المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(باب محظورات الإحرام) - الروض المربع بشرح زاد المستقنع - ط ركائز - جـ ٢

[البهوتي]

فهرس الكتاب

- ‌(كِتَابُ الصِّيَامِ)

- ‌(بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ، وَيُوجِبُ الكَفَّارَةَ)، وما يتعلَّقُ بذلك

- ‌(فَصْلٌ)(وَمَنْ جَامَعَ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ)

- ‌(بَابُ مَا يُكْرَهُ، وَيُسْتَحَبُّ) في الصَّومِ، (وَحُكْمُ القَضَاءِ)، أي: قضاء الصوم

- ‌(بَابُ صَوْمِ التَّطَوُّعِ)

- ‌(بَابُ الاعتِكَافِ)

- ‌(كِتَابُ المَنَاسِكِ)

- ‌(بَابُ المَوَاقِيتِ)

- ‌(بَابُ الإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ)

- ‌(بَابُ الفِدْيَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَمَنْ كَرَّرَ مَحْظُوراً مِنْ جِنْسٍ)

- ‌(بَابُ جَزَاءِ الصَّيْدِ)

- ‌(بَابُ) حكمِ (صَيْدِ الحَرَمِ)، أي: حرمِ مكةَ

- ‌(بَابُ) ذِكْرِ (دُخُولِ مَكَّةَ)، وما يتعلقُ بِه من الطوافِ والسَّعيِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ صِفَةِ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الفَوَاتِ وَالإِحْصَارِ)

- ‌(بَابُ الهَدْيُ، وَالأُضْحِيَةِ)، وَالعَقِيقَةِ

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(كِتَابُ الجِهَادِ)

- ‌فصل

- ‌(بَابُ عَقْدِ الذِّمَّةِ وَأَحْكَامِهَا)

- ‌(فَصْلٌ)في أحكامِ الذِّمَّةِ

- ‌(فَصْلٌ) فيما يَنْقُض العهدَ

- ‌(كِتَابُ البَيْعِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الشُّرُوطِ فِي البَيْعِ)

- ‌(بَابُ الخِيارِ) وقبضِ المبيعِ والإقالةِ

- ‌(فَصْلٌ) في التَّصرُّفِ في المبيعِ قبلَ قبضِه

- ‌(بَابُ الرِّبَا وَالصَّرْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ بَيْعِ الأُصُولِ وَالثِّمَارِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ السَّلَمِ)

- ‌(بَابُ القَرْضِ)

- ‌(بَابُ الرَّهْنِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الضَّمَانِ)

- ‌(فَصْلٌ) في الكَفالةِ

- ‌(بَابُ الحَوَالَةِ)

- ‌(بَابُ الصُّلْحِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الحَجْرِ)

- ‌(فَصلٌ) في المحجورِ عليه لحظِّهِ

- ‌(بَابُ الوَكَالَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الشَّرِكَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ المُسَاقَاةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الإِجَارَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ السَّبْقِ)

- ‌(بَابُ العَارِيَّةِ)

- ‌(بَابُ الغَصْبِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَتَصَرُّفَاتُ الغَاصِبِ الحُكْمِيَّةُ)

- ‌(بَابُ الشُّفْعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ الوَدِيعَةِ)

- ‌(فَصْلٌ)

- ‌(بَابُ إِحْيَاءِ المَوَاتِ)

- ‌(بَابُ الجعَالَةِ)

- ‌(بَابُ اللُّقَطَةِ)

- ‌(بَابُ اللَّقِيطِ)

- ‌(كِتَابُ الوَقْفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(ويَجِبُ العَمَلُ بِشَرْطِ الوَاقِفِ)

- ‌(فَصْلٌ)(وَالوَقْفُ عَقْدٌ لَازِمٌ)

- ‌(بَابُ الهِبَةِ وَالعَطِيَّةِ)

- ‌(فَصْلٌ)(يَجِبُ التَّعْدِيلُ فِي عَطِيَّةِ أَوْلَادِهِ بِقَدْرِ إِرْثِهِمْ)

- ‌(فَصْلٌ فِي تَصَرُّفَاتِ المَرِيضِ) بعطيةٍ أو نحوِها

- ‌(كِتَابُ الوَصَايَا)

- ‌(بَابُ المُوصَى لَهُ)

- ‌(بَابُ المُوصَى بِهِ)

- ‌(بَابُ الوَصِيَّةِ بِالأَنْصِبَاءِ وَالأَجْزَاءِ)

- ‌(بَابُ المُوصَى إِلَيْهِ)

الفصل: ‌(باب محظورات الإحرام)

(بَابُ مَحْظُورَاتِ الإِحْرَامِ)

أي: المُحرَّمَاتِ بسببِه.

