هُنَاكَ)، أي: بالمدينةِ ومكةَ (اعْتُبِرَ عُرْفُهُ فِي مَوْضِعِهِ)؛ لأنَّ ما لا عُرفَ له في الشرعِ يُرجَعُ فيه إلى العُرفِ؛ كالقبضِ والحِرْزِ.
فإن اختلفت البلادُ اعتُبِرَ الغالِبُ، فإن لم يَكُن رُدَّ إلى أقربَ ما يُشبِهُه بالحجازِ.
وكلُّ مائعٍ مكيلٌ.
ويجوزُ التَّعامُلُ بكَيْلٍ لم يُعهَدْ.
(فَصْلٌ)
(وَيَحْرُمُ رِبَا النَّسِيئَةِ)، مِن النَّساءِ بالمدِّ، وهو التأخيرُ، (فِي بَيْعِ كُلِّ جِنْسَيْنِ اتَّفَقَا فِي عِلَّةِ رِبَا الفَضْلِ)، وهي: الكيلُ أو الوزنُ، (لَيْسَ أحَدُهُمَا)، أي: أحدُ الجنسين (نَقْداً)، فإن كان أحدُهما نقداً؛ كحديدٍ بذهبٍ أو فضةٍ جاز النَّساءُ، وإلا لانسَدَّ بابُ السَّلَمِ في الموزوناتِ غالباً، إلَّا صَرْفَ فلوسٍ نافقةٍ بنقدٍ، فيُشترطُ فيه الحلولُ والقبضُ، واختارَ ابنُ عقيلٍ وغيرُه: لا، وتبِعَه في الإقناعِ، (كَالمَكِيلَيْنِ وَالمَوزُونَيْنِ)، ولو مِن جِنسين.
فإذا أُبيعَ بُرٌّ بشعيرٍ، (1) أو حديدٌ بنحاسٍ؛ اعتُبِر الحلولُ
(1) بداية سقط من (ح).
والتَّقابُضُ قبلَ التَّفرُّقِ، (وَإِنْ تَفَرَّقَا قَبْلَ القَبْضِ؛ بَطَلَ) العقدُ؛ لقولِه عليه السلام:«إِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ يَداً بِيَدٍ» (1)، والمرادُ به: القبضُ.
(وَإِنْ بَاعَ مَكِيلاً بِمَوْزُونٍ)، أو عكسُه؛ (جَازَ التَّفَرُّقُ قَبْلَ القَبْضِ، وَ) جاز (النَّسَاءُ)؛ لأنَّهما لم يَجتمِعا في أَحَدِ (2) وصْفَي علَّةِ ربا الفضلِ؛ أشبه الثيابَ بالحيوانِ.
(وَمَا لَا كَيْلَ فِيْهِ وَلَا وَزْنَ؛ كَالثِّيَابِ وَالحَيْوَانِ يَجُوزُ فِيهِ النَّسَاءُ)؛ «لأَمْرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللهِ بنَ عَمْرو أَنْ يَأْخُذَ عَلَى قَلَائِصَ الصَّدَقَةِ، فَكَانَ يَأْخُذُ البَعِيرَ بِالبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ» رواه أحمدُ، والدارقطني (3)
(1) تقدم تخريجه صفحة ..... الفقرة .......
(2)
في (أ) و (ع) و (ب): أَحَدَيْ.
(3)
رواه أحمد (6593)، والدارقطني (3053)، ورواه أبو داود (3357)، والحاكم (2340)، من طريق محمد بن إسحاق، عن أبي سفيان الحرشي، عن مسلم بن جبير، عن عمرو بن الحريش، عن عبد الله بن عمرو به. قال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم)، ووافقه الذهبي، وقال يحيى بن معين:(هذا حديث مشهور).
وأعلَّه ابن حزم، والبيهقي، وعبد الحق، وابن القطان، وابن عبد الهادي، وابن الملقن، وابن حجر، والألباني، وقد أُعل بثلاث علل: الاضطراب، ولم يرتض ابن حجر هذه العلة، ومسلم بن جبير وعمرو بن الحريش مجهولان، وعنعنة ابن إسحاق وهو مدلس.
وله طريق آخر: رواه الدارقطني (3052)، والبيهقي (10529)، من طريق ابن جريج، أن عمرو بن شعيب أخبره عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص به. وصححه البيهقي، وقال ابن حجر:(إسناده قوي)، وجوَّده ابن عبد الهادي، وحسنه الألباني لحال إسناد عمرو بن شعيب. ينظر: المحلى 8/ 43، بيان الوهم 5/ 163، تنقيح التحقيق 4/ 22، البدر المنير 6/ 471، التلخيص الحبير 3/ 22، الدراية 2/ 159، الإرواء 5/ 206.
وصحَّحه (1)، وإذا جاز في الجنسِ الواحدِ ففي الجنسين أَوْلَى.
(وَلَا يَجُوز بَيْعُ الدَّينِ بِالدَّيْنِ)، حكاه ابنُ المنذرِ إجماعاً (2)؛ لحديثِ:«نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ بَيْعِ الكَالِئِ بِالكَالِئِ» (3)، وهو: بيعُ
(1) لم نقف على تصحيحه، قال الألباني:(ذكر المصنف رحمه الله أن الدارقطني صححه، ولم أر ذلك فى سننه، ولا ذكره أحد غيره فيما علمت) ينظر: الإرواء 5/ 207.
(2)
الإجماع لابن المنذر (ص 132).
(3)
رواه الدارقطني (3060)، والحاكم (2342)، والبيهقي (10536)، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن موسى، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعاً، قال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم)، ووافقه الذهبي. قال البيهقي:(موسى هذا هو ابن عبيدة الربذي، وشيخنا أبو عبد الله - يعني الحاكم - قال في روايته عن موسى بن عقبة: وهو خطأ)، وكذا قال الدارقطني في العلل أنه موسى بن عبيدة.
وضعفه الشافعي، وأحمد، وابن المنذر، والدارقطني، والنووي، والهيثمي، وابن حجر، وعلته: تفرُّد موسى بن عبيدة به، قال أحمد بن حنبل فيه:(لا تحل عندي الرواية عنه، ولا أعرف هذا الحديث عن غيره)، وقال النووي:(مداره على موسى بن عبيدة الزيدي، وهو ضعيف).
وروى الطبراني (4375)، من طريق، قال ابن حجر:(وهذا لا يصلح شاهداً لحديث ابن عمر، فإنه من طريق موسى بن عبيدة أيضاً عن عيسى بن سهل، وكان الوهم فيه من الراوي عنه، محمد بن يعلى زنبور).
قال أحمد: (ليس في هذا حديث يصح، لكن إجماع الناس على أنه لا يجوز بيع دين بدين).
ينظر: الجرح والتعديل 8/ 152، علل الدارقطني 13/ 193، مجمع الزوائد 4/ 81، المجموع 9/ 400، البدر المنير 6/ 567، التلخيص الحبير 3/ 70، الإرواء 5/ 220.