الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(بَابُ اللُّقَطَةِ)
بضمِّ اللامِ وفتحِ القافِ، ويُقالُ: لُقاطةٌ، بضمِّ اللامِ، ولَقَطةٌ، بفتحِ اللامِ والقافِ.
(وَهِيَ: مَالٌ، أَوْ مُخْتَصٌّ ضَلَّ عَنْ رَبِّهِ)، قال بعضُهم: وهي مختصةٌ بغيرِ الحيوانِ، ويُسمى ضالةً.
(وَ) يُعتبَرُ فيما يجبُ تَعريفُهُ: أن (تَتْبَعَهُ هِمَّةُ أَوْسَاطِ النَّاسِ)، بأن يَهتمُّوا في طَلَبِه، (فَأَمَّا (1) الرَّغِيفُ، وَالسَّوْطُ) وهو الذي يُضرَبُ به، وفي شرحِ المُهذَّبِ:(هو فوقَ القضيبِ ودونَ العصا)(2)، (وَنَحْوُهُمَا)؛ كشِسْعِ النَّعلِ (3)؛ (فَيُمْلَكُ) بالالتقاطِ (بِلَا تَعْرِيفٍ)، ويُباحُ الانتفاعُ به؛ لما روى جابرٌ قال:«رَخَّصَ النَبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِي العَصَا وَالسَّوْطُ وَالحَبْلُ يَلْتَقِطُهُ الرَّجُلُ يَنْتَفِعُ بِهِ» رواه أبو داودَ (4)، وكذا
(1) في (ق): وأما.
(2)
لم نقف عليه، وذكر المؤلف في دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (3/ 337) أنه من كتب الحنفية، ولم نقف على كتاب لهم بهذا الاسم.
(3)
قال في المطلع (ص 341): (الشسع: بكسر الشين المعجمة بعدها سين مهملة: قال أبو السعادات: الشسع: أحد سيور النعل، وهو الذي يدخل بين الأصبعين، ويدخل طرفه في الثقب الذي في طرف النعل المشدود في الزمام).
(4)
رواه أبو داود (1717) من طريق المغيرة بن زياد، عن أبي الزبير المكي، أنه حدثه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما به.
وأشار أبو داود بعده إلى ترجيح الموقوف، فقال:(ورواه شبابة، عن مغيرة بن مسلم، عن أبي الزبير، عن جابر قال: كانوا لم يذكروا النبي صلى الله عليه وسلم، ومغيرة بن مسلم أوثق من المغيرة بن زياد، فابن زياد صدوق له أوهام، وقد قال أحمد: (كل حديث رفعه مغيرة بن زياد فهو منكر)، ولذا قال البيهقي:(في رفع هذا الحديث شك، وفي إسناده ضعف)، وقال ابن حجر:(وفي إسناده ضعف، واختلف في رفعه ووقفه)، وضعفه الألباني. ينظر: الكامل في الضعفاء 8/ 74، السنن الكبرى 6/ 322، فتح الباري 5/ 85، تقريب التهذيب ص 543، الإرواء 6/ 15.
التَّمرةُ، والخِرقةُ (1)، وما لا خَطَر له، ولا يَلزَمُه دَفعُ بَدَلِه.
(وَمَا امْتَنَعَ مِنْ سَبُعٍ صَغِيرٍ)؛ كذئبٍ، ويَرِدُ الماءَ؛ (كَثَوْرٍ وَجَمَلٍ وَنَحْوِهِمَا)؛ كالبغالِ، والحميرِ، والظباءِ، والطيورِ، والفهودِ، ويُقالُ لها: الضَّوالُّ، والهَوامِي، والهَوامِلُ (2)؛ (حَرُمَ أَخْذُهُ)؛ لقولِه عليه السلام لما سُئل عن ضالَّةِ الإبلِ:«مَا لَكَ وَلَهَا؟ مَعَهَا سِقَاؤُهَا، وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ المَاءَ، وَتَأْكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَجِدَهَا رَبُّهَا» متفقٌ عليه (3)، وقال عمرُ:«مَنْ أَخَذَ الضَّالَّةَ فَهُوَ ضَالٌ» (4)، أي: مخطئٌ،
(1) قال في الصحاح: (4/ 1467): (الخرقة: القطعة من خرق الثوب).
(2)
الهوامي: هي المهملة التي لا راعي لها ولا حافظ، وكذلك الهوامل. ينظر: تهذيب اللغة 6/ 246، المطلع 341.
(3)
رواه البخاري (91)، ومسلم (1722) من حديث زيد بن خالد رضي الله عنه.
(4)
رواه مالك (2809)، وعبد الرزاق (18611)، وابن أبي شيبة (21674) من طرق صحيحة عن سعيد بن المسيب، أن عمر بن الخطاب قال وهو مسند ظهره إلى الكعبة:«من أخذ ضالة فهو ضال» ، قال يحيى القطان:(سعيد بن المسيب عن عمر رضي الله عنه مرسل، يدخل في المسند على المجاز)، وذكر ابن القيم احتجاج العلماء بمرسل سعيد عن عمر، وعدَّ رده من باب الهذيان البارد. ينظر: زاد المعاد 5/ 166، جامع التحصيل ص 184.