(وَهِيَ)، أي: محظوراتُه (تِسْعَةٌ):

أحدُها: (حَلْقُ الشَّعرِ (1) مِن جميعِ بدنِه بلا عذرٍ، يعني: إزالتُه بحلقٍ، أو نَتْفٍ، أو قَلْعٍ؛ لقولِه تعالى:(وَلا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)[البقرة: 196].

(وَ) الثاني: (تَقْلِيمُ الأَظْفَارِ)، أو قَصُّه مِن يدٍ أو رجلٍ بلا عذرٍ.

فإن خَرَج بِعَيْنِه شعرٌ، أو كُسِرَ ظفرُه فأزالهما، أو زالَا (2) مع غيرِهما؛ فلا فديةَ.

وإنْ حصل الأذى بقرْحٍ أو قملٍ ونحوِه فأزال (3) شعرَه لذلك؛ فدى.

ومَن حُلِق رأسُه بإذنِه، أو سكت ولم يَنهَه؛ فدى.

ويُباحُ للمُحْرِمِ غَسْلُ شعرِه بسدرٍ ونحوِه.

(1) قال في المطلع (23): (بفتح العين وسكونها).

(2)

في (ع): زال.

(3)

في (ق): فزال.

ص: 82

(فَمَنْ حَلَقَ) شعرةً واحدةً أو بعضَها فعليه طعامُ مسكينٍ، وشَعرتين أو بعضَ شَعرتين فطعامَا مسكينٍ (1)، وثلاثَ شعراتٍ فعليه دمٌ، (أَوْ قَلَّمَ) ظفراً فطعامُ مسكينٍ، وظُفْرَيْن فطعامَا مسكينٍ (2)، و (ثَلَاثَةً فَعَلَيهِ دَمٌ)، أي: شاةٌ، أو إطعامُ ستةَ مساكين، أو صيامُ ثلاثةَ أيامٍ.

وإن خلَّلَ شَعْرَه وشكَّ في سقوطِ شيءٍ به (3)؛ استُحِبَّت.

الثالثُ: تغطيةُ رأسِ الذَّكَرِ، وأشار إليه بقولِه:(وَمَنْ غَطَّى رَأْسَهُ بِمُلَاصِقٍ؛ فَدَى)، سواءٌ كان معتاداً كعمامةٍ، وبُرْنُسٍ (4)، أم لا كقِرْطاسٍ (5) وطينٍ، ونُورةٍ، وحناءٍ، أو عَصَبَهُ بِسَيْرٍ، أو استظَلَّ في مَحْمَلٍ راكباً أو لا، ولو لم يلاصِقْه، ويحرُمُ ذلك بلا عذرٍ، لا إنْ حَمَلَ عليه، أو استظَلَّ بِخَيْمَةٍ، أو شجرةٍ، أو بيتٍ.

(1) في (ب) و (ق): مسكينين.

(2)

في (ب) و (ق): مسكينين.

(3)

في (ق): منه.

(4)

قال في تاج العروس (15/ 448): (البُرنس: بالضم، قلنسوة طويلة، وكان الناس يلبسونها في صدر الإسلام، قاله الجوهري، أو هو كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دُرَّاعة كان، أو جبة، أو ممطراً، قاله الأزهري، وصوبوه، وهو من البرس، بالكسر: القطن، والنون زائدة، وقيل: إنه غير عربي).

(5)

القِرْطاسُ: الذي يكتب فيه، وفيه ثلاث لغات: كسر القاف، وضمها، والقَرْطَسُ. ينظر: الصحاح 3/ 962.

ص: 83

الرابعُ: لُبْسه المَخِيطَ، وإليه الإشارةُ بقولِه:(وَإِنْ لَبِسَ ذَكَرٌ مَخِيْطاً فَدَى).

ولا يَعْقِدُ عليه رداءً ولا غيرَه، إلا إزارَه، ومِنْطَقَةً (1) وهِمْيَاناً (2) فيهما نفقةٌ مع حاجةٍ لِعَقْدٍ.

