الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإن وَقَف على عبدِهِ ثم المساكين؛ صُرِفَ في الحالِ لهم.
وإن وَقَف على جِهةٍ تَنقطَعُ كأولادِهِ ولم يَذكُرْ مآلاً، أو قال: هذا وقفٌ، ولم يُعيِّن جهةً؛ صحَّ، وصُرِفَ (1) بعدَ أولادِهِ لورثةِ الواقِفِ نَسباً على قدرِ إرثِهِم وقفاً عليهم؛ لأنَّ الوقفَ مَصرِفُهُ البِرَّ، وأقاربُهُ أولى الناسِ ببِرِّه، فإن لم يكونوا؛ فعلى المساكين.
(فَصْلٌ)
(ويَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ الوَاقِفِ)
؛ لأنَّ عمرَ رضي الله عنه وَقَف وَقْفاً وشَرَط فيه شُروطاً (2)، ولو لم يجبْ اتباعُ شرطِهِ لم يَكُن في اشتراطِهِ فائدةٌ، (فِي جَمْعٍ)؛ بأن يَقِفَ على أولادِهِ، وأولادِ أولادِهِ، ونسلِهِ، وعَقبِهِ (3)، (وَتَقْدِيمٍ)؛ بأن يَقِفَ على أولادِهِ -مَثلاً- يُقدَّمُ الأفقهُ، أو الأَدْيَنُ، أو المريضُ ونحوُهُ، (وَضِدِّ ذَلِكَ)؛ فضِدُّ الجمعِ (4)؛ بأن يَقِفَ على ولدِهِ زيدٍ ثم أولادِهِ، وضدُّ التقديمِ التأخيرُ؛ بأن يَقِفَ على ولدِ فلانٍ بعدَ بني فلانٍ، (وَاعْتِبَارِ وَصْفٍ وَعَدَمِهِ)؛ بأن يقولَ: على أولادي الفقهاءِ؛ فَيَختصُّ بهم، أو يُطلِقَ؛ فيَعُمُّهم وغيرَهم،
(1) في (ع): وصرفه.
(2)
تقدم تخريجه قريباً.
(3)
قال في المطلع (ص 347): (عقبه: بكسر القاف وسكونها، قال القاضي عياض: هو ولد الرجل الذي يأتي بعده).
(4)
في (ب): فضد الجمع الإفراد.
(وَالتَّرْتِيبٍ)؛ بأن يقولَ: على أولادي ثم أولادِهِم ثم أولادِ أولادِهِم، (وَنَظَرٍ)؛ بأن يقولَ: الناظرُ فلانٌ، فإن مات ففلانٍ؛ «لأَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه جَعَلَ وَقْفَهُ إِلَى حَفْصَةَ تَلِيهِ مَا عَاشَتْ، ثُمَّ يَلِيهِ ذُو (1)
الرَّأْيِ مِنْ أَهْلِهَا» (2)، (وَغَيْرِ ذَلِكَ)؛ كشرطِ ألا يؤجَرَ، أو قدَّرَ مدَّةَ الإجارةِ، أو ألا يُنزَّلَ فيه فاسِقٌ أو شريرٌ أو مُتَجَوِّهٍ (3) ونحوِهِ، وإن نَزَل مُستحِقٌّ تَنزيلاً شرعيًّا؛ لم يَجُزْ صَرفُهُ بلا مُوجِبٍ شرعيٍّ.
(فَإِنْ أَطْلَقَ) في الموقوفِ عليه (وَلَمْ يَشْتَرِطْ) وصفاً؛ (اسْتَوَى الغَنِيُّ وَالذَّكَرُ وَضِدُّهُمَا)، أي: الفقيرُ والأنثى؛ لعدمِ ما يَقتضي التخصيصُ.
(1) في (ع): ذوي ..
