الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ)
القسمُ الثاني: صلحٌ على إنكارٍ، وقد ذَكَره بقولِه:(وَمَنِ ادُّعِيَ عَلَيْهِ بِعَيْنٍ أَوْ دَيْنٍ فَسَكَتَ أَوْ أَنْكَرَ وَهَوَ يَجْهَلُهُ)، أي: يجهلُ ما ادُّعِيَ به عليه، (ثُمَّ صَالَحَ) عنه (بِمَالٍ) حالٍّ أو مؤجَّلٍ؛ (صَحَّ) الصلحُ؛ لعمومِ قولِه عليه السلام:«الصُّلْحُ جَائِزٌ بَيْنَ المُسْلِمِينَ، إِلَّا صُلْحاً حَرَّمَ حَلَالاً، أَوْ أَحَلَّ حَرَاماً» رواه أبو داودَ، والترمذي وقال:(حسنٌ صحيحٌ)، وصحَّحه الحاكمُ (1).
(1) جاء من حديث أبي هريرة عند أبي داود (3594)، وتقدم تخريجه صفحة .... الفقرة .... ، ولفظه عند أبي داود:«الصلح جائز بين المسلمين» زاد أحد الرواة: «إلا صلحاً أحل حراماً، أو حرم حلالاً» وزاد راوٍ آخر: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «المسلمون على شروطهم» ، وحسَّنه الألباني.
وجاء من حديث عمرو بن عوف عند الترمذي (1352)، وابن ماجه (2353)، والحاكم (7059)، من طريق كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني، عن أبيه، عن جده مرفوعاً. وصححه الترمذي، ورواه الحاكم وسكت عنه.
وضعَّفه ابن القطان، وابن حجر، والألباني، وقال الذهبي:(واهٍ)، قال ابن الملقن:(بل واهٍ بمرة بسبب كثير هذا)، وذلك أن كثير بن عبد الله ضعيف جداً، قال الشافعي:(من أركان الكذب)، وقال ابن حبان:(له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة)، وقال فيه ابن حجر في التقريب:(ضعيف أفرط من نسبه إلى الكذب).
وانتُقِد تصحيحُ الترمذي للحديث، حتى قال الذهبي:(وأما الترمذي فروى من حديثه: «الصلح جائز بين المسلمين»، وصححه، فلهذا لا يعتمد العلماء على تصحيح الترمذي)، واعتذر له ابن حجر فقال:(وكثير بن عبد الله ضعيف عند الأكثر، لكن البخاري ومن تبعه كالترمذي وابن خزيمة يقوون أمره).
وجاء موقوفاً على عمر عند البيهقي في معرفة السنن والآثار (11903) من طريق جعفر بن برقان، عن معمر البصري، عن أبي العوام البصري قال: كتب عمر إلى أبي موسى الأشعري، فذكر الحديث، وقال فيه:«والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحاً أحلَّ حراماً، أو حرَّم حلالاً» . قال البيهقي: (وقد روي هذا من أوجه). ينظر: المجروحين 2/ 221، بيان الوهم 5/ 211، ميزان الاعتدال 3/ 407، البدر المنير 6/ 687، فتح الباري 4/ 451، التلخيص الحبير 3/ 64، تقريب التهذيب ص 460، الإرواء 5/ 250.
ومَن ادُّعِيَ عليه بوديعةٍ، أو تَفريطٍ فيها، أو قراضٍ (1)، فأنكر وصالَحَ على مالٍ؛ فهو جائِزٌ، ذَكَره في الشَّرحِ وغيرِه (2).
(وَهُوَ)، أي: صلحُ الإنكارِ (لِلمُدَّعِي بَيْعٌ)؛ لأنَّه يَعتقِدُه عِوضاً عن مالِه، فلزِمَه حُكمُ اعتقادِه، (يَرُدُّ مَعِيبَهُ)، أي: معيبَ ما أَخَذه مِن العِوضِ، (وَيَفْسَخُ الصُّلْحَ)؛ كما لو اشترى شيئاً فَوَجَده مَعيباً، (وَيُؤْخَذُ مِنْهُ) العِوضُ إن كان شِقْصاً (بِشُفْعَةٍ)؛ لأنَّه بيعٌ.
وإن صالحه (3) ببعضِ عَينِ المدَّعَى به فهو فيه كمُنكرٍ.