وإنْ لم يجد نَعْلَيْن لَبِسَ خُفَيِّن، أو لم يَجِد إزاراً لَبِسَ سراويلَ إلى أنْ يجِدَ، ولا فديةَ.

الخامسُ: الطِّيبُ، وقد ذكره بقولِه:(وَإِنْ طَيَّبَ) مُحرِمٌ (بَدَنَه، أَوْ ثَوْبَهُ)، أو شيئاً منهما، أو استعملَه في أكلٍ أو شربٍ (3)، (أَوْ ادَّهَنَ)، أو اكتحل، أو اسْتَعَطَ (بِمُطَيَّبٍ، أَوْ شَمَّ) قصداً (طِيباً، أَوْ تَبَخَّرَ بِعُودٍ وَنَحْوِهِ)، أو شمَّه قصداً، ولو بَخورَ الكعبةِ؛ أَثِمَ و (فَدَى).

ومِن الطِّيبِ: مِسْكٌ، وكافورٌ، وعنبرٌ، وزعفرانٌ، ووَرْسٌ (4)،

(1) قال في المطلع (207): (مِنْطَقَة: بكسر الميم وفتح الطاء، قال الجوهري: انتطق: لَبِسَ المِنْطَقَ، وهو كل ما شددت به وسطك).

(2)

الهِميان: بكسر الهاء، كيس يجعل فيه النفقة ويشد على الوسط، وجمعه همايين، وهو معرب. ينظر: لسان العرب 15/ 364، والمصباح المنير 2/ 641.

(3)

قوله: (أو شرب) سقطت من (ح).

(4)

قال النووي: (الوَرْس: بفتح الواو وإسكان الراء، وهو نَبْت أصفر، ويكون باليمن يصبغ به الثياب والخبز وغيرهما، وورست الثوب توريساً صبغته به). ينظر: تحرير ألفاظ التنبيه ص 110.

ص: 84

ووَرْدٌ، وبَنَفْسَجٌ (1)، ولَيْنوفرُ (2)، وياسمينٌ، وبانٌ (3)، وماءُ وردٍ.

وإن شمَّها بلا قصدٍ، أو مسَّ ما لا يَعْلَقُ؛ كقِطَعِ كافورٍ، أو شمَّ فواكهَ، أو عوداً، أو شيحاً (4)، أو ريحاناً فارسيًّا، أو نَمَّاماً (5)، أو ادَّهن بدهنٍ غيرِ مطيَّبٍ؛ فلا فديةَ.

السادسُ: قَتْلُ صيدِ البَرِّ واصطياده (6)، وقد أشار إليه بقولِه:(وَإِنْ قَتَلَ صَيْداً مَأْكُولاً بَرِّيًّا أَصْلاً)؛ كحَمَامِ وبَطٍّ ولو استأنسَ، بخلافِ إبلٍ وبقرٍ أهليةٍ ولو توحَّشت، (وَلَوْ تَوَلَّدَ مِنْهُ)، أي: مِن الصيدِ المذكورِ (وَمِنْ غَيْرِهِ)؛ كالمتولِّدِ بين المأكولٍ وغيرِه، أو بين الوحشي وغيرِه؛ تغليباً للحظرِ.

(1) قال في المطلع (209): (البَنَفْسَج: قال الإمام أبو منصور اللغوي: والبنفسج معرب، وجدته مضبوطاً بفتح الباء والنون والسين في نسخة صحيحة مقروءة على ابن اليمن الكندي).

(2)

في (ب): الينوفر. قال في حاشية الروض (4/ 18): (بلام التعريف، وفتح المثناة والنون، وسكون الواو، وفتح الفاء، ضرب من الرياحين، طيب الرائحة ينبت في المياه الراكدة).

(3)

قال في لسان العرب (30/ 70): (البان: شجر يسمو ويطول في استواء مثل نبات الأثل، وورقه أيضاً هدب كهدب الأثل، وليس لخشبه صلابة، واحدته بانة).

(4)

قال في تاج العروس (6/ 551): (الشيح، بالكسر: نبت سهلي يتخذ من بعضه المكانس، وهو من الأمرار، له رائحة طيبة وطعم مر، وهو مرعى للخيل والنعم).

(5)

النَّمَّامُ: نَبْت طيِّبُ الرائحة. ينظر: مختار الصحاح ص: 320.

(6)

في (ب): أو اصطياده.

