الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ اللَّقِيطِ)
بمعنى: مَلقوطٍ.
(وَهُوَ) اصطلاحاً: (طِفْلٌ لَا يُعْرَفُ نَسَبُهُ، وَلَا رِقُّهُ، نُبِذَ)، أي: طُرِحَ في شارعٍ أو غيرِهِ، (أَوْ ضَلَّ).
(وَأَخْذُهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ)؛ لقولِهِ تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى)[المائدة: 2].
ويُسنُّ الإشهادُ عليه.
(وَهُوَ حُرٌّ) في جميعِ الأحكامِ؛ لأنَّ الحريَّةَ هي الأصلُ، والرِّقُّ عارِضٌ.
(وَمَا وُجِدَ مَعَهُ) مِن فِراشٍ تحتَه، أو ثِيابٍ فوقَه، أو مالٍ في جيبِهِ (أَوْ تَحْتَهُ ظَاهِراً، أَوْ مَدْفُوناً طَرِيًّا، أَوْ مُتَّصِلاً بِهِ؛ كَحَيَوانٍ وَغَيْرِهِ) مَشدوداً بثيابِه، (أَوْ) مَطروحاً (قَرِيباً مِنْهُ؛ فَـ) هو (لَهُ)؛ عَمَلاً بالظاهرِ؛ ولأنَّ له يداً صحيحةً؛ كالبالغِ.
(وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْهُ) مُلتقِطُه بالمعروفِ؛ لوِلايتِهِ عليه، (وَإِلَّا) يَكُن معه شيءٌ؛ (فَمِنْ بَيْتِ المَالِ)؛ لقولِ عمرَ رضي الله عنه:«اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ، وَلَك وَلَاؤُهُ، وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ» (1)،
(1) علقه البخاري بصيغة الجزم، باب: إذا زكى رجل رجلاً كفاه، (3/ 176)، ووصله مالك (2377)، وعبد الرزاق (13839)، من طريق عن سنين أبي جميلة، رجل من بني سليم: أنه وجد منبوذاً في زمن عمر بن الخطاب، قال: فجئت إلى عمر بن الخطاب. فقال: «ما حملك على أخذ هذه النسمة؟ » فقال: وجدتها ضائعة فأخذتها، فقال له عريفه: يا أمير المؤمنين، إنه رجل صالح، فقال عمر:«كذلك؟ » قال: نعم، فقال عمر بن الخطاب:«اذهب فهو حر، ولك ولاؤه، وعلينا نفقته» . وصححه ابن حزم، وابن الملقن، وابن حجر، والألباني. ينظر: المحلى 7/ 132، البدر المنير 7/ 173، تغليق التعليق 3/ 391، الإرواء 6/ 23.
وفي لفظٍ: «وَعَلَيْنَا رَضَاعُهُ» (1)، ولا يجبُ على الملتقِطِ، فإن تَعذَّر الإنفاقُ مِن بيتِ المالِ، فعلى مَن عَلِم حالَه مِن المسلمين، فإن تَرَكوه أَثِمُوا.
(وَهُوَ مُسْلِمٌ) إذا وُجِد في دارِ الإسلامِ، وإن كان فيها أهلُ ذمَّةٍ؛ تَغليباً للإسلامِ والدَّارِ.
وإن وُجِد في بلدِ كفارٍ لا مُسلِمَ فيه؛ فكافِرٌ تَبعاً للدارِ.
(وَحَضَانَتُهُ لِوَاجِدِهِ الأَمِينِ)؛ لأنَّ عمرَ أقرَّ اللقيطَ في يدِ أبي جَميلةَ حينَ قال له عَريفُهُ: (إنَّه رَجلٌ صالِحٌ).
(وَيُنْفِقُ عَلَيْهِ) مما وُجِد معه مِن نَقدٍ أو غيرِهِ (بِغَيْرِ إِذْنِ حَاكِمٍ)؛ لأنَّه وليُّهُ.
وإن كان فاسِقاً، أو رَقيقاً، أو كافِراً واللقيطُ مسلمٌ، أو بدويًّا يَنتقِلُ في المواضِعِ، أو وَجَده في الحضرِ فأراد نَقَله إلى الباديةِ؛ لم
(1) رواه ابن أبي شيبة (31569) من طريق الزهري السابق.
يُقَرَّ بيدِهِ.
(وَمِيرَاثُهُ، وَدِيَتُهُ) كديةِ حرٍّ، (لِبَيْتِ المَالِ) إنْ لم يُخلِّفْ وارِثاً؛ كغيرِ اللقيطِ، ولا ولاءَ عليه؛ لحديثِ:«إِنَّمَا الوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» (1).
(وَوَلِيُّهُ فِي) القتلِ (العَمْدِ) العدوانِ (الإِمَامُ، يَتَخَيَّرُ بَيْنَ القِصَاصِ وَالدِّيَةِ) لبيتِ المالِ؛ لأنَّه وَليُّ مَن لا وليَّ له.
وإن قُطِعَ طَرفُه عَمداً؛ انتُظِر بلوغُهُ ورُشدُهُ ليَقتَصَّ أو يَعفُوَ.
