الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(كِتَابُ الجِهَادِ)
مصدرُ: جاهَد، أي: بالَغ في قَتْلِ عدوِّه، وشرعاً: قتالُ الكفَّارِ.
(وَهُوَ فَرْضُ كِفَايَةٍ)، إذا قام به مَن يَكفي سَقط عن سائرِ الناسِ، وإلا أَثِم الكلُّ.
ويُسنَّ بتأكدٍ مع قيامِ مَن يَكفي به.
وهو أفضلُ مُتطَوَّعٍ به، ثم النَّفقةُ فيه.
(وَيَجِبُ) الجهادُ (إِذَا حَضَرَهُ)، أي: حضرَ صفَّ القتالِ، (أَوْ حَصَرَ بَلَدَهُ عَدَوٌّ)، أو احتيجَ إليه، (أَوْ اسْتَنْفَرَهُ الإِمَامُ) حيثُ لا عُذرَ له؛ لقولِه تعالى:(إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا)[الأنفال: 45]، وقولِه:(مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انْفِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ)[التوبة: 38].
وإن نُودِيَ: (الصلاةَ جامعةً) لحادثةٍ يُشاوَر فيها؛ لم يَتأخرْ أحدٌ بلا عذرٍ.
(وَتَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْماً)؛ لقولِه عليه السلام: «تَمَامُ الرِّبَاطِ أَرْبَعُونَ يَوْماً» رواه أبو الشيخِ في كتابِ الثَّوابِ (1).
(1) لم يطبع، ورواه الطبراني (7606)، من طريق أيوب بن مدرك، عن مكحول، عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «تمام الرباط أربعين يوماً، ومن رابط أربعين يوماً لم يبع ولم يشتر ولم يحدث حدثاً خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» ، قال الهيثمي:(وفيه أيوب بن مدرك، وهو متروك).
ورواه ابن أبي شيبة (19457)، من طريق معاوية بن يحيى الصدفي، عن يحيى بن الحارث الرماني، عن مكحول مرسلاً، قال الألباني:(وهذا مع إرساله ضعيف السند، من أجل الصدفي، قال الذهبي في الضعفاء: ضعَّفوه). ينظر: مجمع الزوائد 5/ 290، الإرواء 5/ 23.
والرِّباطُ: لزومُ ثَغرٍ لجهادٍ مُقوِّياً للمسلمين، وأقلُّه ساعةٌ، وأفضَلُه بأشدِّ الثغورِ خوفاً، وكُرِه نَقْلُ أهلِه إلى مَخوفٍ.
(وَإِذَا كَانَ أَبَوَاهُ مُسْلِمَيْنِ) حُرَّيْنِ أو أحدُهما كذلك؛ (لَمْ يُجَاهِدْ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِمَا)؛ لقولِه عليه السلام: «فَفِيهِمَا فَجَاهِدْ» صحَّحه الترمذي (1).
ولا يُعتبرُ إذنُهما لواجبٍ، ولا إذنَ جدٍّ وجدةٍ.
وكذا لا يتطوَّعُ به مَدِينُ آدميٍّ لا وفاءَ له إلا مع إذنٍ، أو رَهْنٍ مُحْرِزٍ، أو كفيلٍ مليءٍ.
(وَيَتَفَقَّدُ الإِمَامُ) وجوباً (جَيْشَهُ عِنْدَ المَسِيرِ، وَيَمْنَعُ) مَنْ لا يصلحُ لحربٍ مِن رجالٍ وخيلٍ، كـ (المُخَذِّلِ) الذي يُفنِّدُ الناسَ عن القتالِ، ويزهِّدُهم فيه، (وَالمُرْجِفِ) كالذي يقولُ: هَلَكتْ سريةُ المسلمين،
(1) رواه البخاري (3004)، ومسلم (2549)، والترمذي (1671)، وصححه، من حديث عبد الله بن عمرو قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنه في الجهاد، فقال:«أحي والداك؟ » ، قال: نعم، قال:«ففيهما فجاهد» .