ص: 85

(أَوْ تَلِفَ) الصيدُ المذكورُ (فِي يَدِهِ) بمباشرةٍ أو سببٍ، كإشارةٍ، ودلالةٍ، وإعانةٍ ولو بمناولةِ آلةٍ، أو جنايةِ دابةٍ هو متصرِّفٌ فيها؛ (فَعَلَيْهِ جَزَاؤُهُ).

وإن دلَّ ونحوَه مُحرِمٌ مُحرِماً فالجزاءُ بينهما.

ويَحْرُمُ على المُحْرِم أكلُه مما صاده، أو كان له أثرٌ في صيدِه، أو ذُبحَ أو صِيدَ لأجلِه.

وما حَرُم عليه لنحو دِلالةٍ، أو صِيدَ له؛ لا يَحرُمُ على مُحْرِمٍ غيرِه.

ويَضمنُ بَيْضَ صَيْدٍ، ولَبَنَه إذا حلبَه بقيمتِه.

ولا يَملكُ المُحْرِم ابتداءً صيداً بغيرِ إرثٍ.

وإن أَحْرَم وبِملكِه صيدٌ لم يَزُل، ولا يدُه الحكميةُ، بل تزالُ يدُه المشاهدةُ بإرسالِه.

(وَلَا يَحْرُمُ) بإحرامٍ أو حَرَمٍ (حَيْوانٌ إِنْسِيٌّ)؛ كالدجاجِ (1) وبهيمةِ الأنعامِ؛ لأنَّه ليس بصيدٍ، وقد كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يذبحُ البُدْنَ في إحرامِه بالحرمِ (2).

ص: 86

(وَلَا) يحرمُ (صَيْدُ البَحْرِ) إن لم يكن بالحرمِ؛ لقولِه تعالى: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ)[المائدة: 96].

وطيرُ الماءِ بريُّ.

(وَلَا) يَحْرُم بِحَرَمٍ ولا إحرامٍ (قَتْلُ مُحَرَّمِ الأَكْلِ)؛ كالأسدِ، والنمرِ، والكلبِ، إلا المتولِّدَ كما تقدَّم.

(وَلَا) يَحْرُم قتلُ الصيدِ (الصَّائِلِ) دفعاً عن نفسِه أو مالِه، سواءٌ خَشِي التَّلَفَ أو الضَّرَرَ بجرحِه (1)؛ لأنَّه التحق بالمؤذياتِ، فصار كالكلبِ العقورِ.

ويُسنُّ مطلقاً قتلُ كلِّ مؤذٍ غيرِ آدمي.

ويَحْرُم بإحرامٍ قتلُ قَمْلٍ وصِئْبَانِهِ (2) ولو برميه، ولا جزاءَ فيه، لا براغيثَ وقُرادٍ (3) ونحوِهما.

وُيْضَمنُ جَرَادٌ بقيمتِه.

ولمُحْرِمٍ احتاج لِفِعْلِ محظورٍ فعلُه ويفدي، وكذا لو اضطرَّ إلى أَكْلِ صَيْدٍ فله ذَبْحُه وأكلُه؛ كمن بالحرمِ، ولا يُباحُ إلا لمن له أكلُ الميتةِ.

(1) زاد في (ب) و (ق): أو لا.

(2)

قال في الصحاح (1/ 160): (الصُؤَابَةُ بالهمز: بيضةُ القملة، والجمع: الصُؤَابُ والصِئْبانُ).

(3)

قال في المصباح المنير (2/ 469): (القراد: ما يتعلق بالبعير ونحوه، وهو كالقمل للإنسان، الواحدة قرادة، والجمع قردان).

ص: 87

السابعُ: عقدُ النِّكاحِ، وقد ذكره بقولِه:(وَيَحْرُمُ عَقْدُ نِكَاحٍ)، فلو تزوَّج المُحْرِمُ، أو زوَّج مُحْرِمَةً، أو كان وليًّا أو وكيلاً في النكاحِ؛ حَرُمَ، (وَلَا يَصِحُّ)؛ لما روى مسلمٌ عن عثمانَ مرفوعاً:«لَا يَنْكِحِ المُحْرِمُ، وَلَا يُنْكِحُ» (1)، (وَلَا فِدْيَةَ) في عقدِ النكاحِ، كشراءِ الصيدِ، ولا فرق بين الإحرامِ الصحيحِ والفاسدِ.