وإن ادَّعى إنسانٌ أنَّه مَملوكُهُ ولم يَكُن بيدِهِ؛ لم يَقبَلْ إلا ببيِّنةٍ تَشهَدُ أنَّ أمتَه وَلَدَتْهُ في ملكِهِ ونحوِهِ.
(وَإِنْ أَقَرَّ رَجُلٌ أَوْ امْرَأَةٌ)(2) ولو (ذَاتُ زَوْجٍ مُسْلِمٍ أَوْ كَافِرٍ أَنَّهُ وَلَدُهُ؛ لَحِقَ بِهِ)؛ لأنَّ الإقرارَ به مَحضُ مَصلحةٍ للطفلِ؛ لاتصالِ نَسبِهِ، ولا مَضرَّةَ على غيرِهِ فيه.
وشَرطُهُ: أن يَنفرِدَ (3) بدعوتِهِ، وأن يُمكِنَ كَونُهُ منه، حُرًّا كان أو عَبداً.
وإذا ادَّعته المرأةُ لم يُلحَقْ بزوجِها؛ كعكسِهِ.
(وَلَوْ بَعْدَ مَوْتِ اللَّقِيطِ)، فَيَلحَقُهُ وإن لم يَكُن له تَوأمٌ أو وَلَد؛
(1) رواه البخاري (456)، ومسلم (1504) من حديث عائشة رضي الله عنها.
(2)
من هنا يبدأ سقط في (ح) إلى قوله: الثاني أن يكون على بر.
(3)
في (ع): يتفرد.
احتياطاً للنَّسبِ.
(وَلَا يَتْبَعُ) اللقيطُ (الكَافِرَ) المدَّعِي أنَّه وَلَدُه (فِي دِينِهِ، إِلَّا أن يُقيمَ بَيِّنَةً تَشْهَدُ أَنَّهُ وُلِدَ عَلَى فِرَاشِهِ)؛ لأنَّ اللقيطَ محكومٌ بإسلامِهِ بظاهرِ الدارِ، فلا يُقبَلُ قولُ الكافِرِ في كُفرِهِ بغيرِ بيِّنةٍ.
وكذا لا يَتبَعُ رَقيقاً في رِقِّه.
(وَإِنِ اعْتَرَفَ) اللقيطُ (بِالرِّقِّ مَعَ سَبْقِ مُنَافٍ) للرقِّ مِن بيعٍ ونحوِهِ، أو عَدَمِ سَبقِهِ؛ لم يُقبَلْ، لأنَّه يُبطِلُ حقَّ اللهِ مِن الحريَّةِ المحكومِ بها، سواءٌ أقرَّ ابتداءً لإنسانٍ، أو جَواباً لدَعوَى عليه.
(أَوْ قَالَ) اللقيطُ بعدَ بلوغِهِ: (إِنَّهُ كَافِرٌ؛ لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ)؛ لأنَّه محكومٌ بإسلامِهِ، ويُستتابُ، فإن تاب وإلا قُتِل.
(وَإِنِ ادَّعَاهُ جَمَاعَةٌ قُدِّمَ ذُو البَيِّنَةِ)، مُسلماً أو كافِراً، حُرًّا أو عَبداً؛ لأنَّها تُظهِرُ الحقَّ وتبيِّنُهُ.
(وَإِلَّا) يَكُن لهم بيِّنةٌ، أو تعارَضَت؛ عُرِضَ معهم على القافةِ، (فَمَنْ أَلْحَقَتْهُ القَافَةُ بِهِ؛ لَحِقَهُ)؛ لقضاءِ عمرَ به بحضرةِ الصحابةِ رضي الله عنهم (1).
(1) رواه عبد الرزاق (13475)، والشافعي في مسنده (ص 330) من طريق معمر، عن الزهري، عن عروة بن الزبير أن رجلين ادعيا ولداً: فدعا عمر القافة، واقتدى في ذلك ببصر القافة، وألحقه أحد الرجلين. قال ابن حجر:(عروة عن عمر منقطع)، ولكن قال ابن القيم:(وإسناده صحيح متصل، فقد لقي عروة عمر، واعتمر معه)، وصحح ابن الملقن والألباني معناه عن عمر من طرق أخرى. ينظر: الطرق الحكمية ص 183، البدر المنير 7/ 177، التلخيص الحبير 4/ 501، الإرواء 6/ 25.
وإنْ ألحقَتْهُ باثنينِ فأكثرَ؛ لَحِقَ بهم.
وإن ألحقَتْهُ بكافرٍ أو أمَةٍ؛ لم يُحكَمْ بكفرِهِ ولا رِقِّهِ.
ولا يُلحَقُ بأكثرَ مِن أمِّ.
والقافَةُ: قومٌ يُعرِفون الأنسابِ بالشَّبهِ، ولا يَختَصُّ ذلك بقبيلةٍ معيَّنةٍ، ويَكفي واحِدٌ.
وشَرْطُهُ: أن يَكونَ ذَكراً، عَدلاً، مُجرَّباً في الإصابةِ، ويَكفي مجرَّدُ خَبَره.
وكذا إن وَطِئ اثنانِ امرأةً بشبهةٍ في طُهرٍ واحِدٍ، وأتتْ بولدٍ يُمكِنُ أن يَكونَ مِنهما.