وما لهم مَدَدٌ (1) أو طاقةٌ، وكذا مَن يُكاتِبُ بأخبارِنا، أو يَرمي بيننا بفتنٍ.
ويُعرِّفُ الأميرُ عليهم العُرَفاءَ (2)، ويَعقِدُ لهم الأَلْوِيَةَ والرَّاياتِ (3)، ويَتخيَّرُ لهم المنازلَ، ويَحفَظُ مكامِنَها (4)، ويَبعثُ العيونَ (5) ليَتعرَّفَ حالَ العدوِ.
(وَلَهُ أَنْ يُنَفِّلَ)، أي: أن يُعطِيَ زيادةً على السَّهمِ (فِي بِدَايَتِهِ)، أي: عندَ دخولِه أرضَ العدوِّ، يَبعثُ (6) سَريَّةً تُغِيرُ ويَجعلُ لها (الرُّبُعَ) فأقلَّ (بَعْدَ الخُمُسِ، وَفِي الرَّجْعَةِ)، أي: إذا رجع مِن أرضِ العدوِّ بعَثَ سَريَّةً وجعل لها (الثُّلَثَ) فأقلَّ (بَعْدَهُ)، أي: بعد
(1) في (ع): مداد.
(2)
قال ابن الأثير: (العرفاء: جمع عريف، وهو القيِّم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرَّف الأمير منه أحوالهم، فعيل بمعنى فاعل). ينظر: النهاية في غريب الحديث 3/ 218.
(3)
قال في المطلع (ص 252): (قال صاحب المطالع وغيره: اللواء: راية لا يمسكها إلا صاحب جيش الحرب، أو صاحب دعوة الجيش، والناس له تبع، وأما الرايات، فجمع راية، قال الجوهري وغيره: الراية: العلم، وقيل: الراية: اللواء، فيكون على هذا مترادفًا).
(4)
قال في المطلع (ص 252): (مكامنها: جمع مكمن: وهو المكان الذي يختفي فيه العدو ويكمن).
(5)
قال في المطلع (ص 252): (العيون: جمع عين، وهو الطليعة، ومن يكشف أمرهم؛ كالجاسوس).
(6)
في (أ) و (ع): ويبعث.
الخُمُسِ، ويُقَسِّمُ الباقي في الجيشِ كلِّه؛ لحديثِ حَبيب بنِ مَسْلَمةَ:«شَهِدْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي البَدْأَةِ (1)، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ» رواه أبو داود (2).
(وَيَلْزَمُ الجَيْشَ طَاعَتُهُ)، والنَّصحُ، (وَالصَّبْرُ مَعَهُ)؛ لقولِه تعالى:(أَطِيعُوا اللَهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأَمْرِ مِنْكُمْ)[النساء: 59].
(وَلَا يَجُوزُ) التَّعَلُّفُ (3)، والاحتطابُ، و (الغَزْوُ إِلَّا بِإِذْنِهِ، إِلَّا
(1) قال في المطلع (ص 29): (البداءة بالشيء: تقديمه على غيره، وفيها عشر لغات: بَدَأة كبقرة، وبُدْأة كغرفة، وبُداءة كملاءة، وبدوؤة كمروؤة، وبَدِيئَة كخطيئة، وبَدْء كخبء، وبُدَاهة على البدل بوزن مُلاءة، وبَداءَة كسحابة، وبَداة بوزن فلاة، فأما بداية بلفظ هداية، فلم أرها مصرحاً بها، لكن تتخرج على لغة من قال: بديت الشيء، وبديت به، بغير همز، وهي لغة الأنصار).
(2)
رواه أبو داود (2750)، ورواه أحمد (17469)، وابن الجارود (1079)، وابن حبان (4835)، الحاكم (2598)، من طريق زياد بن جارية، عن حبيب بن مسلمة الفهري مرفوعاً، صححه ابن حبان، والحاكم، والألباني، وألزم الدارقطني الشيخين تخريجه.
