الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ المُوصَى لَهُ)
(تَصِحُّ) الوصيَّةُ (لِمَنْ يَصِحُّ تَمَلُّكُهُ) مِن مُسلمٍ وكافِرٍ؛ لقولِهِ تعالى: (إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا)[الأحزاب: 6] قال محمدُ بنُ الحنفيةِ: (هو وَصيةُ المسلمِ لليهوديِّ والنصرانيِّ)(1).
وتصحُّ لمكاتَبِه ومدَبَّرِهِ، وأُمِّ ولدِهِ، (وَلِعَبْدِهِ بِمُشَاعٍ؛ كَثُلُثِهِ)؛ لأنَّها وصيَّةٌ تَضمَّنت العِتقَ بثُلُثِ مالِه، (وَيَعْتُقُ مِنْهُ بِقَدْرِهِ)، أي: بقَدْرِ الثُّلثِ، فإنْ كان ثُلثُهُ مائةً وقِيمةُ العبدِ مائةً فأقلَّ؛ عُتِقَ كلُّه؛ لأنَّه يَملِكُ مِن كلِّ جزءٍ مِن المالِ ثُلثَهُ مُشاعاً، ومِن جُملتِهِ نفسُهُ فيَملِكُ ثُلثَها، فيَعتِقُ ويَسْرِي إلى بقيتِهِ، (وَيَأْخُذُ الفَاضِلَ) مِن الثُّلثِ؛ لأنَّه صار حرًّا.
وإن لم يُخرِجْ مِن الثُّلثِ؛ عَتَق منه بقَدْرِ الثُّلثِ.
(وَ) إن وَصَّى (2)(بِمِائَةٍ أَوْ) بـ (مُعَيَّنٍ)؛ كدارٍ وثوبٍ؛ (لَا تَصِحُّ) هذه الوصيةُ (لَهُ)، أي: لعبدِهِ؛ لأنَّه يَصيرُ ملكاً للورثةِ، فما وصَّى له به فهو لهم، فكأنَّه وصَّى لورثتِهِ بما يَرثونَهُ، فلا فائدةَ فيه.
ولا تصحُّ لعبدِ غيرِهِ.
(1) رواه الطبري (20/ 211) من طريق حجَّاج، عن سالم، عن ابن الحنفية:(إلا أنْ تَفْعَلُوا إلى أوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) قالوا: يوصي لقرابته من أهل الشرك.
(2)
في (أ) و (ع): أوصى. وفي (ق): وصى له.
(وَتَصِحُّ) الوصيَّةُ (بِحَمْلٍ) تَحقَّقَ وجودُهُ قبلَها؛ لجريانِها مَجرى الإرثِ.
(وَ) تصحُّ أيضاً (لِحَمْلٍ تَحَقَّقَ وُجُودُهُ قَبْلَهَا)، أي: قبلَ الوصيةِ، بأنْ تَضَعَهُ لأقلَّ مِن ستَّةِ أشهرٍ مِن الوصيَّةِ إن كانت فِراشاً، أو لأقلَّ مِن أرْبَعِ سِنينَ إن لم تَكُن كذلك.
ولا تصحُّ لمن تحمِلُ به هذه المرأةُ.
(وَإِذَا أَوْصَى مَنْ لَا حَجَّ عَلَيْهِ أَنْ يُحَجَّ عَنْهُ بِأَلْفٍ؛ صُرِفَ مِنْ ثُلُثِهِ مُؤْنَةُ حَجَّةٍ بَعْدَ أُخْرَى حَتَّى يَنْفَدَ) الألفُ، راكِباً أو راجِلاً؛ لأنَّه وَصَّى بها في جِهةِ قُربةٍ، فَوَجَب صَرفُها فيها، فلو لم يَكْفِ الألفُ أو البقيَّةُ؛ حُجَّ به مِن حيثُ يبلُغُ.
وإن قال: حجةً بألفٍ؛ دُفِعَ لمن يَحُجُّ به واحدةً؛ عَمَلاً بالوصيَّةِ حيثُ خَرَج مِن الثُّلثِ، وإلَّا فَبِقَدْرِه، وما فَضَل منها فهو لمن يحجُّ؛ لأنَّه قَصَد إرفاقَهُ.
(وَلَا تَصِحُّ) الوصيَّةُ (لِمَلَكٍ)، وجِنِّيٍّ، (وَبَهِيمَةٍ، وَمَيِّتٍ)؛ كالهبةِ لهم؛ لعدمِ صحَّةِ تمليكِهِم.
(فَإِنْ وَصَّى لِحَيٍّ وَمَيِّتٍ يَعْلَمُ مَوْتَهُ؛ فَالكُلُّ لِلحَيِّ)؛ لأنَّه لما أوْصَى بذلك مع عِلمِهِ بموتِهِ؛ فكأنَّه قَصَد الوصيَّةَ للحيِّ وحدَه.
(وَإِنْ جَهِلَ) موتَه؛ (فَـ) للحي (النِّصْفُ) مِن الموصَى به؛ لأنَّه
أضاف الوصيَّةَ إليهما، ولا قَرينةَ تدلُّ على عدمِ إرادةِ الآخَرِ.
ولا تصحُّ الوصيَّةُ لكنيسةٍ، وبيتِ نارٍ، أو عمارتِهما، ولا لكَتْبِ التوراةِ والإنجيلِ ونحوِها.
(وَإِنْ وَصَّى بِمَالِهِ لابْنَيْهِ وَأَجْنَبِيٍّ فَرَدَّا) وصيَّتَه؛ (فَلَهُ التُّسُعُ)؛ لأنَّه بالردِّ رَجَعت الوصيةُ إلى الثُّلثِ، والموصَى له ابنانِ والأجنبيُّ، فله ثُلثُ الثُّلثُ، وهو تُسعٌ.
وإنْ وَصَّى لزيدٍ والفقراءِ والمساكينِ بثُلثِهِ؛ فلِزَيْدٍ التُّسُعُ، ولا يُدْفَعُ له شيءٌ بالفقرِ؛ لأنَّ العَطفَ يَقتضي المغايرةَ.
ولو أوْصَى بثُلُثِهِ للمساكينِ وله أقاربُ محاويجُ غيرُ وارثِين لم يُوصِ لهم؛ فهم أحقُّ به.