(2)
رواه أبو داود (2879) من طريق الليث، عن يحيى بن سعيد في صدقة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال: نسخها لي عبد الحميد بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، وفيه: وكتب معيقيب، وشهد عبد الله بن الأرقم: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به عبد الله عمر أمير المؤمنين إن حدث به حدث: أن ثمغاً، وصرمة بن الأكوع، والعبد الذي فيه، والمائة سهم التي بخيبر، ورقيقه الذي فيه، والمائة التي أطعمه محمد صلى الله عليه وسلم بالوادي، تليه حفصة ما عاشت، ثم يليه ذو الرأي من أهلها، أن لا يباع ولا يشترى، ينفقه حيث رأى من السائل والمحروم وذوي القربى، ولا حرج على من وليه إن أكل أو آكل أو اشترى رقيقاً منه. وصحح إسناده ابن الملقن والألباني. ينظر: البدر المنير 7/ 108، الإرواء 6/ 40.
(3)
قال في تاج العروس (36/ 371): (تجَوَّه: إذا تعظَّم أو تكلَّف الجاه وليس به ذلك).
(وَالنَّظَرُ) فيما إذا لم يَشرَط (1) النظرَ لأحدٍ، أو شَرَط لإنسانٍ ومات (2)؛ (لِلمَوْقُوفِ عَلَيْهِ (3) المُعيَّنِ؛ لأنَّه ملكُهُ وغلَّتُهُ له، فإن كان واحداً استقلَّ به مُطلقاً، وإنْ كانوا جماعةً فهو بينَهُم على قَدْرِ حِصَصِهِم، وإنْ كان صغيراً أو نحوَهُ قام وليُّه مقامَه فيه (4)، وإنْ كان الوقفُ على مسجدٍ، أو مَن لا يُمكِنُ حَصرُهُم كالمساكينِ؛ فللحاكِمِ، وله أن يَستنيبَ فيه.
(وَإِنْ وَقَفَ عَلَى وَلَدِهِ)، أو أولادِهِ، (أَوْ وَلَدِ غَيْرِهِ، ثُمَّ عَلَى المَسَاكِينِ؛ فَهُوَ لِوَلَدِهِ) الموجودِ حينَ الوقفِ، (الذُّكُورِ وَالإِنَاثِ) والخناثى؛ لأنَّ اللفظَ يَشملُهُم (بِالسَّوِيَّةِ)؛ لأنَّه شَرَّك بينهم، وإطلاقُها يَقتضي التسويةَ؛ كما لو أقرَّ لهم بشيءٍ، ولا يَدخُلُ فيهم الولدُ المنفيُّ بلعانٍ؛ لأنَّه لا يُسمَّى ولدَهُ، (ثُمَّ) بعدَ أولادِهِ لـ (وَلَدِ بَنِيهِ) وإن سَفلوا؛ لأنَّه ولدُهُ، ويَستحِقونَهُ مُرتَّباً، وُجِدُوا حينَ الوقفِ أو لا، (دُونَ) ولدِ (بَنَاتِهِ)؛ فلا يَدخُلُ ولدُ البناتِ في الوقفِ على الأولادِ (5) إلا بنصٍّ أو قرينةٍ؛ لعدمِ دخولِهِم في قولِهِ تعالى:(يُوصِيكُمُ اللهُ فِي أَوْلادِكُمْ)[النساء: 11]،
(1) في (ق): يشترط.
(2)
في (ق): ومات فالنظر.
(3)
في (ق): فالنظر للموقوف عليه.
(4)
قوله: (فيه) سقطت من (أ) و (ع).
(5)
في (ع): أولاده.
(كَمَا لَوْ قَالَ: عَلَى وَلَدِ وَلَدِهِ، وَذُرِّيَّتِهِ لِصُلْبِهِ)، أو عقبِهِ، أو نسلِهِ؛ فَيَدخُلُ ولدُ البنينَ، وُجِدوا حالةَ الوقفِ أوْ لا، دونَ ولدِ البناتِ، إلا بنصٍّ أو قرينةٍ.
والعطفُ بـ (ثُمَّ) للترتيبِ؛ فلا يَستحِقُّ البطنُ الثاني شيئاً حتى يَنقرِضَ الأوَّلُ، إلا أن يقولَ: مَن مات عن ولدٍ فنصيبُهُ لولدِهِ.
والعطفُ بالواو للتشريكِ.