ويُكْرَه للمُحْرِم أنْ يخطِبَ امرأةً كخُطبةِ عقدِه، وحضورِه، وشهادتِه فيه.

(وَتَصِحُّ الرَّجْعَةُ)، أي: لو راجع المُحْرِمُ امرأتِه صحَّت بلا كراهةٍ؛ لأنَّه إمساكٌ، وكذا شراءُ أمةٍ للوطءِ.

الثامنُ: الوَطْءُ، وإليه الإشارة بقولِه:(وَإِنْ جَامَعَ المُحْرِمُ)؛ بأن غيَّب الحشَفةَ في قُبُلٍ أو دُبُرٍ مِن آدمي أو غيرِه (2)؛ لقولِه تعالى: (فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ)[البقرة: 197]، قال ابنُ عباسٍ:«هُوَ الجِمَاعُ» (3).

وإن كان الوطءُ (قَبْلَ التَّحَلُّلِ الأَوَّلِ؛ فَسَدَ نُسُكُهُمَا)، ولو بعدَ الوقوفِ بعرفةَ، ولا فرق بين العامدِ والساهي؛ لقضاءِ بعضِ

(1) رواه مسلم (1409).

(2)

في (أ) و (ب) و (ع)(ق): أو غيره حرُم.

(3)

رواه ابن أبي شيبة (13230)، والطبري في التفسير (3597)، والبيهقي (9170)، من طرق عن ابن عباس، وهو صحيح.

ص: 88

الصحابةِ بفسادِ الحجِّ ولم يَستفصِل، (وَيَمْضِيَانِ فِيهِ)، أي: يجبُ على الواطئ والموطوءةِ المضيُّ في النسكِ الفاسدِ، ولا يَخرجان منه بالوطءِ؛ رُوي عن عمرَ (1)، وعليٍّ (2)، وأبي هريرةَ (3)، وابنِ عباسٍ (4)،

فحكمُه كالإحرامِ الصحيحِ؛ لقولِه تعالى: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلهِ)[البقرة: 196]، (وَيَقْضِيَانِهِ) وجوباً (ثَانِيَ عَامٍ)؛ رُوي عن ابنِ عباسٍ، وابنِ

(1) رواه مالك بلاغاً (1421)، ووصله البيهقي (9780)، من طريق عطاء أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه قال في محرم بحجة أصاب امرأته -يعني وهي محرمة-:«يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل من حيث كانا أحرما، ويفترقان حتى يتما حجهما» ، قال ابن الملقن:(وهذا منقطع، فإن عطاء لم يدرك عمر، إنما وُلد في آخر خلافة عثمان)، ورواه البيهقي من طريق آخر (9781)، عن مجاهد عن عمر، قال ابن حجر:(وهو منقطع). ينظر: البدر المنير 6/ 385، التلخيص الحبير 2/ 595.

(2)

رواه مالك بلاغاً (1421)، ورواه ابن أبي شيبة (13083)، من طريق الحكم عن علي قال:«على كل واحد منهما بدنة، فإذا حجا من قابل تفرقا من المكان الذي أصابهما» ، قال ابن حجر:(وهو منقطع أيضا بين الحكم وبينه). ينظر: التلخيص الحبير 2/ 596.

(3)

رواه مالك (1421)، أنه بلغه أن عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبا هريرة سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج، فقالوا:«ينفذان لوجههما، حتى يقضيا حجهما، ثم عليهما حج قابل، والهدي» ، ولم نجد من وصله.

(4)

رواه البيهقي (9782)، من طريق حميد ، عن أبي الطفيل عامر بن واثلة ، عن ابن عباس رضي الله عنه في رجل وقع على امرأته وهو محرم ، قال:«اقضيا نسككما وارجعا إلى بلدكما فإذا كان عام قابل فاخرجا حاجين، فإذا أحرمتما فتفرقا ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما وأهديا هدياً» ، وإسناده صحيح ..

ص: 89

عمرَ، وابنِ عمرو (1)(2)، وغيرُ المكلَّفِ يقضي بعد تكلِيفِه وحجَّةِ الإسلامِ فوراً مِن حيثُ أحرمَ أوَّلاً إن كان قبلَ ميقاتٍ، وإلا فمِنه.

وسُنَّ تَفَرُّقُهُما في قضاءٍ مِن موضعِ وَطْءٍ إلى أن يحِلَّا.