(وَ) الصلحُ (لِلآخَرِ) المنكِرِ (إِبْرَاءٌ)؛ لأنَّه دَفَع المالَ افتداءً ليمينِه، وإزالةَ الضَّررِ عنه، لا عِوضاً عن حقٍّ يَعتقِدُه، (فَلَا رَدَّ) لما صالَحَ عنه بعيبٍ يجِدُه فيه، (وَلَا شُفْعَةَ) فيه؛ لاعتقادِهِ أنَّه ليس بعِوضٍ.
(1) في (أ): إقراض.
(2)
الشرح الكبير (5/ 12)، المبدع (4/ 265).
(3)
في (ق): صالح.
(وَإِنْ كَذَبَ أَحَدُهُمَا) في دعواه أو إنكارِه، وعَلِمَ بكذبِ نفسِه؛ (لَمْ يَصِحَّ) الصلحُ (فِي حَقِّهِ بَاطِناً)؛ لأنَّه عالمٌ بالحقِّ، قادرٌ على إيصالِه لمستحقِّه، غيرُ مُعتقدٍ أنَّه محقٌّ، (وَمَا أَخَذَهُ حَرَامٌ) عليه؛ لأنَّه أكْلٌ للمالِ بالباطلِ.
وإن صالَحَ عن المنكِرِ أجنبيٌّ بغيرِ إذنِه؛ صحَّ، ولم يَرجِعْ عليه.
ويصحُّ الصلحُ عن قصاصٍ، وسُكنى دارٍ، وعيبٍ، بقليلٍ وكثيرٍ.
(وَلَا يَصِحُّ) الصلحُ (بِعِوَضٍ عَنْ حَدِّ سَرِقَةٍ، وَقَذْفٍ) أو غيرِهِما؛ لأنَّه ليس بمالٍ، ولا يَؤولُ إليه، (وَلَا) عن (حَقِّ شُفْعَةٍ) أو خيارٍ؛ لأنهما لم يُشرَعا لاستفادةِ مالٍ، وإنما شُرِعَ الخيارُ للنَّظرِ في الأحظِّ، والشفعةُ لإزالةِ الضَّررِ بالشَّركةِ، (وَ) لا عن (تَرْكِ شَهَادَةٍ) بحقٍّ أو باطلٍ.
(وَتَسْقُطُ الشُّفْعَةُ) إذا صالَحَ عنها؛ لرِضاه بتَركِها، ويَردُّ (1) العوضَ، (وَ) كذا حُكمُ (الحَدِّ) والخيارِ.
وإن صالحه على أنْ يُجْرِيَ على أرضِه أو سطحِه ماءً مَعلوماً؛ صحَّ؛ لدعاءِ الحاجةِ إليه، فإن كان بعوضٍ مع بقاءِ ملكِه فإجارةٌ، وإلا فبيعٌ، ولا يُشترطُ في الإجارةِ هنا بيانُ المدَّةِ؛ للحاجةِ.
ويجوزُ شراءُ ممرٍّ في ملكِه، وموضِعٍ (2) في حائِطٍ يَجعلُه باباً،
(1) في (ق): وبردِّ.
(2)
في (ق): أو موضع.
وبَقعةٍ يحفِرُها بِئراً، وعلوِّ بيتٍ يَبني عليه بُنياناً مَوصوفاً، ويصحُّ فِعلُه صُلحاً أبداً، وإجارةً مدةً معلومةً.
(وَإِنْ حَصَلَ غُصْنُ شَجَرَتِهِ فِي هَوَاءِ غَيْرِهِ) الخاصِّ به أو المشتَرَكِ، (أَوْ) حَصَل غُصنُ شَجرتِه في (قَرَارِهِ)، أي: قرارِ غيرِه الخاصِّ أو المشتركِ، أي: في أرضِه، وطالَبَه بإزالةِ ذلك؛ (أَزَالَهُ) وجوباً، إما بقَطْعِه أو لَيِّهِ إلى ناحيةٍ أخرى، (فَإِنْ أَبَى) مالِكُ الغُصنِ إزالتَه (لَوَاهُ) مالِكُ الهواءِ (إِنْ أمْكَنَ، وَإِلَّا) يُمكِنُ (فَلَهُ قَطْعُهُ)؛ لأنَّه إخْلاءُ ملكِه الواجبِ إخلاؤُهُ، ولا يَفتقِرُ إلى حاكِمٍ، ولا يُجبرُ المالكُ على الإزالةِ؛ لأنَّه ليس مِن فعلِه.
وإن أتلَفَه مالِكُ الهواءِ مع إمكانِ لَيِّه؛ ضَمِنه.
وإن صالحه على بقاءِ الغُصنِ بعوضٍ؛ لم يجزْ.