(وَلَوْ قَالَ: عَلَى بَنِيهِ، أَوْ بَنِي فُلَانٍ؛ اخْتَصَّ بِذُكُورِهِمْ)؛ لأنَّ لفظَ (البَنِين) وُضِعَ لذلك حقيقةً، قال تعالى:(أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ)[الطور: 39]، (إِلَّا أَنْ يَكُونُوا قَبِيلَةً)؛ كبني هاشمٍ، وتميمٍ، وقضاعةَ؛ (فَيَدْخُلُ فِيهِ النِّسَاءُ)؛ لأنَّ اسمَ القبيلةِ يَشمَلُ ذَكَرَها وأُنثاها، (دُونَ أَوْلَادِهِنَّ مِنْ غَيْرِهِمْ)؛ لأنَّهم لا يَنْتَسِبون إلى القبيلةِ الموقوفِ عليها.
(والقَرَابَةُ) إذا وَقَف على قرابتِهِ، أو قرابةِ زيدٍ، (وَأَهْلُ (1) بَيْتِهِ، وَقَوْمُهُ)، ونسباؤه (2)؛ (يَشْمَلُ الذَّكَرَ وَالأُنْثَى مِنْ أَوْلَادِهِ وَ) أولادِ (أَبِيهِ، وَ) أولادِ (جَدِّهِ، وَ) أولادِ (جَدِّ أَبِيهِ) فقط؛ لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لم يُجاوِزْ بني هاشمٍ بسهمِ ذوي القُربى، ولم يُعطِ قَرابةَ أُمِّه، وهم: بنو
(1) في (ق): أو أهل.
(2)
قال في المطلع (ص 348): (نُسباؤُه: واحدهم نسيب، كقريب لفظاً ومعنى، عن الجوهري).
زهرةَ شيئاً.
ويَستوي فيه الذكرُ والأنثى، والكبيرُ والصغيرُ، والقريبُ والبعيدُ، والغنيُّ والفقيرُ؛ لشمولِ اللَّفظِ لهم، ولا يَدخُلُ فيهم مَن يُخالِفُ دينَهُ.
وإنْ وَقَف على ذوي رحمِهِ؛ شَمِل كلَّ قرابةٍ له مِن جِهةِ الآباءِ والأمهاتِ والأولادِ؛ لأنَّ الرَّحِمَ يَشمَلُهُم.
والموالي يَتناوَلُ المولَى مِن فوقٍ وأسفلٍ.
(وَإِنْ وُجِدَتْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي إِرَادَةَ الإِنَاثِ، أَوْ) تَقتضي (حِرْمَانَهُنَّ؛ عُمِلَ بِهَا)، أي: بالقرينةِ؛ لأنَّ دلالتَها كدلالةِ اللفظِ.
(وَإِذَا وَقَفَ عَلَى جَمَاعَةٍ يُمْكِنُ حَصْرُهُمْ)؛ كأولادِهِ، أو أولادِ زيدٍ وليسوا قبيلةً؛ (وَجَبَ تَعْمِيمُهُمْ وَالتَّسَاوِي) بينَهُم؛ لأنَّ اللَّفظَ يَقتضي ذلك، وقد أمكن الوفاءُ به، فَوَجَب العملُ بمُقتضاه.
فإنْ كان الوقفُ في ابتدائِهِ على مَنْ يُمكِنُ استيعابُهُ فصار مما لا يُمكِنُ استيعابُهُ؛ كوقفِ عليٍّ رضي الله عنه (1)؛ وَجَب تَعميمُ مَن أمكن
(1) رواه الشافعي في الأم (4/ 58)، قال: أخبرني محمد بن علي بن شافع، قال: أخبرني عبد الله بن حسن بن حسن، عن غير واحد من أهل بيته وأحسبه قال: زيد بن علي، أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقت بمالها على بني هاشم وبني المطلب، وأن علياً رضي الله عنه تصدق عليهم وأدخل معهم غيرهم. ورجاله ثقات إلا أنه مرسل، قال أبو زرعة:(زيد بن علي، عن علي رضي الله عنه مرسل). ينظر: المراسيل لابن أبي حاتم 1/ 64.