الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهم، والتسويةُ بينَهُم.
(وَإِلَّا) يُمكِنُ (1) حصرُهُم واستيعابُهُم؛ كبني هاشمٍ وتميمٍ؛ لم يَجِبْ تَعميمُهُم؛ لأنَّه غيرُ مُمكِنٍ، و (جَازَ التَّفْضِيلُ) لبعضِهِم على بعضٍ؛ لأنَّه إذا جاز حِرمانُهُ جاز تَفضيلُ غيرِهِ عليه، (وَالاقْتِصَارُ عَلَى أَحَدِهِمْ)؛ لأنَّ مقصودَ الواقفِ بِرُّ ذلك الجِنسِ، وذلك يَحصُلُ بالدَّفعِ إلى واحدٍ منهم.
وإن وَقَف مدرسةً أو رباطاً أو نحوَهُما على طائفةٍ؛ اختصَّتْ بهم، وإن عَين إماماً أو نحوَهُ تَعيَّن.
والوصيَّةُ في ذلك كالوقفِ.
(فَصْلٌ)
(وَالوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ)
بمجرَّدِ القولِ، وإنْ لم يَحكُمْ به حاكِمٌ؛ كالعتقِ؛ لقولِهِ عليه السلام:«لَا يُبَاعُ أَصْلُهَا، وَلَا يُوهَبُ، وَلَا يُورَثُ» (2)، قال الترمذي:(العملُ على هذا الحديثِ عندَ أهلِ العلمِ)(3)، فـ (لَا يَجُوزُ فَسْخُهُ) بإقالةٍ ولا غيرِها؛ لأنَّه مُؤبَّدٌ.
(1) في (ق): لم يمكن.
(2)
رواه البخاري (2772)، ومسلم (1632) من حديث ابن عمر، وفيه:«إن شئت حبَّست أصلها وتصدقت بها» ، فتصدق عمر أنه لا يباع أصلها ولا يوهب ولا يورث.
(3)
سنن الترمذي (3/ 53).
(وَلَا يُبَاعُ)، ولا يُناقَلُ به، (إِلَّا أَنْ تَتَعَطَّلَ مَنَافِعُهُ) بالكليةِ؛ كدارٍ انهدمت، أو أرضٍ خَرِبت وعادت مَواتاً ولم تُمكِنْ (1) عمارتُها؛ فيباعُ؛ لما روي أنَّ عمرَ رضي الله عنه كَتَب إلى سعدٍ لمَّا بَلَغُه أنَّ بيتَ المالِ الذي بالكوفةِ نُقِب:«أَنِ انْقُل المَسْجِدَ الَّذِي بِالتَّمَّارِينِ (2)، وَاجْعَلْ بَيْتَ المَالِ فِي قِبْلَة المَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَنْ يَزَالَ فِي المَسْجِدِ (3) مُصَلٍّ» (4)، وكان هذا بمشهدٍ مِن الصحابةِ ولم يَظهَرْ خلافُهُ (5)، فكان كالإجماعِ، ولو شَرَط الواقفُ أن لا يُباعَ إذاً؛ ففاسِدٌ، (وَيُصْرَفُ ثَمَنُهُ فِي مِثْلِهِ)؛ لأنَّه أقربُ إلى غرضِ الواقفِ، فإن تعذَّر
(1) في (ق): يمكن.
(2)
أي: بالكوفة، وهو موضع بيع التمر، وأول شيء خط بالكوفة المسجد، فوضع في موضع التمارين من السوق. ينظر: الروض المعطار 1/ 502.
(3)
في (أ) و (ع): بالمسجد.
(4)
رواه الطبراني (8949) من طريق المسعودي، عن القاسم قال: قدم عبد الله بن مسعود وقد بَنى سعد القصر، واتخذ مسجداً في أصحاب التمر، فكان يخرج إليه في الصلوات، فلما ولي عبد الله بيت المال نُقب بيت المال، فأخذ الرجل، فكتب عبد الله إلى عمر، فكتب عمر:«أن لا تقطعه، وانقل المسجد، واجعل بيت المال مما يلي القبلة، فإنه لا يزال في المسجد من يصلي» ، فنقله عبد الله وخط هذه الخطة، وكان القصر الذي بنى سعد شاذر، وإن كان الإمام يقوم عليه، فأمر به عبد الله فنقض حتى استوى مقام الإمام مع الناس. وهو مرسل جيد، قال العلائي:(القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود أرسل عن جده). ينظر: جامع التحصيل ص 252.
(5)
في (ق): ولم ينكر ولم يظهر خلافه.
مِثلُهُ ففي بعضِ مِثلِهِ، ويَصيرُ وقفاً بمجرَّدِ الشراءِ، وكذا فَرَسٌ حَبيسٌ لا يَصلُحُ لغزوٍ.