قال المنذري: (وأنكر بعضهم أن يكون لحبيبٍ هذا صحبة، وأثبتها له غير واحد)، قال البخاري:(له صحبة)، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب.
وأعلَّه ابن القطان بجهالة زياد بن جارية، فقال:(وزياد بن جارية شيخ مجهول، قاله أبو حاتم، وهو كما ذكر لا تُعرف حاله، وإن كان قد روى عنه جماعة)، وأجيب: بأن النسائي وابن حبان وثَّقوه مع رواية جماعة عنه، قال ابن حجر:(وأبو حاتم قد عبَّر بعبارة مجهول في كثير من الصحابة، ولكن جزم بكونه تابعيًّا ابن حبان وغيره، وتوثيق النسائي له يدل على أنه عنده تابعي). ينظر: الإلزامات والتتبع ص 114، الاستيعاب 1/ 320، بيان الوهم 4/ 421، المجموع 19/ 351، تهذيب التهذيب 3/ 356، الإصابة في تمييز الصحابة 2/ 22، التعليقات الحسان 7/ 190.
(3)
التعلّف: الخروج لطلب العلف. ينظر: المطلع ص 254.
أَنْ يَفْجَأَهُمْ عَدُوٌّ يَخَافُونَ كَلَبَهُ)، بفتحِ اللامِ، أي: شرَّه وأذاه؛ لأنَّ المصلحةَ تتعيَّنُ في قِتالِه إذاً.
ويجوزُ تَبْيِيتُ الكفَّارِ، ورَمْيُهم بمنجنيقَ (1)، ولو قُتِلَ بلا قصدٍ صبيٌّ ونحوُه.
ولا يجوزُ قَتْلُ صبيٍّ، وامرأةٍ، وخُنثى، وراهبٍ (2)، وشيخٍ فانٍ، وزَمِنٍ، وأَعْمَى لا رأي لهم، ولم يُقاتِلوا أو يُحرِّضوا، ويكونون أرقاءَ بسبيٍ.
والمسبيُّ غيرُ بالغٍ - مُنفرِداً أو مع أحدِ أبويه- مسلمٌ، وإن أسلَم أو مات أحدُ أَبَوَي غيرِ بالغٍ بدارِنا فمسلمٌ، وكغيرِ البالغِ مَن بَلَغ مجنوناً.
(وَتُمْلَكُ الغَنِيمَةُ بِالاِسْتِيلَاءِ عَلَيْهَا فِي دَارِ الحَرْبِ)، ويجوزُ (3) قِسمتُها فيها؛ لثُبوتِ أيدينا عليها، وزوالِ ملكِ الكفَّارِ عنها.
(1) قال في المطلع (ص 249): (المنجنيق: اختلف فيه أهل العربية: فقال قوم: ميمُه زائدة، وقيل: بل أصلية، ويقال: مَنجنيق، ومِنجنيق، بفتح الميم وكسرها، وقيل: الميم والنون في أول زائدتان، وقيل: أصليتان، وهو أعجمي مُعَرَّبٌ، وحكى الفراء: منجنوق بالواو، وحكى غيره: منجليق).
(2)
قال في المطلع (ص 249): (الراهب، اسم فاعل من رهب، إذا خاف، وهو مختص بالنصارى، كانوا يترهبون بالتخلي من أشغال الدنيا، وترك مَلَاذَّهَا، والزهد فيها، والعزلة عن أهلها، وتعمد مشاقها، وجمعه: رهبان، ويُجمع على رهابين، ورهابنة).
(3)
في (أ) و (ب) و (ع): وتجوز.
والغنيمةُ: ما أُخِذَ من مالِ حربيٍّ قهراً بقتالٍ، وما أُلْحق به، مُشتقةٌ مِن الغُنْمِ: وهو الربحُ، (وَهْيَ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ)، أي: الحربَ (مِنْ أَهْلِ القِتَالِ) بقصدِه، قاتَل أو لم يُقاتِل، حتى تجارِ العَسكرِ وأُجَرائِهم المستعدين للقتالِ؛ لقولِ عمرَ:«الغَنِيمَةُ لِمَنْ شَهِدَ الوَقْعَةَ» (1).
