الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ الضَّمَانِ)
مأخوذٌ مِن الضَّمْنِ (1)، فذمَّةُ الضامِنِ في ضمن ذمَّةِ المضمونِ عنه.
ومعناه شرعاً: التزامُ ما وَجَب على غيرِه مع بقائِه، وما قد يجبُ.
ويَصحُّ بلفظِ: ضَمينٌ، وكَفيلٌ، وقَبيلٌ، وحَميلٌ، وزَعيمٌ، وتحمَّلتُ دَيْنَك، أو ضَمِنتُهُ، أو هو عندي ونحوِ ذلك، وبإشارةٍ مفهومةٍ مِن أَخرسٍ.
و(لَا يَصِحُّ) الضمانُ (إِلَّا مِنْ جَائِزِ التَّصَرُّفِ)؛ لأنَّه إيجابُ مالٍ، فلا يصحُّ مِن صغيرٍ ولا سفيهٍ.
ويصحُّ مِن مفلَّس؛ لأنَّه تصرَّف في ذمَّته، ومن قِنٍّ ومكاتَبٍ بإذن سيِّدهما، ويؤخذ مما بيد مكاتَب، وما ضَمِنَه قِنٌّ مِن سيِّدِه.
(1) قال في المطلع (297): (قال ابن سيده: ضَمِنَ الشيء ضَمْنًا وضَمَانًا، وضَمَّنَه إيَّاه، كفَّله إياه، وهو مشتق من التَّضمن؛ لأن ذمة الضامن تتضمن الحق، قاله القاضي أبو يعلى، وقال ابن عقيل: الضمان مأخوذ من الضِمْنِ، فتصير ذمة الضامن في ذمة المضمون عنه، وقيل: هو مشتقٌ من الضمِّ؛ لأن ذمة الضامن، تنضم إلى ذمة المضمون عنه، والصواب الأوَّل؛ لأن لام الكلمة في الضم ميم، وفي الضمان نون، وشرط صحة الاشتقاق، كون حروف الأصل موجودةً في الفَرْعِ).
(وَلِرَبِّ الحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا)، أي: مِن المضمونِ والضامِنِ، (فِي الحَيَاةِ وَالمَوْتِ)؛ لأنَّ الحقَّ ثابتٌ في ذِمتِهِما، فَمَلَك مُطالبةَ مَن شاء مِنهما؛ لحديثِ:«الزَّعِيمُ غَارِمٌ» رواه أبو داودَ، والترمذي وحسَّنه (1).
(فَإِنْ بَرِئَتْ ذِمَّةُ المَضْمُونِ عَنْهُ) مِن الدَّيْنِ المضمونِ بإبراءٍ، أو قضاءٍ، أو حوالةٍ ونحوِها؛ (بَرِئَتْ ذِمَّةُ الضَّامِنِ)؛ لأنَّه تَبَعٌ له، (لَا عَكْسُهُ)، فلا يَبرأُ المضمونُ ببراءةِ الضامِنِ؛ لأنَّ الأصلَ لا يَبرأُ ببراءةِ التَّبَعِ.
وإذا تعدَّد الضامِنُ لم يَبرَأْ أحدُهم بإبراءِ الآخَرِ، ويَبرءون بإبراءِ المضمونِ عنه.
ظظ (وَلَا تُعْتَبَرُ مَعْرِفَةُ الضَّامِنِ للمَضْمُونِ عَنْهُ، وَلَا) معرفتُه للمضمونِ (لَهُ)؛ لأنَّه لا يُعتبرُ رضاهُما، فكذا معرفَتُهُما، (بَلْ) يُعتبرُ (رِضَا
(1) رواه أبو داود (3565)، والترمذي (2120)، ورواه أحمد (22295)، وابن ماجه (2405)، من طريق إسماعيل بن عياش، عن شرحبيل الخولاني، عن أبي أمامة رضي الله عنه مرفوعاً. وحسنه الترمذي، والبغوي، وابن الملقن، وقال الذهبي:(إسناده قوي)، وصححه الألباني.
وضعَّفه ابن حزم بضعف إسماعيل بن عياش، قال ابن حجر:(ولم يُصب)، قال ابن الملقن:(وهذا غريب، فإسماعيل حجة فيما يروى عن الشاميين، وشرحبيل شامي)، وقال ابن عبد الهادي:(ورواية إسماعيل عن أهل الشام جيدة). ينظر: المحلى 8/ 143، شرح السنة 8/ 225، تنقيح التحقيق 4/ 144، سير أعلام النبلاء 7/ 325، البدر المنير 6/ 707، التلخيص الحبير 3/ 116، الإرواء 5/ 245.
الضَّامِنِ)؛ لأنَّ الضمانَ (1) تبرعٌ بالتزامِ الحقِّ، فاعتُبر له الرِّضا؛ كالتَّبرُّعِ بالأعيانِ.
(وَيَصِحُّ ضَمَانُ المَجْهُولِ إِذَا آلَ إِلَى العِلْمِ)؛ لقولِه تعالى: (وَلِمَنْ جَاءَ بِهِ حِمْلُ بَعِيرٍ وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ)[يوسف: 72]، وهو غيرُ معلومٍ؛ لأنَّه يَختلِفُ.
(وَ) يصحُّ أيضاً ضمانُ ما يؤولُ إلى الوجوبِ، كـ (العَوَارِي، وَالمَغْصُوبِ، وَالمَقْبُوضِ بِسَوْمٍ) إنْ ساوَمَه وقَطَع ثمنَه، أو ساوَمَه فقط ليُريَه أهلَه إن رَضُوهُ وإلا ردَّه، وإنْ أَخَذه ليُريَه أهلَه بلا مساومةٍ ولا قطعِ ثمنٍ؛ فغيرُ مضمونٍ.
(وَ) يصحُّ ضمانُ (عُهْدَةِ مَبِيعٍ)، بأن يَضمَنَ الثمنَ إن استُحِقَّ المَبيعُ، أو رُدَّ بعيبٍ، أو الأَرْشَ إن خرَج معيباً، أو يَضمَنَ الثمنَ للبائِعِ قبلَ تسليمِه، أو (2) إنْ ظَهَر به عَيبٌ، أو استُحِقَّ فيصحُّ؛ لدعاءِ الحاجةِ إليه.
وألفاظُ ضمانِ العهدةِ: ضَمِنتُ عُهدتَهُ، أو دَرَكَه ونحوُها.
ويصحُّ أيضاً ضمانُ ما يجبُ، بأن يَضمَنَ ما يلزَمُه مِن دَيْنٍ، أو ما يُدايِنُه زيدٌ لعمرٍو ونحوَه، وللضامِنِ إبطالُه قبلَ وجوبِه، (لَا
(1) في (ق): الضامن.
(2)
في (ع): و.