(وَلَوْ أَنَّهُ)، أي: الوقفَ (مَسْجِدٌ)، ولم يُنتفَعْ به في مَوضِعِهِ؛ فيُباعُ إذا خَرِبت مَحلَّتُهُ، (وَآلَتُهُ)، أي: ويجوزُ بيعُ بعضِ آلتِهِ، وصَرفُها في عمارتِهِ، (وَمَا فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ) مِن حُصرِهِ (1)، وزَيْتِهِ، ونفقتِهِ، ونحوِها؛ (جَازَ صَرْفُهُ إِلى مَسْجِدٍ آخَرَ)؛ لأنَّه انتفاعٌ بهٌ في جِنسِ ما وُقِفَ له، (وَالصَّدَقَةُ بِهِ عَلَى فُقَرَاءِ المُسْلِمِينَ)؛ «لأَنَّ شَيْبَةَ بنَ عُثْمَانَ الحَجَبِي كَانَ يَتَصَدَّقُ بِخُلْعَانِ (2) الكَعْبَةَ» ، وروى الخلَّالُ بإسنادِهِ:«أَنَّ عَائِشَةَ أَمَرَتْهُ بِذَلِكَ» (3)،
ولأنه مالُ للهِ تعالى، لم يَبقَ له مَصرِفٌ، فصُرِف إلى المساكينِ.
(1) حُصر: جمع حصير، للذي يبسط في البيوت، وتضم الصاد وتسكن تخفيفاً. ينظر: لسان العرب 11/ 28.
(2)
كذا في جميع النسخ، والذي في المغني والمبدع وشرح المنتهى:(بخُلقان)، قال في الصحاح (4/ 1472):(ثوبٌ خَلَقٌ، أي: بالٍ، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث، لأنه في أصل مصدر الأَخْلَقِ وهو الأملس، والجمع خُلْقانٌ)، وقال ابن قاسم في حاشية الروض (5/ 567):(بضم الخاء، جمع خَلَق بفتحتين، أي: ما بلي من ثيابها).
(3)
لم نقف عليه في كتب الخلال المطبوعة، ورواه الفاكهي في أخبار مكة (221)، والبيهقي (9731)، من طريق علقمة بن أبي علقمة، عن أمه، قالت: دخل شيبة بن عثمان الحَجَبي على عائشة رضي الله تعالى عنها ، فقال: يا أم المؤمنين إن ثياب الكعبة تجتمع علينا فتكثر، فنعمد إلى آبار فنحتفرها فنعمقها ثم ندفن ثياب الكعبة فيها كيلا يلبسها الجنب والحائض، فقالت له عائشة رضي الله تعالى عنها: ما أحسنت ولبئس ما صنعت، إن ثياب الكعبة إذا نُزعت منها لم يضرها أن يلبسها الجنب والحائض، ولكن بِعْها واجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله. قالت: فكان شيبة بعد ذلك يرسل بها إلى اليمن فتباع هناك، ثم يجعل ثمنها في المساكين وفي سبيل الله وابن السبيل .. قال ابن حجر:(في إسناده راوٍ ضعيف، وإسناد الفاكهي سالم منه)، وذلك أن الرواي عن علقمة عند البيهقي هو عبد الله بن المديني.
وضعف الألباني الأثر: بجهالة أم علقمة، وضَعْف عبد الله والد علي بن المديني.
ورواه الفاكهي (211)، من طريق ابن خثيم، حدثني رجل من بني شيبة قال: رأيت شيبة بن عثمان يقسم ما سقط من كسوة الكعبة على المساكين. ينظر: فتح الباري 3/ 458، الإرواء 6/ 43.
وفضلُ موقوفٍ على معيَّنٍ استحقاقُه مقدَّرٌ؛ يَتعيَّنُ إرصادُهُ، ونصَّ فيمن وَقَف على قنطرةٍ فانحرف الماءُ:(يُرصَدُ لعلَّه يَرجِعُ)(1).
وإنْ وَقَف على ثغرٍ فاختلَّ؛ صُرِف في ثغرٍ مِثلِهِ، وعلى قياسِهِ مسجدٌ، ورباطٌ، ونحوُهُما.
ولا يجوزُ غَرسُ شجرةٍ، ولا حَفرُ بئرٍ بالمسجدِ.
وإذا غَرَس الناظرُ أو بنَى في الوقفِ مِن مالِ الوقفِ، أو مِن مالِهِ ونواه للوقفِ؛ فللوقفِ، قال في الفروعِ:(ويَتوجَّهُ في غَرسِ أجنبي أنَّه للوقفِ بنيَّتِهِ)(2).
(1) التمام لابن أبي يعلى (2/ 93).
(2)
(7/ 397).