والوطءُ بعد التحلُّلِ الأوَّلِ لا يُفسدُ النسكَ، وعليه شاةٌ.

ولا فديةَ على مكرَهةٍ، ونفقةُ حجَّةِ قضائِها عليه؛ لأنَّه المفسدُ لِنُسكِها.

التاسعُ: المباشرةُ دون الفرجِ، وذكرها بقولِه:(وَتَحْرُمُ المُبَاشَرَةُ)، أي: مباشرةُ الرجلِ المرأةَ، (فَإِنْ فَعَلَ)، أي: باشَرَها (فَأَنْزَلَ؛ لَمْ يَفْسُدْ حَجُّهُ)، كما لو لم يُنْزِل، ولا يَصحُّ قياسُها على الوطءِ؛ لأنَّه يجبُ به الحدُّ دونها، (وَعَلَيْهِ بَدَنَةٌ) إنْ أنْزَل بمباشرةٍ،

(1) قوله: (وابن عمرو) سقطت من (ق).

(2)

رواه الدارقطني (3000)، والحاكم (2375)، والبيهقي (9783)، من طريق عمرو بن شعيب ، عن أبيه أن رجلاً أتى عبد الله بن عمرو يسأله عن محرم وقع بامرأة فأشار إلى عبد الله بن عمر، فقال:«اذهب إلى ذلك فسله» ، قال شعيب: فلم يعرفه الرجل، فذهبت معه فسأل ابن عمر، فقال:«بطل حجك» ، فقال الرجل: فما أصنع؟ ، قال:«اخرج مع الناس واصنع ما يصنعون، فإذا أدركت قابلاً فحج وأهد» ، فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره، فقال: اذهب إلى ابن عباس فسله، قال شعيب: فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله، فقال له كما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره بما قال ابن عباس ثم قال: ما تقول أنت؟ فقال: «قولي مثل ما قالا» ، قال الحاكم:(هذا حديث ثقات رواته حفاظ)، وقال البيهقي:(هذا إسناد صحيح)، وصححه الذهبي والألباني. ينظر: الإرواء 4/ 233.

ص: 90

أو قبلةٍ، أو تكرارِ نَظَر، أو لمسٍ لشهوةٍ، أو أمنى باستمناءٍ؛ قياساً على بدنةِ الوطءِ، وإن لم (1) ينزل فشاةٌ كفديةِ أذى، وخطأٌ في ذلك كعمدٍ، وامرأةٌ مع شهوةٍ كرجلٍ في ذلك.

(لَكِنْ يُحْرِمُ) بعدَ أن يَخرُجَ (مِنَ الحِلِّ)؛ ليَجمعَ في إحرامِه بين الحِلِّ والحرمِ (لِطَوَافِ الفَرْضِ)، أي: ليطوفَ طوافَ الزيارةِ مُحْرِماً.

وظاهرُ كلامِه: أنَّ هذا في المباشِرِ (2) دونَ الفرجِ إذا أنزل، وهو غيرُ متَّجِهٍ؛ لأنَّه لم يفسد إحرامُه حتى يحتاجَ لتجديدِه، فالمباشرةُ كسائرِ المحرماتِ غيرِ الوطءِ، هذا مقتضى كلامِه في الإقناعِ (3)، كالمنتهى (4)، والمقنعِ (5)، والتنقيحِ (6)، والإنصافِ (7)، والمبدعِ وغيرِها (8)، وإنما ذكروا هذا الحكمَ فِيمن وطِئ بعد التحلِّلِ الأوَّلِ إلا أن يكونَ على وجهِ الاحتياطِ؛ مراعاةً للقولِ بالإفسادِ.

(1) سقط من (ح): من قوله: (ينزل فشاة كفدية أذى)، إلى قوله في آخر باب الفدية:(لأنه لا يتعدى نفعه أحد).

(2)

يراجع (ق).

(3)

(1/ 587).

(4)

(1/ 189).

(5)

(ص 117).

(6)

(ص 182).

(7)

(3/ 500).

(8)

(3/ 151)، وكذا في المنور (ص 225).