وإن اتَّفقا على أن الثمرةَ بينهما ونحوَه؛ صحَّ جائزاً.
وكذا حُكمُ عِرْقِ شجرةٍ حَصَل في أرضِ غيرِه.
(وَيَجُوزُ فِي الدَّرْبِ النَّافِذِ فَتْحُ الأَبْوَابِ لِلاسْتِطْرَاقِ)؛ لأنَّه لم يَتعيَّنْ له مالِكٌ، ولا ضررَ فيه على المجتازِينَ.
و(لَا) يجوزُ (إِخْرَاجُ رَوْشَنٍ (1) على أطرافِ خشبٍ أو نحوِه
(1) قال في تحرير ألفاظ التنبيه (ص 300): (الرَوشن: بفتح الراء، وهو الخارج من خشب البناء).
مدفونةٍ في الحائطِ، (وَ) لا إخراجُ (سَابَاطٍ)، وهو: المستَوفي للطريقِ كلِّه على جِدارَين، (وَ) لا إخراجُ (دَكَّةٍ)، بفتحِ الدالِ، وهي: الدُّكانُ (1) والمِصْطَبَّةُ (2) - بكسرِ الميمِ -، (وَ) لا إخراجُ (مِيزَابٍ (3)، ولو لم يَضرَّ بالمارةِ، إلا أن يأذنَ إمامٌ أو نائِبُه، ولا ضررَ؛ لأنَّه نائبُ المسلمين، فَجَرى مجرَى إذنِهم.
(وَلَا يَفْعَلُ ذلِكَ)، أي: لا يُخرجُ رَوشناً، ولا سَاباطاً، ولا دَكةً، ولا مِيزاباً (فِي مِلْكِ جَارٍ، وَدَرْبٍ (4) مُشْتَرَكٍ) غيرِ نافِذٍ (بِلَا إِذْنِ المُسْتَحِقِّ)، أي: الجارِ أو أهلِ الدَّربِ؛ لأنَّ المنعَ لحقِّ المستحقِّ؛ فإذا رَضِيَ بإسقاطِه جاز.
(1) قال في المطلع (ص 301): (الدُّكَّان: بضم الدال، قال أبو السعادات: الدكان: الدكة المبنية للجلوس عليها، والنون مختلف فيها، فمنهم من يجعلها أصلاً، ومنهم من يجعلها زائدة، وقال الجوهري: الدكان واحد الدكاكين، وهي: الحوانيت، فارسي معرب، وقال ابن فارس: هو: عربي مشتق من دكنت المتاع: إذا نضدته).
(2)
قال في تاج العروس (3/ 194): (المِصطبَّة: بكسر الميم، وتشديد الباء الموحدة، قال أبو الهيثم: هي مجتمع الناس؛ كالدكان للجلوس عليه).
(3)
الميزاب: هو ما يسيل منه الماء من موضع عال. وقال في تحرير ألفاظ التنبيه (300): (المئزاب: بكسر الميم، وبعدها همزة، ويجوز تخفيفها بقلبها ياء كما في نظائره، فيقال: ميزاب، بياء ساكنة، وقد غلط من منع ذلك، ولا خلاف بين أهل العربية في جوازه، ويقال أيضا: مرزاب، براء ثم زاي، وهي لغة مشهورة، قالوا: ولا يقال مزراب، بتقديم الزاي، وجمع مئزاب: مآزيب).
(4)
قال في المطلع (ص 300): (الدرْب: بسكون الراء، الطريق، وقيل: هو بفتح الراء للنافذ، وبسكونها لغير النافذ، ونقلهما أبو السعادات).
ويجوزُ نقلُ بابٍ في دربٍ غيرِ نافذٍ إلى أَوَّلِه بلا ضررٍ، لا إلى داخِلٍ إن لم يإذن مَن فوقَه، ويكونُ إعارةً.
وحَرُمَ أن يُحدِثَ بملكِه ما يضرُّ بجارِه؛ كحمَّامٍ ورَحَىً وتنُّورٍ، وله منعُه، كدَقٍّ وَسقْيٍ يَتعدَّى.
وحَرُمَ أن يتصرَّفَ في جدارِ جارٍ أو مُشتركٍ بفَتْحِ طاقٍ أو ضَرْبِ وَتَدٍ ونحوِه إلَّا بإذنِه.