(فَيُخْرِجُ) الإمامُ أو نائِبُه (الخُمُسَ) بعدَ دفعِ سلبٍ لقاتلٍ، وأجرةِ جَمْعٍ وحفظٍ وحَمْلٍ، وجُعْلِ من دلَّ على مصلحةٍ (2)، ويَجعلُه خَمْسةَ أسهمٍ، منها: سهمٌ للهِ ولرسولِه صلى الله عليه وسلم، مَصرِفُه كفيءٍ، وسهمٌ لبني هاشمٍ وبني المطَّلبِ حيثُ كانوا، غنيُّهم وفقيرُهم، وسهمٌ لفقراءِ اليتامى، وسهمٌ للمساكين، وسهمٌ لأبناءِ السَّبيلِ، يَعمُّ مَن بجميعِ البلادِ حَسَب الطاقةِ.
(1) رواه عبد الرزاق (9689)، وابن أبي شيبة (33226)، والبيهقي (17954)، من طريق قيس بن مسلم، عن طارق بن شهاب عن عمر موقوفاً، وصحح إسناده ابن كثير وابن حجر، وقال البيهقي:(هذا هو الصحيح عن عمر رضي الله عنه، وقال الهيثمي: (رجاله رجال الصحيح). ينظر: مجمع الزوائد 5/ 340، مسند الفاروق 2/ 473، فتح الباري 6/ 224.
(2)
ذكر دفع الجُعْل لمن دل على مصلحة في هذا الموضع تبع فيه التنقيح (ص 201)، والمنتهى (2/ 224)، وأما المرداوي في الإنصاف (4/ 170)، فجعل الجُعْل من النفل، وتبعه على ذلك البهوتي في شرح المنتهى (1/ 642)، فقال معلقاً على قول صاحب المنتهى:(هذا من النفل، فحقه أن يكون بعد الخمس)، وأما في الفروع (10/ 227، 281)، والإقناع (2/ 26، 27)، وغاية المنتهى (1/ 468) فذكروا الجُعْل في الموطنين.
(ثُمَّ يَقْسِمُ بَاقِي الغَنِيمَةِ) وهو أربعةُ أخماسِها بعدَ إعطاءِ النَّفَلِ والرَّضْخِ لنحوِ قِنٍّ ومميِّز على ما يَراه؛ (لِلرَّاجِلِ سَهْمٌ) ولو كافِراً، (وَلِلفَارِسِ ثَلَاثَةٌ: سَهْمٌ لَهُ، وَسَهْمَانِ لِفَرَسِهِ) إن كان عربيًّا؛ «لأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَسْهَمَ يَوْمَ خَيْبَر للفَارِسِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَانِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمٌ لَهُ» متفقٌ عليه عن ابنِ عمرَ (1)، وللفارِسِ على فرسٍ غيرِ عربي سهمان فقط.
ولا يُسهَمُ لأكثرَ مِن فرسَيْن إذا كان مع رجُلٍ خيلٌ، ولا شيءَ لغيرِها مِن البهائمِ؛ لعدمِ ورودِه عنه عليه السلام.
(وَيُشَارِكُ الجَيْشُ سَرَايَاهُ) التي بُعِثَت منه مِن دارِ الحربِ (فِيمَا غَنِمَتْ، وَيُشَارِكُونَهُ فِيمَا غَنِمَ)؛ قال ابنُ المنذرِ: (رُوِّينا أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: «وَتُرَدُّ سَرَايَاهُمْ عَلَى قَعَدِهِم» (2)(3).
(1) رواه البخاري (4228)، ومسلم (1762)، عن ابن عمر قال:«قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للفرس سهمين، وللراجل سهماً» .