ص: 91

(وَإِحْرَامُ المَرْأةِ) فيما تقدَّم (كَالرَّجُلِ، إِلَّا فِي اللِّبَاسِ)، أي: لباسِ المخيطِ، فلا يَحرمُ عليها، ولا تغطيةُ الرأسِ، (وَتَجْتَنِبُ البُرْقُعَ، وَالقُفَّازَيْنِ)؛ لقولِه عليه السلام: «لَا تَنْتَقِبُ المَرْأَةُ، وَلَا تَلْبَسُ القُفَّازَيْنِ» رواه البخاري وغيره (1)، والقفَّازان (2): شيءٌ يُعملُ لليدين يَدخلان فيه يستُرُهما مِن الحرِّ كما يُعملُ للبُزاةِ.

ويَفدي الرجلُ والمرأةُ بلُبسِهما.

(وَ) تجتنبُ أيضاً (تَغْطِيَةَ وَجْهِهَا)؛ لقولِه صلى الله عليه وسلم: «إحْرَامُ الرَّجُلِ فِي رَأْسِهِ، وَإِحْرَامُ المَرْأَةِ فِي وَجْهِهَا» (3)،

فتضعُ الثوبَ فوقَ رأسِها

(1) رواه البخاري (1838)، ورواه أحمد (6003)، وأبو داود (1825)، والترمذي (833)، والنسائي (2673)، من حديث ابن عمر، ولفظه:«ولا تنتقب المرأة المحرمة، ولا تلبس القفازين» .

(2)

في (أ) و (ع): والقفازين.

(3)

رواه الدارقطني (2761)، من طريق هشام بن حسان، عن عبيد الله بن عمر، عن نافع، عن ابن عمر مرفوعاً، ورجاله ثقات، إلا أن البيهقي رواه من طريق الدارقطني بالإسناد نفسه موقوفاً (9048)، ونقله ابن حجر في إتحاف المهرة (10844) عن الدارقطني موقوفاً، ويؤكد ذلك: أن البيهقي قال في المعرفة: (وعنه أنه قال: «إحرام المرأة في وجهها، وإحرام الرجل في رأسه»، وروي ذلك عنه في المرأة مرفوعاً، ورفعه ضعيف)، فلعل نسخة الدارقطني حصل بها زيادة ذكر الرفع خطأً في الطباعة أو من بعض النساخ.

وقد روي مرفوعاً عند الدارقطني (2760)، والبيهقي (9049) من طريق أيوب بن محمد أبي الجمل ، عن عبيد الله بن عمر ، عن نافع ، عن ابن عمر ، مرفوعاً بلفظ:«ليس على المرأة إحرام إلا في وجهها» ، قال ابن عدي:(لا أعلمه يرفعه عن عبيد الله غير أبي الجمل هذا)، وقال البيهقي:(وأيوب بن محمد أبو الجمل ضعيف عند أهل العلم بالحديث، والمحفوظ موقوف)، وقال العقيلي:(لا يتابع على رفعه، إنما هو موقوف)، وصوب الدارقطني وقفه، وضعف المرفوع ابن الملقن. ينظر: الضعفاء 1/ 116، علل الدارقطني 13/ 48، الكامل لابن عدي 2/ 19، معرفة السنن والآثار 7/ 139، البدر المنير 6/ 329، التلخيص الحبير 2/ 576.

ص: 92

وتسدِلُه على وجهِها لمرورِ الرجالِ قريباً منها.

(وَيُبَاحُ لَهَا التَّحَلِّيَ) بالخَلْخَالِ (1)، والسِّوارِ، والدُّمْلجِ (2) ونحوِها.

ويُسنُّ لها خِضابٌ عند إحرامٍ، وكُرِه بعدَه.

وكُره لهما اكتحالٌ بإثمدٍ لزينةٍ.

ولهما لُبْسُ مُعصفرٍ وكُحْليٍّ، وقَطْعُ رائحةٍ كريهةٍ بغيرِ طيبٍ، واتجارٌ وعملُ صَنْعَةٍ ما لم يشغلا عن واجبٍ أو مستحبٍ، وله لُبسُ خاتمٍ.

ويَجتنبانِ الرفثَ والفسوقَ والجدالَ.

وتُسَنُّ قِلَّةُ الكلامِ إلا فيما يَنفعُ.

(1) الخَلْخَال: بالفتح، حليةٌ كالسوار تلبسها النِّسَاء في أرجلهن. ينظر: لسان العرب 11/ 221، والمعجم الوسيط 249.

(2)

الدُملج: بضم فسكون، واللام تفتح وتضم: المعضد من الحلي. لسان العرب 2/ 276، القاموس المحيط 189.

ص: 93