(وَلَيْسَ لَهُ وَضْعُ خُشُبَه (1) عَلَى حَائِطِ جَارِهِ) أو حائِطٍ مُشتركٍ (إِلَّا عِنْدَ الضَّرُورَةِ)، فيجوزُ (إِذَا لَمْ يُمْكِنْهُ التَّسْقِيفُ إِلَّا بِهِ)، ولا ضررَ؛ لحديثِ أبي هريرةَ يرفعُه:«لَا يَمْنَعَنَّ جَارٌ جَارَهُ أَنْ يَضَعَ خُشُبَه (2) عَلَى جِدَارِهِ» ، ثم يقولُ أبو هريرةَ: (ما لي أراكم عنها مُعرِضِين،
(1) كذا مضبوطة في الأصل و (ح)، قال في لسان العرب (1/ 351):(والجمع: خَشَبٌ، مثل: شجرة وشَجَر، وخُشُبٌ، وخُشْبٌ، وخُشْبانٌ)
(2)
قال في فتح الباري (5/ 110): (قوله: (باب لا يمنع جار جاره أن يغرز خشبة في جداره)، كذا لأبي ذر بالتنوين على إفراد الخشبة، ولغيره بصيغة الجمع، وهو الذي في حديث الباب، قال ابن عبد البر:(روي اللفظان في الموطأ، والمعنى واحد؛ لأن المراد بالواحد الجنس) انتهى، وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين، وإلا فالمعنى قد يختلف باعتبار أن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار، بخلاف الخشب الكثير، وروى الطحاوي عن جماعة من المشايخ: أنهم رووه بالإفراد، وأنكر ذلك عبد الغني بن سعيد، فقال: الناس كلهم يقولونه بالجمع إلا الطحاوي، وما ذكرته من اختلاف الرواة في الصحيح يرد على عبد الغني بن سعيد، إلا إن أراد خاصاً من الناس، كالذين روى عنهم الطحاوي فله اتجاه).
واللهِ لأرمينَّ بها بين أكتافِكُم) متفقٌ عليه (1).
(وَكَذَلِكَ) حائطُ (المَسْجِدِ وَغَيْرِهِ)؛ كحائطِ نحوِ يتيمٍ، فيجوزُ لجارِه وَضْعُ خَشبِه عليه إذا لم يُمكِنْ تَسقيفٌ إلا به بلا ضَررٍ؛ لما تقدَّم.
(وَإِذَا انْهَدَمَ جِدَارُهُمَا) المشترَكُ، أو سقفُهُما، (أَوْ خِيفَ ضَرَرُهُ) بسقوطِه، (فَطَلَبَ أَحَدُهُما أَنْ يُعَمِّرَهُ الآخَرُ مَعَهُ؛ أُجْبِرَ عَلَيْهِ) إن امتنع؛ لقولِه عليه السلام:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» (2)،
فإن أبَى أخَذَ حاكمٌ مِن مالِه وأنفق عليه.
(1) رواه البخاري (2463)، ومسلم (1609).
(2)
قال الألباني: (روي من حديث عبادة بن الصامت، وعبد الله بن عباس، وأبي سعيد الخدري، وأبي هريرة، وجابر بن عبد الله، وعائشة بنت أبي بكر الصديق، وثعلبة بن أبي مالك القرظى، وأبي لبابة رضي الله عنهم.
الأول: حديث عبادة رضي الله عنه: رواه أحمد (22778)، وابن ماجه (2340) من طريق موسى بن عقبة، ثنا إسحاق بن يحيى بن الوليد، عنه مرفوعاً. أعله ابن رجب والبوصيري وابن حجر بالانقطاع، لعدم سماع إسحاق من عبادة كما قال الدارقطني وغيره، وأعله الألباني أيضاً بجهالة إسحاق، قال في التقريب:(مجهول الحال).
الثاني: حديث عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما: رواه أحمد (2865)، وابن ماجه (2341)، من طريق جابر الجعفي عنه، والجعفي متهم، ورواه الطبراني (11576)، من طريق داود بن الحصين عنه، قال ابن رجب:(وروايات داود عن عكرمة مناكير). ورواه ابن أبي شيبة كما نصب الراية (4/ 384) من طريق سماك عنه، وسماك صدوق، وفي روايته عن عكرمة اضطراب.
الثالث: حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه: رواه الدارقطني (3079)، والحاكم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (2345)، والبيهقي (11384)، من طريق عثمان بن محمد بن عثمان بن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي، عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه عنه. قال البيهقي:(تفرد به عثمان بن محمد)، وقال الحاكم:(صحيح على شرط مسلم)، ووافقه الذهبي، ووهَّمهما الألباني، وذلك أن عثمان هذا لم يخرج له مسلم، وهو ضعيف كما في ميزان الاعتدال.