(2)
رواه أحمد (6692)، وأبو داود (4531)، وابن الجارود (1052)، من طرق عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن جده في حديث طويل، في خطبة الفتح، ولفظه عند أحمد: قال: لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح، قام في الناس خطيباً، فقال:«يا أيها الناس، إنه ما كان من حلف في الجاهلية، فإن الإسلام لم يزده إلا شدة، ولا حلف في الإسلام، والمسلمون يد على من سواهم، تكافأ دماؤهم، يجير عليهم أدناهم، ويرد عليهم أقصاهم، ترد سراياهم على قعدهم، لا يقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم، لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم» ، وقد رواه بذكر بعض ألفاظه: الترمذي (1585)، وابن ماجه (2685)، ولم يرد عندهم الشاهد، والحديث صحيح الإسناد، صححه ابن الجارود والألباني. ينظر: الإرواء 7/ 265.
(3)
الأوسط في السنن والإجماع والاختلاف (11/ 151).
وإنْ بَعَثَ الإمامُ مِن دارِ الإسلامِ جَيشَيْن أو سَرِيَّتَيْن؛ انفردَت كلٌّ (1) بما غَنِمت.
(وَالغَالُّ مِنَ الغَنِيمَةِ)، وهو مَن كَتَمَ ما غَنِمَه أو بعضَه لا يُحْرَمُ سهمَه، و (يُحْرَقُ) وجوباً (رَحْلُهُ كُلُّهُ) ما لم يَخرُجْ عن ملكِه، (إِلَّا السِّلَاحَ، وَالمُصْحَفَ، وَمَا فِيهِ رُوحٌ)، وآلتَه، ونفقتَه، وكُتُبَ علمٍ، وثيابَه التي عليه، وما لا تأكلُه النارُ فله، قال يزيدُ بنُ يزيدَ بنِ جابرٍ:«السُّنَّةُ فِي الَّذِي يَغُلُّ أَنْ يُحْرَقَ رَحْلُهُ» رواه سعيدٌ في سُننِه (2).
(1) في (أ) و (ع): كل واحدة.
(2)
لم نجده في المطبوع من سنن سعيد بن منصور، ولم نقف عليه من كلام يزيد، وإنما رواه عبدالرزاق (9511)، من طريق يزيد بن يزيد بن جابر، عن مكحول قال:«يجمع رحله فيحرق» .
وجاء حرق الرحل في أحاديث من أشهرها ما رواه أبو داود (2715)، وابن الجارود (1082)، والحاكم (2591)، من طريق الوليد بن مسلم، ثنا زهير بن محمد، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده:«أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر حرقوا متاع الغال وضربوه» ، صححه ابن الجارود، وقال الحاكم:(حديث غريب صحيح)، ووافقه الذهبي.
وضعَّفه البخاري، والبيهقي، وعبد الحق الأشبيلي، وابن القطان، وابن القيم، وابن حجر، والألباني، وقال الشافعي:(لو صح هذا الحديث قلت به)، وعلته: أنه من رواية زهير بن محمد- وهو الخراساني المكي- وهو ضعيف في رواية الشاميين عنه، والوليد بن مسلم شامي.
قال البخاري: (وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الغال: «صلوا على صاحبكم»، لم يحرق متاعه)، وقال البيهقي:(الأحاديث الواردة في الغلول ليس فيها أنه عليه السلام أمر بتحريق متاع الغال). ينظر: التاريخ الأوسط 2/ 103، السنن الكبرى 9/ 174، بيان الوهم 3/ 248، البدر المنير 9/ 139، فتح الباري 1/ 47، التلخيص الحبير 4/ 220، تهذيب التهذيب 3/ 349، ضعيف أبي داود 2/ 350.