فإن (1) أَخَذها ضَمِنها، وكذا نحو حَجرِ طاحونٍ، وخشبٍ كبيرٍ.
(وَلَهُ الْتِقَاطُ غَيْرِ ذَلِكَ)، أي: غير ما تقدَّم مِن الضَّوالِّ ونحوِها، (مِنْ حَيَوانٍ)؛ كغنمٍ وفُصلانٍ وعَجاجِيلَ وأفلاءٍ (2)، (وَغَيْرِهِ)، كأثمانٍ، ومتاعٍ، (إِنْ أَمِنَ نَفْسَهُ عَلَى ذَلِكَ)، وقَوِيَ على تعريفِها؛ لحديثِ زيدِ بنِ خالدٍ الجهني قال: سُئل النبي صلى الله عليه وسلم عن لُقطةِ الذَّهبِ والوَرِقِ، فقال:«اعْرِفْ وِكَاءَهَا، وَعِفَاصَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ لَمْ تُعْرَفْ فَاسْتَنْفِقْهَا، وَلْتَكُنْ وَدِيعَةً عِنْدَك، فَإِنْ جَاءَ طَالِبُهَا يَوْماً مِنَ الدَّهْرِ فَادْفَعْهَا إلَيْهِ» ، وسألَه عن الشاةِ، فقال:«خُذْهَا، فَإِنَّمَا هِيَ لَك، أَوْ لِأَخِيكَ، أَوْ لِلذِّئْبِ» متفقٌ عليه مُختصَراً (3)، والأفضلُ تَرْكُها، رُوي عن ابنِ عباسٍ (4)، وابنِ عمرَ (5).
(1) في (ق): وإن.
(2)
الفلوُّ: بتشديد الواو: المهر، لأنه يُفتلى، أي: يفطم، والانثى: فلوة، كما قالوا: عدو وعدوة، والجمع أفلاء. ينظر: الصحاح 6/ 2456.
(3)
تقدم قريباً.
(4)
رواه عبد الرزاق (18624)، وابن أبي شيبة (21663)، والبيهقي (12082)، من طريق قابوس بن أبي ظبيان، عن أبيه، عن ابن عباس، كان يقول:«لا ترفع اللقطة لست منها في شيء» ، وقال:«تركها خير من أخذها» ، وقابوس فيه لين، وأبوه مجهول. ينظر: تقريب التهذيب ص 449، ص 652.
(5)
رواه مالك (2804)، وابن أبي شيبة (21641) من طريق نافع عن ابن عمر، ورواه عبد الرزاق (18623) من طريق سالم، قال: وجد رجل ورقاً فأتى بها ابن عمر فقال له: «عرفها» ، فقال: قد عرفتها فلم أجد أحداً يعترفها، أفأدفعها إلى الأمير؟ ، قال:«إذاً يقبلها» ، قال: أفأتصدق بها؟ ، قال:«وإن جاء صاحبها ، غرمتها» قال: فكيف أصنع؟ ، قال:«قد كنت ترى مكانها أن لا تأخذها» ، وإسناده صحيح.
(وَإِلَّا) يَأمَنُ نفسَهُ عليها؛ (فَهُوَ كَغَاصِبٍ)، فليس له أخذُها؛ لما فيه مِن تضييعِ مالِ غيرِهِ، ويَضمَنُها إن تَلِفَت، فَرَّط أو لم يُفرِّط، ولا يَملِكُها وإن عَرَّفها.
ومَن أَخَذها ثم رَدَّها إلى موضِعِها، أو فَرَّط فيها؛ ضَمِنها.
ويُخيَّرُ في الشاةِ ونحوِها بينَ ذبحِها وعليه القيمةُ، أو بيعِها ويَحفظُ ثمنَها، أو يُنفِقُ عليها مِن مالِهِ بنيَّةِ الرُّجوعِ.
وما يُخشَى فَسادُه له بيعُه وحِفظُ ثمنِهِ، أو أكلُهُ بقيمتِهِ، أو تجفيفِ ما يُمكِنُ تَجفيفُهُ.
(وَيُعَرِّفُ الجَمِيعَ) وجوباً؛ لحديثِ زيدٍ السابِقِ، نَهاراً (فِي مَجَامِعِ النَّاسِ)؛ كالأسواقِ، وأبوابِ المساجِدِ في أوقاتِ الصَّلواتِ؛ لأنَّ المقصودَ إشاعةُ ذِكرِها وإظهارُها؛ ليَظهَرَ عليها صاحبُها، (غَيْرَ المَساجِدِ)، فلا تُعرَّفُ فيها، (حَوْلاً) كامِلاً، رُوي عن عمرَ (1)،
(1) رواه عبد الرزاق (18630)، وابن أبي شيبة (21636) من طريق إبراهيم بن عبد الأعلى، عن سويد، قال:«كان عمر بن الخطاب يأمر أن تعرف اللقطة سنة، فإن جاء صاحبها وإلا تصدق بها، فإن جاء صاحبها خير» ، قال ابن التركماني:(وهذا سند جليل متفق عليه، إلا ابراهيم فإن مسلماً انفرد به). ينظر: الجوهر النقي 6/ 187.