ورواه مالك (2758)، عن عن عمرو بن يحيى المازني، عن أبيه مرفوعاً. وهذا مرسل، وصوبه ابن عبد الهادي، وابن رجب، والألباني.
الرابع: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: رواه الدارقطني (4542)، من طريق ابن عطاء، عن أبيه عنه مرفوعاً. ويعقوب بن عطاء ضعيف كما قال ابن رجب.
الخامس: حديث جابر رضي الله عنهما: رواه الطبراني في الأوسط (5193)، من طريق محمد بن إسحاق، عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عنه مرفوعاً. وفيه عنعنة محمد بن إسحاق وهو مدلس، واستغرب ابن رجب الإسناد، وقد رواه أبو داود في المراسيل (407)، عن واسع مرسلاً، قال ابن رجب:(وهو أصح).
السادس: حديث عائشة: رواه الدارقطني (4539)، وفي إسناده الواقدي وهو متهم، ورواه الطبراني في الأوسط (268)، وفيه أحمد بن رشدين، قال ابن عدي:(كذبوه)، قال ابن رجب:(وخرَّجه الطبراني من وجهين ضعيفين أيضاً عن القاسم عن عائشة).
السابع: حديث ثعلبة رضي الله عنه: رواه الطبراني (1387)، وفيه إسحاق بن إبراهيم الصواف، قال في التقريب:(لين الحديث).
الثامن: حديث أبي لبابة رضي الله عنه: رواه أبو داود في المراسيل (407)، من طريق واسع بن حبان عنه. قال ابن حجر:(وهو منقطع بين واسع ولبابة).
قال ابن حزم: (هذا خبر لا يصح؛ لأنه إنما جاء مرسلاً)، وقال ابن عبد البر:(ولا يستند من وجه صحيح)، وقال ابن رجب: (قال خالد بن سعد الأندلسي =
وإن بناه شَريكٌ شركةً بنيةِ رجوعٍ رَجَع.
(وَكَذَا النَّهْرُ (1)، وَالدُّولَابُ (2)، وَالقَنَاةُ (3) المشتركَةُ إذا احتاجت لعِمارةٍ، ولا يُمنَعُ شَريكٌ مِن عِمارةٍ، فإن فَعَل فالماءُ على الشَّركةِ.
وإن أعطى قومٌ قَناتَهُم أو نحوَها لمن يَعمُرُها وله منها جزءٌ معلومٌ؛ صحَّ.
= الحافظ: لم يصح حديث: «لا ضرر ولا ضرار» مسنداً).
قال ابن رجب: (وقد ذكر الشيخ رحمه الله يعني: النووي - أن بعض طرقه تقوى ببعض، وهو كما قال)، ونقل عن ابن الصلاح أنه قال:(ومجموعها يقوي الحديث ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم، واحتجوا به، وقول أبي داود: إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها يشعر بكونه غير ضعيف)، وقال الألباني:(فهذه طرق كثيرة لهذا الحديث قد جاوزت العشر، وهى وإن كانت ضعيفة مفرداتها فإن كثيراً منها لم يشتد ضعفها، فإذا ضم بعضها إلى بعض تقوى الحديث بها وارتقى إلى درجة الصحيح إن شاء الله تعالى)، وذكر ابن رجب أن الإمام أحمد قد استدل به.
ينظر: المحلى 7/ 85، التمهيد 20/ 158، تنقيح التحقيق 5/ 68، جامع العلوم والحكم 2/ 206، مصباح الزجاجة 3/ 48، الإرواء 3/ 408.
(1)
قال في المطلع (ص 302): (النَّهْر: بفتح الهاء وسكونها، لغتان مشهورتان لهذا المعروف، ويجمع في القلة على أنهار، وفي الكثرة على نُهُر، بضم النون والهاء).
(2)
قال في المطلع (ص 302): (الدّولابُ: قال الجوهري: الدولاب، واحد الدواليب، فارسي معرب، وحكى غيره فيه ضم الدال وفتحها).
(3)
قال في المطلع (ص 303): (القناة: هي الآبار التي تحفر في الأرض متتابعة ليُستخرَج ماؤها، ويسيل على وجه الأرض).
ومَن له عُلوٌ لم يَلزَمُه عمارةُ سُفلِهِ إذا انهدم، بل يُجبرُ عليه مالِكُهُ، ويَلزَمُ الأعلى سُترةٌ تَمنَعُ مُشارفَةَ الأسفلِ، فإن استويا اشتركا.