(وَإِذَا غَنِمُوا)، أي: المسلمون (أَرْضاً)، بأنْ (فَتَحُوهَا) عَنْوَةً (بِالسَّيْفِ) فأجْلُوا عنها أهلَها؛ (خُيِّرَ الإِمَامُ بَيْنَ قَسْمِهَا) بين الغانمين، (وَوَقْفِهَا عَلَى المُسْلِمِينَ) بلفظٍ مِن ألفاظِ الوقفِ، (وَيَضْرِبُ عَلَيْهَا خَرَاجَاً مُسْتَمِرًّا يُؤْخَذُ مِمَّنْ هِيَ بِيَدِهِ) مِن مسلمٍ وذميٍّ، ويكونُ (1) أجرةً لها في كلِّ عامٍ؛ كما فَعَل عمرُ رضي الله عنه فيما فَتَحَه مِن أرضِ الشامِ والعراقِ ومصرَ (2)، وكذا الأرضُ التي جَلَوا عنها خوفاً مِنَّا، أو صَالحناهُم على أنَّها لنا ونُقِرُّها معهم بالخراجِ، بخلافِ ما صُولحُوا على أنها لهم ولنا الخراجُ عنها (3)، فهو كجزيةٍ يَسقطُ (4) بإسلامِهم.
(وَالمَرْجِعُ فِي) مِقْدَارِ (الخَرَاجِ وَالجِزْيَةِ) حينَ وَضْعِهما (إِلَى اجْتِهَادِ الإِمَامِ) الواضعِ لهما، فيضعُه بحسبِ اجتهادِه؛ لأنَّه أجرةٌ يَختلِفُ باختلافِ الأزمنةِ، فلا يلزمُ الرجوعُ إلى ما وَضَعه عمرُ رضي الله عنه.
(1) في (أ) و (ب) و (ع) و (ق): يكون.
(2)
روى البخاري (4235)، عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال:«أما والذي نفسي بيده لولا أن أترك آخر الناس ببَّاناً ليس لهم شيء ما فتحت علي قرية إلا قسمتها كما قسم النبي صلى الله عليه وسلم خيبر، ولكني أتركها خزانة لهم يقتسمونها» .
(3)
في (ق): منها.
(4)
في (ع) و (ق): تسقط.
وما وَضَعه هو أو غيرُه من الأئمةِ ليس لأحدٍ تَغييرُه ما لم يَتغيَّر السببُ، كما في الأحكامِ السلطانيةِ (1)؛ لأنَّ تقديرَه ذلك حكمٌ.
والخراجُ على أرضٍ لها ماءٌ تُسقَى به ولو لم تُزرَع، لا على مساكِنَ.
(وَمَنْ عَجَزَ عَنْ عِمَارَةِ أَرْضِهِ) الخراجيةِ؛ (أُجْبِرَ عَلَى إِجَارَتِهَا، أَوْ رَفْعِ يَدِهِ عَنْهَا) بإجارةٍ أو غيرِها؛ لأنَّ الأرضَ للمسلمين، فلا يَجوزُ تَعطيلُها عليهم.
(وَيَجْرِي فِيهَا المِيرَاثُ)، فتَنتقِلُ إلى وارثِ مَنْ كانت بيدِه على الوَجْهِ الذي كانت عليه في يدِ مُوَرِّثِه (2)، فإن آثَرَ بها أحداً صار الثاني أحقَّ بها؛ كالمستأجَرةِ.
ولا خَراجَ على مزارعِ مكةَ والحرمِ.
(وَمَا أُخِذَ) بحقٍّ بغيرِ قتالٍ (مِنْ مَالِ مُشْرِكٍ)، أي: كافرٍ؛ (كَجِزْيَةٍ، وَخَرَاجٍ، وَعُشْرِ) تجارةٍ مِن حربيٍّ، أو نصفِه مِن ذميٍّ اتَّجر إلينا، (وَمَا تَرَكُوهُ فَزَعاً) مِنَّا، أو تخلَّفَ عن ميتٍ لا وارثَ له، (وَخُمُسِ خُمُسِ الغَنِيْمَةِ؛ فَـ) هو (فَيءٌ)، سُمِّيَ بذلك؛ لأنَّه رَجَع مِن المشركين إلى المسلمين، وأصلُ الفيءِ: الرجوعُ، (يُصْرَفُ فِي
(1) الأحكام السلطانية للقاضي أبي يعلى الفراء (ص 165، ص 186).
(2)
في (ب): موروثه.