وعليٍّ (1)، وابنِ عباسٍ (2)، عَقِب الالتقاطِ؛ لأنَّ صاحِبَها يَطلُبُها إذاً، كلَّ يومٍ أُسبوعاً، ثم عُرفاً.
وأُجرةُ المنادي على الملتَقِطِ.
(وَيَمْلِكُهُ بَعْدَهُ)، أي: بعدَ التَّعريفِ، (حُكْماً)، أي: مِن غيرِ اختيارٍ؛ كالميراثِ، غَنيًّا كان أو فَقيراً؛ لعمومِ ما سَبَق، ولا يَملِكُها بدونِ تعريفٍ، (لَكِنْ لَا يَتَصَرَّفُ فِيها قَبْلَ مَعْرِفَةِ صِفَاتِهَا)، أي: حتى يَعرِفَ وعاءَها، ووكاءَها، وقدرَها، وجِنسَها، وصِفتَها، ويُستحبُّ ذلك عندَ وُجدانِها، والإشهادُ عليها، (فَمَتَى جَاءَ طَالِبُهَا فَوَصَفَهَا؛ لَزِمَ دَفْعُهَا إِلَيْهِ) بلا بينةٍ ولا يمينٍ، وإن لم يَغلِبْ على ظنِّهِ صِدقُهُ؛ لحديثِ زيدٍ، وفيه:«فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا فَعَرَفَ عِفَاصَهَا، وَعَدَدَهَا، وَوِكَاءَهَا؛ فَأَعْطِهَا إِيَّاهُ، وَإِلَّا فَهِيَ لَكَ» رواه مسلمٌ (3).
(1) رواه ابن أبي شيبة (21634) من طريق أبي السفر، عن رجل من بني رؤاس، قال: التقطت ثلاثمائة درهم، فعرفتها تعريفاً ضعيفاً، وأنا يومئذ محتاج، فأكلتها حين لم أجد أحداً يعرفها، ثم أيسرت فسألت علياً، فقال:«عرفها سنة، فإن جاء صاحبها، فادفعها إليه، وإلا فتصدق بها، وإلا فخيره بين الأجر وبين أن تغرمها له» ، وفيه راوٍ مبهم.
(2)
رواه ابن أبي شيبة (21629) من طريق عبد العزيز بن رفيع، حدثني أبي، قال: وجدت عشرة دنانير، فأتيت ابن عباس فسألته عنها، فقال:«عرفها على الحجر سنة، فإن لم تعرف فتصدق بها، فإن جاء صاحبها فخيره الأجر أو الغرم» ، قال ابن التركماني:(هذا السند على شرط البخاري، خلا رفيعاً، وهو ثقة، ذكره ابن حبان)، ينظر: الجوهر النقي 6/ 189.
(3)
رواه مسلم (1722).
ويَضمَنُ تَلَفَها ونَقصَها بعدَ الحولِ مُطلقاً، لا قبلَه إن لم يُفرِّط.
(وَالسَّفِيهُ وَالصَّبِيُّ يُعَرِّفُ لُقَطَتَهُمَا وَلِيُّهُمَا)؛ لقيامِهِ مَقامَهما، ويَلزَمُه (1) أخذُها مِنهما، فإن تَرَكها في يدِهِما فَتَلِفَت؛ ضَمِنها، فإن لم تُعرَف؛ فهي لهما.
وإن وَجَدها عَبدٌ عَدلٌ فلسيدِهِ أخذُها منه وتَركُها معه ليُعرِّفَها، فإنْ لم يَأمَن سَيِّدَه عليها؛ سَتَرها عنه وسلَّمَها للحاكمِ، ثم يَدفَعُها إلى سيِّدِه بشرطِ الضمانِ.
والمكاتَبُ كالحرِّ.
ومَن بعضُه حرٌّ فهي بينه وبينَ سيِّدِهِ.
(وَمَنْ تَرَكَ حَيَوَاناً) لا عَبداً أو مَتاعاً (بِفَلَاةٍ لانْقِطَاعِهِ، أَوْ عَجْزِ رَبِّهِ عَنْهُ؛ مَلَكَهُ آخِذُهُ)، بخلافِ عبدٍ ومتاعٍ.
وكذا ما يُلقى في البحرِ خَوفاً مِن غرقٍ؛ فيَملِكُه آخِذُهُ.
وإن انكسرت سَفينةٌ، فاستخرَجَه قومٌ؛ فهو لربِّه، وعليه أُجرةُ المثلِ.
(وَمَنْ أُخِذَ نَعْلُهُ وَنَحْوُهُ) مِن متاعِهِ، (وَوَجَدَ مَوْضِعَهُ غَيْرَهُ؛ فَلُقَطَةٌ)، ويَأخُذُ حقَّه مِنه بعدَ تَعريفِهِ.
وإذا وَجَد عَنبرةً على الساحِلِ؛ فهي له.
(1) في (ق): ويلزم.